الجهة الاُولیٰ : تحریر محلّ النزاع

‏‏الجهة الاُولیٰ : فی تحریر محلّ النزاع‏

‏‏ ‏

‏‏وهو أنّ الألفاظ المستعملة فی الکتاب والسنّة ـ سواء کانت فی العبادات، أو‏‎ ‎‏المعاملات، أو غیرها ـ کلّها حقائق لغویّة، ولا تصرّف للشرع المقدّس فی ذلک، ولا‏‎ ‎‏إبداع منه فی وضع لغة لمعنیٰ، ولو کان فهو من التصرّفات الیسیرة الراجعة إلیٰ جعل‏‎ ‎‏القیود والشروط لها.‏

‏‏أم جمیع الألفاظ المذکورة المستعملة فی المعانی المستحدثة وغیر‏‎ ‎‏المستحدثة، علیٰ سبیل الوضع الثانویّ والحقیقة الثانویّة :‏

‏‏أمّا فی المعانی المستحدثة، فبالاستعمال ؛ ونصب القرینة علیه، أو إخباره‏‎ ‎‏بذلک قبل الاستعمال.‏

‏‏وتوهّم :‏‏ أنّ الاستعمال لایورث الوضع‏‎[1]‎‏، فی غیر محلّه؛ لما تقرّر سابقاً‏‎ ‎‏تفصیله، وقد فرغنا عن إمکانه، من غیر لزوم الجمع بین اللحاظین. بل اختلاف‏‎ ‎‏الدواعی یستلزم ذلک؛ مع نصب القرینة علیٰ تعدّدها‏‎[2]‎‏.‏

‏
‏‎

‏‏وأمّا فی غیر المستحدثة، فهو کذلک؛ أی یمکن باستعمال الألفاظ الاُخریٰ‏‎ ‎‏فیها، فتکون حقائق شرعیّة، أو بإلغاء الوضع الأوّل، وإحداث الوضع الجدید؛ بمعنیٰ‏‎ ‎‏رفض الربط والعلقة الوضعیّة اللغویّة، وإحداث الربط فی محیط التقنین والتشریع‏‎ ‎‏ثانیاً، وحیث إنّ الأوّل معلوم العدم؛ لعدم تلک الألفاظ بأعینها، فیتعیّن الثانی؛‏‎ ‎‏لإمکانه.‏

‏‏فما أفاده المشهور : من خروج الألفاظ الموضوعة للمعانی غیر المستحدثة‏‎ ‎‏عن حریم النزاع‏‎[3]‎‏، غیر مقبول، کما أنّ ما أفاده العلاّمة الأراکیّ ‏‏رحمه الله‏‏: من وضع‏‎ ‎‏الألفاظ الاُخر لها‏‎[4]‎‏، مجرّد وهم لایمکن المصیر إلیه.‏

‏‏أو یفصّل بین الألفاظ؛ فالغالب منها تکون حقائق لغویّة، إلاّ أنّه قد یوجد‏‎ ‎‏بعض الألفاظ، یکون من الحقیقة الشرعیّة.‏

‏‏ولعلّ منها لفظة «الحقّ» و «الباطل» وفی کتاب الصلاة لفظ «السهو» فإنّه‏‎ ‎‏ـ حسب ما یتراءیٰ من الأخبار ـ یطلق علی الشکّ‏‎[5]‎‏؛ بحیث صار حقیقة فیه، علیٰ‏‎ ‎‏ما قیل فی محلّه‏‎[6]‎‏، وأیّده العلاّمة الحائریّ ‏‏رحمه الله‏‏ فی کتاب الصلاة‏‎[7]‎‏. وقد ذکرنا فی‏‎ ‎‏«کتاب البیع»: أنّ کلمة «الحقّ» و «الباطل» مختلفة المفاهیم حسب الآفاق‏
‏‎

‏‏فبالجملة :‏‏ حصر محلّ النزاع بطائفة من الألفاظ، أو حصره بما إذا کانت‏‎ ‎‏المعانی مستحدثة، غیر موجّه.‏

‏‏بل لا معنیٰ له فیما کانت الألفاظ مستحدثة، وإن کانت معانیها غیر‏‎ ‎‏مستحدثة؛ فإنّ المدار علی الأوّل، فلا مانع من کون هذه المخترعات سابقة علی‏‎ ‎‏الإسلام، إلاّ أنّ إطلاق هذه الألفاظ علیها کان من الشرع، ولم یعهد من العرف ذلک‏‎ ‎‏قبل البعثة. ومن هنا یظهر مواضع الخلط فی کلمات القوم ‏‏رحمهم الله‏‏.‏

‏‏ثمّ إنّ الظاهر منهم خروج الوضع التعیّنیّ عن موضوع المسألة؛ لعدم کونه من‏‎ ‎‏الحقیقة الشرعیّة، ولکنّه أیضاً ممنوع، کما سیأتی ذکره.‏

‏‎ ‎

‏‎

• )) أجود التقریرات 1 : 33 .
• )) تقدّم فی الصفحة 62 ـ 64 .
• )) الفصول الغرویّة: 43 / السطر 5، کفایة الاُصول: 36 ـ 37، نهایة الاُصول : 44 .
• )) مقالات الاُصول 1 : 35 .
• )) وسائل الشیعة 8 : 187 ـ 251 کتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع فی الصلاة، الباب 16 و18 و21 و24 ـ 25 .
• )) مرآة العقول 15 : 227 ، الحدائق الناظرة 9 : 239 .
• )) الصلاة، المحقّق الحائری : 415 .
• )) تحریـرات فی الفقه ، کتاب البیـع ، المبحث الأوّل ، شبهات علی الاستـدلال بآیة التجارة لا یمکن دفعها .