الفائدة الثالثة : وفیها مطلبان

المطلب الأوّل : معنی قوله علیه السلام: بینا أنت أنت

المطلب الأوّل معنی قوله علیه السلام بینا أنت أنت صرنا نحن نحن

‏ ‏

‏     ‏‏اعلم أنَّ الغرض من قوله علیه السلام: «بینا أنت أنت صرنا نحن‏‎ ‎‏نحن» بعدما تذکّرت من تحقیق معنی هذا الترکیب هو أنَّ الذات الأحدیّة‏‎ ‎‏کان حیث لا جهة فیه ولا جهة، ولا حیث ولا حیث، ولا اسم ولا رشم،‏‎ ‎‏ولا نعت ولا وصف، ولا حمل ولا وضع، ولا إشارة ولا عبارة، بل کان‏‎ ‎‏هو من دون أن یقال: هو هو بالتکریر، وهی المرتبة اللائقة بالأحدیّة الحقّة‏‎ ‎‏الصّرفة، تعالی کبریاء ذاته عن وصمة الکثرة حتّی من اعتبار الجهة والحیثیّة،‏‎ ‎‏بل قاطبة تلک الکثرات الأسمائیّة والصفاتیّة فإنّها بعد الذات بمراتب،‏‎ ‎‏ویتباعد عنها تباعد الأرض والسماوات بسیاسب.‏

‏     ‏وبالجملة:‏ لمّا کان فی مرتبة الأحدیّة هکذا و کانت ذاته ذاتاً لاعلامة، نظر‏‎ ‎‏سبحانه إلی نفسه ورأی ذاته بأ نّه هو، انبجست منه الأشیاء کلّها وتسبب‏‎ ‎‏وجود الحقائق بقضّها وقضیضها، وتصیّرت الذوات کبیرها وصغیرها،‏‎ ‎‏وتذوّتت الماهیّات عظیمها وحقیرها دفعة سرمدیّة خارجة عن الکیفیّة‏‎ ‎‏والحیثیّة مُتعالیة عن الفکرة والرویّة، مُقدّسة عن أن یشذّ منها شیء صغیراً‏‎ ‎‏کان أو کبیراً أو یعزب عنها مثقال ذرّة فی الأرض والسماء، وهذا هو معنی‏

کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 149

‏قوله علیه السلام: «بینا أنت أنت صرنا نحن نحن».‏

‏     وممّا یؤیّد أ نّه تعالی فی المرتبة الأحدیّة هکذا - سواء کان قبل الخلق‏‎ ‎‏أو معها، وأ نّه فی تلک المرتبة وحده لا هو هو - أخبار کثیرة منها ما ورد عن‏‎ ‎‏الرضا علیه السلام الذی هو مربیّ أولاد العجم فی جواب مسألة عمران‏‎ ‎‏علی ما رواه شیخنا الصدوق فی توحیده، وفی عیون أخبار الرضا علیه‏‎ ‎‏السلام أ نّه قال بعد کلام: ‏(لم یزل تعالی واحداً لا شیء معه فرداً لا ثانی معه، لا معلوماً‎ ‎ولا مجهولاً، ولا مُحکماً ولا مُتشابهاً، ولا مذکوراً ولا منسیّاً)‎[1]‎‏ ... الخبر، فتبصّر.‏

کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 150

  • . التوحید للصدوق: 435، عیون أخبار الرضا علیه السلام 1: 139.