تحقیق وتنبیه : حول برهان الوالد المحقّق علی امتناع القول بالأخصّ
یظهر من الوالد المحقّق ـ مدّظلّه إقامة البرهان علی امتناع القول بالأخصّ: «وذلک لأنّ الاُمور الاعتباریّة والحقیقیّة، وإن کانتا مشترکتین فی الاتصاف بـ «الصحّة والفساد» إلاّ أنّ الحقیقیّة تمتاز عنها فی أمر؛ وهو اتصاف المصداق الواحد منها بـ «الصحّة والفساد» الحیثـیّین، فیکون البطیخ الواحد موصوفاً
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 302
بـ «الصحّة» فی نصفه، وبـ «الفساد» فی نصفه، ولذلک یمکن ترتّب الأثر علیٰ نصفه، دون نصفه الآخر.
والاعتباریّة أمرها دائر بین الاتصاف وعدمه، ولایعقل الاتصاف الحیثیّ، فلاتکون الصلاة صحیحة وفاسدة، بل هی إمّا صحیحة علی الإطلاق، أو فاسدة علی الإطلاق».
وبعبارة منّا : الأخصّی یدّعی أنّ أمر الموصوف دائر بین الوجود والعدم، والأعمّی یدّعی أنّ أمر الوصف دائر بین الوجود والعدم، ولا ثالث؛ وهو کون الصلاة موصوفة بـ «الصحّة» بالنسبة إلی الأجزاء، وبـ «الفساد» بالنسبة إلیٰ فقد الشرائط، وعلیه یلزم تعیّن القول بالأعمّ قهراً؛ لقبوله بتحقّق الصلاة الموصوفة بـ «الفساد» من قبل الشرائط، فلایکون أمرها دائراً بین الوجود والعدم.
وتوهّم امتناع التفکیک بین الصحّة الفعلیّة بالنسبة إلی الأجزاء؛ فیکون بعضها صحیحاً بالفعل، دون بعض ـ کما عرفت فی الاُمور الحقیقیّة ـ دون التفکیک بین الصحّة الفعلیّة، والشأنیّة التأهّلیة، فی غیر محلّه؛ لأنّها منوطة بالقول: بأنّ تقابل الصحّة والفساد، تقابل العدم والملکة النوعیّة، لا الشخصیّة، وهذا غیر صحیح؛ لأنّ تقابلهما من التضادّ بالضرورة.
ولو فرضنا أنّ تقابلهما من العدم والملکة، فهو بالنسبة إلی الفرد القابل لصیرورته صحیحاً بالفعل، وأمّا ما وقع فاسداً، فلا شأن لصیرورته صحیحاً إلاّ بالنسبة إلی النوع، کما لایخفیٰ.
أقول : لو سلّمنا جمیع المقدّمات المبتنیة علیها مقالته، لایتمّ المطلوب عندنا؛
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 303
لما عرفت منّا من جریان النزاع فی جمیع الأجزاء والشروط؛ ضرورة أنّ الصحیحیّ یدّعی: أنّ الموضوع له هو الصحیح عند الشرع، وهذا لایمکن إلاّ بالتزامه بأنّ الفاسد خارج عنه، سواءً کان فساده لأجل الإخلال بشرط وجودیّ شرعیّ، أو عقلیّ، أو عدمیّ، أو غیر ذلک.
هذا مع أنّ عنوان المسألة مورد الإشکالات الکثیرة، فلابدّ من النظر إلیٰ مقصود الأخصّی والأعمّی، کما مرّ مراراً.
فتصیر النتیجة : أنّ الأخصّی إن کان قائلاً: بأنّ الموضوع له هی الأجزاء ـ مقابل قول الشیخ القائل: بأنّه التامّة الأجزاء والشرائطـ فلما أفاده ـ مدّظلّه وجه.
أو یقول : إن الموضوع له هی الأجزاء، وصنف من الشرائط ـ مقابل قوله قدس سره الظاهر فی أنّ الموضوع له، جمیع الأجزاء، وجمیع الشروط؛ من غیر فرق بین الأصناف الثلاثة الماضیة ـ فأیضاً لما ذکره وجه.
وإذا قالوا : بأنّ الموضوع له ماهو الصحیح عند الشرع ـ کما مضیٰ، وعرفت تفصیله وتحقیقه ـ فلایتمّ ما أفاده، فلاحظ وتدبّر، والحمد لله أوّلاً وآخراً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 304