المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

أقوال الأعلام فی المسألة

أقوال الأعلام فی المسألة

‏ ‏

‏وقد اختلفت کلمات الأعلام :‏

فمنهم :‏ من یظهر منه امتناعه، مریداً به الامتناع الوقوعیّ ـ لعدم امتناعه‏‎ ‎‏الذاتیّ قطعاً ـ ظنّاً أنّ الوضع لیس مجرّد جعل اللفظ علامة علی المعنیٰ، بل هو‏‎ ‎‏عبارة عن جعل اللفظ مرآةَ تصوّرِ المعنی، ویکون حاکیاً عنه، وفانیاً فیه، وهذا ممّا‏‎ ‎‏لایمکن تحقّقه للّفظ الواحد مرّتین‏‎[1]‎‏.‏

ومنهم :‏ من ظنّ استحالته؛ بمعنی تقبیح العقل تعدّدَ المعنیٰ للفظ واحد، من‏‎ ‎‏غیر استحالته الاصطلاحیّة؛ لا ذاتاً، ولا وقوعاً؛ وهماً أنّ الغرض من الوضع لیس إلاّ‏‎ ‎‏تفهیم المعنیٰ بتوسّطه ودلالته علیه بنفسه، لا بمؤونة أمر آخر، وهذا لایمکن مع‏‎ ‎‏الاشتراک؛ للزوم الاتکال علی القرائن الحالیّة أو المقالیّة‏‎[2]‎‏، فلو کان الواضع هو الله ‏‎ ‎‏تعالیٰ، یلزم الامتناع الغیریّ والوقوعیّ، ولو کان حکیماً آخر یلزم قبحه العقلیّ الذی‏‎ ‎‏یجتنب عنه واضع اللغات. وما تعارف فی العصر المتأخّر؛ من إبطال هذه المقالة‏‎ ‎‏نقضاً ـ لوقوعه فی اللغات‏‎[3]‎‏ ـ غیر مرضیّ عندی، کما سیأتی.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 307
ومنهم :‏ من یظهر منه وجوب وقوعه مریداً به الوجوب الغیریّ، لا الذاتیّ،‏‎ ‎‏مستدلاًّ: بأنّ المعانی غیر متناهیة، بخلاف الألفاظ، فنحتاج فی التفهیم إلیها مراراً‏‎[4]‎‏.‏

ویمکن أن یقال :‏ بأنّ المراد من «الوجوب» هو حسنه العقلیّ، لا الوجوب‏‎ ‎‏الذی هو أحد الموادّ الثلاث‏‎[5]‎‏، وفی تقریره یقال: بأنّ الألفاظ مختلفة من جهة‏‎ ‎‏سهولة المخرج وصعوبته، ومتفاوتة ـ حسب الهیئة ـ فی الحسن والقبح، وفی‏‎ ‎‏الفصاحة وعدمها، فلو سدّ باب الاشتراک یلزم التراکیب المستهجنة والمقبحة، ولا‏‎ ‎‏داعی إلیها بعد إمکان التوسّل بالقرائن إلی المرادات من الألفاظ فی الاستعمالات.‏

ومنهم :‏ وهم الأکثر، من اختاروا إمکانه بالمعنیین؛ أی إمکانه الوقوعیّ،‏‎ ‎‏وحسنه؛ لعدم تمامیّة الأدلّة المشار إلیها فی تعیین أحد الطرفین‏‎[6]‎‏.‏

والذی هو الحقّ :‏ أنّ إنکار الاشتراک مع تعدّد اللسان، غیر صحیح قطعاً؛ لأنّ‏‎ ‎‏اللغة الواحدة فی الألسنة المختلفة، ذات معانٍ کثیرة. ولایلزم ما قیل هنا.‏

‏وهکذا مع تعدّد الواضع، کما فی الأعلام الشخصیّة. ومثله الوضع العامّ،‏‎ ‎‏والموضوع له الخاصّ.‏

‏وهکذا إذا کان أحد المعنیین بالوضع التعیینیّ، والآخر بالوضع التعیّنی؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ حصوله أمر قهریّ خارج عن الاختیار.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 308

  • )) لاحظ بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1: 144.
  • )) نهایة النهایة 1: 50 ـ 51 .
  • )) نهایة الدرایة 1: 145، بدائع الأفکار (تقریر المحقّق العراقی) الآملی 1: 145.
  • )) لاحظ المصباح المنیر: 872 ، ونهایة الأفکار 1: 103.
  • )) نهایة النهایة 1: 50 .
  • )) معالم الدین: 32. کفایة الاُصول : 51 ، أجود التقریرات 1: 51 ، مناهج الوصول 1: 178.