الفیض الإلهی و الکرامة الانسانیة

الفیض الإلهی و الکرامة الانسانیة

رضا الحسینـی فر[1]

‏إنّ أهل المعرفة لاحظوا أنّ الوجود یستند إلی أساس حقیقی و محکم، فلا مجاز و لا اعتبار فـی سلسلة مراتبه. و هذه المراتب الّتـی تشتدّ ـ علی أساس الاستفادة من موهبة الوجود ـ تمتدّ من أعلیٰ مرتبة وجودیة، و هـی مرتبة الواحد الذی لا شریک له، إلیٰ قعر الوجود، وحدّ الوجود و العدم. و فـی هذا الهرم الوجودی یکون الشرف، و الأفضلیة، و الکمال، و الجمال، و کلّ الخیرات و الأشیاء الجمیلة، و النعم مختصّ به تعالی شأنه: ﴿‏وَ لله الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَی‏﴾.‏

‏ثمّ إنّ الکرامة: مفهوم منتزع من أجزاء من الکمالات، و بعبارة اُخریٰ: «الکرامة»: کلمة ننتزعها من کلّ أمر ممدوح و مرضی، و فـی مقابله «اللؤم» الذی یندرج تحته کلّ أمر منحدر و منحط و منفر.‏

‏و أعلیٰ مرتبة للکرامة مخصوصة بالله تعالیٰ، و فـی هذه المنزلة تتجلّیٰ الأسماء و الصفات، و تأتی بعده مراتب الوجود فـی السیر النزولی، و بمقدار انتفاعها من الوجود تکون درجة کرامتها، و واضح أنّه کلّما تنزّل فیض الوجود أکثر بلحاظ الکثرات و الظلمات فإنّ درجته و مرتبته من الکرامة ستکون أقلّ.‏

‏و من هذا یتبین أنّه لابدّ من بحث قصّة الکرامة الانسانیة فـی عالم الوجود من زاویة قوسی الصعود و النزول، کلاً علیٰ حدة، و ملاحظة أنّ الکرامة ـ مورد البحث ـ مرتبطة بحقیقة الإنسان، لا صورته و علیٰ هذا الضوء فإنّ الذین لدیهم صورة إنسانیة، لکنّهم فـی الباطن من الحیوانات، أو إنّ مرتبتهم أقلّ من مرتبة الحیوانات أو أحطّ من الحجر، لیست لدیهم کرامة إنسانیة، و من المؤسف أنّ هؤلاء ـ مع کلّ هذه الإمکانات و القدرات ـ قبعوا فـی الحضیض.‏

‏تناولت هذه المقالة قصّة الکرامة الانسانیة و مراتبها التشکیکیة فـی نظر الحکماء الإلهیین، و خاصّة الإمام الخمینـی، و لأجل هذا تمّ بحث ماهیة الإنسان، و میزان الاستفادة من الإنسانیة.‏

‎ ‎

کتابمجموعه آثار همایش امام خمینی و قلمرو دین«کرامت انسان»: مجموعه مقالات، تهران: خرداد 1386صفحه 298

  • ٭. طالب دکتوراه فـی العرفان.