کتاب الصوم

السابع: الارتماس

‏«السابع»: الارتماس‏(1) فی الماء ویکفی فیه رمس الرأس فیه، وإن کان‎ ‎سائر البدن خارجاً عنه من غیر فرق بین أن یکون رمسه دفعة أو تدریجاً علی وجه‎ ‎یکون تمامه تحت الماء زماناً(2)، وأمّا لو غمسه علی التعاقب لا علی هذا الوجه‎ ‎فلا بأس به وإن استغرقه، والمراد بالرأس ما فوق الرقبة(3) بتمامه، فلا یکفی غمس‎ ‎خصوص المنافذ فی البطلان، وإن کان هو الأحوط، وخروج الشعر لا ینافی صدق‎ ‎الغمس.

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - علی الأحوط، وإن کان الأقویٰ أنّه لا یورث إلاّ منقصةً فی الصوم‏‎ ‎‏وموجباً لقلّة الأجر والثواب، فلا یکون محرّماً، ولا مکروهاً نفسیّاً، فعلیه تسقط‏‎ ‎‏جمیع الفروع المترتّبة علیه.‏

‏إلاّ أنّ الإشارة إلیٰ نقاط الخلل فیها لمن یرید الاحتیاط؛ فانّه حسن جدّاً، ولا‏‎ ‎‏أرتضی ترکه قطعاً.‏

‏2 - لا اعتبار به، بل المنهیّ هو المعنی المصدریّ الحاصل آناً ما بالجزء الأخیر‏‎ ‎‏الّذی یتوقّف علیه صدق «الارتماس».‏

‏3 - فعلیٰ هذا یصدق «الرأس» علی البعض والکلّ، کسائر ألفاظ الأجناس،‏‎ ‎‏فالارتماس إذا کان ببعض الرأس، یکون بالرأس حسب التحقیق، فالاحتیاط قویّ‏‎ ‎‏فی هذه الصورة، ولاسیّما إذا کان معظم الرأس فی الماء.‏

‏وهذا یشهد علیٰ فساد ما ذکروه؛ ضرورة أنّ جزءً من أجزاء الرأس إذا کان‏‎ ‎‏خارجاً، یکفی للبطلان، مع أنّهم - حسب إطلاق کلماتهم - غیر ملتزمین به.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 273
مسألة 30: لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن فی غیر الماء من سائر‎ ‎المایعات، بل ولا رمسه فی الماء المضاف(1) وإن کان الأحوط الاجتناب خصوصاً‎ ‎فی الماء المضاف.

‏مسألة 31: لو لطخ رأسه‏(2) بما یمنع من وصول الماء إلیه ثمّ رمسه فی‎ ‎الماء فالأحوط بل الأقوی بطلان صومه، نعم لو أدخل رأسه فی إناء کالشیشة‎ ‎ونحوها ورمس الإناء فی الماء فالظاهر عدم البطلان.

‏مسألة 32: لو ارتمس فی الماء بتمام بدنه إلی منافذ رأسه وکان ما فوق‏‎ ‎‏المنافذ من رأسه خارجاً عن الماء کلاًّ أو بعضاً لم یبطل صومه علی الأقوی، وإن‏‎ ‎‏کان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ کما مرَّ.‏

‏مسألة 33: لا بأس بإفاضة الماء علی رأسه، وإن اشتمل علی جمیعه ما لم‏‎ ‎‏یصدق الرمس فی الماء، نعم لو أَدخل رأسه أو تمام بدنه فی النهر المنصبّ من عال‏‎ ‎‏إلی السافل ولو علی وجه التسنیم فالظاهر البطلان لصدق الرمس، وکذا‏‎ ‎‏فی المیزاب إذا کان کبیراً وکان الماء کثیراً کالنهر مثلاً.‏

‏مسألة 34: فی ذی الرأسین إذا تمیّز الأصلیّ منهما فالمدار علیه‏(3)،

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - بل ولا رمسه فی بعض أقسام الماء المطلق، کالماء الفائر.‏

‏2 - قد تحرّر أنّ تدخّل الفقهاء فی تشخیص الصغریات والمصادیق ممنوع؛ لأنّ‏‎ ‎‏رأیهم غیر حجّة، وربّما یتضرّر المقلّد بمراجعة کتابه، ویعمل علیٰ طبق رأیه، مع أنّ‏‎ ‎‏نظره مخالف لنظره، فکون العمل الکذائیّ من الرمس وعدمه، أجنبیّ عن وظیفتهم،‏‎ ‎‏فما أفاده فی هذه المسائل کلّه غیر تامّ، کما لا یخفیٰ.‏

‏3 - لا وجه له بعد صدق «أنّه ذو رأسین» فإنّه إذا أدخل أحدهما فی الماء، فقد‏

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 274
ومع عدم التمیّز یجب علیه(1) الاجتناب عن رمس کلٍّ منهما، لکن لا یحکم ببطلان‎ ‎الصوم إلاّ برمسهما ولو متعاقباً.

‏مسألة 35: إذا کان مایعان یعلم بکون أحدهما ماء یجب الاجتناب عنهما،‏‎ ‎‏ولکن الحکم بالبطلان یتوقّف علی الرمس فیهما.‏

‏مسألة 36: لا یبطل الصوم بالارتماس سهواً أو قهراً أو السقوط فی الماء‏‎ ‎‏من غیر اختیار.‏

‏مسألة 37: إذا ألقی نفسه من شاهق فی الماء بتخیّل‏(2) عدم الرمس فحصل‎ ‎لم یبطل صومه.

‏مسألة 38: إذا کان مایع لا یعلم أنّه ماء أو غیره أو ماء مضاف لم یجب‏‎ ‎‏الاجتناب عنه.‏

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏أدخل رأسه فیه، لا یده ورجله.‏

‏اللّهمّ إلاّ أنّ یقال: بانصراف الدلیل إلی الأصیل.‏

‏1 - علی الأحوط، ویحتمل البطلان بدخول أحدهما؛ بتوهّم انصراف دلیل‏‎ ‎«لا تنقض...»‏ عن مورد یکون الحکم الواقعیّ منجّزاً، ولو کان شاکّاً، فالشکّ الّذی‏‎ ‎‏هو رکن الاستصحاب، هو الشکّ غیر المنجّز فی مورده الحکمُ مثلاً.‏

‏هذا مع أنّ استصحاب الصحّة التأهّلیة، محلُّ بحث جریانُه، واستصحابَ عدم‏‎ ‎‏إیجاد المفطر یفید صحّة الصوم علی الأصل المثبت، ومن هنا یظهر وجه الکلام فی‏‎ ‎‏الفرع الآتی بحمد اللّه .‏

‏2 - أی باعتقاد، وأمّا إذا کان اعتقاده من الخارج عن المتعارف، فالبطلان‏‎ ‎‏أحوط.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 275
مسألة 39: إذا ارتمس نسیاناً أوقهراً ثمّ تذکّر أو ارتفع القهر وجب علیه‎ ‎المبادرة إلی الخروج وإلاّ بطل صومه(1).

مسألة 40: إذا کان مکرَهاً(2) فی الارتماس لم یصحّ صومه، بخلاف ما إذا‎ ‎کان مقهوراً.

‏مسألة 41: إذا ارتمس لإنقاذ غریق بطل صومه وإن کان واجباً علیه.‏

‏مسألة 42: إذا کان جُنُباً وتوقّف غسله علی الارتماس انتقل إلی التیمّم‏(3)‎ ‎إذا کان الصوم واجباً معیّناً وإن کان مستحبّاً أو کان واجباً موسّعاً(4) وجب علیه‎ ‎الغسل وبطل صومه(5).

مسألة 43: إذا ارتمس بقصد الاغتسال فی الصوم الواجب المعیَّن بطل‎ ‎صومه وغُسله(6) إذا کان متعمِّداً، وإن کان ناسیاً لصومه صحّا معاً، وأمّا إذا کان‎ ‎‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - قد مرّ أنّه لیس المفطر الکون تحت الماء، بل هو الارتماس المصدریّ.‏

‏2 - یأتی فی الفصل الآتی حکم هذه المسألة وکثیر من المسائل المتعرّض لها‏‎ ‎‏هنا، وقد تکرّرت الفروع الکثیرة فی هذا الکتاب فزاد فی ضِخَم حجمه، ومنه‏‎ ‎‏الفرع الآتی.‏

‏3 - لا ینتقل علیٰ ما هو المختار.‏

‏4 - لا خصوصیّة له، بل المدار علیٰ عدم وجوب إتمامه، کما فی موارد الرخصة‏‎ ‎‏فی شهر رمضان، بل ولو أمکن السفر قبل الزوال.‏

‏5 - قد مرّ ما فیه.‏

‏6 - قد مرّ ما فیه، وبطلان الصوم علی الفرض، مستند إلی نیّة القاطع علی‏‎ ‎‏الأحوط.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 276
الصوم مستحبّاً أو واجباً موسَّعاً بطل صومه وصحّ غُسله.

‏مسألة 44: إذا أَبطل صومه بالارتماس العمدیّ فإن لم یکن من شهر‏‎ ‎‏رمضان ولا من الواجب المعیَّن غیر رمضان یصحُّ له الغُسل‏(1) حال المکث فی‎ ‎الماء أو حال الخروج، وإن کان من شهر رمضان یشکل صحّته حال المکث‎ ‎لوجوب الإمساک(2) عن المفطرات فیه بعد البطلان أیضاً، بل یشکل صحّته حال‎ ‎الخروج أیضاً لمکان النهی السابق(3)، کالخروج من الدار الغصبیّة إذا دخلها‎ ‎عامداً، ومن هنا یشکل صحّة الغُسل فی الصوم الواجب المعیّن أیضاً سواء کان فی‎ ‎حال المکث أو حال الخروج.

‏مسألة 45: لو ارتمس الصائم فی الماء المغصوب فإن کان ناسیاً للصوم‏‎ ‎‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏هذا مع أنّه لا معنیٰ لبطلان الغسل؛ فإنّ الارتماس لیس محرّماً عندهم، نعم هو‏‎ ‎‏موجب لترک الواجب.‏

‏هذا مع أنّ مقتضیٰ بطلان الصوم بنیّة القاطع، عدم کون الارتماس منهیّاً عنه‏‎ ‎‏بعد ذلک.‏

‏نعم، الصوم تجب إدامته ظاهراً؛ لکونه منافیاً للتأدّب، ولا یتعلّق به النهی‏‎ ‎‏الاستقلالیّ.‏

‏1 - بناءً علی القول: بکفایة ذلک، وتفصیله فی کتاب الطهارة.‏

‏2 - قد مرّ أنّ الصوم واجب، ولا یتعدّد الوجوب النفسیّ بتعدّد المفطرات،‏‎ ‎‏فالتعلیل علیل غایته، وما یترتّب علیه فاسد نهایته.‏

‏3 - لا یکون نهی إلاّ إشاداً إلی الفساد حسب مرامهم.‏

وبالجملة:‏ فیما أفاده هنا أصلاً ومثالاً، مواقع عدیدة من المناقشة، تحریرها‏‎ ‎‏فی‏ ‏الاُصول.‏


کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 277
وللغصب صحّ صومه وغُسله(1) وإن کان عالماً بهما بطلا معاً(2)، وکذا إن کان‎ ‎متذکِّراً(3) للصوم ناسیاً للغصب وإن کان عالماً بالغصب ناسیاً للصوم صحَّ الصوم‎ ‎دون الغُسل(4).

مسألة 46: لا فرق(5) فی بطلان الصوم بالارتماس بین أن یکون عالماً‎ ‎بکونه مفطراً أو جاهلاً.

‏مسألة 47: لا یبطل الصوم بالارتماس فی الوحل ولا بالارتماس فی الثلج.‏

‏مسألة 48: إذا شکّ فی تحقّق الارتماس بنی علی عدمه‏(6).

‏------------------------------------------------------------------------------------------‏

‏1 - علیٰ إشکال محرّر فی محلّه.‏

‏2 - الغسل، دون الصوم کما مرّ.‏

‏3 - متذکّراً: إذا کان الصوم واجباً معیّناً، فیمکن إبطالهما.‏

‏وأمّا إذا کان غیر ذلک، فالصوم یبطل دون الغسل، إلاّ إذا لم یتوجّه إلیٰ عدم‏‎ ‎‏تعیّن صومه؛ فإنّ القربة بالنسبة إلی الغسل یشکل تحقّقها، کما لا یخفیٰ.‏

‏4 - فی إطلاقه بالنسبة إلی حالتی الجهل بقسمیه بالنسبة إلیٰ شرطیّة‏‎ ‎‏الإباحة‏ ‏نظر.‏

‏5 - فی الصحّة کما مرّ.‏

‏6 - مجرّد الشک یکفی.‏

اللهمّ إلاّ أن یقال:‏ بأنّه یوجب الشکّ فی الصحّة، فلابدّ من إحرازها إمّا‏‎ ‎‏باستصحاب الصحّة التأهّلیة، أو باستصحاب عدم تحقّق المفطر الّذی هو السببیّ،‏‎ ‎‏وجریانهما محلّ بحث، إلاّ أنّ الالتزام بجریان واحد منهما ممّا لابدّ منه، وعلیه‏‎ ‎‏السیرة‏ ‏العملیّة.‏

‎ ‎

کتابتحریر العروة الوثقی و تلیه تعلیقة علی العروة الوثقیصفحه 278