المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

ذنابة : هل المعاملات أسباب اعتباریة أو موضوعات لأحکام عقلائیّة ؟

ذنابة : هل المعاملات أسباب اعتباریة أو موضوعات لأحکام عقلائیّة ؟

‏ ‏

‏حان وقت الوفاء بالوعد الذی واعدناک آنفاً؛ وهو أنّ المعتبر عند العقلاء فی‏‎ ‎‏ماهیّات المعاملات، السببیّة الاعتباریّة، أو أنّها تعتبر موضوعات لأحکام عقلائیّة.‏

‏لاشبهة فی أنّه علی التقدیرین، لا اعتبار جزئیّ فی کلّ بیع للعقلاء؛ بأن یکون‏‎ ‎‏لهم المجمع المحیط علیٰ جمیع البیوع العالمیّة، ویعتبرون عقیب کلّ بیع الأثر، فلابدّ‏‎ ‎‏من کون ذلک بنحو القانون الکلّی.‏

‏ولاشبهة فی أنّ هذا القانون الکلّی، لیس من مقنّن قبل مساس حاجتهم إلیه،‏‎ ‎‏ثمّ بعد الاحتیاج راعوه، بل هی القوانین المتّخذة من المرتکزات الفعلیّة الموجودة،‏‎ ‎‏کقوانین الفلسفة المتّخذة من الأعیان الخارجیّة بدواً، ومن إدراکات عقلیّة نتیجة.‏

‏فعلیه، لابدّ من المراجعة إلی العقلاء فی الألفاظ المختلفة الصادرة عنهم فی‏‎ ‎‏إفادة المعنی المذکور، وإنّا إذا راجعناهم فی محاوراتهم، لا نجد إلاّ أنّهم یرون أنّ‏‎ ‎‏البیع سبب الملکیّة؛ وأنّه به تحصل تلک، فیعلم منه أنّ المعتبر الکلّی عندهم؛ هو أنّه‏‎ ‎‏إذا تحقّق البیع یحصل به النقل والانتقال، بنحو القانون المعلّق، أو بنحو القانون‏‎ ‎‏المنجّز؛ وهو أنّ البیع وغیره أسباب النقل والانتقال، فإذا تحقّق البیع یحصل ذلک‏‎ ‎‏بنحو اعتبار السببیّة والمسبّبیة.‏

‏ویشهد لذلک ذهاب المشهور ـ إلیٰ زمان المتأخّرین ـ إلی استعمال کلمة‏‎ ‎‏«السبب» و «الأسباب» دون «الموضوع» و «الحکم».‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 301
‏بل القانون الکلّی المتّخذ من ارتکازهم، لیس إلاّ إخباراً عن بنائهم العملیّ،‏‎ ‎‏فما هو مدرکهم ـ إنصافاً ـ من هذه العلل الاعتباریّة، لیس إلاّ العلّیة الاعتباریّة جدّاً.‏

فبالجملة :‏ الاحتمالات ثلاثة :‏

أحدها :‏ کون ما یستفاد من بنائهم بنحو الکلّی، قضیّةً معلّقة بنحو آخر «وهی‏‎ ‎‏أنّ البیع إذا وجد، یوجد به النقل والانتقال، ویترتّب علیه الأثر».‏

ثانیها :‏ قضیّةً معلّقة بنحو آخر وهی «أنّ البیع إذا تحقّق ، یحصل النقل‏‎ ‎‏والانتقال» .‏

ثالثها :‏ قضیّةً منجّزة وهی «أنّ المعاملات المعاوضیّة، أسباب النقل‏‎ ‎‏والانتقال».‏

‏ولا شبهة فی أنّ الاُولیٰ والثالثة نصّ فی اعتبار السببیّة، وأمّا الثانیة فظاهر‏‎ ‎‏القضیّة الشرطیّة، کون المقدّم سبباً للتالی.‏

وأمّا توهّم :‏ أنّ العقلاء یدرکون الانتقال عقیب البیع، فهو غیر مضرّ؛ لأنّ‏‎ ‎‏الإدراک فرع الوجود الاعتباریّ السابق علیه، کما فی الحقائق، فلاتخلط.‏

‏هذا آخر ما أوردناه فی الصحیح والأعمّ، وقد وقع الفراغ منه یوم الثلاثاء‏‎ ‎‏الذی عطّلنا الدراسة فیه؛ وهو الیوم الخامس من ربیع الثانی فی سنة 1388 فی‏‎ ‎‏النجف الأشرف، علیٰ صاحبه آلاف التحیّة والثناء.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 302