فصل: فی أحکام مطلق المیاه
مسألة 1: قد اشتهرت نجاسة الماء - حتّی الجاری - فی صورة تغیّره بالنجاسة فی أحد أوصافه الثلاثة: من الطعم، والرائحة، واللّون، بشرط ملاقاته للنجاسة بالمباشرة، لا المجاورة.
والأحوط هی نجاسته بالتغیّر المستند إلی النجاسة، من غیر فرق بین الثلاثة وغیرها، ولا بین المجاورة والمباشرة.
نعم، لو تغیر بالنجس، وزال ذلک الوصف بملاقاة النجس الآخر، وصدق علیه «الماء» فلا یحکم بنجاسته من هذه الجهة.
مسألة 2: لو تغیّر بوقوع المتنجّس فیه، فإن کان مستنداً إلی المتنجّس، أو هو و النجس، فالنجاسة ممنوعة ولو کان وصفهما متّحداً.
ولو کان مستنداً إلی المتنجّس؛ بانتقال أوصاف النجس إلیه، فالأحوط هی
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 41
النجاسة.
وهکذا الأوصاف الموجبه لتنفّر الطبع المخصوصة بالنجاسات أو غیرها، فلو تغیّر إلی الحرارة بملاقاة النجاسة أو مجاورتها، فالنجاسة ممنوعة.
مسألة 3: العبرة بالتغییر العینیّ المسمّیٰ بـ «الحسّی» ولا عبرة بالتغییر الذهنیّ المسمّیٰ بـ «التقدیریّ».
مسألة 4: الأحوط ذهاب عصمة الماء بالتغیّر وحصول العفونة فیه، ولاسیّما إذا کان بأوصاف النجاسات، فیکون الکثیر من مثله کالقلیل فی الانفعال، فلو تغیّر بأوصافها التی لا تعفّن فیها - کالثقل والخفّة والحرارة والبرودة - فالعصمة باقیة علی الأشبه.
فالمیاه المتعفّنة بغیر النجاسة، تتنجّس - علی الأحوط - بمجرّد الملاقاة، کالمائعات الاُخر، وفی کونها مطهّرةً للحدث والخبث، إشکال جدّاً.
مسألة 5: لا فرق فیما مرّ بین تغیّره إلیٰ وصف عین النجس، کاحمرار الدم، وتغیّره إلیٰ غیره، کاصفراره بالدم.
وأمّا لو تغیّرت رائحته مثلاً من النتن إلی العطر؛ بوقوع النجس فیه، فالحکم مشکل؛ لما ذکرنا من احتمال ذهاب عصمته ونجاسته، ویأتی هنا ما مرّ فی صور المائعات النجسة الملقاة فی الماء الکثیر.
مسألة 6: لو کان ماء بلد أصفر أو غیر ذلک، أو کان علیٰ خلاف متعارف المیاه، فتغیّر بالنجس إلی المتعارف من المیاه، فقیل: ینجس، وهو ممنوع إلاّ إذا کان حصول الوصف المتعارف، مستنداً إلی النجس.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 42
مسألة 7: إذا وقع النجس فی الماء، وبعد مضیّ زمان طویل تغیّر به، فالأحوط هی النجاسة.
وإذا خرج عنه ثمّ تغیّر، وکان ذلک لأجله أیضاً، فالنجاسة غیر طاهرة، والعصمة ممنوعة علی الأحوط.
مسألة 8: فی صورة وقوع النجاسة بعضها فی الماء، وبعضها خارجه، فالأقرب ما عرفت: من عدم الفرق بین المجاورة والملاقاة.
وفی صورة تغیّره بالآلات الصناعیّة، بحمل أوصاف النجس إلی الماء، نظراً إلیٰ تسمید الأراضی به، فالأمر ما مرّ من الاحتیاط؛ لاحتمال ذهاب عصمته.
وفی صورة تغیّر لون الماء بالنجس، مع أنّ اللّون فی اللّیل منتفٍ؛ لاختصاصه بالنور الأبیض حسب ما تحرّر وتقرّر، فالنجاسة - علی القول بها ـ ثابتة، والمسألة لا تخلو عن نوع خفاء.
مسألة 9: ما دام لم یثبت التغیّر المذکور بإحدی الطرق المعتبرة، یحکم الماء بالطهارة.
وإذا ثبت وشکّ فی بقائه، فالاجتناب لازم علی المشهور، ویحتمل التفصیل بین الطرق؛ لاحتمال عدم جریان الاستصحاب فی مؤدّیات الحجج، ولکنّه فاسد جدّاً.
مسألة 10: الماء المتغیّر إذا زال تغیّره بنفسه أو بعلاج صناعیّ، فلا تبعد طهارته، والأحوط بقاء نجاسته إلیٰ أن یستهلک، والأقرب عدم کفایة الاتصال ولا الامتزاج بالماء المعتصم الآخر، کالجاری ونحوه.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 43
ثمّ إنّ الأشبه طهارة المتغیّر بالنجس، إذا زال الوصف بملاقاة النجس؛ بمعنیٰ عود الماء إلی الحالة الطبیعیّة، أو بمادّة نجسة، کما أنّ الأمر کذلک إذا صفا الماء بالمکائن العصریّة کما هو کذلک، وأیضاً فالعصمة تعود بزوال العفونة وأمثالها.
ولو زال وصف التغیّر بالنسبة إلی جانب دون جانب، فإن کان قلیلاً ینجس ـ علی الأحوط - بالمتغیّر المتنجّس، وإن کان کثیراً فلا.
مسألة 11: القلیل ینجس علی الأحوط، إذا تغیّر بالمجاورة، ویطهر بزوال وصف التغیّر.
وأمّا إذا تنجّس بالملاقاة، فلا یطهر إلاّ بالاستهلاک، ولا یکفی مجرّد الاتصال والامتزاج، بل هو یشبه - بعد تنجّسه - المضاف المحتاج إلی الاستهلاک؛ بانعدام الموضوع عرفاً، وفی عدّه تطهیراً تسامح واضح.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 44