الفائدة الثانیة : وفیها مباحث

بیان

بیان:

‏     ‏أقول:‏ عبّر صلّی الله علیه وآله عن الحقیقة العقلیّة الّتی لکل شیء فی‏‎ ‎‏عالم العقل وعقل الکلّ بالاسم، وهو الاسم الإلهی الذی یدبّر کلّ موجود‏‎ ‎‏یکون تحت حیطته، وعن تطوّرها بکسوة الحقائق الّتی تحتها حین تنزّلها‏‎ ‎‏بالستر، وعن ظهور المادّة العقلیّه الّتی هی النفس النطقیّة من حیث بَدو‏‎ ‎‏ظهورها عقلاً هیولانیّاً بالکشف حین التولّد، وعن البلوغ إلی العقل بالملکة‏‎ ‎‏بالبلوغ الذی للرجال وهو الخروج عن المُنی ـ بالضّم ـ کما أنَّ بلوغ‏‎ ‎‏الصبیان بخروج المَنی ـ بالفتح ـ وعن إدراک الحقائق واستفادتها من الجوهر‏‎ ‎‏العقلی المفیض وهو مرتبة العقل المُستفاد بوقوع النور فی القلب، وعن مرتبة‏‎ ‎‏العقل بالفعل وصیرورة النفس عقلاً محضاً بقوله: فیفهم الفریضة والسُّنة‏‎ ‎‏وغیرهما.‏

‏     ویمکن أن یکون کشف الستر أوان البلوغ إشارة إلی ما ذهب بعضٌ من‏‎ ‎‏أنَّ النفس الناطقة إنّما تفیض للمُستعدّ لها حینما بلغ مبلغ الرّجال لا لکل‏‎ ‎‏أحد‏‎[1]‎.

‏     ‏وبالجملة:‏ فی هذا الخبر من حُسن التعبیر من وحدة العقل مع تکثّر‏‎ ‎‏أطواره، واشتماله علی جمیع الحقائق الوجودیّة اشتمالاً جملیّاً عقلیاً خارجاً‏‎ ‎‏عن فهم الجماهیر ومن التعبیر بالوجه والرأس وکتابة الاسم ووجود الستر‏‎ ‎‏ما یبهر العقول ویعجز الفحول.‏

‏ ‏


کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 93

‏     ولنعرض صفحاً عن ذکر ما فیه من الأسرار، ونجعلها تحت الأستار،‏‎ ‎‏عسی الله أن یکشفها للبلّغ الأحرار.‏

‏     ‏وأمّا العقلی:‏ فلما تقرّر عندنا بفضل الله ، وعند أفاضل القدماء‏‎[2]‎‏ وشرذمة‏‎ ‎‏من المُتأخّرین‏‎[3]‎‏ وقلیل من الآخرین‏‎[4]‎‏ من أکابر أهل الله المُحقّقین، بالبراهین‏‎ ‎‏القاطعة الّتی لا یحوم حول حریمها شبهة، أنَّ العقل بل کلّ بسیط عقلی فهو‏‎ ‎‏مع وحدته البسیطة وبساطته الحقیقیّة کلّ الأشیاء العقلیّة الّتی دونه بنحو‏‎ ‎‏جُملی‏‎[5]‎‏ واشتمال عقلیّ لا یعرفه إلاّ الراسخون، وسیجیء البرهان الذی‏‎ ‎‏هدانا الله إلیه فی محلّه. وفی کلام العرفاء إیماءات إلی ذلک وإشارات،‏‎ ‎‏سیّما مُعلّم الحکمة تصریحات إلیه وتلویحات.‏

‏     ‏منها:‏ ما قال المیمر العاشر من کتاب «اثولوجیا فی معرفة الربوبیّة» بهذه‏‎ ‎‏العبارة: ونقول: إنَّ فی العقل الأوّل جمیع الأشیاء وذلک لأنّ الفاعل الأوّل‏‎ ‎‏أوّل فعل فعله هو العقل، فعله ذا صور کثیرة، وجعل فی کل صورة منها‏‎ ‎‏جمیع الأشیاء الّتی تلائم تلک الصورة، وإنما فعل تلک الصورة وحالاتها معاً‏‎ ‎‏لا شیئاً بعد شیء، بل کلّها معاً دفعة واحدة‏‎[6]‎‏ انتهی.‏

‏     ‏أقول:‏ وهذا الکلام ممّا یلیق به أن یکون شرحاً لبعض ما فی حدیث خیر‏‎ ‎‏الأنام.‏

‏     ‏ومنها:‏ ما قال فی المیمر الثامن من هذا الکتاب بعد کلام فی ذکر أنَّ‏‎ ‎‏الشیء لکون واحداً ولا واحداً، إلی أن قال: وکذلک العقل واحد وهو‏‎ ‎‏کثیر، ولیس هو کثیراً کالجثة، بل هو کثیر بأنَّ فیه کلمة تقوی علی أن‏‎ ‎


کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 94

‏تفعل أشیاء کثیرة وهو ذو شکل واحد، غیر أنَّ شکله شکل عقلی، والعقل‏‎ ‎‏إنَّما یکون محدوداً بشکله، ومن ذلک الشکل تنبعث جمیع الأشکال‏‎ ‎‏الباطنة والظاهرة‏‎[7]‎.

‏     ‏ومنها:‏ ما قال فی المیمر الثانی: وإنَّما صار العقل إذا ألقی بصره علی ذاته‏‎ ‎‏وعلی الأشیاء لایتحرک  ؛ لأنَّ فیه جمیع الأشیاء وهو شیء واحد کما قلنا‏‎ ‎‏مراراً‏‎[8]‎‏ انتهت کلماته الشریفة.‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏


کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 95

‎ ‎

کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 96

  • . الأسفار 8: 136 و 137.
  • . اُثولوجیا إفلوطین: 98 و 139.
  • . الأسفار 6: 110.
  • . اُصول المعارف للفیض الکاشانی: 29 ـ 30.
  • . فی نسخة «ل»: علی نحو الجمع بدل: بنحو جملی.
  • . اُثولوجیا إفلوطین: 139.
  • . نفس المصدر: 98.
  • . نفس المصدر: 34.