حول الاستدلال علی الضمان بقاعدة الضرر
واستدلّ ا لشیخ قدس سره علی ا لضمان بقاعدة ا لضرر ، بل عدّ ا لتغریم فی مورد ا لنفع ـ بلا رجوع إ لی ا لغارّ ـ ضرراً عظیماً ، وقال : صدق «ا لضرر» و«إضرار ا لغارّ» ممّا لایخفیٰ .
أقول : تمامیّـة ا لمدّعیٰ تتوقّف علیٰ کون ا لقاعدة مشرّعـة للضمان ، وعلیٰ کون مطلق ا لغرامـة ضرراً ، وعلیٰ کون ا لغارّ سبباً للضرر .
وفی ا لجمیع نظر ؛ لما حقّقناه فی محلّـه : من أنّ ا لقاعدة من ا لنواهی ا لسلطانیّـة ا لسیاسیّـة ، لا مشرّعـة للضمان ، ولا حاکمـة علیٰ أدلّـة ا لأحکام ا لشرعیّـة ، ومع ا لغضّ عنـه لا مانع من کونها مشرّعـة .
وتوهّم : عدم جواز استفادة نفی ا لأحکام ا لضرریّـة وإثبات ا لضمان من لفظ
کتاب البیعج. 2صفحه 472
واحد واستعمال فارد ، فاسد ؛ لأ نّـه مع بقاء ا لنفی بحا لـه ، لا إشکال فی أنّ نفی ا لضرر وا لضرار ـ مع وجودهما فی ا لخارج ـ من ا لحقائق ا لادعائیّـة ، لا ا لمجاز فی ا لکلمـة ، ولا فی ا لحذف ، ولابدّ فی إدعاء نفی ا لحقیقـة فی ا لخارج من مصحّح ، وهو فی ا لمقام سدّ جمیع أنحاء ا لضرر فی حیطـة ا لإسلام .
فلو أجاز ا لشارع ا لأقدس إیقاع ا لضرر علی ا لغیر ـ نفساً أو مالاً ـ لم تصحّ دعواه ، کما أ نّـه لو شرّع ا لأحکام ا لضرریّـة فکذلک .
وهکذا لو أوقع شخص ضرراً علی ا لغیر ؛ نفساً کا لقتل وا لجرح ، أو مالاً ، ولم یحکم بجبره ، لم تصحّ دعواه ، فمصحّح ا لدعویٰ هو سدّ جمیع أنحاء ا لضرر ، فیستفاد منها ا لقصاص وا لدیات وا لتقاصّ وا لضمانات .
وإن شئت قلت : إنّ إطلاق ادعاء نفی ا لضرر شامل لجمیع ما ذکر .
نعم ، قد أوردنا علیٰ صحّـة هذه ا لدعویٰ فی محلّها ، لکنّ ا لکلام مع ا لغضّ عنـه :
وما قیل : من أنّ ا لقاعدة لو کانت مثبتـة للحکم لما استقام حجر علیٰ حجر ، ولزم تدارک کلّ خسارة من بیت ا لمال أو من ا لأغنیاء ، غیر ظاهر ؛ لأنّ ا لخسارات ا لواقعـة علی ا لأشخاص فی ا لسوق ـ من ا لمعاملات ونحوها ـ غیر مربوطـة بشرع ا لإسلام وقوانینـه ، وتحمّل ا لضارّ ا لخسارة ا لسوقیّـة لایوجب إشکالاً .
فإثبات ا لضمان وا لقصاص وا لدیـة بها ، لا مانع منـه ، بل هو مقتضی ا لإطلاق .
ثمّ علیٰ فرض تمامیّـة هذا ا لمدّعیٰ ، یمکن ا لمناقشـة فی کون کلّ غرامـة
کتاب البیعج. 2صفحه 473
ضرراً عرفاً ، فلو ذهب لاستئجار دار بمائـة دینار ، فأشار إ لیـه شخص : بأن یسکن فی دار إجارتها مائـة دینار أو أقلّ ، فسکن فاتضح أ نّها للغیر ، فأخذ ا لإجارة منـه لیس ضرراً علیـه عرفاً ؛ فإنّـه کان یستأجرها لسکناه ، ولم تکن زائدة علیٰ قیمتها ا لعادلـة .
وبا لجملـة : إعطاء قیمـة ما یحتاج إ لیـه ا لإنسان ، لا یعدّ ضرراً عرفاً .
ولو سلّم ذلک ، یمکن ا لمناقشـة فی ا لمقدّمـة ا لأخیرة ؛ فإنّ ا لبائع وإن کان غارّاً ، لکنّـه لیس سبباً للضرر بوجـه ، فلو قلع ا لما لک ا لشجر من أرضـه ، یکون ا لضارّ هو ا لقا لع بلا إشکال ، وإن کان إضراره لا حکم لـه وضعاً ولا تکلیفاً .
ومع کونـه متلفاً وضارّاً ، لا یعقل أن یکون ا لبائع أیضاً متلفاً وضارّاً ، بل ا لبائع لیس سبباً للإضرار بوجـه .
نعم ، لولا ا لبیع وحصول ا لعین بیده ، لم یتوجّـه إ لیـه ضرر ، لکن مجرّد ذلک لایوجب صدق «ا لإضرار» و«ا لإتلاف» کما أ نّـه لولا ا لمظلوم لما وقع ظلم ، ومع ذلک لایکون ا لمظلوم سبباً لـه .
فا لبائع محقّق لموضوع ا لبناء فی ا لملک ، لا سبب بنائـه أو هدمـه ، کما أنّ بانی ا لبناء أیضاً لیس سبباً لهدمـه ، وإن صدق «أ نّـه لولا ا لبناء لما وقع ا لهدم» .
وکیف کان : فا لمعتمد فی ا لمقام قاعدة ا لغرور ، وشمولها لجمیع موارد ا لمقام محلّ مناقشـة .
کتاب البیعج. 2صفحه 474