استدلال المحقّق الإیروانی علی الموالاة

‏‏استدلال المحقّق الإیروانی علی الموالاة‏

‏‏ ‏

‏‏وقد یقال : إنّ ا لإیجاب یفید ا لنقل من حینـه ، فإذا تأخّر ا لقبول عنـه ، فإمّا‏‎ ‎‏أن یکون قبولاً لتمام مضمون ا لإیجاب ، فعلیٰ فرض ا لصحّـة لزم حصول ا لنقل قبل‏‎ ‎‏تمام ا لعقد ، أو بعض مضمونـه ؛ أعنی ا لنقل من حین تحقّق ا لقبول ، فیلزم عدم‏‎ ‎‏ا لمطابقـة بین ا لإیجاب وا لقبول ، وهو معفوّ فی ا لفصل ا لقلیل ، دون ا لکثیر‏‎[1]‎‏ .‏

‏‏وفیـه :‏‏ أنّ لنا اختیار ا لشقّ ا لأوّل ، من غیر لزوم ا لتا لی ا لفاسد ؛ لما عرفت‏‎ ‎‏من أنّ ا لإیجاب تمام ماهیّـة ا لعقد ، وا لقبول کا لإجازة فی ا لفضولی ، فیمکن ا لقول‏‎ ‎‏با لصحّـة من حین ا لإیجاب کشفاً أو حکماً ، فتأمّل .‏

‏‏أو یقال : إنّ ا لإیجاب لیس مضمونـه ا لنقل من حینـه ، بل مضمونـه ا لتملیک‏‎ ‎‏با لعوض ، أو ا لتبدیل بین ا لما لین ، لکن ترتّب ا لأثر علیـه عرفاً وشرعاً أعنی‏‎ ‎‏اعتبارهما لتحقّق ا لنقل ، موقوف علیٰ ضمّ ا لقبول إلیـه .‏

‏‏وإن شئت قلت : بعد ضمّـه یؤثّر فی ا لنقل ، لا ا لنقل فی ا لحین ، فا لقبول‏‎ ‎‏قبول لتمام مضمونـه .‏

‏‏وبعبارة اُخریٰ :‏‏ إنّ ا لأسباب مؤثّرات فی نفس ا لمسبّبات ، وا لزمان ظرف‏‎ ‎‏لتحقّقها ، لا قید لـه ، وهو واضح موافق للتحقیق ، فا لشقّ ا لأوّل مختار ، ولا إشکال‏‎ ‎‏فیـه .‏

‏‏وأمّا ما یقال‏‏ فی مقام بیان اعتبار ا لتوا لی ، بأنّ ا لعقد ا لمرکّب من ا لإیجاب‏
‏‎

‎‏وا لقبول ا لقائمین بنفس ا لمتعاقدین بمنزلـة کلام واحد ، مرتبط بعضـه ببعض ، فلابدّ‏‎ ‎‏فی ترتّب ا لحکم علیـه من تحقّقـه بنحو ا لوحدة ا لاتصا لیّـة ، وا لفصل ا لطویل أو‏‎ ‎‏با لأجنبی یقدح با لهیئـة ا لاتصا لیّـة وا لوحدة ا لاعتباریّـة‏‎[2]‎‏ .‏

‏‏أو یقال :‏‏ إنّ ا لعقد بما أ نّـه موضوع ا لأثر ا لواحد ، لابدّ وأن یکون واحداً‏‎ ‎‏عرفاً ، وا لفصل مخلّ بوحدتـه ا لعرفیّـة‏‎[3]‎‏ .‏

‏‏فغیر وجیـه ؛‏‏ لأنّ ا لعقد ، وا لبیع ، وا لتجارة ونحوها عبارة عن ا لمعانی‏‎ ‎‏ا لمسبّبیـة ، وقد مرّ فی ا لمعاطاة بیان أنّ ا لعقد لیس من مقولـة ا للفظ‏‎[4]‎‏ ، فـ ‏‏«‏‏عُقْدَةُ‏‎ ‎‏النِّکَاحِ‏‏»‏‏ا لواردة فی ا لکتاب ا لعزیز عبارة عن ا لعلقـة ا لمتبادلـة بین ا لمتعاملین ،‏‎ ‎‏کأ نّها بتبادل ا لإضافتین صارت عقدة کعقدة ا لخیط ، وهی أمر باقٍ ، یصحّ أن یعبّر‏‎ ‎‏عنـه بقولـه تعا لیٰ : ‏‏«‏‏أَوْ یَعْفُوَ الَّذِی بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکَاحِ‏‏»‏‎[5]‎‏ .‏

‏‏فلابدّ من ملاحظـة هذا ا لربط وا لعلقـة ا لمسبّبیـة ، وهی لیست من الاُمور‏‎ ‎‏ا لمتدرّجـة ا لوجود ، ولا من مقولـة ا لألفاظ ، حتّیٰ تلاحظ هیئتها ا لاتصا لیّـة ،‏‎ ‎‏فقیاسها با لقراءة ، وا لتشهّد ، وا لصلاة ، ونحوها‏‎[6]‎‏ مع ا لفارق ، وقد تقدّم أنّ‏‎ ‎‏با لإیجاب یتمّ ا لعقد وا لبیع ، وا لقبول بمنزلـة ا لإجازة‏‎[7]‎‏ .‏

‏‏نعم ،‏‏ ما هو ا لمعتبر ارتباط قرارهما وعهدهما ؛ أی عهد ا لبائع وقراره بقبول‏‎ ‎‏ا لمشتری ، وهو حاصل مع بقاء ا لإیجاب الاعتباری ؛ أی ا لمعنی ا لمسبّبی بنظر‏
‏‎

‎‏ا لعقلاء ، فما لم یصر ا لإیجاب ا لکذائی منسیّاً ومعرضاً عنـه ، صحّ ضمّ ا لقبول إلیـه .‏

‏‏فلو قال : «بعتک هذا ا لفرس ، قم وتفکّر فی صلاحک» فقام وتأمّل ساعـة أو‏‎ ‎‏ساعتین ، بل یوماً أو یومین ، فاختار ا لقبول ، یصدق «ا لعقد» علیـه ، ویجب ا لوفاء‏‎ ‎‏بـه عرفاً وشرعاً .‏

‏‏کما أنّ ا لعهود ا لکتبیّـة بین ا لدول وبین ا لشرکاء فی ا لتجارات ، لایعتبر فیها‏‎ ‎‏ا لتوا لی لدی ا لعقلاء .‏

‏‏فا لمضرّ عدم ربط ا لمسبّبات ، وا لمعتبر ربطها ، لا ا لتوا لی بین ا لإیجاب‏‎ ‎‏وا لقبول وبین ا لأسباب ، من غیر فرق بین کون دلیل ا لتنفیذ ‏‏«‏‏أَوْفُوا بِالْعُقُودِ‏‏»‏‎[8]‎‏ أو‏‎ ‎‏«‏‏أَحَلَّ الله ُ الْبَیْعَ‏‏»‏‎[9]‎‏ و‏‏«‏‏تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ‏‏»‏‎[10]‎‏ .‏

‏‏ثمّ‏‏ إنّ مقتضیٰ تقریب ا لشیخ ا لأعظم‏‎[11]‎‏ ذیل کلام ا لشهید‏‎[12]‎‏ ، عدم ا لفرق فی‏‎ ‎‏عدم ا لصحّـة بین اعتبار ا لعقد وغیره لأنّ برهانـه ـ وهو أنّ ا لإیجاب وا لقبول‏‎ ‎‏بمنزلـة کلام واحد ، مرتبط بعضـه ببعض ، فیـه ا لهیئـة ا لاتصا لیّـة ، فیقدح تخلّل‏‎ ‎‏ا لفصل بهیئتـه ا لاتصا لیّـة ـ جارٍ فی غیره أیضاً ؛ لأنّ ا لبیع وا لتجارة أیضاً علیٰ هذا‏‎ ‎‏ا لمبنیٰ ، عبارة عن ا لإیجاب وا لقبول ا لمرتبطین ، وبمنزلـة کلام واحد .‏

‏‏وما قیل‏‏ فی بیان ا لفرق بأنّ «ا لعقد» ربط ووصل ، ففی مفهومـه معتبر ذلک ،‏‎ ‎‏فلابدّ أن لایتخلّف ا لعقد ا للفظی أحد جزئیـه عن الآخر ، بخلاف ا لبیع وا لتجارة ؛ إذ‏
‏‎

‎‏لیس مفهومهما کمفهومـه مقتضیاً للربط‏‎[13]‎‏ ، مع کونـه غیر مرضیّ فی نفسـه ، ‏‏غیر‏‎ ‎‏مربوط‏‏ باستدلال ا لشیخ ، فراجع .‏

‏‏ثمّ‏‏ إنّ ما ذکره ا لشیخ لیس مختصّاً بالاُمور ا لمتدرّجـة ، بل کلّ اُمور یجمعها‏‎ ‎‏عنوان واحد ، ولها هیئـة خاصّـة اتصا لیّـة ، أیضاً کذلک ، کا لعسکر ، وا لدار ،‏‎ ‎‏وا لبستان ، وا لبلد ، فا لتدریج وا لقرار غیر دخیلین ، ولایبعد أن لایخا لف ا لشیخ‏‎ ‎‏ذلک ، وإنّما خصّ با لأمر ا لتدریجی ؛ لأنّ ا لمقام من قبیلـه .‏

‏‏وقد عدل بعض ا لأعاظم عن تقریب ا لشیخ ‏‏قدس سره‏‏ بقولـه : «کلّ أمرین أو اُمور‏‎ ‎‏یجمعها عنوان واحد کـ «ا لصلاة ، یجب أن لایفصل بینها فاصل مخلّ با لجهـة‏‎ ‎‏ا لجامعـة»‏‎[14]‎‏ .‏

‏‏لکن یظهر من ذیل کلامـه أیضاً ا لفرق بین ا لعقد وا لبیع‏‎[15]‎‏ ، وفی کلامـه موارد‏‎ ‎‏أنظار ، تظهر للناظر ا لدقیق .‏

‏‏وأمّا ا لتفصیل بین ا لعقود ا لإذنیّـة وغیرها‏‎[16]‎‏ ، فقد مرّ ما یفسده‏‎[17]‎‏ .‏

‏‎ ‎

‏‎

‎

• )) حاشیـة ا لمکاسب ، ا لمحقّق الإیروانی 1 : 90 / ا لسطر 35 .
• )) ا لمکاسب : 98 / ا لسطر 29 .
• )) حاشیـة ا لمکاسب ، ا لمحقّق ا لأصفهانی 1 : 71 / ا لسطر 18 .
• )) تقدّم فی ا لصفحـة 108 .
• )) ا لبقرة (2) : 237 .
• )) ا لمکاسب : 98 / ا لسطر 31 .
• )) تقدّم فی ا لصفحـة 244 ، 325 .
• )) ا لمائدة (5) : 1 .
• )) ا لبقرة (2) : 275 .
• )) ا لنساء (4) : 29 .
• )) ا لمکاسب : 98 / ا لسطر 28 .
• )) ا لقواعد وا لفوائد 1 : 234 ـ 235 .
• )) حاشیـة ا لمکاسب ، ا لمحقّق ا لأصفهانی 1 : 71 / ا لسطر 4 ـ 9 .
• )) منیـة ا لطا لب 1 : 111 / ا لسطر 16 .
• )) نفس ا لمصدر : 111 ـ 112 .
• )) نفس ا لمصدر .
• )) تقدّم فی ا لصفحـة 338 ـ 339 .