المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

إیقاظ : جواب شبهة امتناع حصول الوضع بالاستعمال···

إیقاظ : فی جواب شبهة امتناع حصول الوضع بالاستعمال

‏ ‏

‏الهوهویّة الادعائیّة بأن یقول : «هذا» مشیراً إلی الموجود الخارجیّ «زید»‏‎ ‎‏وکما تورث تلک العلقة والارتباط المتقوّم بها، الدلالةَ الوضعیّة اللفظیّة، کذلک‏‎ ‎‏الاستعمال فی الجملة التصدیقیّة التی اُرید بها إفهام مقصد من مقاصده، یورث ذلک‏‎ ‎‏الأمر الاعتباریّ.‏

‏إلاّ أنّه قد یشکل الثانی : بأنّ ذلک یستلزم الجمع بین اللحاظین الآلیّ‏‎ ‎‏والاستقلالیّ؛ ضرورة أنّ النظر فی استیفاء الغرض باللفظ آلیّ، وفی جعل اللفظ‏‎ ‎‏موضوعاً للمعنیٰ بإحداث تلک العلقة استقلالیّ. ویلزم الدور؛ لأنّ صحّة الاستعمال‏‎ ‎‏متوقّفة علی الدلالة المتوقّفة علی الوضع، والوضع معلول الاستعمال، وهو دور‏‎ ‎‏صریح بالضرورة.‏

وتوهّم :‏ أنّ الملحوظ فی الآلیّ هو الشخص، وفی الاستقلالیّ هو النوع ـ کما‏‎ ‎‏أفاده العلاّمة العراقیّ‏‎[1]‎‏ ـ فی غایة الوهن؛ لأنّ ما یتکلّم به لیس إلاّ اللفظ، وهو‏‎ ‎‏الجزئیّ الخارجیّ.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 85
‏نعم، ترتفع الغائلة ـ بعد تصدیق امتناع الجمع ـ : بأنّ الاستعمال یکون بلحاظ‏‎ ‎‏واحد، سواء کان آلیّاً، أو استقلالیّاً، إلاّ أنّ الغرض والداعی متعدّد، ولا منع من ذلک‏‎ ‎‏بعد وجود القرینة علی الدواعی الکثیرة، فکما یصحّ الاستعمال لإفادة حیاته ونطقه‏‎ ‎‏وغرضه وبلاغته وفصاحته وأدبه وغیر ذلک، یصحّ کلّه مع إفادة الوضع أیضاً.‏

‏فعلیٰ هذا، یصحّ تقسیم الوضع إلی التعیینیّ والتعیّنی، ویرتفع الشبهة من‏‎ ‎‏الجهتین. إلاّ أنّ المقصود لیس تقسیم ذات شیء إلیٰ شیئین، بل المقصود بیان أنّ‏‎ ‎‏تلک العلاقة والربط بین قوافل الألفاظ وسلاسل المعانی، کما تحصل بجعلها بالذات‏‎ ‎‏وتحصل بالجعل التبعیّ، کذلک تحصل بالقهر والغلبة.‏

وإن شئت قلت :‏ هذا هو أیضاً تعیینیّ، إلاّ أنّ الواضع لیس شخصاً معیّناً لاحظاً‏‎ ‎‏ذلک، بل هو الأفراد الکثیرون الذین استعملوا اللفظ فی معناه مع القرینة، حتّیٰ صار‏‎ ‎‏ظاهراً فیه بدونها، فحصلت تلک العلاقة بعد ذلک مستندة إلیهم.‏

‏وأمّا الدور المتوهّم‏‎[2]‎‏ فیندفع فیما نحن فیه؛ ضرورة استناد الدلالة إلی اللفظ‏‎ ‎‏مع القرینة، وما اُفید یتمّ إذا کان مستنداً إلیه فقط.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 86

  • )) لاحظ نهایة الأفکار 1 : 31.
  • )) بدائع الأفکار، المحقّق الرشتی : 37 / السطر 34 .