المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

الماهیّات المعاملیة طبائع مؤثرة اعتباراً

الماهیّات المعاملیة طبائع مؤثرة اعتباراً

‏ ‏

‏فإذا عرفت تلک المقدّمات، تقدر علی استنتاج المطلوب منها؛ وهو أنّ‏‎ ‎‏الماهیّات المعاملیّة، لیست إلاّ الطبائع الاعتباریّة علیٰ وجه التأثیر الاعتباریّ فی‏‎ ‎‏الأثر الاعتباریّ، أو علیٰ وجه الموضوعیّة لحکم العقلاء.‏

إن قلت :‏ تمسّ الحاجة إلیٰ توسیع البیع مثلاً، فإنّ البیع فی العهد الأوّل کان‏‎ ‎‏علیٰ نعت المعاطاة، ثمّ بعد الحاجة اعتبر العقد والألفاظ قائمةً مقام الفعل فی‏‎ ‎‏الإنشاء والتملیک، ثمّ بعد تحقّق البیوع الفضولیّة من الغاصبین وغیرهم، لابدّ من‏‎ ‎‏اعتبار کون البیع هو ذات السبب، وإلاّ یلزم بطلان بیع المکره والفضولیّ، وعدم‏‎ ‎‏قابلیّته للصحّة بعد الإجازة، مع أنّ بناء العقلاء علیٰ ذلک، فمنه یعلم: أنّ ألفاظ‏‎ ‎‏المعاملات، موضوعة لذوات الأسباب والموضوعات، دون عناوینها.‏

قلت :‏ لاشبهة فی أنّ الأثر موقوف علی الإجازة، فلا حاجة إلی اعتبار کون‏‎ ‎‏ما أنشأه الفضولیّ بیعاً.‏

‏بل هنا احتمال آخر قوّیناه فی محلّه‏‎[1]‎‏: وهو أنّ الإجازة تورث اتصاف ما‏‎ ‎‏أنشأه الفضولیّ بـ «البیع» وغیره، ولا حاجة إلیٰ أزید من ذلک، فلاتمسّ الحاجة إلی‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 299
‏اعتبار ذات السبب بیعاً وإجارة.‏

‏وأمّا إطلاق «البیع» علیٰ بیع المکره والفضولیّ، فهو کإطلاقه علیٰ بیع‏‎ ‎‏السکنی فی المآثیر الکثیرة، فإنّ الإطلاق أعمّ من الحقیقة جدّاً.‏

إن قیل :‏ من المباحث الهامّة فی الفضولیّ بحث الکشف والنقل، فلو کان‏‎ ‎‏الموضوع له ما هو المؤثّر، فلایبقیٰ للبحث المزبور موقع، وهذه النتیجة والحاجة‏‎ ‎‏کافیة فی الاعتبار المذکور.‏

قلنا :‏ نعم، إلاّ أنّ القائلین بالکشف‏‎[2]‎‏، یرجع مرامهم إلی إنکار الفضولیّ‏‎ ‎‏بالمعنی الذی یریده القائل بالنقل‏‎[3]‎‏؛ ضرورة أنّ معنیٰ «کاشفیّة الإجازة» هو أنّ‏‎ ‎‏الإجازة إذا لحقت، تکشف عن التأثیر من الأوّل، فما هو الواقع من الفضولیّ هو البیع‏‎ ‎‏المؤثّر، وإذا لم تلحق فهو کاشف عن عدم تحقّقه، فأمره عندهم دائر بین الوجود‏‎ ‎‏والعدم.‏

‏ولذلک لاتنافی بین مقالة المشهور فی الاُصول ـ وهی أنّ ألفاظ المعاملات‏‎ ‎‏موضوعة وأسامٍ للأخصّ‏‎[4]‎‏ ـ وبین مقالتهم فی الفقه بالکشف، بل هی من‏‎ ‎‏مترشّحات ذاک. بخلاف القائلین بالنقل، فإنّهم لابدّ لهم من إثبات کونها أسامی‏‎ ‎‏للأعمّ؛ حتّیٰ یتمکّنوا من اختیار النقل، فافهم واغتنم. فنزاع الکشف والنقل هو نزاع‏‎ ‎‏الأعمّ والأخصّ لبّاً.‏

فتحصّل إلیٰ هنا :‏ أنّ الأدلّة المدّعاة علیٰ أنّ ألفاظ المعاملات موضوعة لذات‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 300
‏المؤثّر، کلّها ساقطة جدّاً، بل المتبادر منها لیس إلاّ السببیّة، وقد أوضحنا ذلک فی‏‎ ‎‏مباحث بیع المکره والفضولیّ توضیحاً أجلیٰ‏‎[5]‎‏، فراجع.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 301

  • )) تحریرات فی الفقه ، کتاب البیع ، الأمر السادس ممّا یمکن أن یردع عن تصحیح الفضولی .
  • )) ریاض المسائل 1 : 513 / السطر 20، جواهر الکلام 22 : 285 ، لاحظ المکاسب : 132 / السطر 4 .
  • )) مجمع الفائدة والبرهان 8 : 159 ، المکاسب : 133 ، السطر 23 .
  • )) القواعد والفوائد 1: 158 ، القاعدة 42 ، الفائدة الثانیة ، الفصول الغرویّة : 52 / السطر 15، مطارح الأنظار : 18 / السطر 19 ، کفایة الاُصول : 49 .
  • )) تحریرات فیالفقه ، کتاب البیع ، الوجه الاوّل من الوجوه العقلیة لبطلان الفضولی .