فصل
فی کیفیة تنجّس المتنجسات
یشترط فی تنجّس الملاقی للنجس أو المتنجّس(1) أن یکون فیهما أو فی أحدهما رطوبة مسریة(2)، فإذا کانا جافّین لم ینجس، وإن کان ملاقیاً للمیتة، لکن الأحوط غسل ملاقی میّت الإنسان قبل الغسل، وإن کانا جافّین. وکذا لا ینجس إذا کان فیهما أو فی أحدهما رطوبة غیر مسریة، ثم إن کان الملاقی للنجس أو المتنجّس مائعاً تنجّس کلّه
------------------------------------------------------------------------------------------
فصل: فی کیفیة تنجّس المتنجّسات
1 - یأتی تفصیله، فإنّ إطلاقه ممنوع.
2 - لا حاجة إلی الإسراء ولا معنیٰ له، وإلاّ یلزم أن تکون السرایة زمانیّة، فیلزم أن تتنجّس المائعات آناً فآناً، ففی الطرف الملاقی یتنجّس فوراً، وفی الطرف الآخر فی الزمان المتأخّر، فیکون ملاقیه طاهراً لو کان قبل السرایة، ولاسیّما فی المائعات الغلیظة، أو الماء القلیل البعید الأطراف.
ثمّ إنّه تأتی کفایة الرطوبة وإن لم یکن ماء.
نعم، فی صدقها بالنسبة إلی مطلق المائع تردّد، فلو کان الملاقی متلطّخاً بالنفط أو الحدید المذاب، ففی تنجّسه إشکال، ولو کان النفط یتنجّس بلا رطوبة الملاقی، کما یکون البول والدم والمنیّ، موجبةً لتنجّس ملاقیها وإن لم یکن رطباً؛ لصدق
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 221
کالماء القلیل(1) المطلق والمضاف(2) مطلقاً، والدهن المایع ونحوه من المایعات(3).
نعم لا ینجس العالی بملاقاة السافل إذا کان جاریاً من العالی، بل لا ینجس السافل بملاقاة العالی إذا کان جاریاً من السافل کالفوّارة من غیر فرق فی ذلک بین الماء وغیره من المایعات، وإن کان الملاقی جامداً اختصّت النجاسة بموضع الملاقاة، سواء کان یابساً کالثوب الیابس إذا لاقت النجاسة جزءاً منه، أو رطباً کما فی الثوب المرطوب، أو الأرض المرطوبة، فإنّه إذا وصلت النجاسة إلی جزء الأرض أو الثوب لا یتنجّس ما یتّصل به وإن کان فیه رطوبة مسریة(4)، بل النجاسة مختصّة بموضع الملاقاة، ومن هذا القبیل الدهن والدبس الجامدین، نعم لو انفصل ذلک الجزء المجاور ثم اتّصل تنجّس موضع(5) الملاقاة منه،
------------------------------------------------------------------------------------------
«الرطوبة» واتصاف هذه الاُمور بـ «الرطب» و «الیابس».
1 - فی إطلاقه تأمّل، فلو کان اُنبوب بین النجف وکربلاء المقدّستین، وفیه الماء القلیل، فالنجاسة محلّ منع إذا کان أحد الطرفین ملاقیاً للنجس، ولا یترک الاحتیاط.
2 - قد مرّت هذه المسائل فی فصول المیاه، وقد تکرّرت فی هذا الکتاب مسائل فلا تغفل.
3 - إطلاقه منافٍ لما یأتی فی المسألة الثامنة.
4 - هذا خلاف القول: بتنجیس المتنجّس علیٰ إطلاقه، نعم لنا منع ذلک من هذه الجهة.
5 - بشرط وجود الرطوبة، وما أفاده من التفصیل ضعیف جدّاً، بل المدار علیٰ
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 222
فالاتّصال قبل الملاقاة لا یؤثّر فی النجاسة والسرایة، بخلاف الاتّصال بعد الملاقاة، وعلی ما ذکر فالبطِّیخ(1) والخیار ونحوهما ممّا فیه رطوبة مسریة إذا لاقت النجاسة جزءاً منها لا تتنجّس البقیّة، بل یکفی غسل موضع الملاقاة إلاّ إذا انفصل بعد الملاقاة ثمّ اتّصل.
مسألة 1: إذا شکّ فی رطوبة أحد المتلاقیین أو علم وجودها وشکّ فی سرایتها(2) لم یحکم بالنجاسة، وأمّا إذا علم سبق وجود المسریة وشکّ فی بقائها فالأحوط(3) الاجتناب، وإن کان الحکم بعدم النجاسة لا یخلو عن وجه.
مسألة 2: الذباب الواقع علی النجس الرطب إذا وقع علی ثوب أو بدن شخص وإن کان فیهما رطوبة مسریة لا یحکم بنجاسته، إذا لم یعلم مصاحبته لعین ------------------------------------------------------------------------------------------
تنجیس المتنجّس علی الإطلاق وعدمه؛ بشرط وجود الرطوبة اللاّزمة، وهذا الأمرر بّما یقع فی زمان طویل بناءً علی السرایة.
وأمّا بناءً علیٰ أنّ الشرع اعتبر الملاقی الرطب للنجس نجساً - کما هو الأشبه ـ فلا یقع التنجّس فی الزمان، ولا فی الآن، ولأجل ذلک یقرب القول: بتنجّس الدم بوقوع البول فیه، بناءً علیٰ وجوب التعدّد فی ملاقی المتنجّس بالبول، بل وإن لم نقل به، ولکن قلنا: بعدم العفو عن مثله فی الصلاة.
1 - إطلاقه ینافی قوله بنجاسة الوحل فی المسألة الثالثة.
2 - لا أساس لشرطیّة السرایة، بل المدار علی الملاقاة؛ بشرط رطوبة الملاقی أو الملاقیٰ، فلا معنیٰ للشکّ فیها بعد وجود الرطوبة العرفیّة.
3 - وهو الأشبه فی مورد الشکّ فی بقاء الرطوبة، ومرّ أنّه لا أساس للسرایة، فضلاً عن الشکّ فیها.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 223
النجس، ومجرّد وقوعه لا یستلزم نجاسة رجله، لاحتمال(1) کونها ممّا لا تقبلها، وعلی فرضه فزوال العین یکفی فی طهارة الحیوانات.
مسألة 3: إذا وقع بعر الفأر فی الدهن أو الدبس الجامدین یکفی إلقاؤه وإلقاء ما حوله(2)، ولا یجب الاجتناب عن البقیّة، وکذا إذا مشی الکلب علی الطین(3)، فإنّه لا یحکم بنجاسة غیر موضع رجله، إلاّ إذا کان وحلاً(4)، والمناط فی الجمود والمیعان أنّه لو اُخذ منه شیء فإن بقی مکانه خالیاً حین الأخذ - وإن امتلأ بعد ذلک - فهو جامد، وإن لم یبق خالیاً أصلاً فهو مایع.
مسألة 4: إذا لاقت النجاسة جزءاً من البدن المتعرّق لا یسری(5) إلی سائر أجزائه إلاّ مع جریان العرق.
------------------------------------------------------------------------------------------
1 - لا أساس لذلک، نعم لا یبعد اقتضاء السیرة، استثناءَ مثل هذه الاُمور من الأدلّة بعد کثرة الابتلاء، هذا بالنسبة إلیٰ رجله.
ولو وقع جسده فی البول مثلاً، فیوجب نجاسة ملاقیه، ولا یکفی زوال العین فی مثله.
2 - علی الأحوط حتّیٰ بالنسبة إلی الملاقی، ولا یجوز التبذیر فی موردهما.
3 - إذا کان رطباً عرفاً؛ لمکان تأثیره لأمر آخر غیر رطوبة الطین.
4 - لا أساس له، بل المدار علی الرطب العرفیّ، وما اُفید من المیزان فی المتن، أو فی بعض الأخبار: من الغلظة والرقّة، فالکلّ یرجع إلی الرطوبة الّتی هی شرط نجاسة الطاهر الملاقی للنجس.
5 - قد مرّ أنّ المناط علیٰ منجّسیة المتنجّس علی الإطلاق، بعد کون مجموع الجسم رطباً عرفاً.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 224
مسألة 5: إذا وضع إبریق مملوّ ماء علی الأرض النجسة، وکان فی أسفله ثقب یخرج منه الماء، فإن کان لا یقف تحته بل ینفذ فی الأرض أو یجری علیها فلا یتنجّس(1) ما فی الإبریق من الماء، وإن وقف الماء بحیث یصدق اتّحاده مع ما فی الإبریق بسبب الثقب تنجّس، وهکذا الکوز والکأس والحبّ ونحوها.
مسألة 6: إذا خرج من أنفه نخاعة غلیظة وکان علیها نقطة من الدم لم یحکم بنجاسة ما عدا محلّه(2) من سائر أجزائها، فإذا شکّ فی ملاقاة تلک النقطة لظاهر الأنف لا یجب غسله،
------------------------------------------------------------------------------------------
1 - لا یجوز للفقیه التصرّف فی تشخیص الموضوعات، بل علیه توضیح المدار والمناط، وقد عرفت أنّه فی مثل الأجسام غیر المائعة لابدّ من وجود رطوبة فی تنجّسها، ولا یتنجّس إلاّ موضع الرطوبة.
وفی المائعات السوائل الّتی تشبه المیاه المضافة، تتنجّس - بمجرّد الملاقاة ـ کلُّها.
والمدار بعد ذلک علیٰ وحدة المائع الملاقی، وقد مرّ فی موارد الشکّ فی الوحدة العرفیّة، ممنوعیّة النجاسة حتّیٰ فی المیاه القلیلة، إلاّ علی القول: بمنجّسیة المتنجّس علی الإطلاق.
2 - هذا ینافی قوله بنجاسة المائعات، وقد مرّ فی کلامه أنّ المدار علی الجمود والمیعان، لا الغلظة والرقّة، خلافاً لما فی صحیح معاویة، ووفاقاً لما فی صحیح
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 225
وکذا(1) الحال فی البلغم الخارج من الحلق.
مسألة 7: الثوب أو الفراش الملطّخ بالتراب النجس یکفیه نفضه، ولا یجب غسله، ولا یضرّ احتمال بقاء شیء منه بعد العلم بزوال القدر المتیقّن(2).
مسألة 8: لا یکفی مجرّد المیعان فی التنجّس، بل یعتبر أن یکون ممّا یقبل ------------------------------------------------------------------------------------------
زرارة وغیره، وخلافاً للتحقیق المذکور فی جملة من الأخبار کما عرفت.
وتشبه النخاعة الغلیظة المائع الأبیض فی البیض، ولو أشکل الأمر فی مقدار یسیر من هذه الاُمور، فیشکل فی الکثیر منها.
1 - أی بالنسبة إلی الفم، وربّما تختلف النخاعة والبلغم من حیث الغلظة والرقّة، ویستظهر من روایات الدهن وفتوی الماتن فی تنجّس المائعات، نجاسةُ أمثال هذه المائعات أیضاً؛ لأقربیّتها إلی المیعان من الدهن والنفط، وهکذا ما فی البیض، نعم فی خصوص الدم إشکال مرّ.
2 - بعد فرض کون التراب نجساً، لا معنیٰ لفرض القدر المتیقّن، ولاسیّما مع قوله: «ولا یضرّ احتمال بقاء شیء منه» فإنّ ضمیره یرجع إلی التراب النجس.
وربّما یستصحب کون الفراش نجساً؛ لعدم اعتباره عرضیّة مبدأ المشتقّات عرفاً، بل لو کان قبل النفض حاملاً ذلک الثوب، وفیه عین النجاسة الیابسة أو المتنجّس الیابس، وشکّ فی بقائها، فالأشبه جریان حکم المحمول علیه.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 226
التأ ثّر، وبعبارة اُخری یعتبر وجود الرطوبة فی أحد المتلاقیین، فالزیبق إذا وضع فی ظرف نجس لا رطوبة له لا ینجس، وإن کان مایعاً، وکذا إذا اُذیب الذهب أو غیره من الفلزّات فی بوطقة نجسة أو صبّ بعد الذوب فی ظرف نجس لا ینجس، إلاّ مع رطوبة الظرف(1)، أو وصول رطوبة نجسة إلیه من الخارج.
مسألة 9: المتنجّس(2) لا یتنجّس ثانیاً ولو بنجاسة اُخری لکن إذا اختلف حکمهما یرتّب کلاهما، فلو کان لملاقی البول حکم ولملاقی العَذرَة حکم آخر یجب ترتیبهما معاً، ولذا لو لاقی الثوب دم ثمّ لاقاه البول یجب غسله مرّتین، وإن لم یتنجّس بالبول(3) بعد تنجّسه بالدم وقلنا بکفایة المرّة فی الدم، ------------------------------------------------------------------------------------------
1 - ولازمه نجاسة جانب خاصّ بمقدار یسیر من الشیء المذاب.
وبالجملة: القول بنجاسة الدهن المائع والعسل وغیرهما، یلازم القول: بنجاسة کلّ المائعات عرفاً، ولا تعتبر السرایة، وإلاّ ففی مثل الدهن ممنوع، مع أنّ مقتضی النصّ نجاسته.
2 - المتنجّس لا ینجس بفرد آخر، بل تشتدّ نجاسته اعتباراً.
وأمّا الدم والمنیّ والأعیان النجسة، فلا تنجس بملاقاة البول، کما أنّ الأعیان النجسة لا تنجس بملاقاة نفسها، فلا یتنجّس بدن الکافر بملاقاة یده الرطبة.
وعلیٰ ما ذکرنا، یثبت الحکم الآخرمع وجود موضوعه؛ وهی النجاسة الشدیدة الاعتباریّة بها، کما فی الموثّق: «إنّ ناصبنا أهلَ البیت أنجسُ من الکلب».
3 - هذا خلاف التحقیق؛ لأنّه لا یتنجّس بفرد آخر من النجاسة بعد ما
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 227
وکذا إذا کان فی إناء ماء نجس(1) ثمَّ ولغ فیه الکلب یجب تعفیره، وإن لم یتنجّس بالولوغ، ویحتمل(2) أن یکون للنجاسة مراتب فی الشدّة والضعف، وعلیه فیکون کلّ منهما مؤثّراً ولا إشکال.
مسألة 10: إذا تنجّس الثوب مثلاً بالدم ممّا یکفی فیه غسله مرّة وشکّ فی ملاقاته للبول أیضاً ممّا یحتاج إلی التعدّد یکتفی فیه بالمرّة، ویبنی علی عدم ملاقاته للبول، وکذا إذا علم نجاسة إناء وشکّ فی أنّه ولغ فیه الکلب أیضاً أم لا، لا یجب فیه التعفیر، ویبنی علی عدم تحقُّق الولوغ، نعم لو علم(3) تنجّسه إمّا بالبول أو الدم أو إمّا بالولوغ أو بغیره یجب إجراء حکم الأشدّ من التعدّد فی البول والتعفیر فی الولوغ.
------------------------------------------------------------------------------------------
عرفت من اعتبار الاشتداد.
1 - بل ولو کان بولاً.
2 - قد عرفت قوّته جدّاً، إلاّ أنّه لیس مثل الاشتداد فی الوجود والنور، بل هو اعتبار الشدّة، فیسقط قوله رحمه اللّه : «فیکون کلّ منهما مؤثّراً».
3 - لا وجه للتفصیل بین الصور؛ لجریان استصحاب نفی الفرد لسلب حکمه، وجریان استصحاب النجاسة لترتیب آثارها - بما هی نجاسة - من فساد الصلاة، والحمل فیها، وغیر ذلک، وکلّ ذلک لانحلال العلم الإجمالیّ بالأخفّ، ونفی الأشدّ بالاستصحاب، وربّما لا حاجة إلیه.
ووجه الانحلال ما عرفت: من اعتبار الاشتداد والتضعّف فی خصوص النجاسة، مع جریان استصحاب کلّی النجاسة عرفاً؛ بالنسبة إلیٰ آثارها المترتّبة علیها بعنوانها.
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 228
(فصل): إذا صلّی فی النجس فإن کان عن علم وعمد بطلت صلاته، وکذا إذا کان عن جهل(1) بالنجاسة من حیث الحکم بأن لم یعلم أنّ الشیء الفلانی مثل عرق الجنب من الحرام نجس، أو عن جهل بشرطیّة الطهارة للصلاة، وأمّا إذا کان جاهلاً بالموضوع بأن لم یعلم أنّ ثوبه أو بدنه لاقی البول مثلاً فإن لم یلتفت أصلاً أو التفت بعد الفراغ من الصلاة صحّت صلاته، ولا یجب علیه القضاء، بل ولا الإعادة فی الوقت، وإن کان أحوط(2)، وإن التفت فی أثناء الصلاة، فإن علم سبقها وأنّ بعض صلاته وقع مع النجاسة بطلت مع سعة الوقت(3) للإعادة،
------------------------------------------------------------------------------------------
کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 229