المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

تحقیق وتنبیه : حول برهان الوالد المحقّق علی امتناع القول بالأخصّ

تحقیق وتنبیه : حول برهان الوالد المحقّق علی امتناع القول بالأخصّ

‏ ‏

‏یظهر من الوالد المحقّق ـ مدّظلّه إقامة البرهان علی امتناع القول بالأخصّ:‏‎ ‎‏«وذلک لأنّ الاُمور الاعتباریّة والحقیقیّة، وإن کانتا مشترکتین فی الاتصاف‏‎ ‎‏بـ «الصحّة والفساد» إلاّ أنّ الحقیقیّة تمتاز عنها فی أمر؛ وهو اتصاف المصداق‏‎ ‎‏الواحد منها بـ «الصحّة والفساد» الحیثـیّین، فیکون البطیخ الواحد موصوفاً‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 302
‏بـ «الصحّة» فی نصفه، وبـ «الفساد» فی نصفه، ولذلک یمکن ترتّب الأثر علیٰ نصفه،‏‎ ‎‏دون نصفه الآخر.‏

‏والاعتباریّة أمرها دائر بین الاتصاف وعدمه، ولایعقل الاتصاف الحیثیّ،‏‎ ‎‏فلاتکون الصلاة صحیحة وفاسدة، بل هی إمّا صحیحة علی الإطلاق، أو فاسدة‏‎ ‎‏علی الإطلاق»‏‎[1]‎‏.‏

وبعبارة منّا :‏ الأخصّی یدّعی أنّ أمر الموصوف دائر بین الوجود والعدم،‏‎ ‎‏والأعمّی یدّعی أنّ أمر الوصف دائر بین الوجود والعدم، ولا ثالث؛ وهو کون الصلاة‏‎ ‎‏موصوفة بـ «الصحّة» بالنسبة إلی الأجزاء، وبـ «الفساد» بالنسبة إلیٰ فقد الشرائط،‏‎ ‎‏وعلیه یلزم تعیّن القول بالأعمّ قهراً؛ لقبوله بتحقّق الصلاة الموصوفة بـ «الفساد» من‏‎ ‎‏قبل الشرائط، فلایکون أمرها دائراً بین الوجود والعدم.‏

‏وتوهّم امتناع التفکیک بین الصحّة الفعلیّة بالنسبة إلی الأجزاء؛ فیکون بعضها‏‎ ‎‏صحیحاً بالفعل، دون بعض ـ کما عرفت فی الاُمور الحقیقیّة ـ دون التفکیک بین‏‎ ‎‏الصحّة الفعلیّة، والشأنیّة التأهّلیة‏‎[2]‎‏، فی غیر محلّه؛ لأنّها منوطة بالقول: بأنّ تقابل‏‎ ‎‏الصحّة والفساد، تقابل العدم والملکة النوعیّة، لا الشخصیّة، وهذا غیر صحیح؛ لأنّ‏‎ ‎‏تقابلهما من التضادّ بالضرورة.‏

‏ولو فرضنا أنّ تقابلهما من العدم والملکة، فهو بالنسبة إلی الفرد القابل‏‎ ‎‏لصیرورته صحیحاً بالفعل، وأمّا ما وقع فاسداً، فلا شأن لصیرورته صحیحاً إلاّ‏‎ ‎‏بالنسبة إلی النوع، کما لایخفیٰ.‏

أقول :‏ لو سلّمنا جمیع المقدّمات المبتنیة علیها مقالته، لایتمّ المطلوب عندنا؛‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 303
‏لما عرفت منّا من جریان النزاع فی جمیع الأجزاء والشروط‏‎[3]‎‏؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏الصحیحیّ یدّعی: أنّ الموضوع له هو الصحیح عند الشرع، وهذا لایمکن إلاّ بالتزامه‏‎ ‎‏بأنّ الفاسد خارج عنه، سواءً کان فساده لأجل الإخلال بشرط وجودیّ شرعیّ، أو‏‎ ‎‏عقلیّ، أو عدمیّ، أو غیر ذلک.‏

‏هذا مع أنّ عنوان المسألة مورد الإشکالات الکثیرة، فلابدّ من النظر إلیٰ‏‎ ‎‏مقصود الأخصّی والأعمّی، کما مرّ مراراً.‏

‏فتصیر النتیجة : أنّ الأخصّی إن کان قائلاً: بأنّ الموضوع له هی الأجزاء‏‎ ‎‏ـ مقابل قول الشیخ القائل: بأنّه التامّة الأجزاء والشرائط‏‎[4]‎‏ـ فلما أفاده ـ مدّظلّه وجه.‏

أو یقول :‏ إن الموضوع له هی الأجزاء، وصنف من الشرائط ـ مقابل قوله ‏‏قدس سره‏‎ ‎‏الظاهر فی أنّ الموضوع له، جمیع الأجزاء، وجمیع الشروط؛ من غیر فرق بین‏‎ ‎‏الأصناف الثلاثة الماضیة ـ فأیضاً لما ذکره وجه.‏

وإذا قالوا :‏ بأنّ الموضوع له ماهو الصحیح عند الشرع ـ کما مضیٰ، وعرفت‏‎ ‎‏تفصیله وتحقیقه‏‎[5]‎‏ ـ فلایتمّ ما أفاده، فلاحظ وتدبّر، والحمد لله أوّلاً وآخراً.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 304

  • )) مناهج الوصول 1: 154 ـ 155، تهذیب الاُصول 1: 75 ـ 76.
  • )) نهایة الأفکار 1: 85 ـ 86 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 203 ـ 204 .
  • )) مطارح الأنظار: 7 / السطر 10 ـ 11.
  • )) تقدّم فی الصفحة: 233 .