الأمر الأوّل : حول الوضع النوعیّ
لا شبهة فی أنّ الهیئة فی الجوامد، تابعة لمادّتها فی الوضع خصوصاً وعموماً، جزئیّاً وکلّیّاً. وأمّا هی فی المشتقّات فالمشهور علی أنّ الوضع فیها نوعیّ، ولیس بشخصیّ، وهذا تقسیم آخر للوضع بعد تقسیمه إلی التعیینیّ والتعیّنی.
والمراد من «الوضع النوعیّ» هو أنّ هیئة «فاعل» موضوعة بالوضع النوعیّ
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 132
لمطلق من یصدر عنه الفعل، ولیست مخصوصة بتلک المادّة وهی مادّة «فعل» وبهذا المعنیٰ یکون وضع المادّة فی المشتقّات مثلها فی النوعیّة.
نعم، یبقی الإشکال فی أنّه من الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ الذی أصرّ القوم علی امتناعه؛ ضرورة أنّ الهیئة غیر قابلة للتعقّل إلاّ بالمادّة وبالعکس، فما هو متعلّق اللحاظ أمر خاصّ؛ وهی کلمة «فاعل» والتفکیک لایمکن إلاّ بذکر العلّة بعد ذلک، وإلاّ یلزم استقلال الهیئة فی التصوّر.
أو بذکر کلمة «هیئة فاعل» حتّیٰ یسری الوضع إلیٰ سائر الموادّ، فیکون المادّة مغفولاً عنها، إلاّ أنّ الغفلة لیست دائمیّة، فلو لم یتمکّن الواضع من الغفلة یلزم ـ علی المشهور ـ امتناع إسراء الوضع إلیٰ مطلق المادّة، کما یلزم امتناعه بالنسبة إلیٰ سائر الهیئات الطارئة علی المادّة الموضوعة لطبیعة من الطبائع فی ضمن هیئة من الهیئات، مع أنّ الأمر لیس کذلک، فیعلم أنّ الوضع خاصّ.
وأمّا أنّ الموضوع له عامّ، أو خاصّ، أو جزئیّ، فهو یأتی من ذی قبل إن شاء الله تعالیٰ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 133