المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

العلامة الثالثة : الاطراد

العلامة الثالثة : الاطراد

‏ ‏

ومنها :‏ الاطراد، ولعلّ المراد منه ما أشرنا إلیه: وهو أنّ المتعلّم إذا راجع‏‎ ‎‏أهل المحاورة، ولاحظ اللفظ مستعملاً فی الموارد المختلفة؛ من الاستعمالات‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 196
‏السلبیّة والإیجابیّة، وکان المستعملون یریدون منه المعنی الخاصّ، فإنّه عندئذٍ‏‎ ‎‏یحصل له کشف الموضوع له، وإذا کان ذلک کثیر الدور فی الکلمات ـ بحیث یریٰ‏‎ ‎‏عدم تقییدهم بالقیود الخاصّة؛ من العلائق الکلّیة، أو حسن الاستعمال ـ یجد‏‎ ‎‏المعنیٰ من الاطراد وشیوع الاستعمال. وهذا أحد الطریقین لفهم المعنی الموضوع‏‎ ‎‏له الذی مرّ الإیماء إلیه سابقاً‏‎[1]‎‏، فالمقصود من «الاطراد» حسب الظاهر ذلک،‏‎ ‎‏فیکون من اللواحق للاستعمال، ولیس من قبیل التبادر، أو درک جواز الحمل، حتّیٰ‏‎ ‎‏یلزم الإشکال.‏

‏فهو بعد الغور فی الاُمم والأقوام، یحصل له بالقرائن غیر الکلامیّة أصل‏‎ ‎‏المعنیٰ، ثمّ بعد ما یجد شیوعه وعدم تقییدهم بأمر فی الاستعمال، یحصل له العلم‏‎ ‎‏بالموضوع له. وهذا هو الاجتهاد الذی صنعه أرباب اللغات؛ بالتقلّب فی القریٰ‏‎ ‎‏والقصبات.‏

وعلیه یعلم :‏ أنّ عدم الاطراد دلیل عدم الوضع؛ لأنّه لو کان موضوعاً لکان‏‎ ‎‏مطرداً؛ للزوم الخلف. اللهمّ إلاّ أن یحتمل الاشتراک، فلایکون أمارة علیٰ عدم‏‎ ‎‏الوضع، کما لایخفیٰ.‏

فعلیٰ ما تقرّر یظهر :‏ أنّ التقاریر الاُخر حوله لاتخلو من تأسّف، وکأنّهم‏‎ ‎‏ظنّوا أنّ الاطراد هو الشیوع بحسب استعمال المستعلم، أو تکرار اللغة فی الموارد‏‎ ‎‏المختلفة فرضاً، فهجموا علیه من کلّ جانب‏‎[2]‎‏، ومنهم: الوالد المحقّق ـ مدّظلّه فقال:‏

‏«إنّ الاستعمال إن کان فی المصداق والفرد بخصوصیّته، فهو مجاز أو غلط.‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 197
‏وإن کان بنحو التطبیق؛ وإطلاق الکلّی علی الفرد، فهو راجع إلیٰ علامیّة الحمل»‏‎[3]‎‎ ‎‏انتهیٰ.‏

‏وأنت خبیر بما فیه؛ ضرورة أنّه راجع إلی العلم بالوضع قبله، فیلزم الدور،‏‎ ‎‏ولا یأتی جوابه، وقد عرفت معنی «الاطراد» فلا یتأتّیٰ إلیه الإشکال إلاّ لأجل‏‎ ‎‏القصور فی التقریر، مع أنّ الاستعمال أعمّ من الحمل.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 198

  • )) تقدّم فی الصفحة 172 .
  • )) الفصول الغرویّة : 38 / السطر 21، کفایة الاُصول : 34 ـ 35.
  • )) مناهج الوصول 1 : 129 ـ 130، تهذیب الاُصول 1 : 60.