الموارد التی توهّم النقض علیٰ عدم انقسام الحقّ الشخصی
ثمّ إنّـه قد یتوهّم ، ورود ا لنقض علیٰ ما تقدّم فی موارد :
منها : حقّ ا لشفعـة ، فإنّـه حقّ شخصی وجزئی حقیقی ، مع أ نّـه یورث بحسب ا لسهام ، علیٰ ما نسب إ لیٰ أکثر ا لفقهاء ، وقا لوا ـ علیٰ ما حکی : إنّـه لو عفا أحد ا لورثـة عن نصیبـه من ا لشفعـة ، لم تسقط ا لشفعـة ؛ لأنّ ا لحقّ للجمیع ، فلایسقط حقّ غیره .
فیرد علیـه عین ما ورد علیٰ إرث ا لخیار ، من ا لإشکا ل ا لعقلی من جهتین :
إحداهما : وقوع ا لتعدّد وا لتکثّر فی ا لواحد ا لحقیقی ، ا للازم من بقاء ا لحقّ مع إسقاط بعض .
ثانیتهما : ثبوت ا لحقّ علیٰ نسبـة ا لسهام ، مع عدم ثبوتـه للمورّث ، مع أنّ ثبوتـه للورثـة لیس إ لاّ با لإرث ، ولایعقل ذلک کما تقدّم .
وفیـه : أنّ ا لنقض إنّما یرد ، لو کان ا لحکم ثابتاً ، وثبوت ا لإرث فی حقّ ا لشفعـة محلّ إشکا ل وخلاف ، وقد نفاه عدّة من ا لفقهاء ، کا لشیخ ، وابن ا لبرّاج ،
کتاب البیعج. 5صفحه 392
وابن حمزة ، وا لطبرسی رحمهم الله ، علیٰ ما حکی .
واستدلّ علیـه بروایـة طلحـة بن زید ، عن جعفر ، عن أبیـه ، عن علی علیهم السلام قا ل : «إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قا ل : لاتورث ا لشفعـة» .
وطلحـة وإن کان بتریاً ، لکن عن ا لشیخ فی «ا لفهرست» : أنّ کتابـه معتمد .
ولو سلّمنا ثبوت ا لإرث فیها بإطلاق الآیـة ا لمتقدّمـة وا لنبوی ، وترکنا روایـة طلحـة ، لکن لا دلیل علیٰ کیفیّـة ثبوتـه ، وهی أیضاً محلّ خلاف ، وا لقرینـة ا لعقلیّـة ا لمتقدّمـة ا لحاکمـة بثبوتـه لصرف ا لوجود ، أو للمجموع ، قائمـة فی ا لمقام ، ولازمـه عدم ا لسقوط إلاّ بإسقاط ا لجمیع ، وعدم حصول ا لتملّک إ لاّ بتملّک ا لجمیع ، وعدم کونـه علیٰ نسبـة ا لسهام .
ولو فرض ثبوت ا لشهرة علیٰ خلاف ما ذکر ، فهی مبنیّـة علی اجتهادهم من أدلّـة ا لإرث ، ومثل هذه ا لشهرة لیست بحجّـة .
وأ مّا ما قیل فی مقام ا لدفع عن استقلال کلّ با لعفو : من أنّ ذلک لیس با لإسقاط حتّیٰ یقا ل : لا حقّ إ لاّ للمجموع ، بل من باب إخراج نفسـه عن
کتاب البیعج. 5صفحه 393
ا لمجموع ، وعن ا لطرفیّـة لإضافـة ا لحقّ ، وعدم ا لمعیّـة فی ا لأخذ بـه ، وهذا لا مانع منـه ؛ لأنّ هذه ا لمعیّـة لـه ، لا علیـه ، فلـه ا لخروج عنها .
ففی غایـة ا لإشکا ل ؛ ضرورة أنّ ا لإخراج عن موضوع ما تعلّق بـه ا لحکم أو ا لحقّ ، لیس اختیاریاً ، ومجرّد ا لبناء علیٰ عدم ا لمعیّـة ، لایوجب ثبوت ا لحکم أو ا لحقّ لما عداه ، وکون ا لمعیّـة لـه لایوجب إمکانـه ، فهل یمکن لصاحب ا لحیوان ا لذی هو موضوع حقّ ا لخیار ، ا لبناء علیٰ أن لایکون کذلک ، من دون إسقاط ا لحقّ ؟ !
وهو أوضح من أن یحتاج إ لی ا لنقد ، وا لجواب ما تقدّم .
ومنها : حقّ ا لقذف ، فإنّـه حقّ واحد للمقذوف ، مع أنّ بقاء ا لحقّ لبعض ا لورثـة عند عفو بعضهم ، منصوص فیرد علیـه ما ورد فی إرث ا لخیار ؛ لأنّ ثبوت ا لحقّ لکلّ مستقلاًّ محا ل ، لأنّ ا لواحد ا لشخصی ، لایعقل فیـه ا لتعدد وا لتکثّر ، وإن کان ا لحقّ ثابتاً للمجموع ، فلازمـه ا لاجتماع فی ا لعفو وا لإجراء .
وفیـه : أ نّـه لا دلیل علیٰ أنّ ثبوت ا لحقّ لکلّ من ا لورثـة ، من قبل ا لتوریث ، بل ا لدلیل علیٰ خلافـه ، ففی موثّقـة عمّار ا لساباطی ، عن أبی عبدالله علیه السلام قا ل : سمعتـه یقول : «إنّ ا لحدّ لایورث کما تورث ا لدیَـة وا لما ل ،
کتاب البیعج. 5صفحه 394
ولکن من قام بـه من ا لورثـة فهو ولیّـه ، ومن ترکـه فلم یطلبـه فلا حقّ لـه ، وذلک مثل رجل قذف ، وللمقذوف أخوان ، فإن عفا عنـه أحدهما ، کان للآخر أن یطلبـه بحقّـه ؛ لأ نّها اُمّهما جمیعاً ، وا لعفو إ لیهما جمیعاً» .
وفی موثّقـة ا لسکونی ، عن أبی عبدالله علیه السلام قا ل : «ا لحدّ لایورث» .
وا لظاهر من نفی إرث ا لحدّ ، هو نفی إرث حقّ ا لحدّ ؛ ضرورة أ نّـه لا معنیٰ لإرث نفس ا لحدّ ، فثبوت حقّ ا لحدّ لکلّ لیس با لإرث ، بل حکم ابتدائی لأولیاء ا لمیّت لکلٍّ مستقلاًّ .
نعم ، لو اجتمعوا علیٰ مطا لبـة ا لحدّ ، لایجری إ لاّ حدّ واحد ، ولکلٍّ مستقلاًّ مطا لبـة ا لحدّ .
بل لایبعد أن یقا ل : إنّ قذف ا لاُمّ أو ا لاُخت مثلاً ، موجب لثبوت حقّ للقریب منها ، وإن کانت ا لاُمّ مقدّمـة علیهم فی ذلک مع حیاتها ، وبا لجملـة لم یثبت صحّـة ا لنقض فی ا لمورد .
ومنها : حقّ ا لقصاص ا لذی ورد فیـه أنّ لکلٍّ من ا لأولیاء مطا لبتـه ، ولو عفا بعض ثبت للآخرین ، مع أداء سهم ا لدیـة إ لیٰ ورثـة ا لمقتول فی بعض ا لصور ، وإ لیٰ بعض ا لورثـة فی آخر .
کتاب البیعج. 5صفحه 395
وفیـه : أنّ ثبوت حقّ ا لقصاص لأولیاء ا لمیّت ، لیس با لإرث ، وهو واضح .
وا لظاهر ثبوتـه لکلٍّ منهم مستقلاًّ ، وظاهر الآیـة ا لکریمـة : «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِیِّهِ سُلْطَاناً» جعل ا لسلطنـة للولی ، ولازمه تکثّرها بتکثّره ، فلکلّ سلطنـة مستقلّـة ، ولکلّ مطا لبـة ا لدیـة فیما جازت فیـه مطا لبـة ا لدیـة ، ولکلّ مطا لبـة ا لقصاص ، ومع اختلافهم یقتصّ طا لب ا لقصاص ، مع أداء سهم غیره من ا لدیـة .
نعم ، لو مات أحد ا لورثـة یورث حقّـه ، ولا دلیل علیٰ کیفیّـة إرثـه ، بل لابدّ من ا لعمل فیها علی ا لقواعد ، بل لایبعد ا لقول : بثبوتـه لکلّ من ا لورثـة مستقلاًّ ؛ باعتبار أ نّـه أیضاً من ا لأولیاء ، وإن تقدّم بعض علیٰ بعض .
فتحصّل ممّا مرّ : عدم ثبوت نقض علیٰ ما ذکر .
مع أ نّـه لو ثبت فی مورد خلاف ما حکم بـه ا لعقل ، فلابدّ من توجیهـه ، ولو بأن یقا ل : إنّـه حکم تعبّدی ، وا لتکثّر وا لتجزّؤ حکمیان ، لا واقعیان ، فیعمل فی مورد إرث ا لخیار علی ا لقواعد .
ثمّ إنّ لازم کون ا لخیار للمجموع أو لصرف ا لوجود ، عدم تأثیر ا لفسخ إ لاّ مع اجتماعهم ، وعدم تأثیر ا لتنفیذ أیضاً إ لاّ معـه ، ولیس للوارث ا لمرید للفسخ ، إ لزام غیره علیـه ، کما لیس لـه إ لزامـه علی ا لإسقاط ، وهو واضح .
کتاب البیعج. 5صفحه 396