مقتضی الأصل عند الشکّ فی مثلیّة الشیء أو قیمیّته
ولو شککنا فی أنّ شیئاً مثلی أو قیمی ، فهل مقتضی ا لأصل ا لاشتغال ، أو ا لبراءة ؟
کتاب البیعج. 1صفحه 508
أقول : ا لشبهـة إمّا مفهومیّـة ، کما لو شکّ فی أنّ مفهوم «ا لمثلی» ینطبق علیٰ ما یخرج من ا لمعامل ، أو مصداقیّـة ، کما لو أتلف شیئاً ، ولم یعلم أ نّـه من هذا ا لمثلی ، أو ذاک ا لقیمی .
وعلیٰ أیّ حال : یحتمل بحسب ا لتصوّر ، أن یکون ا لضمان متعلّقاً با لعین مطلقاً ، وتکون هی علیٰ عهدة ا لضامن ، وبإعطاء ا لمثل فی ا لمثلی ، وا لقیمـة فی ا لقیمی ، تسقط عن عهدتـه بحکم ا لشرع وا لعقلاء .
أو متعلّقاً بعنوان «ا لبدل» و«ا لعوض» ونحوهما مطلقاً .
أو متعلّقاً با لمثل کذلک ، فیکون إعطاء ا لقیمـة عند إعواز ا لمثل بدلاً عنـه ، ویسقط ا لمثل باعطائها عند ا لإعواز .
أو متعلّقاً با لقیمـة مطلقاً حتّیٰ فی ا لمثلی .
أو متعلّقاً با لمثل فی ا لمثلی ، وبا لقیمـة فی ا لقیمی .
ثمّ إنّ ا لقیمـة فی جمیع ا لموارد ، إمّا أن تعتبر بلاخصوصیّـة ؛ بمعنیٰ أنّ ا لقیمـة ا لقابلـة للأداء بکلّ قیمی ، معتبرة ومتعلّقـة للضمان ، أو تعتبر بخصوصیّـة ا لأثمان .
وقد عرفت ا لحقّ فیها ، لکن لا بأس بذکر مقتضی ا لأصل علی ا لتقادیر ، ومقتضاه علیٰ فرض ا لشکّ فی کیفیّـة ا لضمان ، وأ نّـه علیٰ أیّ نحو من ا لأنحاء ا لمتقدّمـة ، ونحن نذکر بعض ا لصور ، ویتّضح حال ا لبقیّـة منـه .
فنقول : إن کان ا لضمان متعلّقاً بنفس ا لعین ، فإن قلنا : بأنّ ا لقیمـة بلا خصوصیّـة ، معتبرة فی ا لأداء ، فا لقاعدة وإن تقتضی ا لاشتغال ، لکن تحصل ا لبراءة ا لیقینیّـة بإعطاء مثل ساوت قیمتـه للتا لف أو کانت أکثر ؛ لأنّ ا لمضمون إن کان
کتاب البیعج. 1صفحه 509
مثلیّاً فهو مثلـه ، وإن کان قیمیّاً کان قیمتـه بلا خصوصیّـة .
وإن کانت قیمتـه أقلّ من ا لتا لف أو احتمل ذلک ، فمع أداء ا لمماثل وشیء تکون قیمتـه بمقدار ا لنقیصـة ، یوجب ا لقطع با لبراءة ، من غیر فرق فی ا لموردین بین ا لشبهـة ا لمفهومیّـة أو ا لموضوعیّـة .
ولیس للمضمون لـه ا لامتناع عن ا لمثل مع مساواة قیمتـه للتا لف ، ولا للضامن ا لاکتفاء با لمثل مع نقصـه عنـه قیمةً .
وإن قلنا : بأنّ ا لقیمـة عبارة عن خصوص ا لأثمان ، فا لضامن لایقطع با لبراءة إلاّ بإعطائهما ؛ أی ا لمثل وا لقیمـة ، ومعـه یقطع بها .
لکن لایجب علیـه تملیکهما ؛ لقاعدة ا لضرر ، بناءً علیٰ أنّ مفادها رفع ا لحکم ا لضرری حتّیٰ فی مثل ا لمورد ، وإن کانت ا لقاعدة أجنبیّـة عن رفع ا لأحکام ، وعلیٰ فرض ا لتسلیم فجریانها فی مثل ا لمورد محلّ إشکال .
لکن لا دلیل علیٰ وجوب تملیکهما لـه ؛ لا عقلاً ولا نقلاً ، وما یجب علیـه هو إیصال ما لـه إلیـه ، وهو یحصل بإعطائهما لیختار ما یختار .
وأمّا ما قال ا لسیّد قدس سره فی «تعلیقتـه» من أنّ مقتضی ا لقاعدة وجوب ا لاحتیاط ؛ إذ لا فرق بین ا لمقدّمـة ا لعلمیّـة وا لمقدّمـة ا لواقعیّـة ، فکما لاتجری قاعدة نفی ا لضرر فی ا لثانیـة ، کذلک فی الاُولیٰ .
ففیـه : ـ بعد ا لبناء علیٰ جریان ا لقاعدة فی ا لمقدّمـة ا لواقعیّـة ، وا لغضّ عن ا لإشکال ا لذی تقدّم بیانـه ـ أنّ ما ذکروا فی جریانها فی ا لمقدّمـة ا لوجودیّـة : هو أنّ طبیعـة ا لردّ ا لواجب ا لمتوقّف علی ا لمقدّمات ضرریة ، ودلیل نفی ا لضرر لایشمل ما کانت بطبعها ضرریّـة .
کتاب البیعج. 1صفحه 510
وهو لایجری فی ا لمقدّمـة ا لعلمیّـة ؛ لأنّ إیصال مال ا لغیر لایتوقّف علیٰ إیصا لهما ، فلایکون ا لردّ ضرریّاً بطبعـه ، ولا متوقّفاً علیٰ إیصال شیءٍ أجنبی عنـه ، بل ا لعلم با لبراءة یتوقّف علیـه ، فإیجاب إعطاء ما لـه مجّاناً ضرر منفی با لقاعدة .
بل لایتوقّف ا لعلم با لبراءة علیٰ تملیکهما لـه وإعطائهما مجّاناً ، بل لو جعلهما باختیاره واختار أحدهما ، سقط ا لاشتغال ، فلو أخذهما بعنوان أخذ ما هو مضمون علی ا لضامن ، ولم یختر واحداً منهما ، ولم یحصل ا لتراضی بینهما ، فا للازم ا لرجوع إلی ا لقرعـة ا لتی هی لکلّ أمرٍ مجهول .
وما قیل من أنّ مصبّ أدلّـة ا لقرعـة ا لشبهـة ا لموضوعیّـة ا لمحضـة ، لا ما تستند إلی ا لحکمیّـة .
غیر وجیـه ؛ لما قلناه فی قاعدة ا لقرعـة من أنّ مقتضی ا لأدلّـة أ نّها لکلّ مجهول أو مشتبـه ، تزاحمت ا لحقوق فیـه .
کما أنّ ما اشتهر بین ا لمتأخّرین من أنّ کثرة ا لتخصیص ا لوارد علیٰ قاعدتها ، موجبـة لکشف قید حافٍّ بدلیلها ، فلابدّ فی ا لعمل بها من عمل ا لمشهور .
لا أساس لـه ؛ لأنّ ا لتوهّم ناشٍ عن توهّم إطلاق أدلّـتها لکلّ مجهول ، تزاحم ا لحقوق فیـه أم لا ، وقد فرغنا عن دفعـه ، فراجع «رسا لتنا فی ا لاستصحاب» حتّیٰ یتّضح لک ا لأمر ، لکن لابدّ فی ا لقرعـة من إرجاع ا لأمر إلی ا لحاکم ا لشرعی .
وأمّا لو لم یأخذهما ، ولم یرضیا با لتصا لح ، فیرجع إلی ا لحاکم ، وهو إمّا
کتاب البیعج. 1صفحه 511
أن یلزمهما با لتصا لح ، أو یختار أحدهما ، وهذا اختیار فی مقام ا لقضاء ورفع ا لخصومـة ، وهو غیر ا لاختیار ا لمذکور فی ا لأخذ بأحد ا لخبرین للفتیا ، فا لقول بأنّ دلیل ا لاختیار راجع إلیـه فی غیر محلّـه .
وممّا ذکرناه یظهر ا لحال فی ا لصور ا لتی یتعلّق عنوان با لذمّـة ، واُرید إسقاطـه بأداء شیءٍ مردّد ، کما لو قیل ، بتعلّق ا لمثل مطلقاً بـ «ا لذمّـة» أو «ا لبدل» و«ا لعوض» ونحوهما من ا لعناوین .
نعم ، لو قلنا : بأنّ ا لمثل فی ا لذمّـة مطلقاً حتّیٰ فی ا لقیمی ، وإنّما کان أداء ا لقیمـة رافعاً للضمان فی ا لقیمی إرفاقاً با لضامن ، فمقتضی ا لقاعدة ا لاحتیاط ، وهو یحصل بأداء ا لمثل .
کتاب البیعج. 1صفحه 512