کتاب الاجتهاد والتقلید

کتاب

 

الاجتهاد والتقلید


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 115

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 116
مسألة 1: یجب علی کلّ مکلّف(1) فی عباداته(2) ومعاملاته أن یکون‎ ‎مجتهداً(3)، أو مقلّداً أو محتاطاً(4).

مسألة 2: الأقوی جواز العمل بالاحتیاط(5) مجتهداً کان أو لا، لکن یجب‎ ‎أن یکون عارفاً بکیفیّة الاحتیاط بالاجتهاد أو بالتقلید.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - لا خصوصیّة له بعد صحّة عبادة الصبیّ، فإنّه أیضاً یجب علیه الأخذ‏‎ ‎‏بإحدی الطرق المألوفة؛ کی تکون أعماله صحیحة، عبادیّة کانت أو معاملیّة، بناءً‏‎ ‎‏علیٰ صحّة بعض معاملاته علی الاستقلال، بل مطلقاً.‏

‏2 - فی کافّة الاُمور الّتی لا یعلم حکمها، وفیما تکون ضروریّة واضحة ـ‏‎ ‎‏ککون صلاة الصبح رکعتین - فلا وجوب، وهکذا فی أشباهه؛ لخروجه عن مصبّ‏‎ ‎‏الاُمور الثلاثة الآتیة.‏

‏3 - وستأتی کفایة مطابقة العمل الفارغ عن الثلاثة، مع فتویٰ من یتّبع رأیه.‏

‏نعم، ربّما یجب أن یکون المکلّف حین العمل متعلّماً؛ إمّا بالاجتهاد،أو التقلید،‏‎ ‎‏وإنّما الاحتیاط والمطابقة فی المرحلة المتأخّرة، کما لا یخفیٰ.‏

‏4 - فی تحقّق الاحتیاط علی الإطلاق إشکال، بل منع، وعلیٰ کلٍّ فحجیّة‏‎ ‎‏الاحتیاط عند التخلّف عن الواقع، محلّ تردّد.‏

‏5 - فی إطلاقه تأمّل؛ فلو تمکّن من الواقع، وکانت صورة عمله غیر مشروعة،‏‎ ‎‏فالأحوط ترکه.‏

مثلاً:‏ إذا تمکن من معرفة القبلة أو الثوب الطاهر، فصلاته إلیٰ غیر القبلة وفی‏‎ ‎‏الثوب النجس، محلّ منع جوازُها علی الأحوط.‏

‏وفیما یتکرّر علیٰ وجه یکون بلا طهور فی فرضٍ، فالأقرب هو المنع، کما إذا‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 117
‏         ‏مسألة 3: قد یکون الاحتیاط فی الفعل کما إذا احتمل کون الفعل واجباً،‎ ‎وکان قاطعاً بعدم حرمته، وقد یکون فی الترک، کما إذا احتمل حرمة فعل وکان‎ ‎قاطعاً بعدم وجوبه، وقد یکون فی الجمع بین أمرین مع التکرار(1)، کما إذا لم یعلم‎ ‎أنّ وظیفته القصر أو التمام.

‏مسألة 4: الأقوی جواز الاحتیاط، ولو کان مستلزماً للتکرار، وأمکن‏‎ ‎‏الاجتهاد أو التقلید.‏

‏مسألة 5: فی مسألة جواز الاحتیاط یلزم أن یکون مجتهداً أو مقلّداً‏(2)، لأنّ‎ ‎المسألة خلافیّة.

‏مسألة 6: فی الضروریات لا حاجة إلی التقلید، کوجوب الصلاة والصوم‏‎ ‎‏ونحوهما، وکذا فی الیقینیّات إذا حصل له الیقین‏(3)، وفی غیرهما یجب التقلید إن‎ ‎لم یکن مجتهداً إذا لم یمکن الاحتیاط، وإن أمکن تخیّر بینه وبین التقلید.

‏مسألة 7: عمل العامی بلا تقلید ولا احتیاط باطل‏(4).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏توضّأ بأحد الماءین، ثمّ صلّیٰ، ثمّ توضّأ بالآخر؛ لتردّدهما بین المضاف والمطلق.‏

‏1 - قد مرّ آنفاً وجه النظر فی إطلاقه، وهکذا فی المسألة الرابعة.‏

‏2 - إلاّ إذا کان جواز الاحتیاط فی مورد، ضروریّاً مقطوعاً به عند المتشرّعة،‏‎ ‎‏کما تأتی الإشارة إلیه.‏

‏3 - فی صورة کونه ضروریّاً ومن الیقینیّات، یعدّ من لا یحصل له الیقین‏‎ ‎‏وسواسیّاً، فلا یعتبر حصوله.‏

‏4 - بشرط عدم وجدانه لشیء ممّا یجب علیه حسب نظر من یتّبع رأیه حین‏‎ ‎‏الالتفات، فإنّه فی هذه الصورة لا یجوز الاکتفاء بما أتیٰ به، وهکذا إذا کان واجداً لما‏‎ ‎‏یجب فقدانه له.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 118
مسألة 8: التقلید(1) هوالالتزام بالعمل بقول مجتهد معیّن(2) وإن لم یعمل بعد،‎ ‎بل ولو لم یأخذ فتواه فإذا أخذ رسالته والتزم بالعمل بما فیها کفی فی تحقّق التقلید.

‏مسألة 9: الأقوی جواز البقاء‏(3) علی تقلید المیّت، ولا یجوز تقلید المیّت‎ ‎ابتداءً(4).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 -  لا وجه للغور فی تفسیر معنی التقلید بعد ما لم تکن فیه ثمرة، وسیمرّ‏‎ ‎‏علیک ما هو الموجب للبقاء إذا قلّد، أو لعدم جواز العدول بعد التقلید، فإنّه هناک‏‎ ‎‏أیضاً أمر آخر.‏

‏هذا، مع أنّ الأقرب أنّه التبعیّة لرأی المجتهد فی العمل أو ترکه، کالتبعیّة لسائر‏‎ ‎‏أهل الخبرة.‏

‏2 - لا یعتبر ذلک لو کان هناک لجّة تتّخذ رأیاً، وکان فیهم من هو الواجد‏‎ ‎‏للشرائط الاُخر.‏

‏3 - حیث أنّ آراء المجتهدین لها الطریقیّة، وهی متناقضة حیّاً ومیّتاً، فهی‏‎ ‎‏ساقطة، ویجب الأخذ بالقدر المتیقّن، أو ما هو القریب منه؛ بحیث یعدّ المخالف شاذّاً‏‎ ‎‏نادراً.‏

وبالجملة:‏ یجب الاحتیاط فی الاتکال علیٰ رأی الغیر.‏

مثلاً:‏ البقاء علیٰ رأی المیّت الأعلم فی موارد العمل به متعیّن؛ بشرط أن لا‏‎ ‎‏یکون نظر الحیّ، موافقاً لنظر المیّت الأعلم ممّن قلّده، وإلاّ فالأحوط هو الاحتیاط‏‎ ‎‏إن تیسّر، أو التخییر، ولا تبعد أولویّة البقاء حینئذٍ، بل هو الأحوط.‏

‏4 - المسألة فی مورد أعلمیّة المیّت من الأحیاء محلّ نظر، إلاّ أنّ أعلمیّة‏‎ ‎‏الأموات محلّ منع جدّاً.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 119
مسألة 10: إذا عدل عن المیّت إلی الحیِّ لا یجوز(1) له العود إلی المیّت.

‏مسألة 11: لا یجوز العدول عن الحیّ إلی الحیّ، إلاّ إذا کان الثانی أعلم‏(2).

مسألة 12: یجب تقلید الأعلم مع الإمکان علی الأحوط (3) ویجب الفحص‎ ‎عنه.

‏مسألة 13: إذا کان هناک مجتهدان متساویان فی الفضیلة‏(4) یتخیّر بینهما‎ ‎إلاّ إذا کان أحدهما أورع فیختار الأورع(5).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - فی موارد تعیّن العدول، کما إذا کان الحیّ أعلمَ وموافقاً نظره لأعلم‏‎ ‎‏الأموات، وفی غیر هذه الصورة لا یبعد کون البقاء علی الحیّ، هو القدر المتیقّن‏‎ ‎‏أیضاً، أو الأقرب منه.‏

‏2 - وکان أیضاً رأیه موافقاً لأعلم الأموات، فإنّه یجب العدول، بل الأقرب‏‎ ‎‏أیضاً تعیّن العدول، إذا لم یکن رأی من قلّده موافقاً لأعلم الأموات.‏

‏3 - بل هو المتعیّن لو کان أعلم علی الإطلاق، وفی صورة موافقة رأی‏‎ ‎‏المفضول للأعلم المیّت أو للشهرة، یتعیّن الأخذ منه.‏

‏وفی مورد عدم ظهور المخالفة والموافقة، لا یجب الفحص، ولکنّ الفحص عن‏‎ ‎‏الأعلم واجب بالمقدار المتعارف فی الاُمور الّتی یهتمّ بها العقلاء.‏

‏4 - هو غیر کافٍ؛ لتعیّن الأخذ بقول من یوافق نظرُه نظرَ الأعلم المیّت أو‏‎ ‎‏المشهور، وفی صورة توافقه مع المشهور یقدّم هو، ثمّ الموافقة مع الأعلم المیّت، وهذا‏‎ ‎‏لا یختصّ بالمقام.‏

‏ولو کانا متساویین، ولم یتبیّن المرجّح المذکور یتخیّر، وعلیه التفکیک علی‏‎ ‎‏الوجه المذکور.‏

‏5 - الأقرب مراعاة جمیع القیود المحتملة دخالتها فی تعیّن أحدهما شرعاً،‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 120
‏         ‏مسألة 14: إذا لم یکن للأعلم فتوی فی مسألة من المسائل یجوز(1) فی‎ ‎تلک المسألة الأخذ من غیر الأعلم(2)، وإن أمکن الاحتیاط.

‏مسألة 15: إذا قلّد مجتهداً کان یجوِّز البقاء علی تقلید المیّت‏(3) فمات ذلک‎ ‎المجتهد، لا یجوز البقاء علی تقلیده فی هذه المسألة، بل یجب الرجوع إلی الحیّ‎ ‎الأعلم فی جواز البقاء وعدمه.

‏مسألة 16: عمل الجاهل المقصّر الملتفت باطل وإن کان مطابقاً للواقع‏(4)‎ ‎وأما الجاهل القاصر أو المقصّر الّذی کان غافلاً حین العمل وحصل منه قصد‎ ‎القربة، فإن کان مطابقاً لفتوی(5) المجتهد الّذی قلَّده بعد ذلک کان صحیحاً.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏ورعاً کان أو غیره، ولاسیّما فی عصرنا الّذی أصبحت المرجعیّة للفتیا والزعامة‏‎ ‎‏الدینیّة متلازمتین، وعندئذٍ ربّما یتقدّم بعض القیود علی الأعلمیّة، ولاسیّما إذا کان‏‎ ‎‏المفضول مراعیاً لجانب الشهرة، فإنّه المتعیّن.‏

‏1 - بشرط إجازة الأعلم الرجوعَ إلی الغیر، وإلاّ فلو حرّم ذلک فعلیه‏‎ ‎‏الاحتیاط.‏

‏2 - بل من الأعلم المفتی.‏

‏3 - وقلّده فی البقاء، فإذا مات فعلیه التقلید فیه للأعلم الحیّ، ولو کان فی‏‎ ‎‏زمان مقلّدَ زید، ثمّ قلّد فی البقاء علیٰ زید عمراً، فمات عمرو، ففی المسائل الّتی عمل‏‎ ‎‏بفتویٰ عمرو یجب الرجوع فی جواز البقاء إلیٰ بکر،وأمّا فی تلک المسائل المعمول بها‏‎ ‎‏بقاءً بحکم عمرو، فلا یجب التقلید فی البقاء.‏

‏4 - لا یعقل البطلان مع المطابقة للواقع، وقد مرّ حکم المسألة.‏

‏5 - المجتهد، أو لفتواه بعد ذلک، أو کان موافقاً للاحتیاط، فإن کان مطابقاً‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 121
والأحوط(1) مع ذلک مطابقته لفتوی المجتهد الّذی کان یجب علیه تقلیده حین‎ ‎العمل.

‏مسألة 17: المراد من الأعلم من یکون أعرف‏(2) بالقواعد والمدارک‎ ‎للمسألة، وأکثر اطّلاعاً لنظائرها وللأخبار، وأجود فهماً للأخبار، والحاصل أن‎ ‎یکون أجود استنباطاً والمرجع فی تعیینه أهل الخُبرة والاستنباط.

‏مسألة 18: الأحوط‏(3) عدم تقلید المفضول حتّی فی المسألة الّتی توافق‎ ‎فتواه فتوی الأفضل.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏لفتویٰ من یتّبع رأیه فی عصر العمل، دون عصر العلم، فیندرج فی مسألة الإجزاء؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّه إذا کان بنظر ذاک المجتهد صحیحاً، یکون مثل من قلّده حکماً، ویأتی‏‎ ‎‏حکم المسألة إن شاء اللّه تعالیٰ.‏

‏1 - وجوباً بالنسبة إلی المقصّر؛ لاحتمال کون العمل المطابق لرأی ذاک المجتهد‏‎ ‎‏منجّزاً علیه، ولا عذر له إلاّ إذا کانت فتویٰ هذا المجتهد عذراً، وهو کذلک فی الجملة.‏

‏2 - المناط کون الرأی أقرب من الواقع؛ إمّا لأجل الجهات الموجوده فیه، أو‏‎ ‎‏لأجل انطباق المرجّحات الخارجیّة، کموافقة الشهرة، وأعلم الأموات.‏

وبالجملة:‏ الأفقهیّة والأعلمیّة والأخبریّة الذاتیّة، غیر کافیة فی مواقف‏‎ ‎‏تطرّق الطرق العقلائیّة، ولاسیّما مثل طریقیّة آراء المجتهدین الساقطة بمعارضة‏‎ ‎‏الأحیاء والأموات.‏

‏3 - بل لو کان رأی المفضول مطابقاً للاحتیاط، فالرجوع إلی الأفضل ممنوع‏‎ ‎‏جدّاً.‏

‏ولو کان مواقفاً للشهرة، فکذلک علی الأشبه.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 122
مسألة 19: لا یجوز تقلید غیر المجتهد وإن کان من أهل العلم، کما أنّه‎ ‎یجب علی غیر المجتهد التقلید(1) وإن کان من أهل العلم.

‏مسألة 20: یعرف اجتهاد المجتهد بالعلم الوجدانی، کما إذا کان المقلِّد‏(2)‎ ‎من أهل الخُبرة وعلم باجتهاد شخص، وکذا یعرف بشهادة عدلین(3) من أهل‎ ‎الخُبرة إذا لم تکن معارضة بشهادة آخرین(4) من أهل الخُبرة ینفیان عنه الاجتهاد،‎ ‎وکذا یعرف بالشّیاع المفید(5) للعلم، وکذا الأعلمیّة تعرف بالعلم أو البیّنة الغیر‎ ‎المعارضة أو الشیاع المفید للعلم.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏ولو کان موافقاً لأعلم الأموات، فالأحوط تعیّنه کما مرّ.‏

‏وإن کان موافقاً للأفضل الحیّ، فلا معنیٰ له، وإن کان تحصل الثمرة أحیاناً فی‏‎ ‎‏صورة ثبوت الأعلم، إن قلنا: بعدم جواز البقاء علیٰ تقلید المیّت.‏

‏1 - أو الاحتیاط، أو الاجتهاد، بل لو لم یکن مجتهداً وصاحب النظر، وکان‏‎ ‎‏من أهل العلم بحیث یتمکّن عادة من اتخاذ الرأی - یشکل التقلید، بل یمنع.‏

‏2 - إذا بلغ إلیٰ حدّ التشخیص، فالتقلید علیه محرّم، وإلاّ فلا عبرة بتشخیصه،‏‎ ‎‏وهکذا فی إخبار غیر أهل الخبره، فإنه غیر کافٍ؛ فإنّ الخبراء فی کل فنّ مجهتدون‏‎ ‎‏عارفون بأسالیبه، ولاسیّما هذا الفنّ، فما فی المتن ضعیف.‏

‏3 - فی اعتبار ذلک إشکال، إلاّ أنّه الأحوط، کما أنّ الأحوط حصول الوثوق‏‎ ‎‏من ذلک.‏

‏4 - بل وآخر عدل، بل والثقة، بل والشیاع.‏

‏5 - للعلم أو الاطمئنان والوثوق، بل ربّما یکفی الشیاع إذا لم یحرز منشؤه‏‎ ‎‏الفاسد، من غیر لزوم استتباعه العلم وغیره حتّی الظنّ، بعد الوثوق أو العلم بأنّ‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 123
‏         ‏مسألة 21: إذا کان مجتهدان لا یمکن تحصیل العلم بأعلمیة أحدهما ولا‎ ‎البیِّنة، فإن حصل الظنُّ بأعلمیّة أحدهما تعیَّن تقلیده(1) بل لو کان فی أحدهما‎ ‎احتمال الأعلمیّة یقدّم، کما إذا علم أنّهما إمّا متساویان أو هذا المعیّن أعلم، ولا‎ ‎یحتمل أعلمیّة الآخر، فالأحوط(2) تقدیم من یحتمل أعلمیَّته.

‏مسألة 22: یشترط فی المجتهد اُمور: البلوغ، والعقل، والایمان، والعدالة،‏‎ ‎‏والرجولیّة، والحرِّیَّة، علی قول وکونه مجتهداً مطلقاً، فلا یجوز تقلید المتجزِّی ء‏(3)‎ ‎والحیاة، فلا یجوز تقلید المیِّت ابتداءً.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏فیهم الخبراء طبعاً.‏

‏ولو کان منشأ الشبهة بعد الشیاع الوسواسَ والشیطنة، فلا یعتبر أزید من‏‎ ‎‏الشیاع والاشتهار فی مختلف البلدان.‏

‏وربّما تکفی البلدة الکبیرة الواحدة - کالعواصم - عن سائر البلدان، وربّما‏‎ ‎‏یکفی العلم وإن لم یکن من الشیاع، کما إذا حصل من إخبار الثقة والعدل الواحد.‏

‏1 - مع مراعاة ما مرّ فی جانب المفضول، وهکذا فی الفرع الآتی ونظائره، وقد‏‎ ‎‏مرّ أن التجزّی فی التقلید ربّما یکون لازماً.‏

‏2 - تقدیم الرأی المقرون بالمرجّحات والمقرّبات إلی الواقع، علی التفصیل‏‎ ‎‏الماضی.‏

‏3 - إلاّ فی مورد تکون فتواه جامعةً للجهات المرجّحة علیٰ فتوی المطلق، مثلاً‏‎ ‎‏کانت فتوی المطلق نادرةً، وفتوی المتجزّی مشهورةً وموافقةً لأعلم الأموات.‏

‏بل یتعیّن الرجوع إلی المتجزّی الأعلم - فی مورد اجتهاده - من المطلق‏‎ ‎‏المفضول فی موارد تجزّیه.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 124
نعم یجوز البقاء(1) کما مرّ وأن یکون أعلم فلا یجوز علی الأحوط تقلید‎ ‎المفضول مع التمکُّن من الأفضل، وأن لا یکون متولِّداً من الزنا، وأن لا یکون‎ ‎مقبلاً علی الدُّنیا وطالباً لها، مکبَّاً علیها، مجدّاً فی تحصیلها(2)، ففی الخبر: «مَنْ‎ ‎کَانَ مِنَ الفُقَهاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ، حَافِظاً لِدِیْنِهِ، مُخَالِفاً لِهَواهُ، مُطیعاً لأَمْرِ مَوْلاَهُ،‎ ‎فَلِلْعَوامِ أَنْ یُقَلِّدُوهُ».

‏مسألة 23: العدالة عبارة عن ملکة‏(3) إتیان الواجبات وترک المحرَّمات،

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - قد مرّ حکم المسألة والفرع السابق فی المسألة التاسعة، وقد مرّ أیضاً حکم‏‎ ‎‏الفرع الآتی فی المسألة الثانیة عشره.‏

‏2 - وأن یکون مجازاً فی الروایة عن المشایخ العظام والرواة الکرام، علیٰ ما هو‏‎ ‎‏دأب السالفین.‏

‏وأما التمسّک بالخبر فهو غیر ثابت، إلاّ أنّ قضیّة لزوم الأخذ بالقدر المتیقّن‏‎ ‎‏فیموارد الشکّ فی الحجّیة ذلک، مع رعایة کافّة القیود الاُخر المحتملة، کما مرّ فی‏‎ ‎‏المسألة الثالثة عشرة.‏

‏3 - بل هی قوّة قدسیّة وملکة نفسیّة، محافظة علیٰ حدود الشرائع الإلزامیّة‏‎ ‎‏الإسلامیّة، باعثة نحو الواجبات، زاجرة عن المحرّمات، وهی الاستقامة الروحیّة‏‎ ‎‏المستتبعة طبعاً للمشی علی الصراط المستقیم.‏

‏وعندئذٍ لا ینافیها التخطّی الأحیانیّ الاتفاقیّ، کما یأتی، بخلاف ما فی المتن؛‏‎ ‎‏من إضافة الملکة إلیٰ صفة الفعل، مع أنّه مخالف لما أفاده فی کتاب الجماعة؛ من أخذ‏‎ ‎‏الاجتناب عن منافیات المروّة الدالّة علیٰ عدم مبالاة مرتکبها بالدین، فإنّه خلط‏‎ ‎‏بین مقامی الثبوت والإثبات.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 125
وتعرف بحسن الظاهر الکاشف عنها علماً أو ظناً(1) وتثبت بشهادة‎ ‎العدلین(2)، وبالشیاع المفید للعلم.

‏مسألة 24: إذا عرض للمجتهد ما یوجب فقده للشرائط یجب علی المقلِّد‏‎ ‎‏العدول‏(3) إلی غیره.

‏مسألة 25: إذا قلَّد من لم یکن جامعاً، ومضی علیه برهة من الزمان کان‏‎ ‎‏کمن‏(4) لم یقلّد أصلاً، فحاله حال الجاهل القاصر أو المقصِّر.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏وبالجملة: الاُمور غیر العرفیّة ما لم ترجع إلی المنافیات الشرعیّة، غیر‏‎ ‎‏دخیلٍ ترکُها فی حصول تلک الملکة والاستقامة.‏

‏1 - فی مسألة الرجوع إلی الغیر فی الفتویٰ، یشکل ذلک، بل لابدّ من الدقّة‏‎ ‎‏والمراجعة إلی الأتقیاء الخبراء؛ کی یطّلع علیٰ ما مرّ ویثق به.‏

‏نعم، فی الجماعة الأمر أسهل ممّا فی المتن، کما یأتی.‏

‏2 - فی خصوص باب التقلید یشکل الأمر، والأحوط حصول الوثوق،‏‎ ‎‏ویکفی حصول العلم العادیّ أیضاً من الشیاع، وقد مرّ بعض ما یتعلّق به فی المسألة‏‎ ‎‏العشرین.‏

‏3 - أو الاحتیاط، والمراد ممّا یوجب فقده، الأعمّ ممّا یفقده المجتهد کالعدالة‏‎ ‎‏وغیرها أو یفقده المقلّد کالجهل بمخالفة فتواه لفتوی الأعلم، فإذا علم بعد التقلید‏‎ ‎‏بالمخالفة ولو إجمالاً، فعلیه أن یدعل إلی الأعلم مراعیاً ما مرّ.‏

‏4 - بشرط أن لا یکون عمله فی تلک البرهة مطابقاً للاحتیاط، وقد مضیٰ‏‎ ‎‏تفصیل حاله فی المسألة 16.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 126
مسألة 26: إذا قلّد من یحرم البقاء علی تقلید المیِّت فمات، وقلّد من یُجوِّز‎ ‎البقاء(1)، له أن یبقی علی تقلید الأوّل فی جمیع المسائل إلاّ مسألة حرمة البقاء(2).

مسألة 27: یجب(3) علی المکلّف العلم بأجزاء العبادات وشرائطها‎ ‎وموانعها ومقدّماتها، ولو لم یعلمها لکن علم إجمالاً أنّ عمله واجد لجمیع(4)‎ ‎الأجزاء والشرائط وفاقد للموانع صحّ وإن لم یعلمها(5) تفصیلاً.

‏مسألة 28: یجب‏(6) تعلّم مسائل الشکّ والسهو بالمقدار الّذی هو محلّ

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - البقاء، ولم یعدل إلیه فی تلک المسائل الّتی عمل بها.‏

‏2 - فی إطلاقه نظر؛ فإنّه إذا کان قبل أن یقلّد من یحرّم البقاء، یقلّد رجلاً آخر،‏‎ ‎‏وعدل إلیه لتحریمه، فقد عمل بمسألة حرمة البقاء، فیجب حینئذٍ العدول إلی الحیّ؛ فی‏‎ ‎‏صورة کون العدول متعیّناً بجهة من الجهات السابقة.‏

‏3 - علی الأحوط فی الواجبات الموسّعة، وأمّا فی مثل صوم شهر رمضان‏‎ ‎‏ونحوه، فیأتی تفصیله.‏

‏4 - حسب نظریّة الأحیاء، بشرط أن یکون فیهم من یوافق نظره نظر الأعلم‏‎ ‎‏المیّت أو نظر المشهور.‏

‏5 - لیس التقلید علماً، وهکذا الاحتیاط، کی یجب إجمالاً أو تفصیلاً، ولا‏‎ ‎‏یعتبر ذلک؛ لکفایة الموافقة مع رأی من یتّبع رأیه لو عمل ثمّ توجّه إلیها، أو طابق‏‎ ‎‏اجتهاده الطاری ء.‏

‏6 - علی الأحوط؛ وذلک تدریجاً، ولا وجوب قبل بلوغه، إلاّ أنّه لابدّ وأن‏‎ ‎‏یواظب علیٰ أن لا یبتلی بما یتحیّر عنده، فلو ابتلی وتحیّر، وأتیٰ برجاء الواقع عبادة‏‎ ‎‏وطابق الواقع، فالصحّة واضحة.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 127
الابتلاء غالباً. نعم لو اطمأنّ من نفسه أنّه لا یبتلی بالشکّ والسهو صحّ عمله وإن لم‎ ‎یحصّل العلم بأحکامها.

‏مسألة 29: کما یجب التقلید فی الواجبات‏(1) والمحرَّمات یجب فی‎ ‎المستحبَّات والمکروهات والمباحات، بل یجب تعلّم حکم کلِّ فعل یصدر منه،‎ ‎سواء کان من العبادات أو المعاملات أو العادیّات.

‏مسألة 30: إذا علم أنّ الفعل الفلانی‏(2) لیس حراماً، ولم یعلم أنّه واجب أو‎ ‎مباح أو مستحبّ أو مکروه یجوز له أن یأتی به، لاحتمال کونه مطلوباً وبرجاء‎ ‎الثواب وإذا علم أنّه لیس بواجب ولم یعلم أنّه حرام أو مکروه أو مباح، له أن یترکه‎ ‎لاحتمال کونه مبغوضاً(3).

مسألة 31: إذا تبدّل رأی المجتهد لا یجوز للمقلّد البقاء علی رأیه الأوّل(4).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - غیر خفیّ ما فیه؛ فإنّ حق العبارة هکذا: یجب التقلید أو الاحتیاط فی‏‎ ‎‏جمیع حرکاته وسکناته؛ أفعاله وتروکه، وفی صورة العلم بعدم الحرمة والوجوب،‏‎ ‎‏ولم یکن المستحبّ من العبادات، لا دلیل علی التقلید أو الاحتیاط، والتقلید فی‏‎ ‎‏المحرّمات والمکروهات بعد تعلّمها، لیس إلاّ المشیء علی ضوء رأی المجتهد، فلیس‏‎ ‎‏هو شرطاً فی شیء.‏

‏2 - من التوصّلیات، دون العبادیّات.‏

وبعبارة اُخریٰ:‏ فی الأفعال البسیطة، وأمّا المرکّبات المحتمل اختلاف الأنظار‏‎ ‎‏فی أجزائها، فلابدّ من التقلید، أو الاجتهاد، أو الاحتیاط.‏

‏3 - وله أن یرجو الثواب أیضاً بترکه، کما مرّ فی فعله.‏

‏4 - إلاّ إذا کان موافقاً لإحدی المرجّحات الخارجیّة، کموافقته لأعلم‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 128
‏         ‏مسألة 32: إذا عدل المجتهد عن الفتوی إلی التوقّف والتردّد یجب علی‎ ‎المقلّد الاحتیاط، أو العدول(1) إلی الأعلم بعد ذلک المجتهد.

‏مسألة 33: إذا کان هناک مجتهدان متساویان فی العلم‏(2) کان للمقلّد تقلید‎ ‎أیّهما شاء(3) ویجوز التبعیض(4) فی المسائل، وإذا کان أحدهما أرجح من الآخر‎ ‎فی العدالة أو الورع أو نحو ذلک فالأولی بل الأحوط اختیاره.

‏مسألة 34: إذا قلّد من یقول: بحرمة العدول حتّی إلی الأعلم ثم وجد‏(5)‎ ‎اعلم من ذلک(6) المجتهد،

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏الأموات والشهرة.‏

‏والأحوط الّذی لا یترک، هو الأخذ بالاحتیاط إذا تمکّن.‏

‏1 - إذا لم یکن رأیه الأوّل موافقاً لإحدی المرجّحات المشار إلیها.‏

‏2 - وفی جمیع المرجّحات الّتی مرّ لزوم اعتبارها وملاحظتها فی المسألة الثالث‏‎ ‎‏عشرة، ومنها الأورعیّة وغیرها.‏

‏3 - إلاّ إذا کان فیأحدهما احتمال صیرورته أعلم مثلاً؛ فإنّ الأحوط اختیاره.‏

‏4 - إلاّ فی العمل الواحد الّذی یلزم فیه مخالفتهما معاً، بل الأظهر - فی غیر‏‎ ‎‏مورد تعیّن التفکیک فی المسائل - التقلیدُ لأحدهما فی صورة العلم بالمخالفة ولو‏‎ ‎‏إجمالاً.‏

‏5 - بمعنیٰ أنّه صار أعلم ممّن قلّده، وإلاّ فکان تقلیده من الأوّل باطلاً، ویکون‏‎ ‎‏بحکم من لم یقلّد، کما مرّ.‏

‏6 - وکان یقول بوجوب العدول، فإنّه یتعیّن علیه ذلک، مع ما مرّ من اجتماع‏‎ ‎‏الشرائط الاُخر، وإلاّ فلو کان المفضول رأیُه موافقاً للأعلم المیّت أو لفتوی المشهور،‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 129
فالأحوط العدول إلی ذلک الأعلم وإن قال الأوّل: بعدم جوازه(1).

مسألة 35: إذا قلّد شخصاً بتخیّل أنّه زید، فبان عمرواً، فإن کانا متساویین‎ ‎فی الفضیلة(2) ولم یکن علی وجه التقیید(3) صحّ وإلاّ فمشکل(4).

مسألة 36: فتوی المجتهد یعلم بأحد اُمور:

‏«الأوّل»: أن یسمع منه شفاهاً‏(5).

«الثانی»: أن یخبر بها عدلان(6).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏فالبقاء متعیّن علی الأشبه، والعدول یکون علی الأحوط فی صورة احتیاط الأعلم،‏‎ ‎‏مع ما مرّ من الشرائط أیضاً؛ وهی فقد فتوی المقلّد للمرجّحات المذکورة.‏

‏1 - هذه العبارة زیادة، ولعلّها سهو، لأنّ المفروض أنّه کان یقول بحرمة‏‎ ‎‏العدول، فلا یخفیٰ.‏

‏2 - وفی المرجّحات، أو کانا فاقدین لها.‏

‏3 - لا یعقل أن یوجب التقیید تأثیراً فی الإشارة إلی الجزئیّ الخارجیّ؛ وهو‏‎ ‎‏تقلیده.‏

‏ولکن مع ذلک، ففی صورة الموافقة فالأمر واضح، وأمّا فی صورة المخالفة‏‎ ‎‏فلیعمل بفتاویٰ عمرو فی المثال المذکور.‏

‏4 - لا وجه للإشکال فی صورة التوافق فی الرأی، کما مرّ فی المسألة الثامنة‏‎ ‎‏عشرة.‏

‏5 - کفایته محلّ تأمّل، إلاّ إذا کان ثقة مأموناً عن السهو والخطأ.‏

‏6 - بعد کفایة العدل الواحد، لا معنیٰ لعدّ خبر العدلین فی قباله، وإلاّ فیکفی‏‎ ‎‏العدول.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 130
«الثالث»: إخبار عدل واحد، بل یکفی إخبار شخص موثّق یوجب(1) قوله‎ ‎الاطمینان وإن لم یکن عادلاً.

‏«الرابع»: الوجدان فی رسالته، ولابدّ أن تکون مأمونه من الغلط‏(2).

مسألة 37: إذا قلّد من لیس له أهلیّة الفتوی، ثمّ التفت(3) وجب علیه‎ ‎العدول، وحال الأعمال السابقة حال عمل الجاهل الغیر المقلّد. وکذا إذا قلّد غیر‎ ‎الأعلم وجب علی الأحوط(4) العدول إلی الأعلم، وإذا قلّد الأعلم ثمّ صار بعد ذلک‎ ‎غیره أعلم وجب العدول إلی الثانی علی الأحوط.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏بل سماعه عنه أیضاً لیس إلاّ لأجل کونه عدلاً، وإلاّ فلو لم تعتبر العدالة فی‏‎ ‎‏مرجع التقلید، فاعتبارها فی ناقل فتواه ثابت علی المشهور.‏

‏1 - نوعاً وإن لم یستلزم شخصاً علی الأشبه، ولکنّ الأحوط حصول الوثوق‏‎ ‎‏الشخصیّ حتّیٰ فی العدل الواحد.‏

‏2 - وفی حصول الأمن من الغلط - بعد کثرة الأغلاط فی المطبوعات - بقول‏‎ ‎‏الخبیر والعدل إشکال.‏

‏3 - إلیٰ أنّه غیر مجتهد، وأمّا إذا التفت إلیٰ أنّه فاقد بعضَ الشرائط الاُخر،‏‎ ‎‏وکان الآخر مفضولاً، فالعدول محلّ إشکال، بل محلّ منع إذا کان جامعاً للشرائط‏‎ ‎‏المرجّحة، مثل کون فتواه موافقةً لفتوی المشهور وغیره.‏

‏وأمّا کون حال الأعمال السابقة مثل حال العامّی بلا تقلید رأساً، فیأتی‏‎ ‎‏تفصیله إن شاء اللّه تعالیٰ.‏

‏4 - وهو الأشبه علی التفصیل المذکور مراراً، وهکذا فی الفرع الآتی فی هذه‏‎ ‎‏المسألة.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 131
مسألة 38: إن کان الأعلم منحصراً فی شخصین ولم یمکن التعیین(1) فإن‎ ‎أمکن الاحتیاط بین القولین فهو الأحوط(2)، وإلاّ کان مخیَّراً بینهما.

‏مسألة 39: إذا شکّ‏(3) فی موت المجتهد، أو فی تبدُّل رأیه(4)، أو عروض‎ ‎ما یوجب عدم جواز تقلیده یجوز(5) له البقاء إلی أن یتبیّن الحال(6).

مسألة 40: إذا علم أنّه کان فی عباداته(7) بلا تقلید مدّة من الزمان ولم یعلم‎ ‎مقداره(8) فإن علم(9) بکیفـیَّتها

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - ولم یکن أحدهما المعیّن - علیٰ تقدیر المفضولیّة - معیّناً؛ لإحدی‏‎ ‎‏المرجّحات السابقة، وهکذا لم یکن أحدهما المعیّن محتمل الأعلمیّة، فضلاً عن‏‎ ‎‏المظنونیّة.‏

‏2 - بل هو الأشبه.‏

‏3 - أو ظنّ علیٰ وجه لا یعتدّ به.‏

‏4 - فإنّه یبقیٰ علی الاتباع والعمل به.‏

‏5 - فی مورد اختیار أحدهما المتساویین، ویتعیّن علیه البقاء فی غیر الصورة‏‎ ‎‏المذکورة.‏

‏6 - بما یتبیّن به تعیّن التقلید أو فتوی المجتهد، علیٰ ما مرّ.‏

‏7 - بالخصوص، وکان مقلّداً فی سائر الأفعال والتروک.‏

‏8 - کما إذا لم یعلم مقدار حیاة المجتهد الّذی کان یتعیّن علیه الرجوع إلیه فی‏‎ ‎‏العبادات أیضاً.‏

‏9 - أو احتمل، بشرط أن یعتقد أنّ تقلیده فی غیر العبادات، هو الواجب علیه‏‎ ‎‏فی الرجوع إلی الغیر، وأنّه الکافی فی صحّة عباداته ولو کان یجب علیه‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 132
وموافقتها للواقع(1) أو لفتوی المجتهد الَّذی یکون(2) مکلَّفاً بالرجوع إلیه فهو، وإلاّ‎ ‎فیقضی المقدار الَّذی یعلم معه بالبراءة علی الأحوط(3)، وإن کان لا یبعد جواز‎ ‎الاکتفاء بالقدر المتیقَّن.

‏مسألة 41: إذا علم أنّ أعماله السابقة کانت مع التقلید، لکن لا یعلم‏(4) أنّها‎ ‎کانت عن تقلید صحیح أم لا، بنی(5) علی الصحَّة.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏التقلید لغیره؛ لکونه أعلم فی العبادات.‏

‏1 - أی حسب نظره واجتهاده الّذی حصّله بعد ذلک.‏

‏2 - مقلّده؛ لأنّ المفروض أنّه لم یقلّد فی خصوص العبادات، فالعبارة لا تخلو‏‎ ‎‏عن مسامحة.‏

‏اللّهمّ إلاّ أن یرید الماتن؛ تقلیده فی غیر العبادات الأعلم فیه، وعدم تقلیده فی‏‎ ‎‏العبادات من الآخر الّذی هو الأعلم فیها، فإنّه یتعیّن التفکیک کما یأتی إن شاء اللّه ‏‎ ‎‏تعالیٰ.‏

‏3 - لا یترک ولو کان منشأُ جهالته بالمقدار الفائت، جهلَه بحیاة من کان یجب‏‎ ‎‏علیه الرجوع إلیه - فیحتمل التفصیل بین الصلاة وغیرها؛ وأنّه فی مثل الصوم یتعیّن‏‎ ‎‏الإتیان بالمقدار الّذی یعلم معه بفراغ الذمّة، والمسألة تحتاج إلیٰ تفصیل لا یسعه‏‎ ‎‏المقام.‏

‏4 - ولم یقم دلیل یعتدّ به.‏

‏5 - لا معنیٰ للبناء علی الصحّة، بل لا شیء علیه.‏

‏هذا فیما إذا کان بصدد التقلید الصحیح ثمّ شکّ، وإلاّ فهو لیس بحکم غیر المقلّد‏‎ ‎‏الّذی مرّ تفصیله، ویأتی بیان ذلک إن شاء اللّه تعالیٰ.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 133
مسألة 42: إذا قلّد مجتهداً ثمّ شکّ فی أنّه(1) جامع للشرائط أم لا، وجب‎ ‎علیه الفحص(2).

مسألة 43: من لیس أهلاً للفتوی(3) یحرم علیه الإفتاء(4) وکذا من لیس‎ ‎‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - کان من الأوّل جامعاً للشرائط، وهذا هو مقصود الماتن، وإلاّ فلو شکّ‏‎ ‎‏فیبقاء جامعیّته، فلا فحص علیه علی الأشبه، هذا ولو کان مستنداً فی تقلیده إلی‏‎ ‎‏البیّنة الفاقدة للعدالة بعد شهادتها.‏

‏2 - بالقیاس إلی الأعمال الآتیة، وأمّا بالنسبة إلی الأعمال الماضیة، فبعد کونه‏‎ ‎‏مستنداً إلی التقلید المذکور، فالأشبه کفایة احتمال صحّة الأعمال السابقة، ولا یکون‏‎ ‎‏بالنسبة إلیها کالجاهل غیر المقلّد.‏

‏ویحتمل کفایة تقلیده ولو علم بفقدانه للشرط بعد وجدانه، کشرطیّة الحیاة،‏‎ ‎‏إلاّ أنّ ذلک فی مورد لم یکن مرجع الفتویٰ، زعیمَ الإسلام ومقوّماً لسیاسة الدیانة.‏

‏3 - أی یکون جاهلاً بالأحکام، لا فاقداً لشرائط التقلید، فإنّه تابع لنظره فی‏‎ ‎‏ذلک، ولا دلیل عندنا علیٰ حرمته فی هذه الصورة، کما لا یجوز له التقلید للغیر، ولا‏‎ ‎‏یتعیّن علیه الاحتیاط.‏

‏والظاهر أنّ التقوّل بغیر علم، محرّم ولو صادف الواقع؛ فی خصوص الأحکام‏‎ ‎‏والمسائل وحدود الموضوعات الشرعیّة، کتعیین حدود عرفات ومنیٰ وهکذا،‏‎ ‎‏وللمسألة تفصیل خارج عن المقام.‏

‏4 - ولیس من الإفتاء إخباره عن علم زید، وأعلمیّة عمرو، وعدم کونه ما فی‏‎ ‎‏الکأس خمراً، ولو کان ذلک علیٰ تقدیر محرّماً فهو من باب آخر غیر باب التقوّل بغیر‏‎ ‎‏العلم المعنون فی «الوسائل»‏‎[1]‎‏.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 134
أهلاً للقضاء(1) یحرم علیه القضاء(2) بین الناس، وحکمه لیس بنافذ(3)، ولا یجوز‎ ‎الترافع إلیه(4) ولا الشهادة عنده، والمال الَّذی یؤخذ بحکمه حرام(5) وإن کان‎ ‎الآخذ مُحقّاً، إلاّ إذا انحصر استنقاذ حقّه بالترافع عنده.

‏مسألة 44: یجب‏(6) فی المفتی والقاضی العدالة وتثبت العدالة بشهادة‎ ‎عدلین، وبالمعاشرة المفیدة للعلم بالملکة، أو الاطمئنان بها، وبالشیاع المفید للعلم.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - یطلب ذلک من کتاب القضاء.‏

‏2 - بمعنیٰ فصل الخصومة بین الناس؛ علیٰ وجه یرتّبون علیه الأثر، فلو قضیٰ‏‎ ‎‏بینهم وهم غیر معتقدین به، ولا مرتّبین علی قضائه الأثر، فلا وجه یعتدّ به لحرمته،‏‎ ‎‏مع أنّ عدّ ذلک قضاءً غیر واضح.‏

‏3 - لا تخلو العبارة عن الإشکال، والمراد لا یجوز ترتیب الآثار علیٰ قضائه.‏

‏4 - مع ملاحظة القید المذکور، وهکذا فی الفرع الآتی، بل فی صورة علم‏‎ ‎‏الشاهد بأنّه لا یقضی إلاّ بعد شهادة نفرین، ولا یتمکّن من تحصیل الآخر، تشکل‏‎ ‎‏الحرمة جدّاً.‏

‏کما أنّ المفروض هو الترافع إلیه لفصل الخصومة، دون کونه حَکَماً مورداً‏‎ ‎‏للمراضاة.‏

‏5 - علی الأحوط حتّیٰ فی صورة انحصار استنقاذ حقّه بالترافع عنده، وفی‏‎ ‎‏المسألة صور وتفصیل لا یسعه المقام.‏

‏ولو کان محقّاً ویمتنع، فجواز التقاصّ غیر بعید فی ذاته، إلاّ أنّ أصل الأخذ‏‎ ‎‏بالتقاصّ عندی مورد مناقشة.‏

‏6 - مرّ ما یتعلّق  بالمسألة فی المسألة العشرین والثالثة والعشرین، والمراد‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 135
‏         ‏مسألة 45: إذا مضت مدّة من بلوغه وشکّ بعد ذلک فیأنّ أعماله کانت عن‎ ‎تقلید صحیح أم لا، یجوز له(1) البناء علی الصحّة فی أعماله السابقة، وفی اللاَّحقة،‎ ‎یجب علیه التصحیح فعلاً.

‏مسألة 46: یجب علی العامی أن یقلّد الأعلم فی مسألة وجوب تقلید‏‎ ‎‏الأعلم أو عدم وجوبه، ولا یجوز أن یقلّد غیر الأعلم إذا أفتی بعدم وجوب تقلید‏‎ ‎‏الأعلم، بل لو أفتی الأعلم بعدم وجوب تقلید الأعلم یشکل‏(2) جواز الاعتماد علیه‎ ‎فالقدر المتیقّن للعامی تقلید الأعلم فی الفرعیّات(3).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏من «المفتی» من هو المرجع المصطلح علیه.‏

‏1 - فی صورة الفحص الّلازم فی التقلید، یبنی علی الصحّة بالنسبة إلی الأعمال‏‎ ‎‏اللاّحقة علی الأشبه، وفی صورة عدم الفحص اللاّزم، فعلیه الفحص بالنسبة إلی‏‎ ‎‏الأعمال الآتیة؛ لتصحیح تقلیده.‏

‏وأمّا بالنسبة إلی الأعمال الماضیة، فالأشبه جواز الاتکال علیٰ أصالة الصحّة،‏‎ ‎‏إلاّ إذا التفت إلیٰ بطلان عمله حسب التقلید اللاّزم علیه فعلاً.‏

‏2 - لا یبعد کون التقلید والرجوع إلی الأعلم - کأصل التقلید - من‏‎ ‎‏الضروریّات غیر المحتاجة إلی التقلید.‏

‏ولو رجع إلی الأعلم، وکان یقول: بجواز تقلید المفضول، فالأشبه تعیّن‏‎ ‎‏الأفضل عندنا أیضاً؛ لسقوط طریقیّة آراء المجتهدین بالمعارضة بالضرورة، والقدر‏‎ ‎‏المتیقّن من الأدلّة هی هذه الصورة، إلاّ فی موارد تعیّن المفضول کما مرّ.‏

‏3 - لا یخفیٰ ما فیه.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 136
مسألة 47: إذا کان مجتهدان أحدهما أعلم فی أحکام العبادات، والآخر‎ ‎أعلم فی المعاملات، فالأحوط(1) تبعیض التقلید وکذا إذا کان أحدهما أعلم فی‎ ‎بعض العبادات مثلاً، والآخر فی البعض الآخر.

‏مسألة 48: إذا نقل شخص فتوی المجتهد خطأ یجب علیه‏(2) إعلام من تعلّم‎ ‎منه، وکذا إذا أخطأ المجتهد فی بیان فتواه یجب علیه الإعلام.

‏مسألة 49: إذا اتّفق فی أثناء الصلاة مسألة لا یعلم حکمها یجوز له‏(3) أن‎ ‎یبنی علی أحد الطرفین، بقصد(4) أن یسأل عن الحکم بعد الصلاة، وأ نَّه إذا کان ما‎ ‎أتی به علی خلاف الواقع یعید صلاته،

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - الأشبه تعیّن التبعیض والتفکیک علی الإطلاق مع احتمال المخالفة، فضلاً‏‎ ‎‏عن صورة العلم الإجمالیّ بها.‏

‏هذا مع مراعاة ما مرّ من المرجّحات الخارجیّة الموجبة لتعیّن المفضول،‏‎ ‎‏کموافقة نظره لأعلم الأموات، أو الشهرة.‏

‏2 - إذا کان یترتّب علیه الفساد ولو احتمالاً، وأمّا إذا نقل إباحة شیء وهو‏‎ ‎‏مستحبّ، أو کان یعلم بأنّه لا یعمل بالفتوی المنقولة، فلا وجوب، ولاسیّما إذا کان‏‎ ‎‏معذوراً فی خطئه، وهکذا فی الفرع الآتی.‏

‏3 - الأشبه - ولعلّه الأحوط - إبطال صلاته المشکوکة صحّتها والاستئناف،‏‎ ‎‏وقد مرّ حکم لزوم الاطلاع علیٰ المسائل فی المسألة السابعة والعشرین.‏

‏وفی صورة ضیق الوقت والتمکّن من الاحتیاط مطلقاً أو نسبیّاً، یتعیّن علیه،‏‎ ‎‏ولابدّ من المراجعة إلیٰ من یتّبع رأیه بعد الفراغ إذا قلّده، کما لا یخفیٰ.‏

‏4 - لا خصوصیّة له بعد إمکان تمشّی قصد القربة وإن لم یکن یقلّد أحداً.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 137
فلو فعل ذلک وکان ما فعله مطابقاً للواقع(1) لا یجب علیه الإعادة.

‏مسألة 50: یجب علی العامی فی زمان الفحص عن المجتهد أو عن‏‎ ‎‏الأعلم‏(2) أن یحتاط فی أعماله(3).

مسألة 51: المأذون(4) والوکیل عن المجتهد فی التصرُّف فی الأوقاف أو‎ ‎فی أموال القصّر ینعزل بموت المجتهد، بخلاف المنصوب من قبله، کما إذا نصبه‎ ‎متولّیاً للوقف، أو قیّماً علی القصّر فإنّه لا تبطل تولیته وقیمومته علی  الأظهر.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - أو الاحتیاط اللاّزم علیه، أو اجتهاده.‏

‏2 - لا محلّ للتردید بعد تعیّن الرجوع إلی الأعلم - ولو احتیاطاً وجوبیّاً - مع‏‎ ‎‏احتمال الأعلم بینهم، کما هی العادة، بل هو المفروض.‏

‏3 - الاحتیاط الواجب علیه، هو الاحتیاط النسبیّ بین أقوال الموجودین،‏‎ ‎‏المحتمل وجوده الأعلم بینهم، أو یعلم بوجوده.‏

‏ولو کان أحدهم المعیّن مجتهداً غیر أعلم، وفیه من المرجّحات المعیّنة، یجوز له‏‎ ‎‏الأخذ به وتقلیده.‏

‏4 - الأشبه أن المجتهد لیس له التوکیل والإذن، ولیسا هما من شؤونه، کما لیس‏‎ ‎‏له الإذن فی الإفطار یوم العید، بل شأنه الحکم مثلاً.‏

‏نعم، له الإذن فی الانتفاع من الأوقاف مثلاً، وأمّا ما هو شأنه فهو جعل‏‎ ‎‏المتولّی والقیّم، کما فی سائر الحکومات العرفیّة، وحکم ذلک حکم الحکم، فی عدم‏‎ ‎‏البطلان بالموت علی الأظهر، وتفصیله یطلب من کتاب القضاء إن شاء اللّه تعالیٰ،‏‎ ‎‏وعلی کلّ حال، لا یترک الاحتیاط.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 138
مسألة 52: إذا بقی علی تقلید المیّت من دون أن یقلّد الحیّ فی هذه‎ ‎المسألة کان کمن عمل(1) من غیر تقلید.

‏مسألة 53: إذا قلّد مَن یکتفی بالمرّة مثلاً فی التسبیحات الأربع، واکتفی‏‎ ‎‏بها أو قلّد من یکتفی فی التیمُّم بضربة واحدة ثم مات ذلک المجتهد فقلّد من یقول‏‎ ‎‏بوجوب التعدّد لا یجب‏(2) علیه إعادة الأعمال السابقة، وکذا لو أوقع عقداً أو‎ ‎إیقاعاً بتقلید مجتهد یحکم بالصحّة ثمّ مات وقلّد من یقول بالبطلان، یجوز له البناء‎ ‎علی الصحّة،

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - وقد مرّ حکم المسألة بتفصیل بالنسبة إلیٰ مقایسة أعماله مع فتویٰ من‏‎ ‎‏یتّبع رأیه، فلو کانت أعماله السابقة موافقة لاجتهاده، فلا شیء علیه، بل لو کان رأیه‏‎ ‎‏أو رأی من یتّبع رأیه هو البقاء، فتکون المسألة فی صورة المخالفة مع اجتهاده أو رأی‏‎ ‎‏من یتّبع رأیه، من صغریات المسألة الآتیة إن شاء اللّه تعالیٰ.‏

‏2 - المیزان فی المسألة أنّ التقلید الأوّل إن کان معذّراً عند المقلّد الثانی - بأن‏‎ ‎‏کان صحیحاً - فلا شیء علیه، ولا وجه لتخیّل التفصیل بین الموارد والأحکام‏‎ ‎‏والأمارات والاُصول، ولا لما فی المتن، ولا بین مورد القطع ببطلان فتوی المقلّد‏‎ ‎‏الأوّل وغیره.‏

‏وإن کان معذّراً، وکان من موارد تعیّن البقاء أو جواز البقاء، فالأمر أیضاً‏‎ ‎‏کما مرّ.‏

‏وإن لم یکن معذّراً؛ لکونه فاقداً لشرط کالأعلمیّة، وهکذا فی کلّ مورد تعیّن‏‎ ‎‏العدول إلی الحیّ، فإن رجع ذلک إلیٰ بطلان مستنده فی التقلید الأوّل وتقصیر المقلّد،‏‎ ‎‏فحکمه حکم من قلّد فاسداً.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 139
نعم فیما سیأتی(1) یجب علیه العمل بمقتضی فتوی المجتهد الثانی، وأمّا إذا قلّد من‎ ‎یقول بطهارة شیء کالغسالة ثمّ مات وقلّد من یقول بنجاسته، فالصلوات والأعمال‎ ‎السابقة محکومة بالصحّة، وإن کانت مع استعمال ذلک الشیء، وأمّا نفس ذلک‎ ‎الشیء إذا کان باقیاً فلا یحکم بعد ذلک بطهارته وکذا فی الحلیّة والحرمة، فإذا‎ ‎أفتیٰ المجتهد الأوّل بجواز الذبح بغیر الحدید مثلاً، فذبح حیواناً کذلک فمات‎ ‎المجتهد وقلّد من یقول: بحرمته فان باعه أو أکله حکم بصحّة البیع وإباحة الأکل‎ ‎وأمّا إذا کان الحیوان المذبوح موجوداً فلا یجوز بیعه ولا أکله وهکذا.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏وإن لم یکن بتقصیر منه، فإیجاب العدول لا ینافی معذّریة التقلید الأوّل؛‏‎ ‎‏بالنسبة إلیٰ مخالفته للواقع، وترک الإعادة والقضاء، وترک ترتیب الآثار حسب نظر‏‎ ‎‏المجتهد الثانی.‏

‏وهذا نظیر ما لو فرض تساوی المجتهدین عند أنفسهما، مع علم أحدهما‏‎ ‎‏ببطلان فتوی الآخر، فإنّه لا یمنع عن الإفتاء بالتخییر بالنسبة إلی العامّی من غیر أن‏‎ ‎‏یستثنی مورداً من الموارد علی الإطلاق.‏

‏وقیاس ما نحن فیه بمسألة الإجزاء من الاشتباه؛ فإنّ مسألة الإجزاء مربوطة‏‎ ‎‏بتبدّل رأی المجتهد الحیّ والمقلّد، وهذه المسألة مربوطة بحدود حجیّة رأی‏‎ ‎‏المجتهد‏ ‏الأوّل ومعذّریته عنده، من غیر نظر إلی الواقع والأحکام، ویطلب من محلّه‏‎ ‎‏التفصیل التامّ.‏

‏1 - أی فی مورد تعیّن العدول بالنسبة إلی الأعمال الآتیة غیر المرتّبة علی‏‎ ‎‏الأعمال اللاّحقة، وإلاّ ففی مثل القضاء وغیره تکون معذّریه الفتوی الاُولیٰ عذراً‏‎ ‎‏بالقیاس إلیٰ ترک القضاء حسب نظر المجتهد الثانی، وهکذا فی الوضعیّات المترتّبة‏‎ ‎‏علی الأسباب المعذّر عنها بالقیاس إلی سببیّتها حسب نظر  المجتهد الأوّل.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 140
مسألة 54: الوکیل فی عمل عن الغیر کإجراء عقد، أو إعطاء خمس أو زکاة‎ ‎أو کفّارة أو نحو ذلک یجب أن یعمل(1) بمقتضی تقلید الموکل لا تقلید نفسه إذا کانا‎ ‎مختلفین وکذلک الوصی فی مثل ما لو کان وصیّاً فی استیجار(2) الصلاة عنه یجب‎ ‎أن یکون علی وفق فتوی مجتهد المیِّت.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - علی الخصوصیّة المعیّنة له؛ بشرط کونها مباحةً طبق تقلیده.‏

‏ولو لم یعیّن الخصوصیّة، فالمنصرف إلیه هو رعایة تقلید الموکلّ أیضاً، فلو‏‎ ‎‏أوکل إلیه عقداً فارسیّاً بالتصریح أو الانصراف، فعلیه ذلک ولو کان باطلاً عنده‏‎ ‎‏بالتقلید أو الاجتهاد.‏

‏وتوهّم: أنّه لا یتمکّن من الإدارة الجدّیة، ممنوع محرّر فی محلّه.‏

‏ولو لم تکن هناک قرینة علی الخصوصیّة، وکانت الجهالة فیما اُوکل إلیه، غیرَ‏‎ ‎‏مضرّة بصحّة الوکالة، فإن تمکّن من الاحتیاط فهو المتعیّن، وإلاّ ففی المسألة تفصیل‏‎ ‎‏وصور لا یسعها المقام؛ لاختلاف موارد الوکالة من کونها من الاُمور المباحة أو‏‎ ‎‏المندوبة أو المکروهة، أو کونها من الاُمور الإلزامیّة المنجّزة علی الموکّل، ولاختلاف‏‎ ‎‏نظر الوکیل بین صورتی القطع بفساد الأمر المنجّز علی الموکّل حسب تقلیده‏‎ ‎‏واجتهاده، وصورة قیام الحجّة عنده علیٰ خلاف الحجّة الناهضة عند الموکّل، وممّا‏‎ ‎‏ذکرنا یظهر حال الوصیّ.‏

‏2 - الاستیجار علیٰ مطلق العبادات بل والمقرّبات، باطل عندنا.‏

‏نعم، یجوز أن یستنیب فیها، وهو یسمّیٰ عندنا بـ «عقد النیابة» وهو غیر عقد‏‎ ‎‏الوکالة والإجارة، فلو أوصیٰ لیستنیب، فالأمر بالنسبة إلیٰ نفس الاستنابة کما مرّ فی‏‎ ‎‏الوکیل والوصیّ، وأمّا النائب فعلیه أن یأتی بما استنیب له ولو کان باطلاً عنده،‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 141
‏         ‏مسألة 55: إذا کان البایع مقلّداً لمن یقول بصحّة المعاطاة مثلاً، أو العقد‎ ‎بالفارسیّ، والمشتری مقلّداً لمن یقول بالبطلان لا یصحّ البیع بالنسبة إلی البایع‎ ‎أیضاً لأنّه متقوّم(1) بطرفین، فاللازم أن یکون صحیحاً من الطرفین(2)، وکذا فی کلّ‎ ‎عقد کان مذهب أحد الطرفین بطلانه، ومذهب الآخر صحّته.

‏مسألة 56: فی المرافعات اختیار تعیین الحاکم بید المدّعی‏(3)،

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏ حتّیٰ فی العبادات.‏

‏وتوهّم عدم تمشّی قصد القربة، فی غیر محلّه، ولاسیّما إذا کان یحتمل الصحّة،‏‎ ‎‏والتفصیل فی محلّه.‏

‏نعم، إذا کان یعتقد حرمة العمل المستناب فیه اجتهاداً أو تقلیداً، فلا یجوز،‏‎ ‎‏فعلی الوصیّ الوفاء بالوصایة حسب التفصیل المذکور، وتفصیل المسألة یطلب من‏‎ ‎‏صلاة الاستیجار، وقضاء الولیّ، وکتاب الوصیّة.‏

‏1 - الأنسب التعلیل بأنّ النتیجة تابعة لأخسّ المقدّمتین، وإلاّفالعقد غیرمتقوّم‏‎ ‎‏بالطرفین ماهیّة، وإنّما یتقوّم بهما أثراً وفی صیرورته موضوعاً لحکم العقلاء مثلاً.‏

‏2 - فی صورة عدم تمشّی قصد المعاملة من المعتقد بالبطلان، وإلاّ فلا وجه‏‎ ‎‏للملازمة المذکورة فی المتن؛ ضرورة أنّه یجوز أن یشتری زید من عمرو مالَه ولو‏‎ ‎‏کان عمرو معتقداً أنّه غصب، ویجب علی المشتری ردّ الثمن إلی البائع، ولا یجوز له‏‎ ‎‏عقلاً التصرّف فیه حسب ما اعتقده.‏

‏3 - حکم المسألة یطلب من کتاب القضاء، وبین ما هنا مع ما یأتی فی المسألة‏‎ ‎‏الثامنة والستّین مخالفة ما، ولا ینبغی الخلط بین مسائل التقلید، وحکم الحاکم‏‎ ‎‏وأحکام القاضی ومسائل المرافعات الراجعة إلیٰ محلّها.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 142
إلاّ إذا کان مختار المدّعی علیه أعلم، بل مع وجود الأعلم وإمکان الترافع‎ ‎إلیه الأحوط الرجوع إلیه مطلقاً.

‏مسألة 57: حکم الحاکم الجامع للشرائط لا یجوز نقضه‏(1) ولو لمجتهد آخر‎ ‎إلاّ إذا تبیّن خطأه(2).

مسألة 58: إذا نقل ناقل فتوی المجتهد لغیره، ثمّ تبدّل رأی المجتهد فی‎ ‎تلک المسألة لا یجب علی الناقل إعلام من سمع منه الفتوی الاُولی، وإن کان‎ ‎أحوط(3) بخلاف ما إذا تبیّن له خطأه فی النقل فإنّه یجب علیه الإعلام.

‏مسألة 59: إذا تعارض الناقلان فی نقل الفتوی تساقطا‏(4) وکذا البیّنتان‎ ‎وإذا تعارض النقل مع السماع عن المجتهد شفاهاً قدّم السماع وکذا إذا تعارض ما‎ ‎فی الرسالة مع السماع وفی تعارض النقل مع ما فی الرسالة قدّم ما فی الرسالة مع‎ ‎الأمن من الغلط.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - فی المسألة تفصیل، والّذی هو القدر المتیقّن هو الحاکم الوالی السائس،‏‎ ‎‏وأمّا فی موارد الترافع والقضاء وحکم القاضی، فیطلب تمام المسألة من محلّها.‏

‏2 - محلّ إشکال فی الصورة المذکورة بل منع، ولاسیّما إذا لم یکن وجه الخطأ‏‎ ‎‏معلوماً وجداناً.‏

‏3 - لا وجه له فی موارد لا یترتّب علیه الفساد، کما مرّ فی المسألة الثامنة‏‎ ‎‏والأربعین، وأمّا فیها فالناقل والمجتهد نفسه بحکم واحد، بعد بسط رسالته،‏‎ ‎‏وإعطائها‏ ‏إلی المقلّد، ولا ینبغی ترک الاحتیاط جدّاً، وقد مرّ حکم الفرع الآتی فی‏‎ ‎‏المسألة المذکورة.‏

‏4 - الأشبه أنّه لا وجه لجمیع ما ذکر فی هذه المسألة، والمدار علیٰ حصول‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 143
‏         ‏مسألة 60: إذا عرضت مسألة لا یعلم حکمها ولم یکن الأعلم حاضراً، فإن‎ ‎أمکن تأخیر الواقعة إلی السؤال یجب ذلک(1) وإلاّ فإن أمکن الاحتیاط تعیّن(2)،‎ ‎وإن لم یمکن یجوز(3) الرجوع إلی مجتهد آخر الأعلم فالأعلم، وإن لم یکن هناک‎ ‎مجتهد آخر ولا رسالته یجوز العمل بقول المشهور بین العلماء إذا کان هناک من‎ ‎‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏الوثوق الشخصیّ والاطمئنان.‏

‏نعم، إذا کان أحد الناقلین أو إحدی البیّنتین، ممّا یورث العلم العادیّ نوعاً ولو‏‎ ‎‏کان معارضاً بالآخر، فلا یبعد اعتباره وعدم سقوطه، إلاّ أنّ الأحوط ما مرّ.‏

‏1 - فی صورة تقلیده للأعلم مع عدم علمه بحکم المسألة حسب نظره، وإلاّ‏‎ ‎‏فله الأخذ بالاحتیاط کما مرّ.‏

‏2 - فیما إذا کان مقلّداً، واحتمل مخالفة نظره لما هو الأحوط بالنسبة إلیٰ سائر‏‎ ‎‏الآراء، فله وجه.‏

‏3 - شرطیّة الأعلمیّة کشرطیّة العدالة وغیرها.‏

‏وعلی کلّ تقدیر: ما فی هذه الفروض خالٍ عن التحصیل، والحکم عندنا فی‏‎ ‎‏صورة تمکّنه من الاحتیاط هو ذلک، وإلاّ فیکون کالمبتلی بالمحذورین، والاحتیاط‏‎ ‎‏هو الأخذ بجانب المظنون؛ لکونه القدر المتیقّن.‏

‏نعم، ربّما یستند الظن إلی الأوثق الأعلم المیّت، وربّما إلی الحیّ غیر الأعلم،‏‎ ‎‏أو‏ ‏إلی الشهرة، وقد مرّ جواز تقلید المفضول مع وجود الفاضل، إذا کان رأیه‏‎ ‎‏موافقاً‏ ‏لإحدی المرجّحات المذکورة، کما مرّ جواز التفکیک فی مرحلة التقلید بالنسبة‏‎ ‎‏إلی المسائل؛ بأن یقلّد فی بعض، ویحتاط فی الآخر، أو یقلّد الآخر، مع مراعاة‏‎ ‎‏الشروط المزبورة.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 144
یقدر علی تعیین قول المشهور، وإذا عمل بقول المشهور ثمَّ تبیّن له بعد ذلک‎ ‎مخالفته لفتوی مجتهده فعلیه الإعادة(1) أو القضاء، وإذا لم یقدر علی تعیین قول‎ ‎المشهور یرجع إلی أوثق الأموات، وإن لم یمکن ذلک أیضاً یعمل بظنّه، وإن لم‎ ‎یکن له ظنّ بأحد الطرفین یبنی علی أحدهما، وعلی التقادیر بعد الاطّلاع علی‎ ‎فتوی المجتهد إن کان عمله مخالفاً لفتواه فعلیه الإعادة أو القضاء.

‏مسألة 61: إذا قلّد مجتهداً ثمّ مات فقلّد غیره ثم مات فقلّد من یقول‏‎ ‎‏بوجوب البقاء علی تقلید المیّت أو جوازه فهل یبقی علی تقلید المجتهد الأوّل، أو‏‎ ‎‏الثانی؟ الأظهر الثانی‏(2) والأحوط مراعاة الاحتیاط.

‏مسألة 62: یکفی‏(3) فی تحقّق التقلید أخذ الرسالة والالتزام بالعمل بما فیها،‎ ‎‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - وجوب التدارک والقضاء فی صورة عدم تعذّره بالنسبة إلیٰ تعلّم المسألة‏‎ ‎‏أو تعلّم طریق الاحتیاط واضح.‏

‏وفی صورة تعذّره الراجع إلی تجویز المجتهد، فجواز تأخیر التعلّم غیر قطعیّ،‏‎ ‎‏والأشبه ما مرّ فی المسألة الثالثة والخمسین، والأحوط هی الإعادة والقضاء، وهکذا‏‎ ‎‏فی الفرع الآتی.‏

‏2 - بعد تحقّق التقلید حسب ما مرّ، فی إطلاقه نظر لما مضیٰ؛ فإنّه ربّما لا یجوز‏‎ ‎‏العدول من الأوّل إلی الثانی، فکیف یجوز البقاء علیه؟! وربّما یتعیّن العدول إلی‏‎ ‎‏الثالث عند اجتماع المرجّحات المذکورة، فالمناط فتوی الثالث، وتشخیص صغریٰ‏‎ ‎‏فتواه بید المقلِّد.‏

‏3 - قد تکرّر فی هذا الکتاب حکم المسألة الواحدة مراراً، ومرّ حکم هذه‏‎ ‎‏المسألة وحقیقة التقلید وآثاره فی المسألة الثامنة.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 145
وإن لم یعلم ما فیها ولم یعمل، فلو مات مجتهده یجوز له البقاء، وإن کان الأحوط‎ ‎مع عدم العلم بل مع عدم العمل ولو کان بعد العلم عدم البقاء والعدول إلی الحیّ‎ ‎بل الأحوط استحباباً - علی وجه - عدم البقاء مطلقاً، ولو کان بعد العلم والعمل.

‏مسألة 63: فی احتیاطات الأعلم إذا لم یکن‏(1) له فتوی یتخیّر المقلّد بین‎ ‎العمل بها وبین الرجوع إلی غیره الأعلم فالأعلم.

‏مسألة 64: الاحتیاط المذکور فی الرسالة إمّا استحبابیّ، وهو ما إذا کان‏‎ ‎‏مسبوقاً أو ملحوقاً بالفتوی، وإمّا وجوبیّ وهو ما لم یکن معه فتوی، ویسمّی‏‎ ‎‏بالاحتیاط المطلق، وفیه یتخیّر‏(2) المقلّد بین العمل به والرجوع إلی مجتهد  آخر،‎ ‎وأمّا القسم الأوّل فلا یجب العمل به، ولا یجوز(3) الرجوع إلی الغیر، بل یتخیّر بین‎ ‎العمل بمقتضی الفتوی وبین العمل به.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - ولم یکن من جهة الاحتیاط فی الإفتاء، ولا من جهة الفحص اللاّزم‏‎ ‎‏علیه، ولا یفتی ببطلان فتویٰ غیره.‏

وبالجملة:‏ یجوز ذلک فی صورة کون فتوی الغیر حجّةً لمقلّده عنده، وهذا فی‏‎ ‎‏موارد لزوم العسر والحرج من الاحتیاط، فإنّه إذا لم یتمکّن من الاحتیاط ولو‏‎ ‎‏بالتجزّی، یجوز له الرجوع.‏

‏وما أشبه هذا الفرع بفرع إرجاع الغیر إلی المیّت وغیره؛ ممّن یفقد شرط‏‎ ‎‏التقلید، أو یشکّ فی واجدیّته له، مع عدم سبقه بالوجدان.‏

‏2 - قد مرّ ما فیه آنفاً.‏

‏3 - إلاّ فی صورة کون فتوی الغیر أحوط، إلاّ أنّ فی صدق «الرجوع إلی‏‎ ‎‏الغیر» إشکالاً کما لا یخفیٰ.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 146
مسألة 65: فی صورة تساوی المجتهدین یتخیّر(1) بین تقلید أیّهما شاء،‎ ‎کما یجوز له التبعیض حتّی فی أحکام العمل الواحد حتّی أنّه لو کان مثلاً فتوی‎ ‎أحدهما وجوب جلسة الاستراحة، واستحباب التثلیث فی التسبیحات الأربع،‎ ‎وفتوی الآخر بالعکس، یجوزأن یقلّد الأوّل فیاستحباب التثلیث، والثانی فی‎ ‎استحباب الجلسة.

‏مسألة 66: لا یخفی أنَّ تشخیص موارد الاحتیاط عسر علی العامی إذ‏‎ ‎‏لا بدّ‏(2) فیه من الاطّلاع التامّ، ومع ذلک قد یتعارض الاحتیاطان فلابدّ من الترجیح،‎ ‎وقد لا یلتفت إلی إشکال المسألة حتّی یحتاط، وقد یکون الاحتیاط فی ترک‎ ‎الاحتیاط، مثلاً: الأحوط ترک الوضوء بالماء المستعمل فی رفع الحدث الأکبر‎ ‎لکن إذا فرض انحصار الماء فیه الأحوط التوضّی به، بل یجب ذلک، بناء علی کون‎ ‎احتیاط الترک استحبابیّاً، والأحوط الجمع بین التوضّی به والتیمُّم، وأیضاً الأحوط‎ ‎التثلیث فی التسبیحات الأربع، لکن إذا کان فی ضیق الوقت، ویلزم من التثلیث‎ ‎وقوع بعض الصلاة خارج الوقت فالأحوط ترک هذا الاحتیاط، أو یلزم ترکه،‎ ‎وکذا التیمُّم بالجصّ خلاف الاحتیاط، لکن إذا لم یکن معه إلاّ هذا فالأحوط التیمم‎ ‎به، وإن کان عنده الطین مثلاً فالأحوط الجمع، وهکذا.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - فیه إشکال قویّ، والقدر المتیقّن فی الصورة المذکورة، جواز الرجوع إلیٰ‏‎ ‎‏واحد منهما، وأمّا إذا استلزم الجمع بینهما العلم بالخلاف، فالمنع واضح، سواء کان فی‏‎ ‎‏عمل واحد أو أکثر، نعم هو فرض بعید.‏

‏وأمّا إذا لم یستلزم العلم بالخلاف، بل کان مخالفاً لمجموع فتاواهما، فالبطلان‏‎ ‎‏غیر معلوم.‏

‏2 - بل لابدّ وأن یکون الاحتیاط عذراً فی صورة التخلّف عن الواقع؛ إذ‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 147
‏         ‏مسألة 67: محلّ التقلید ومورده هو الأحکام الفرعیّة العملیّة، فلا یجری(1)‎ ‎فی أصول الدّین، وفی مسائل أصول الفقه(2)، ولا فی مبادئ الاستنباط(3)

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏لا دلیل شرعاً علیٰ حجّیة الاحتیاط، فالاحتیاط فی ترک الأخذ بالاحتیاط، إلاّ فی‏‎ ‎‏الموارد الّتی یرخّص المجتهد ذلک علی الوجه المقرّر، کما عرفت فی کثیر من المسائل،‏‎ ‎‏وهذا فی الحقیقة تقلید فی الاحتیاط، ویکون تقلیده عذراً وحجّة.‏

مثلاً:‏ ما ذکره مجرّد مثال، وإلاّ ففی الأمثلة مواضع للنظر، یظهر حکمها فی‏‎ ‎‏محالّها.‏

‏1 - بمعنیٰ أنّه لا یجب فی بعض ما یتعلّق باُصول الدین، ککون صفاته تعالیٰ‏‎ ‎‏عینَ ذاته، أو کون الإرادة عینَ فعله تعالیٰ ... وغیر ذلک.‏

‏وأمّا إذا کان الإخبار عن أمثال هذه المسائل، مستنداً إلیٰ رأی مجتهده، فلا‏‎ ‎‏یضرّ بصومه، ولا یکون من النسبة المحرّمة، إذا لم یکن هو ذا نظر علمیّ علیٰ خلافه.‏

‏والمراد من جواز التقلید فیما ذکر، جواز حصول الاعتقاد علیٰ طبق رأی‏‎ ‎‏مجتهده، وعندئذٍ یکون إخباره عن نفس اعتقاده، بل لو کان اعتقاده باُصول الدین‏‎ ‎‏لحسن ظنّه بمجتهده، فلا تبعد صحّته وکفایته وإن لم یعدّ من التقلید لغةً.‏

‏2 - ممّا لا یرتبط بالمسائل العملیّة، وإلاّ فربّما لا یکون التقلید عملاً، کالبقاء‏‎ ‎‏علیٰ تقلید المیّت، أو وجوب تقلید الأعلم، أو التقلید فی التخییر بأخذ کلّ فتوی‏‎ ‎‏یرید، حیّاً کان المجتهد أو میّتاً، فإنّها مسائل تقلیدیّة اُصولیّة غیر عملیّة بنفسها.‏

‏3 - بعد ما کانت حقیقة التقلید هو الاتباع لأهل الخبرة، عملیّاً کان، أو نظریّاً‏‎ ‎‏ینتهی إلیه، ففی جمیع هذه المسائل یکون المجتهد مقلّداً، ولأجل ذلک استشکلنا فی‏‎ ‎‏حجّیة رأی المجتهد الّذی لا یکون ذا نظر اجتهادیّ فی تلک المبادی ء، ویکفی الشک‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 148
من النحو والصرف ونحوهما، ولا فی الموضوعات المستنبطة(1) العرفیّة أو‎ ‎اللُّغویّة ولا فی الموضوعات الصرفة، فلو شکّ المقلّد فی مایع أنّه خمر أو خلّ‎ ‎مثلاً، وقال المجتهد: إنّه خمر، لا یجوز له تقلیده نعم من حیث أنّه مخبر عادل یقبل‎ ‎قوله، کما فی إخبار العامی العادل، وهکذا، وأمّا الموضوعات المستنبطة الشرعیّة‎ ‎کالصلاة والصوم ونحوهما فیجری التقلید فیها کالأحکام العملیّة.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏فیه للشکّ فی حجّیة رأیه، بل للحکم بعد حجّیته فی الأحکام الشرعیّة، وأمّا حکم‏‎ ‎‏العامّی فسیجیء فی التعلیقة الآتیة إن شاء اللّه تعالیٰ.‏

‏1 - المیزان إمکان تصرّف الشرع فی الموضوع، صرفاً کان أو غیره، فإنّه لابدّ‏‎ ‎‏من المراجعة إلی المقلَّد فی تحدید نظریّة الشرع؛ لإمکان إضافة قید أو حذفه بالقیاس‏‎ ‎‏إلی العرف.‏

‏نعم، بعد تحدید الشرع حسب رأی المجتهد، لا یجوز الرجوع إلی المجتهد فی‏‎ ‎‏تشخیص المصداق والصغریٰ، إلاّ بما أنّه عرف وأهل خبرة، أو فی الموضوعات‏‎ ‎‏الصرفة بما أنّه ثقة، ولا تعتبر عدالته هنا.‏

‏فتظهر مواضع النظر فیما أفاده الماتن فی هذه المسألة، فلا فرق بین الماء‏‎ ‎‏والصلاة، فإنّه یجوز أن یکون المطهّر ماءً خاصّاً؛ وهو ماء غیر البحر کما قیل به،‏‎ ‎‏ویجوز أن یکون الواجب عنوان الصلاة العرفیّة، من غیر دخالة الشرع رأساً.‏

‏فعلیٰ کلّ تقدیر: یلزم علی المقلّد الرجوع إلی المجتهد فی فهم القیود الوجودیّة‏‎ ‎‏والعدمیّة، وهکذا فهم کلّ شیء احتمل تدخّل الشرع فیه، وبعدما عرفت ذلک‏‎ ‎‏فالأمر کما اُشیر إلیه.‏

‏وممّا ذکرنا یظهر: أنّ مداخلة أرباب الرسائل العملیّة فی المصادیق، أو بیان‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 149
‏         ‏مسألة 68: لا یعتبر الأعلمیّة فیما أمره راجع إلی المجتهد، إلاّ فی التقلید،‎ ‎وأمّا الولایة علی الأیتام والمجانین والأوقاف الّتی لا متولّی لها، والوصایا الّتی لا‎ ‎وصیّ لها ونحو ذلک فلا یعتبر فیها الأعلمیّة(1). نعم الأحوط(2) فی القاضی أن‎ ‎یکون أعلم مَن فی ذلک البلد، أو فی غیره ممّا لا حرج فی الترافع إلیه.

‏مسألة 69: إذا تبدّل رأی المجتهد هل یجب علیه إعلام المقلّدین أم لا؟ فیه‏‎ ‎‏تفصیل: فإن کانت الفتوی السابقة موافقة للاحتیاط فالظاهر عدم الوجوب، وإن‏‎ ‎‏کانت مخالفة فالأحوط الإعلام، بل لا یخلو عن قوّة‏(3).

مسألة 70: لا یجوز للمقلّد إجراء إصالة البراءة، أو الطهارة، أو‎ ‎الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة، وأمّا فی الشبهات الموضوعیّة فیجوز بعد أن‎ ‎قلّد مجتهده فی حجّـیَّتها، مثلاً إذا شکّ فی أنّ عرق الجنب من الحرام نجس أم لا،‎ ‎لیس له إجراء أصل الطهارة، لکن فی أنّ هذا الماء أو غیره لاقته النجاسة أم لا،‎ ‎یجوز له إجراؤها(4) بعد أن قلّد المجتهد فی جواز الإجراء.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏المفاهیم الّتی لم یتدخّل الشرع فیها، غیر صحیحة، بل غیر جائزة احتمالاً؛ نظراً إلیٰ أنّ‏‎ ‎‏المقلّد ربّما یکون تشخیصه علیٰ خلاف تحدید المجتهد، ویظنّ لزوم اتباع نظره فیهلک،‏‎ ‎‏فتصدّی أرباب الرسائل لتعریف الماء أو الماء المضاف - بعدما لم یتدخّل الشرع فیه‏‎ ‎‏مثلاً، وأمثال ذلک - خارج عن وظیفتهم، وخلاف الاحتیاط.‏

‏1 - إمّا أن تعتبر الأعلمیّة، أو لا یعتبر الاجتهاد، والمسأله تطلب من محلّها.‏

‏2 - تفصیل المسألة یطلب من کتاب القضاء.‏

‏3 - مرّ الکلام حوله فی الثامنة والأربعین وغیرها.‏

‏4 - لا معنیٰ لذلک إلاّ المعاملة مع المشکوک معاملة الطهارة،  بعد ما أفتیٰ‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 150
‏         ‏مسألة 71: المجتهد الغیر العادل أومجهول الحال لا یجوز تقلیده، وإن کان‎ ‎موثوقاً به فی فتواه ولکن فتاواه معتبرة(1) لعمل نفسه، وکذا لا ینفذ حکمه(2) ولا‎ ‎تصرّفاته فی الاُمور العامّة، ولا ولایة له فی الأوقاف والوصایا وأموال القصّر‎ ‎والغیّب.

‏مسألة 72: الظنّ بکون فتوی المجتهد کذا لا یکفی فی جواز العمل، إلاّ إذا‏‎ ‎‏کان‏(3) حاصلاً من ظاهر لفظه شفاهاً، أو لفظ الناقل، أو من ألفاظه فی رسالته،‎ ‎والحاصل أن الظنّ لیس حجّة، إلاّ إذا کان حاصلاً من ظواهر الألفاظ منه، أو من‎ ‎الناقل.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏بذلک‏ ‏مجتهده.‏

‏1 - وفی اعتبارها إذا صار عادلاً بالنسبة إلی الغیر، محلّ کلام ووجه بعید وإن‏‎ ‎‏قیل به.‏

‏2 - قد اُشیر إلیه آنفاً، والمسألة تطلب من محالّها.‏

‏3 - لا معنیٰ لهذا الاستثناء؛ لأنّ الظنّ الشخصیّ - علی الإطلاق - لیس حجّة،‏‎ ‎‏وإذا سمع من المجتهد أو ناقله الثقة، یکون الظاهر حجّة وإن لم یفد الظنّ.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 151

‎ ‎

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 152

  • )) وسائل الشیعة 27: 20، کتاب القضاء، أبواب صفات القاضی.