کلام المحقّق النائینیّ فی تصحیح التمسّک بقاعدة السلطنة
لکنّ بعض ا لأعاظم قدس سره تصدّیٰ لتصحیح ا لتمسّک با لقاعدة ، فقال ما حاصلـه :
إنّ إسقاط ا لعقد عن قابلیّتـه للحوق ا لإجازة لیس من ا لأحکام ، بل کونـه من ا لحقوق ا لما لیّـة ظاهر ؛ فإنّ ا لبیع من ا لغیر من ا لسلطنـة ا لما لیّـة ، وثبوتها للما لک بأدلّـة نفوذ ا لبیع واضح .
فردّ ا لبیع أیضاً من أنحاء ا لسلطنـة ، وشمول عموم ا لقاعدة لهذا ا لنحو من ا لسلطنـة لاینبغی ا لإشکال فیـه .
وفیـه : أنّ مقایسـة ردّ ا لإنشاء ا لذی هو فعل ا لغیر ، ولایکون تصرّفاً بوجـه فی ما لـه ـ بل هو إنشاء صرف لبیع صاحب ا لمال ا لذی هو تصرّف فی ما لـه ، ومن أنحاء ا لسلطنـة بلا إشکال ـ من عجائب ا لدعاویٰ ، فأیّ ربط بین تصرّف ا لشخص فی ما لـه با لبیع ، وإنفاذه بدلیل شرعیّ ، وبین ردّ إنشاء ا لغیر ا لذی هو لیس تصرّفاً خارجیّاً ، ولا اعتباریّاً ، عرفاً وشرعاً ؟ !
وما أفاد فی خلال کلامـه : من أنّ ا لفضولیّ وإن لم یتصرّف فی ملک ا لما لک ،
کتاب البیعج. 2صفحه 287
ولم یتحقّق ا لمنشأ بإنشائـه فی عا لم ا لاعتبار ، إ لاّ أ نّـه تحقّق منـه ا لمنشأ بنظره ؛ فإنّـه أوقع ا لتبدیل بین ا لما لین ، ومقتضی ا لسلطنـة ا لمطلقـة أن یکون لـه إبطال هذا ا لإنشاء .
عجیب آخر ؛ فإنّـه بعد ا لاعتراف بعدم کونـه تصرّفاً واقعاً ، فمجرّد کونـه بنظره تصرّفاً لایوجب قلب ا لواقع ، وموضوع دلیل ا لسلطنـة هو ا لواقع ، لا ما هو بنظر شخص خطأ .
مع أنّ ما أنشأ ا لمنشئ بوجوده ا لإنشائیّ ، متحقّق فی نظره ونظر سائر ا لعقلاء ، وا لنقل ا لواقعی غیر متحقّق بنظره ونظر غیره ، إ لاّ أن یکون شخصاً غافلاً عن ا لحقائق .
مع أ نّـه لو کان ا لإنشاء تصرّفاً مزاحماً لسلطنـة ا لما لک ، فلابدّ وأن یکون محرّماً وغیر واقع ، فبطل ا لفضولیّ من رأس .
وعجیب آخر ما أفاد : من أنّ ردّ ا لمرتهن بیع ا لراهن لیس موجباً لزوال عقده ؛ لأنّ ا لمرتهن لیست لـه سلطنـة علی ا لعقد ، وإنّما لـه استیفاء دینـه من ا لعین ، ومجرّد ا لعقد علیها لایکون مزاحماً لهذا ا لحقّ .
فإنّ مجرّد ا لإنشاء إن کان نحو تصرّف فی مال ا لغیر ، لا یبقی فرق بین ملک ا لغیر ومتعلّق حقّـه ، وإ لاّ فلا فرق بینهما أیضاً ، فکما أنّ إنشاء ا لراهن لیس مزاحماً لحقّ ا لمرتهن ، کذلک إنشاء ا لفضولیّ لیس مزاحماً لشیء من حقوق ا لما لک ، فللما لک بعد هذا ا لإنشاء جمیع ا لتصرّفات ا لخارجیّـة وا لاعتباریّـة .
ثمّ قال : بل لو لم نقل بأنّ ا لسلطنـة علیٰ إسقاط ا لعقد من ا لسلطنـة علیٰ ا لمال ، بل هو من ا لأحکام ا لشرعیّـة ، إ لاّ أ نّـه لا شبهـة فی أنّ هذا ا لذی ثبت لـه
کتاب البیعج. 2صفحه 288
شرعاً ـ لو تحقّق منـه ـ ینفذ علیـه ، ولا یمکنـه حلّـه وإیجاد ضدّه ، فنفوذ ردّه عقد ا لفضولیّ کجواز ا لبیع ، فکما لایجوز لـه فسخ ا لبیع بعد صدوره منـه ، فکذلک لاینفذ منـه إبطال ردّه بعد تحقّقـه .
وهو أعجب ممّا سبق ؛ ضرورة أنّ جواز ا لبیع ثبت لـه بقاعدة ا لسلطنـة ، ولیس لـه فسخـه ؛ لأدلّـة لزوم ا لبیع ، وأمّا ردّه فلا دلیل علیٰ إنفاذه وعدم جواز ا لرجوع منـه ، فا لمقایسـة باطلـة .
ثمّ قال : أمّا قولهم : بأ نّا لا نسلّم حصول ا لعلقـة .
ففیـه : أ نّـه وإن لم تحصل لـه ا لعلقـة شرعاً ، لکنّها حصلت لـه عرفاً ، فا لردّ یبطل هذه ا لعلقـة ، مع أنّ تأثیر ا لردّ لا یتوقّف علی ا لعلقـة فعلاً ، بل تکفی شأنیّـة تحقّقها ، ولا شبهـة فی أنّ ا لعقد ا لفضولیّ مادّة قابلـة للحوق ا لإجازة بـه ، فا لردّ مقابل للإجازة ، وهو یسقط ا لعقد عن ا لقابلیّـة .
وهو أیضاً من ا لدعاوی ا لعجیبـة ، فإنّ ا لعلقـة ا لتی حصلت عرفاً بزعمـه ، إن کانت وراء إنشاء ا لبیع ـ أی ا لمبادلـة ا لإنشائیّـة ـ فهی لم تحصل لا عرفاً ، ولا شرعاً .
وإن کانت ذلک فهی حاصلـة عرفاً وشرعاً ، ولهذا لو أجاز صحّ شرعاً وعرفاً ، وهذه ا لعلقـة لیست تصرّفاً فی ا لمال قطعاً ، وإ لاّ لزمت حرمتـه وبطلانـه ، وهو لایقول بـه .
وان کان ا لمقصود أنّ مجرّد ا لإنشاء کاف فی جواز حلّـه ، کما ادعاه أخیراً ، فهو مصادرة ظاهرة ؛ فإنّ ا لمدّعیٰ أنّ ا لإنشاء قابل للردّ وا لفسخ ، وا لدلیل أنّ
کتاب البیعج. 2صفحه 289
ا لإنشاء کاف فی ا لردّ وا لفسخ ، وهو کما تریٰ .
فاتضح ممّا مرّ : أنّ مقتضیٰ قاعدة ا لسلطنـة لیس إ لاّ صحّـة ا لإجازة ؛ فإنّها موجبـة للنقل ، وهو من أنحاء ا لتصرّف ، وا لسلطنـة علیـه من أنحاء ا لسلطنـة علی ا لمال ، ولازم ا لسلطنـة علی ا لإجازة ا لسلطنـة علیٰ ترکها ، وإ لاّ لم یکن سلطاناً علی ا لفعل ؛ فإنّ ا لقدرة علی ا لشیء قدرة علیٰ إیجاده وترکـه .
ولعلّـه رحمه الله کان فی نظره ما هو ا لمعروف ؛ من أنّ ا لقدرة شأنها کذلک ، فتوهّم أنّ مقابل ا لقدرة علی ا لإجازة ا لقدرة علیٰ حلّ ا لإنشاء ، ولازم ا لقدرة علیٰ طرف هو ا لقدرة علی ا لطرف الآخر .
وأنت خبیر : بأنّ ا لمقابل ا لذی یلزم تعلّق ا لقدرة علیـه ـ إذا تعلّقت بمقابلـه ـ هو ا لفعل وا لترک ، لا ا لفعل وفعل آخر ، ولاسیّما إذا کان ا لفعل تصرّفاً فی ا لمال ، وا لفعل الآخر تصرّفاً فی ا لعقد لا فی ا لمال .
ثمّ إنّـه لو فرض تمامیّـة ما ذکر ـ من اقتضاء قاعدة ا لسلطنـة جواز ا لردّ ، أو أنّ ا لردّ موجب بحسب ا لقاعدة لفسخ ا لعقد ـ لایوجب ذلک طرح ما یدلّ علیٰ صحّتها بعد ا لردّ فرضاً ؛ فإنّ قاعدة ا لسلطنـة قابلـة للتقیید ، وا لقاعدة ا لاُخریٰ قابلـة للردع ، فإذا دلّت روایـة صحیحـة علیٰ ذلک ، لزم ا لأخذ بها .
فما أفاده ا لشیخ قدس سره وتبعـه بعض آخر : من طرح ا لصحیحـة ا لدالّـة علیـه أو تأویلها ، غیر موجّـه .
نعم ، قد مرّ سابقاً أنّ صحیحـة محمّد بن قیس لاتدلّ علی ا لردّ .
کتاب البیعج. 2صفحه 290