ذنابة : فی بیان امتناع الوضع العامّ والموضوع له الخاص
یمکن دعوی امتناع الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ؛ ضرورة أنّ العناوین المأخوذة للمرآتیّة والحکائیّة، لیست إلاّ المعانی الاسمیّة، فقهراً یقع اللفظ حذاء تلک العناوین المأخوذة بعنوان المشیر.
وبعبارة اُخریٰ : ما اشتهر «من أنّ العناوین بعضها منظور فیها، وبعضها منظور بها» کاذب باطل، ومجرّد توهّم عاطل؛ بداهة أنّ ذلک یرجع إلیٰ کونها ممرّ الوضع، وآلةَ إسراء الوضع إلی الموضوع له، وهذا أمر غیر معقول فی المقام بالضرورة، فإذا اُرید أن یجعل لفظة «الإنسان» لمصادیق الحیوان الناطق، فلایکون الملحوظ واللحاظ إلاّ مصادیق الحیوان الناطق، وهذا عنوان کلّی کسائر العناوین.
ومثله ما إذا قال: «وضعت لفظة الإنسان لکلّ فرد من أفراد الإنسان» فإنّه
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 99
لایستلزم خصوص الموضوع له وتشخّصه؛ ضرورة أنّ الموضوع المتشخّص ما لوحظ فیه الوجود؛ لأنّه مبدأ الشخصیّة، فهذا العنوان وإن یورث تکثّر العنوان العامّ، إلاّ أنّ مجرّد إیراث الکثرة بالإضافة المشاهدة بین کلمة «کلّ» و «الحیوان الناطق» لایقتضی جزئیّة الموضوع له.
فعلیٰ هذا، یکون فیما إذا جعل لفظة «الإنسان» حذاء الحیوان الناطق ـ بنحو کان الموضوع له نفس الطبیعة ـ جمیع المصادیق بما هی حیوان ناطق، مصداقَ الموضوع له، بل هو نفسه؛ علیٰ ما تقرّر فی الکتب العقلیّة.
وفیما إذا جعله حذاء کلّ مصداق من الحیوان الناطق، یکون المصادیق موضوعات لها بما هو منطبق علیها عنوان المصداقیّة. فإمکان حذف عنوان المصداق ومفهومه بالحمل الأوّلی، وإسراءُ الحکم والوضع إلیٰ واقع المصداق وحمله الشائع، ممنوع.
وإن شئت قلت : اشتهاء الواضع وإن کان إیصال الوضع إلی الخارجیّات الجزئیّة، إلاّ أنّ المدار علی ما ینشئه؛ لما عرفت أنّ الوضع عبارة عن إنشاء علقة الدلالة بین اللفظ والمعنیٰ، وما هو متعلّق هذا الإنشاء لیس الخارج؛ لعدم إمکان نیله، وما هو النائل لیس إلاّ المفاهیم، فیلزم کونها موضوعات لها، فیکون الموضوع له عامّاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 100