فصل فی المیاه
الماء إمّا مطلق، أو مضاف، کالمعتصر من الأجسام، أو الممتزج(1) بغیره ممّا یخرجه عن صدق اسم الماء، والمطلق أقسام: الجاری، والنابع غیر الجاری، والبئر، والمطر، والکر، والقلیل، وکلّ واحد(2) منها مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر مطهّر من الحدث والخبث.
مسألة 1: الماء المضاف مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر، لکنّه غیر مطهّر من الحدث ولا من الخبث، ولو فی حال الاضطرار، وإن لاقی نجساً تنجّس، وإن کان کثیراً، بل وإن کان مقدار ألف کرّ، فإنّه ینجس بمجرّد ملاقاة النجاسة، ولو بمقدار رأس إبرة فی أحد أطرافه فینجس کلّه(3)، نعم إذا کان جاریاً من العالی إلی السافل(4)، ولاقی سافله النجاسة لا ینجس العالی منه، کما إذا صبّ الجلاّب من إبریق علی ید کافر فلا ینجس ما فی الإبریق(5)، وإن کان متّصلاً بما فی یده.
------------------------------------------------------------------------------------------
فصل: فی المیاه
1 - وفی حکمه سائر المائعات، والأولی العدول عن هذا التقسیم.
2 - لا تخلو العبارة عن الإشکال، ومثله التقسیم الثانی.
3 - مشکل بل ممنوع، ولا یبعد عدم نجاسة جانب الملاقاة أیضاً.
4 - أو بالعکس مع دفع وقوّة، بل فی الجاری علی السطح المستوی أیضاً؛ بالنسبة إلیٰ ما فوق موضع الملاقاة، خصوصاً إذا کان بعیداً.
5 - ولا ما فی العمود المتّصل بالنجس، إلاّ الجزء الملاقی.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 155
مسألة 2: الماء المطلق لا یخرج(1) بالتصعید عن إطلاقه نعم لو مزج معه غیره وصعّد کماء الورد یصیر مضافاً(2).
مسألة 3: المضاف المصعّد مضاف(3).
مسألة 4: المطلق أو المضاف النجس یطهر(4) بالتصعید لاستحالته بخاراً، ثمّ ماء.
مسألة 5: إذا شکّ فی مایع أنّه مضاف أو مطلق فإن علم حالته السابقة أخذ بها(5)، وإلاّ فلا یحکم علیه بالاطلاق، ولا بالإضافة، لکن لا یرفع الحدث والخبث، وینجس بملاقاة النجاسة إن کان قلیلاً، وإن کان بقدر الکرّ لا ینجس لاحتمال کونه مطلقاً، والأصل الطهارة.
مسألة 6: المضاف النجس یطهر بالتصعید کما مرّ(6)، وبالاستهلاک فی الکرّ أو الجاری(7).
------------------------------------------------------------------------------------------
1 - فی إطلاقه تأمّل؛ لأنّه قد یتّفق صدق «العرق» علیه، کعرق الحیوانات والإنسان.
2 - فی بعض الأحیان والصور.
3 - لا وجه لإطلاقه.
4 - مشکل؛ لصدق «العود» عرفاً، خصوصاً فی فرض عوده بوصفه.
5 - علیٰ إشکال؛ فإنّ الإضافة والإطلاق من الأوصاف المنوّعة، فلا یحرز موضوع الاستصحاب، هذا فی الشبهة الموضوعیّة، وفی الشبهة الحکمیّة تفصیل لا یسعه المقام.
6 - مرّ الکلام فیه.
7 - أو غیره من المیاه المعتصمة.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 156
مسألة 7: إذا ألقی المضاف النجس فی الکرّ فخرج عن الإطلاق إلی الإضافة تنجّس إن صار مضافاً قبل الاستهلاک(1)، وإن حصل الاستهلاک والإضافة دفعة(2) لا یخلو الحکم بعدم تنجّسه عن وجه، لکنّه مشکل.
مسألة 8: إذا انحصر الماء فی مضاف مخلوط بالطین ففی سعة الوقت یجب علیه أن یصبر حتّی یصفو ویصیر الطین إلی الأسفل، ثمّ یتوضّأ علی الأحوط، وفی ضیق الوقت یتیمّم لصدق(3) الوجدان مع السعة دون الضیق.
مسألة 9: الماء المطلق بأقسامه حتّیٰ الجاری منه ینجس(4) إذا تغیّر بالنجاسة فی أحد أوصافه الثلاثة: من الطعم والرائحة، واللّون بشرط أن یکون ------------------------------------------------------------------------------------------
1 - أی قبل استهلاک مجموع المتنجّس؛ بأن صار مضافاً ببعض المستهلک.
2 - بأن یکون الاستهلاک علّة الإضافة، فیکون هو وهی متّحدین فی الزمان، ومختلفین فی الرتبة.
أو تکون الإضافة معلولة للأمر الآخر، فحیئنذٍ یکون المستهلَک فیه غیر قابل للتطهیر، والمستهلِک غیر قابل للتنجیس، فالمضاف الموجود لا یحکم علیه بالنجاسة؛ لانعدام موضوع النجس، ولکنّه لو رجعت تلک الأجزاء لا تکون طاهرة؛ لعدم ملاقاتها مع المطهِّر المتمکّن من إیراث الطهارة فیها.
3 - لا یخفیٰ ما فیه؛ فإنّ ما هو الموضوع فی المسألة ما یراه العرف، وهو جزؤه المائیّ، فهو واجد للماء، ولکنّه یتعذّر علیه استعماله، والقول: بعدم جواز البدار هنا، لا ینافی القول: بجوازه فی کتاب التیمّم؛ لاختلاف الفرضین.
4 - علی الأحوط، ولا یبعد لحقوق بعض الأوصاف الاُخر بالثلاثة فی التنجّس، وعلی هذا یظهر أنّ الحکم فی فروع المسألة، مبنیّ عندی علی الاحتیاط.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 157
بملاقاة(1) النجاسة، فلا یتنجّس إذا کان بالمجاورة کما إذا وقعت میتة قریباً من الماء فصار جائفاً، وأن یکون التغیّر بأوصاف(2) النجاسة دون أوصاف المتنجّس فلو وقع فیه دبس نجس فصار أحمر أو أصفر لا ینجس إلاّ إذا صیَّره مضافاً، نعم لا یعتبر أن یکون بوقوع عین النجس فیه بل لو وقع فیه متنجِّس(3) حامل لأوصاف النجس فغیّره بوصف النجس تنجَّس أیضاً، وأن یکون التغییر حسِّیاً فالتقدیریّ لا یضرُّ، فلو کان لون الماء أحمر أو أصفر فوقع فیه مقدار من الدم کان یغیّره لو لم یکن کذلک لم ینجس، وکذا إذا صبّ فیه بول کثیر لا لون له بحیث لو کان له لون غیّره، وکذا لو کان جائفاً فوقع فیه میتة کانت تغیّره لو لم یکن جائفاً وهکذا، ففی هذه الصور ما لم یخرج عن صدق الإطلاق محکوم بالطهارة علی الأقوی(4).
------------------------------------------------------------------------------------------
1 - الأقویٰ عدم الفرق بین الملاقاة والمجاورة.
2 - النجاسة الملاقیة، هذا هو القدر المسلّم، ولا یبعد جریان حکم النجاسة فیما تغیّر بالنجس فی الوصف الأجنبیّ عن النجاسات، بعد کونه موجباً لتنفّر الطباع واستقذارها منه، وبعد کونه مستنداً إلی النجس علی الأحوط.
3 - أومتلوّث بریحه، فلایشرط کونه متنجّساً، کما لایشترط کونه واقعاً فی الماء کما مضیٰ، نعم هو أحوط، کلّ ذلک إذا صدق علیه «أنّه تغیّر بریح النجس» أو «لونه».
4 - والأحوط الاجتناب عن الماء الکثیر المتغیّر لونه وریحه وطعمه - ولو من قبل نفسه - إذا لاقاه النجس؛ لأنّ من المحتمل قویّاً استفادة أنّه فی هذه الصور، یزول وصف العصمة عن المیاه المتغیّرة، ویکون قابلاً للانفعال.
هذا فی مثل المثال الأخیر، ولیس مطلق التغیّر موجباً لزوال العصمة، ومن التقدیریّ ما یأتی فی المسألة السابعة عشرة، فالصور أکثر.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 158
مسألة 10: لو تغیّر الماء بما عدا الأوصاف المذکورة من أوصاف النجاسة مثل الحرارة والبرودة والرقّة والغلظة والخفّة والثقل لم ینجس(1) ما لم یصر مضافاً.
مسألة 11: لا یعتبر فی تنجّسه أن یکون التغیّر بوصف النجس بعینه، فلو حدث فیه لون أو طعم أو ریح غیر ما بالنجس، کما لو اصفرَّ الماء مثلاً بوقوع الدم تنجّس(2)، وکذا لو حدث فیه بوقوع البول أو العذرة رائحة اُخری غیر رائحتهما فالمناط تغیّر أحد الأوصاف(3) المذکورة بسبب النجاسة، وإن کان من غیر سنخ وصف النجس.
مسألة 12: لا فرق، بین زوال الوصف الأصلیّ للماء أو العارضیّ، فلو کان الماء أحمر أو أسود لعارض فوقع فیه البول حتّی صار أبیض(4) تنجس، وکذا إذا زال طعمه العرضیّ أو ریحه العرضیّ.
------------------------------------------------------------------------------------------
1 - محلّ إشکال فی الحرارة والغلظة والثقل، وفی کون الأخیرین مختلفین نوع خفاء، وهکذا الأوّلان من الأخیرین.
2 - ولاسیّما إذا کان وصفاً لنجاسة اُخریٰ، وخصوصاً إذا کان موجباً لتنفّر الطباع، ولو حدث وصف مطلوب وملائم للطباع، فالظاهر عدم نجاسته.
3 - واحتمال شرطیّة صدق «غلبة النجاسة» وهی لا تحصل إلاّ فیما اختلفا فی الوصف، قریب، أو کان یعدّ وصفه وصفاً للنجاسة عرفاً، کالصفرة بالنسبة إلی الجیفة.
4 - إذا کان البیاض حاصلاً من لون البول، وأمّا نفس زوال الوصف فهو غیر کافٍ.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 159
مسألة 13: لو تغیّر طرف من الحوض مثلاً تنجّس، فإن کان الباقی أقلّ من الکرّ تنجّس الجمیع، وإن کان بقدر الکرّ بقی علی الطهارة، وإذا زال تغیّر ذلک البعض طهر الجمیع(1)، ولو لم یحصل الإمتزاج علی الأقوی.
مسألة 14: إذا وقع النجس فی الماء فلم یتغیّر ثم تغیَّر بعد مدّة فإن علم استناده إلی ذلک النجس تنجّس، وإلاّ فلا.
مسألة 15: إذا وقعت المیتة خارج الماء ووقع جزء منها فی الماء وتغیّر بسبب المجموع من الداخل والخارج تنجّس بخلاف ما إذا کان تمامها خارج الماء.
مسألة 16: إذا شکّ فی التغیّر وعدمه أو فی کونه للمجاورة(2) أو بالملاقاة، أو کونه بالنجاسة أو بطاهر لم یحکم بالنجاسة.
مسألة 17: إذا وقع فی الماء دم وشیء طاهر أحمر فاحمرّ بالمجموع لم یحکم بنجاسته.
مسألة 18: الماء المتغیّر إذا زال تغیّره بنفسه من غیر اتّصاله بالکرّ أو الجاری لم یطهر(3)، نعم الجاری والنابع إذا زال تغیّره بنفسه طهر، لاتّصاله بالمادّة، وکذا البعض من الحوض إذا کان الباقی بقدر الکرّ کما مرّ.
------------------------------------------------------------------------------------------
نعم، إذا کان یعدّ رجوع الوصف الزائل الطبیعیّ، من الوصف الحادث المستند إلی النجاسة، فالأحوط الاجتناب.
1 - سیأتی حکم المسألة من ذی قبل.
2 - بل الأحوط الاجتناب کما مرّ.
3 - علی الأحوط، ولا تبعد طهارته، وطریق الاحتیاط هو الاستهلاک، ولا ینبغی ترکه جدّاً.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 160
(فصل): الماء الجاری وهو(1) النابع السائل علی وجه الأرض فوقها أو تحتها کالقنوات لا ینجس بملاقاة النجس ما لم یتغیّر، سواء کان کرّاً أو أقلَّ(2)، وسواء کان بالفوران أو بنحو الرشح(3)، ومثله کلّ نابع وإن کان واقفاً.
مسألة 1: الجاری علی الأرض من غیر مادّة نابعة أو راشحة(4) إذا لم یکن کرّاً ینجس بالملاقاة، نعم إذا کان جاریاً من الأعلی(5) إلی الأسفل لا ینجس أعلاه بملاقاة الأسفل للنجاسة، وإن کان قلیلاً.
مسألة 2: إذا شکّ فی أنَّ له مادّة أم لا وکان قلیلاً ینجس(6) بالملاقاة.
------------------------------------------------------------------------------------------
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 161