الکرامة فـی النظام الحقوقی و علاقتها مع غیر المسلمین

الکرامة فـی النظام الحقوقی و علاقتها مع غیر المسلمین

فرج الله العبّاسی[1]

‏تستأثر العلاقات مع العالم غیر المسلم بأهمیة خاصّة؛ و ذلک لضرورة إیصال التعالیم و الرسائل السماویة و النورانیة للقرآن إلی کافّة أصقاع العالم و علی أساس النظریة الإسلامیة تحظیٰ العلاقات مع غیر المسلمین بدرجة خاصّة من الأهمیة، بهدف وصول الرسالات القرآنیة إلی بقاع العالم بأکمله. و فـی هذا المضمار یلاحظ وجود ضرورة علی أن لا تمس القیم الإنسانیة و الدینیة بسوء وهتک عند إقامة هذه العلاقات. و علیه فمن الضروری هنا البحث عن مسألة الحدود الإسلامیة عند الحدیث عن العلاقات مع غیر المسلمین.‏

‏خلق الإنسان بأمر إلهـی؛ للوصول إلی مقام الخلافة الربّانیة، و الاحتفاظ بهذه القیمة الذاتیة یتطلّب نوع من التوجه و الإهتمام بها، و هذا یعنی بقاء القیم الإنسانیة لغیر المسلمین و القیم الإسلامیة محترمة لکلا الطرفین؛ لأنّ مقام الإنسان ـ بغضّ النظر عن الخصوصیات العرقیة و الدینیة والطبقیة ـ ذو قیمة و مرتبة عالیة. هذا مضافاً إلی کون الإسلام دیناً إجتماعیاً، لا فردیاً بحتاً، و دینی ـ کهذا ـ یتطلّب توضیح و تحدید الحدود الفاصلة للمسلمین مع غیرهم فـی دائرة العلاقات، أعم من أن یکون غیر المسلمین من أهل الکتاب أو المشرکین غیر المعتدین و المعاندین. ثمّ إنّه ـ فـی الوهلة الأولیٰ ـ یمکن أن تنقسم الحدود الإسلامیة فـی التعامل إلی علاقتین: علاقة فردیة فـی داخل البلد، و علاقة دولیة. أمّا العلاقة الفردیة أو الشخصیة فهی عبارة عن: التعامل مع الأقارب غیر المسلمین، و الأصدقاء، وحدود المشارکة فـی محافلهم، و عدم المصارحة معهم، و مسائل الزواج الدائم و المنقطع، و الإحسان إلیهم و فعل الخیر، و المبادلات، و إمتلاک حیاة سلیمة و کریمة مع غیر المسلمین. و أمّا علی صعید العلاقات الدولیة فیتعین علی الحکومة الاسلامیة رعایة الأصول الإسلامیة المرسومة فـی السیاسة الخارجیة. و یمکن إجمال تلک الأصول و المبادی‏ء‏ فیما یلی:‏


کتابمجموعه آثار همایش امام خمینی و قلمرو دین«کرامت انسان»: مجموعه مقالات، تهران: خرداد 1386صفحه 262
‏1. الإلتزام بالمعاهدات و المواثیق السیاسیة.‏

‏2و سیاسة الوقوف بوجه الظالم، و حمایة المظلوم فـی کل نقاط العالم، بغضّ النظر عن القومیة و الإنتماء المذهبـی.‏

‏3. الحفاظ علی إستقلال الدولة علی مستوی التطبیق و العلاقات.‏

‏4. التعامل الإسلامی المقترن بالعدالة.‏

‏5. دعوة الآخرین إلی الإسلام بالسلوک الحسن و الإلتزام بالتعالیم الإسلامیة فـی هذا السیاق.‏

‏6. نفی کلّ لون من ألوان السیطرة و الإستیلاء من قبل الأجنبـی علی الدول الإسلامیة.‏

‏7. الإحتفاظ بالسیادة و العزّة الإسلامیة علی أساس الوحدة، لا التبعیة.‏

‏8. عدم التدخّل فـی شؤون الآخرین، و الاحترام المتقابل فیما یتعلّق بالثوابت و الأصول المختصّة لکلّ واحد منهم، شریطة أن لا یؤدّی هذا الإحترام إلی تقویة السلطة الظالمة، و سحق حقوق المظلومین.‏

‏و علیه فمن الضروری مراعاة هذه الأصول و الحدود المرسومة فـی جمیع العلاقات و المبادلات: سواء کانت سیاسیة، أو ثقافیة، أو إقتصادیة، أو عسکریة، کما حقّق ذلک الإمام الراحل(ره) علی أرض الواقع طیلة مسیرته الجهادیة و حکومته الإسلامیة.‏

‎ ‎

کتابمجموعه آثار همایش امام خمینی و قلمرو دین«کرامت انسان»: مجموعه مقالات، تهران: خرداد 1386صفحه 263

  • ٭. باحث و محقق.