المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

تنبیه : فی الاستصحاب القهقریّ وأصالة اتحاد العرفین

تنبیه : فی الاستصحاب القهقریّ وأصالة اتحاد العرفین

‏ ‏

‏إنّ الاطلاع علیٰ معانی اللغات بعد المراجعة إلی أهل المحاورة والغور معهم‏‎ ‎‏فیها، ممکن واضح، ولکن لایثبت بذلک کون المعنی الموجود؛ هو المعنی الملحوظ‏‎ ‎‏فی حال الوضع، فلعلّه مهجور، وهذا طارئ علیه. وهذا ممّا لا شبهة فیه. ولکنّه إن‏‎ ‎‏اُرید بذلک نفی جواز التمسّک بکلمات السابقین، فهو ممنوع؛ لأصالة اتحاد العرفین،‏‎ ‎‏وهو الأصل العقلائیّ.‏

‏ومن عجیب ما قیل فی المقام هو التمسّک بالاستصحاب القهقریّ؛ ظنّاً أنّه‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 191
‏الأصل العقلائیّ فی خصوص المسألة‏‎[1]‎‏!!‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ هذا غفلة وذهول عن حقیقة الاستصحاب؛ وهو المتقوّم‏‎ ‎‏بالشکّ المستقرّ، دون الاحتمال العقلیّ، فلو کان دلیل حجّیته بناء العقلاء، فلابدّ من‏‎ ‎‏فرض شکّهم فی ذلک، واستقرار ذلک الشکّ فی نفوسهم، ولایمکن ذلک إلاّ مع‏‎ ‎‏القرینة القائمة العقلائیّة.‏

‏کما لو فرضنا أنّ معنی «الأسد» فعلاً هو الحیوان المفترس، وفرضنا أنّه کان‏‎ ‎‏معناه فی زمن من الأزمنة غیرَ ذلک، فهل تریٰ من نفسک تمسّکهم بهذا الاستصحاب‏‎ ‎‏القهقریّ حتّیٰ یرجعوا بذلک إلیٰ فهم مراد المولیٰ فی کلامه المردّد أنّه استعمل فی‏‎ ‎‏المعنی الأوّل، أو المعنی الثانی؟! أو یلاحظون النسبة بین الأصلین المتعارضین،‏‎ ‎‏ویقدّمون أحدهما علی الثانی، فما هذا إلاّ الوهم الخالی من التحصیل.‏

‏فما هو الدلیل المرجع للعقلاء أصالة عدم النقل، أو أصالة اتحاد العرفین، وهی‏‎ ‎‏مثل أصالة الظهور؛ أی أنّ بناء العقلاء علیٰ عدم الاعتناء بهذه التسویلات الباطلة، لا‏‎ ‎‏أنّ بناءهم علی العمل بالاستصحاب مع وجود الشکّ الفعلیّ المستقرّ فی نفوسهم،‏‎ ‎‏فإنّهم عند ذلک لایعتنون ، ولا ینعقد الظهور بمثل هذا الأصل، کما هو الظاهر.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 192

  • )) محاضرات فی اُصول الفقه 1 : 114 .