المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

العلامة الثانیة : صحّة الحمل

العلامة الثانیة : صحّة الحمل

‏ ‏

ومنها :‏ صحّة الحمل المعبّر عنها : بـ «عدم صحّة السلب» أی نجد جواز‏‎ ‎‏الحمل. ولایشترط فی ذلک الحمل الشائع.‏

‏فإمکان الحمل، وعدم إمکان السلب، کافٍ فی ذلک؛ أی فی کونها علامة‏‎ ‎‏تشخیص الموضوع له، فإذن یسقط کونها علامة؛ للزوم استکشاف المعنی الموضوع‏‎ ‎‏له بدونها؛ حتّیٰ یمکن الحکم بإمکانه وعدم إمکانه.‏

وإن شئت قلت :‏ بعد عدم إمکان دفع الدور فی التبادر، فلایمکن دفعه هنا، فلا‏‎ ‎‏علامة إلاّ إخبار المطلعین، أو الغور فی المحاورات والاستعمالات؛ واستکشاف‏‎ ‎‏معانی اللغات ابتداءً بالقرائن الخاصّة، کما لایخفیٰ.‏

‏هذا، وقد استشکل الوالد ـ مدّظلّه فی هذه العلامة وغیرها إلاّ التبادر:‏‎ ‎‏باستباق التبادر علیها، فلا تصل النوبة إلیها؛ وذلک لأنّ المعانی التصوّریة تخطر‏‎ ‎‏بالبال تفصیلاً، وهو معنیٰ «التبادر» فلا معنیٰ لإعمال الهیئة التصدیقیّة لکشف حال‏‎ ‎‏المحمول المشکوک. وتوهّم الغفلة والذهول عن التبادر، فی غیر محلّه؛ لأنّ من یرید‏‎ ‎‏استعلام حال الوضع لایکون غافلاً وذاهلاً. فما قیل: من الإجمال والتفصیل فی‏‎ ‎‏مسألة التبادر، لایأتی هنا؛ لأنّه إذا کان بصدد إقامة البرهان علی المعنی الموضوع‏‎ ‎‏له، فقهراً یتبادر من الموضوع إلیٰ ذهنه ما یتبادر من المحمول، ویکون عالماً بأنّ‏‎ ‎‏المحمول أعمّ من الموضوع، أو هو أخصّ، أو هو مساوٍ، أو یکون الحمل أوّلیاً، أو‏‎ ‎‏ثانویّاً، أو غیر ذلک‏‎[1]‎‏.‏

أقول :‏ إن کان ما هی العلامة والدلیل هو الحمل الشائع، نحو «الإنسان بشر»‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 194
‏أو «زید إنسان» حتّیٰ یستکشف منه المعنی الموضوع له تصدیقاً، بعد مسبوقیّة ذهنه‏‎ ‎‏بذلک إجمالاً وارتکازاً، فللغفلة عن خصوص ما به یستکشف الوضع ـ وهو التبادر ـ‏‎ ‎‏وجه ممکن؛ لأنّه وإن کان بصدد استعلام المعنی الموضوع له، ولکنّه یغفل عن‏‎ ‎‏خصوص الطریق؛ وهو التبادر، لا عن أصل الطریق وهو الحمل، وما هو غیر ممکن‏‎ ‎‏هو الغفلة عن جمیع الطرق، لا بعضٍ منها.‏

‏وإن کان ماهو الدلیل والعلامة إمکان الحمل، کما هو الظاهر، فلایعقل‏‎ ‎‏انکشاف المعنی بالحمل، بل ذلک یستکشف بالتبادر، وحیث إنّ التبادر أیضاً لیس‏‎ ‎‏علامة کما مرّ‏‎[2]‎‏، فلایعقل إدراک صحّة الحمل وعدم صحّة السلب إلاّ بعد الاطلاع‏‎ ‎‏التامّ علیٰ خصوصیّات اللغات والمعانی، فافهم ولاتغفل.‏

‏ثمّ إنّ التحقیق یظهر فی علامیّة عدم صحّة الحمل وجواز السلب‏‎ ‎‏للمجازیّة‏‎[3]‎‏؛ أی عدم کون المعنی المشکوک فیه هو الموضوع له، أو هو الداخل فی‏‎ ‎‏حدود الموضوع له؛ ضرورة أنّ الحکم بذلک لایمکن إلاّ باستکشاف المعنیٰ من غیر‏‎ ‎‏هذه الطریقة، فلاتصل النوبة إلیها. مع لزوم الدور أیضاً هنا وعدم جریان جوابه‏‎ ‎‏أیضاً، کما لایخفیٰ.‏

‏هذا، وأمّا إطالة البحث حول أقسام الحمل وتقسیماته الذاتیّة، ثمّ أقسام‏‎ ‎‏الحمل الشائع، وتفصیل البحث حول ما هو الدلیل، وما لیس بدلیل، فغیر صحیحة‏‎ ‎‏جدّاً؛ ضرورة أنّ الجهة المبحوث عنها کونه علامة بنحو الإجمال وفی موردٍ ما، أو‏‎ ‎‏کون الحمل الأوّلی الذاتیّ، علامةَ کشف أصل المعنی الموضوع له، والشائع الصناعیّ‏‎ ‎‏علامة حدوده وبسطه وضیقه، وأمّا سائر الموارد فهی خارجة، وإذا کان کاشفیّته‏‎ ‎‏الإجمالیّة ممنوعة، فلا تصل النوبة إلیٰ هذه الأقسام المسطورة فی الکتب‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 195
‏المفصّلة‏‎[4]‎‏، فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 196

  • )) لاحظ تهذیب الاُصول 1 : 58 ـ 59، مناهج الوصول 1 : 130.
  • )) تقدّم فی الصفحة 166 ـ 168 .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 17 / السطر 24، الفصول الغرویّة: 34 / السطر 7، کفایة الاُصول: 34.
  • )) لاحظ بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1: 98 ـ 100، محاضرات فی اُصول الفقه 1 : 115 ـ 121 .