فصل: فی ماء المطر
اعلم: أنّ ماء المطر هو المقدار النازل المجتمع فی محلٍّ، وأمّا المطر فهو الماء المتقاطر من السماء حین تقاطره.
والأوّل: معتصم، ویطهّر بشرط أن یکون متّصلاً بالمطر، أو بما یتقاطر علیه المطر، ولا تعتبر الکرّیة، ویتنجّس بالتغیّر علی الأحوط.
والثانی: معتصم، ویطهّر بشرط الغلبة علی المتنجّس، أو یکون فی قوّة الغلبة، فإذا کانت الأشیاء النجسة تحت المطر أو اُوقفت تحته، فیکفی أن یراها المطر علی الوجه المذکور.
مسألة 1: قیل: إنّ الاتصال بالمطر وبما یتقاطر علیه المطر لا یعتبر، فلا ینجس - بل یطهّر القلیل - إذا کان منقطعاً؛ بشرط أن ینزل المطر ولو علی المیاه الاُخر.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 55
وهذا غیر بعید، إلاّ أنّ الشرط المذکور بعید، والأشبه ما ذکرناه.
مسألة 2: الثوب وغیره ممّا نفذت فیه النجاسة، یطهر بعد نفوذ ماء المطر أو المطر فیه، ولا یعتبر العصر والتعدّد، وربّما یطهر بعض الثوب مثلاً دون بعض، کما ربّما ینجس - بعد ما قطع المطر - بعض الطاهر المتّصل ببعضه النجس، إذا صدق «اللّقاء مع النجس».
مسألة 3: الأشبه کفایة زوال عین النجاسة بالمطر أو مائه، والأحوط التقاطر علیه بعده.
ولو تنجّس مائع، فمجرّد الاتصال بهذا الماء المعتصم أو الامتزاج به، غیر کافٍ علی الأصل، إلاّ إذا استهلک عرفاً، فما قیل: من کفایة الامتزاج أو الاتصال، غیر تامّ جدّاً.
مسألة 4: المیزان فی تطهّر الأشیاء المتنجّسة الجامدة النافذة فیها النجاسة، نفوذ ماء المطر فیها کما مرّ.
وغیر النافذة فیها النجاسة، استیلاء المطر ومائه علیها، وصدق «الغلبة» الملازم للغسالة بالفعل أو بالقوّة، ومجرّد الرؤیة والنداوة غیر کافٍ علی الأظهر.
وأمّا المائعات المتنجّسة، فلا تطهر إلاّ بالاستهلاک العرفیّ کما مضیٰ.
مسألة 5: قیل: یعتبر أن ینزل المطر المطهّر من السماء بلا وساطة، فلو وقعت القطرات علی السقف، ثمّ منه علی المتنجّس الذی تحته، فلا یطهّر، والأظهر خلافه، ولا سیّما إذا کان کثیراً شدیداً.
وأمّا إذا تحرّکت القطرات بحرکة اُخریٰ منحرفة، کما لو وقعت علی الأرض
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 56
الصلبة، ثمّ ترشّحت علی المتنجّس، أو وقعت علی السطح، ثمّ علیه، ففیه وجهان بل قولان، ولا یبعد طهارته بها.
مسألة 6: یکفی کون ما ینزل من السماء، أجزاءً صغاراً من الماء، المعبّر عنه بـ «الطَّلّ» وربّما لا یریٰ شیءٌ، إلاّ أنّا نجد الإناء بعد مدّة رطباً ونظیفاً، وبعد إصابته به یصیر جاریاً أو مرئیّاً، فإنّها وإن لم تکن ماءً، بل المطر غیر الماء عرفاً، ولذلک یقال: «ماء المطر» من غیر أن تکون الإضافة بیانّیة، ولکن المستفاد من الأخبار ـ بالاستئناس ـ أعمّ، والاحتیاط لازم.
مسألة 7: قد عرفت: أنّ ماء المطر ونفسه معتصمان، فلا یکون ترشّحه من عین النجس نجساً، بل لو کثرت الرشحات المذکورة، تطهّر المتنجّس علی الوجه الذی مرّ، وقد مضی الاحتیاط.
مسألة 8: الظروف المتنجّسة بولوغ الکلب، لا تطهر بدون التعفیر علی الأظهر، وفی سقوط التعدّد المعتبر فیها إشکال.
مسألة 9: الأمطار الصناعیّة الحاصلة من تبخیر میاه البحور وغیرها، بحکم المطر الطبیعیّ، وأمّا المیاه المتصاعدة بالآلات العصریّة المنقلبة إلی القطرات، فلا تکون مطراً.
ولا یعتبر نزول الأمطار من السماء، فلو تبخّرت المیاه من أرض البحار وسطحها، وتصاعدت ثمّ تقطّرت، وجاءت الریح بها إلی الأراضی الفوقانیّة، أو جاءت بها غیرها من الوسائل الحدیثة، فهی مطهّرة ومعتصمة، فلا بدّ من کونها أمطاراً، ومائها ماءَ مطرٍ.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 57
کما لا تعتبر رؤیة السحاب، فلو أتت الأمطار من الأبخرة الرقیقة جدّاً یکفی، وهکذا إذا أتت الریاح الطبیعیّة أو غیرها بها إلی الأراضی البعیدة، فهی بحکمها.
ولو شکّ فی أنّها من الأمطار أو غیرها، لا یحکم علیها بحکم المطر.
مسألة 10: إذا کانت الأمطار تنزل، ثمّ شکّ فی انقطاعها، ففی جریان الاستصحاب إشکال، و إن کان لا یبعد البقاء العرفیّ و وحدة الموضوع، کبقاء نوع الإنسان مثلاً، إلاّ أنّه لا تثبت به طهارة الإناء الشاخص تحت السماء إلاّ علیٰ وجه ذکرناه.
مسألة 11: فی کون التقطیر المطلق، کافیاً فی مطهّریة القطرات إشکال، فلو تبخّرت المیاة، وحبست فی محلّ قبل أن تتصاعد الأبخرة إلی السماء، ثمّ تقطّرت لأجل اجتماع شرائطه، فإن کان ماءً ذا مادّة عرفاً، فعصمته قویّة.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 58