المقصد الثامن فی الظنّ

جولة حول ما ذکرناه

جولة حول ما ذکرناه

‏ ‏

ربّما یقال:‏ إنّ وجوب تصدیق العادل حکم حیثیّ؛ أی به یحرز تعبّداً جزء‏‎ ‎‏موضوعه، لا الجزء الآخر؛ وهو عدالة المخبر.‏

وبعبارة اُخریٰ:‏ إذا حلّلنا قضیّة «صدّق خبر العادل» نصل إلیٰ حکم،‏‎ ‎‏وموضوع وهو «خبر» والمضاف إلیه وهو «العادل» فالخبر والعدالة ولو کانا‏‎ ‎‏مشکوکی الوجود، إلاّ أنّ ببرکة «صدّق» ینقلب الشکّ الأوّل إلی الوجود التعبّدی،‏‎ ‎‏دون الشکّ الثانی؛ لأنّه خارج عن إخبار الکلینیّ بالضرورة، وحیث لا إطلاق له إلاّ‏‎ ‎‏حیثیّ، فلا یستکشف به العدالة.‏

وفیه:‏ أنّه لو لم یکن قوله: «صدّق خبر العادل» کاشفاً لعدالة المخبر المجهول‏‎ ‎‏الحال، لما کان فیه أثر شرعیّ وفائدة، فإنّ إخبار الکلینیّ بما أنّه من العقلاء،‏‎ ‎‏مورد أصالة عدم الاشتباه والغفلة والنسیان العقلائیّة، وبما أنّه عادل، لا معنیٰ‏‎ ‎‏لاحتمال الکذب العمدیّ؛ للزوم الخلف، حیث إنّ عدالته وجدانیّة، فالأثر المترتّب‏‎ ‎‏علیه ینحصر بکشف حال المخبَر عنه؛ بعد تحقّق المخبَر به بإخباره حسب‏‎ ‎‏الاُصول العقلائیّة.‏

‏هذا مع أنّ الإطلاق الحیثیّ متین وجیه، إلاّ أنّه بمعنیٰ عدم الاحتیاج فی‏‎ ‎‏خروج الإخبار عن الفاسق إلی التقیید، لا بمعنیٰ عدم کشف حال المخبر، فلو کان‏‎ ‎‏یکفی کشف وجود الخبر بإلغاء احتمال الخلاف؛ لأجل قوله: «صدّق العادل» فیما‏‎ ‎‏إذا أخبر عن المخبر المشکوک، فلابدّ وأن یکشف بلازمه أیضاً حال المخبر، نظیر ما‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 533
‏مرّ فی العامّ والخاصّ: من أنّ مقتضیٰ تجویز التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیّة،‏‎ ‎‏کشف حال المصداق بمعوم العامّ، فلاحظ واغتنم‏‎[1]‎‏.‏

وتوهّم:‏ أنّه لابدّ وأن یکون إخبار الکلینیّ عن العادل، حتّیٰ یثبت بوجوب‏‎ ‎‏تصدیقه خبر العطّار، أوّل الکلام؛ لأنّه إذا کان یحرز بهذا الوجوب جزء الموضوع،‏‎ ‎‏فلا منع من إحراز جزئه الآخر، وإذا صحّ کشف خبر العطّار المستور عنّا بوجوب‏‎ ‎‏التصدیق الثابت لخبر الکلینیّ، صحّ کشف عدالته أیضاً.‏

‏بل لنا أن نقول: بحصول المعارضة بین البیّنة القائمة علیٰ فسق زید، وبین‏‎ ‎‏لازم وجوب تصدیق خبر عمرو عن زید، بعد کون عمرو عادلاً. فالذی هو حلّ‏‎ ‎‏المشکلة: أنّ أساس «صدّق خبر العادل» معدوم، ولیس فی البین إلاّ ما هو‏‎ ‎‏الأمر العملیّ والسیرة العملیّة التی لا لسان لها، وهی قائمة علی الإخبار مطلقاً،‏‎ ‎‏فتدبّر جیّداً.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 534

  • )) تقدّم فی الجزء الخامس : 272 ـ 273 .