المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

الأمر الأوّل : فی تحریر محلّ النزاع

الأمر الأوّل : فی تحریر محلّ النزاع

‏ ‏

‏بناء الأصحاب إلیٰ زماننا هذا؛ علیٰ قصر البحث حول ألفاظ العبادات علیها‏‎ ‎‏وعلی المعاملات‏‎[1]‎‏.‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ الجهة المبحوث عنها أمر کلّی، یستکشف منه حال هذه‏‎ ‎‏الألفاظ بما هی مصادیق ذلک الأمر العامّ؛ ضرورة أنّ البحث فی حدود معانی‏‎ ‎‏اللغات، لا یختصّ بألفاظ دون ألفاظ، فیشترک فیه جمیع أسامی الحیوانات‏‎ ‎‏والنباتات والأشجار والأثمار وهکذا؛ وذلک لأنّ المقصود من تحریره، فهم حدود‏‎ ‎‏المعنی الموضوع له والمسمّیٰ، ودرک مقدار سعة المعنی المدلول علیه باللفظ، فلا‏‎ ‎‏معنیٰ لحصر محلّ النزاع بألفاظ دون ألفاظ.‏

‏فأخصّیة الغرض لایورث أخصّیة البحث؛ أما تریٰ أنّ البحث فی مباحث‏‎ ‎‏العمومات والإطلاقات، لیس مقصوراً بما ورد فی الشرع، وإن کان الغرض خاصّاً؟!‏

بیانه :‏ هو أنّ جمیع المعانی ذات أطوار ومراتب وحالات، مثلاً الشجرة ذات‏‎ ‎‏شؤون؛ من القصر والطول، ومن الکیف والأوضاع، ومن الحالات الاُخر الطارئة‏‎ ‎‏علیها فی الأزمنة المختلفة، وبالجملة المقولات الزائدة علیٰ ماهیّتها ووجودها ـ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 217
‏وهی أمارات تشخّصها وتعیّنها ـ مختلفة، فهل المعنیٰ والموضوع لها الشجرة التامّة‏‎ ‎‏الکاملة، حتّیٰ تکون الفاقدة للأوصاف الکمالیّة غیر داخلة فی مسمّاها؟‏

‏أم المسمّیٰ أمر أعمّ، فتکون الشجرة فی جمیع شؤونها وشتات حیاتها‏‎ ‎‏وخصوصیّاتها، موضوعة لها؟‏

‏أو تکون الحالات مختلفة :‏

فمنها :‏ ماهی الداخلة فی الموضوع لها، مثل کون أجزائها ذات حیاة نباتیّة‏‎ ‎‏فی الجملة.‏

ومنها :‏ ماهی الخارجة، مثل کمالاتها الاُخر صغریٰ وکبریٰ، کیفاً وکمّاً‏‎ ‎‏ووضعاً، ونقصاً وکمالاً، وغیر ذلک.‏

‏فإذا کانت الشجرة بلا روح نباتیّ ـ مثل الأمثال والأشباح الموجودة فی‏‎ ‎‏الأعیان، والمجسّمة والصور لها ـ فإطلاق هذه الکلمة علیها بالادعاء والمجاز، دون‏‎ ‎‏الحقیقة، فالموضوع له مقیّد من تلک الجهة، ومطلق من الجهات الاُخر ؟‏

‏فعلیٰ هذا، تبیّن لک قصور طریقة الأصحاب فی المسألة، وتبیّن: أنّ الجهة‏‎ ‎‏المبحوث عنها هی هذه، وهذا أمر سارٍ وجارٍ فی جمیع الألفاظ، ومنها: الألفاظ‏‎ ‎‏المستعملة فی الاُمور الاعتباریّة، عبادیّة کانت أو معاملیّة، فإذا کانت الشجرة مطلقة‏‎ ‎‏من حیث ترتّب الثمرة علیها وعدمه، فتلک الألفاظ ربّما تکون مثلها، کما لایخفیٰ.‏

فتحصّل :‏ أنّ مصبّ النزاع هنا هذا الذی أبدعناه، وتصیر النتیجة أنّ الصحیحیّ‏‎ ‎‏یقول: بأنّ الموضوع له «الشجرة» هی الکاملة المثمرة، ومثلها الصلاة التی ثمرتها‏‎ ‎‏«‏قربان کلّ تقیّ»‎[2]‎‏ و«‏معراج المؤمن»‎[3]‎‏ وناهیة ‏‏«‏عَنِ الْفَحْشَاءِ‏»‏‎[4]‎‏ وسقوط الأمر‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 218
‏وأمثال ذلک، والأعمّی ینکر ذلک، ویدّعی أنّ «الشجرة» صادقة علی القصیرة غیر‏‎ ‎‏المثمرة المشحونة بالنواقص والآلام، ومثلها الصلاة، وغیر ذلک من الألفاظ‏‎ ‎‏الموضوعة للأجناس والمخترعات الیومیّة، بل للأشخاص کما لایخفیٰ.‏

وتوهّم :‏ أنّ القوم یقولون بالأعمّ فی جمیع الألفاظ، ویختلفون فی هذه‏‎ ‎‏الألفاظ الخاصّة، واضح المنع، کما سیأتی فی بعض الاُمور الآتیة‏‎[5]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 219

  • )) الفصول الغرویّة: 46 / السطر 14 و52 / السطر 15، کفایة الاُصول : 38 و49، تهذیب الاُصول 1: 66.
  • )) الکافی 3 : 265 / 6، الفقیه 1 : 136 .
  • )) الاعتقادات، المجلسی: 39 .
  • )) العنکبوت (29) : 45 .
  • )) یأتی فی الصفحة 204 ـ 206 .