المقدّمة

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

المقدّمة


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 5

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 6

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

فصل البحث حول موضوع العلم

‏ ‏

‏وبعد ، اعلم : أنّ من مسلّمات أهل ا لفنون من ا لحکماء وأصحاب ا لمیزان ،‏‎ ‎‏أمرین :‏

أوّلهما :‏ أنّ موضوعات ا لعلوم هی ا لتی یبحث فی تلک ا لعلوم عن عوارضها‏‎ ‎‏ا لذاتـیّـة‏‎[1]‎‏ ‏(1)‎[2]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 7

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 8
وثانیهما :‏ أنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لموضوعات‏‎[3]‎‏ .‏

‏وهاهنا شیء آخر قد تسا لم علیه أصحاب فنّ الاُصول من ا لسابقین ا لأوّلین :‏‎ ‎‏وهو أنّ موضوع علم الاُصول ا لأدلّـة ا لأربعة بما هی متّصفـة با لوصف ا لعنوانیّ‏‎[4]‎‏ .‏

واستشکل علیـه بعض ا لمحقّقین :‏ بأنّ عمدة ا لمباحث الاُصولیّـة ، ‏‏[‏‏تخرج‏‎ ‎‏عن کونها اُصولیّـة علیٰ هذا ا لفرض ، مثل حجّیـة ا لخبر ا لواحد ، ومباحث ا لتعادل‏‎ ‎‏وا لترجیح وأمثا لهما ، وتندرج فی ا لمبادئ‏‎[5]‎‏ .‏

وقد یقال :‏ إنّ ا لموضوع ذوات ا لأدلّـة ، لابما هی متّصفـة بهذا ا لوصف ،‏‎ ‎‏فیکون ا لبحث عن حجّیـة ا لخبر ، بحثاً عن ا لعوارض ا لذاتـیّـة لذات ا لموضوع ؛‏‎ ‎‏فإنّ ا لخبر من ا لسنّـة ، وهی ا لموضوع ، واتصافـه با لحجّیـة من ا لعوارض ا لذاتـیّـة‏‎ ‎‏للموضوع‏‎[6]‎‏ .‏

واستشکل علیٰ هذا أیضاً :‏ بأنّ حجّیة ا لخبر ا لواحد ، لاتکاد تعدّ من عوارض‏‎ ‎‏ا لسنّـة ، بل هیمن عوارض ا لخبرا لواحد ، وا لخبر بما هو لایکون موضوعاًللعلم‏‎[7]‎‏ .‏

وقد تصدّی ا لعلاّمـة ا لخراسانیّ‏  ‏‏رحمه الله‏‏ لدفع تمام ا لإشکا لات ؛ بأنّ موضوع‏‎ ‎‏ا لعلم لا هذا ولا ذاک ، بل هو ا لکلّی ا لمتّحد مع موضوعات ا لمسائل خارجاً ، علیٰ‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 9
‏وزان اتحاد ا لطبیعیّ مع أفراده ، وا لمغایرة من حیث ا لمفهوم ، کما هو ا لشأن فی‏‎ ‎‏ا لطبیعیّ مع ا لأفراد‏‎[8]‎‏ .‏

وا لإشکال علیـه تارة :‏ بأ نّـه ربّما لانعرف فی بعض ا لعلوم ، جهةً مشترکة‏‎ ‎‏متّحدة مع موضوعات ا لمسائل ، کی تکون هی ا لموضوع للعلم‏‎[9]‎‏ .‏

واُخریٰ :‏ بأ نّـه مع عدم تشخیص ا لموضوع ، ربّما تـتداخل ا لعلوم فی‏‎ ‎‏ا لمسائل ، ولایعلم أ نّها من أیّ علم من ا لعلوم ، وقد تسا لم ا لقوم علیٰ أنّ تمایز‏‎ ‎‏ا لعلوم با لموضوعات .‏

مندفع :

‏أمّا ا لأوّل :‏‏ فبأ نّـه لابدّ وأن تکون بین ا لمسائل جهـة مشترکـة ساریـة فی‏‎ ‎‏جمیع موضوعات مسائل کلّ فن من ا لفنون ، وهذه هی موضوع ا لعلم وإن لم نعرف‏‎ ‎‏اسمها ؛ إذ ا لأسماء لادخل لها فی ا لمعانی .‏

وأمّا ا لثانی :‏ فبأ نّـه لانسلّم هذا ا لتسا لم ، بل نقول فی قبا لهم : إنّ تمایز‏‎ ‎‏ا لعلوم بتمایز ا لأغراض ، لا ا لموضوعات ، وکلّ مسألـة دخیلـة فی غرض ا لمدوّن ،‏‎ ‎‏تکون لا محا لـة من مسائل ا لعلم ا لمدوَّن ‏(2)‎[10]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 10

تمایز العلوم بتمایز الموضوعات

‏ ‏

‏هذا ، وا لذی یؤدّی إلیـه ا لنظر : أنّ مسائل ا لعلوم وا لفنون ؛ من ا لأدبیّـة ،‏‎ ‎‏وا لعقلیّـة ، وا لفقهیّـة ، والاُصولیّـة وغیرها ، کلّها تکون فی حدود ذواتها ـ مع قطع‏‎ ‎‏ا لنظر عمّا عداها من ا لمدوِّن وأغراضـه ـ ذاتَ خصوصیّـة ، بها تمتاز مسائل کلّ‏‎ ‎‏علم عمّا سواها من مسائل ا لعلم الآخر .‏

وإن شئت قلت :‏ إنّ کلّ مسألـة من کلّ علم ، لها بنفسها خصوصیّـة ذاتـیّـة ،‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 11
‏تشترک هذه ا لمسألـة فی لواء هذه ا لخصوصیّـة مع عدّة مسائل اُخریٰ ، فتکون هذه‏‎ ‎‏وتلک جمیعاً من فروع علم واحد ، وهذه ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ثابتـة وساریـة فی‏‎ ‎‏جمیع مسائل ا لفنّ ، من دون نظرٍ إلیٰ ما هو ا لغرض من ا لتدوین أصلاً .‏

مثلاً :‏ عند ا لإمعان فی مسائل علم ا لنحو ، یتّضح أنّ ما یبحث عنـه فی‏‎ ‎‏تمامها لیس إ لاّ کیفیّـة أواخر ا لکلمـة ؛ من ا لمرفوعیّـة ، وا لمنصوبیّـة ،‏‎ ‎‏وا لمجروریّـة ، وتلک ا لخصوصیّـة ساریـة فی جمیع مسائل علم ا لنحو ولو مع‏‎ ‎‏ا لغفلـة عمّا هو ا لغرض من ا لتدوین ؛ إذ من ا لواضح أنّ تلک ا لخصوصیّـة‏‎ ‎‏ا لساریـة ، لاتکون إ لاّ لذوات ا لمسائل بما هی مسائل ، بدون أن یکون للأغراض‏‎ ‎‏ا لداعیـة إلی ا لتدوین دخل فیها أصلاً .‏

‏وهکذا علم ا لصرف وا لمعانی وا لبیان وا لفلسفـة وغیرها ، فإنّ ا لخصوصیّـة‏‎ ‎‏ا لموجودة ساریـة فی جمیع مسائل ا لفلسفـة ا لإلهیّـة ، وثابتـة لتمامها ، من غیر‏‎ ‎‏دخا لـة للأغراض فیها ؛ بل هی بنفس ذواتها واجدة لتلک ا لخصوصیّـة‏‎ ‎‏ا لمشترکـة‏‎[11]‎‏ .‏

‏ولباب ا لکلام : أنّ ا لمسائل ا لمتشتّتـة فی کلّ علم مع تشتّتها ، لها خصوصیّـة‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 12
‏جامعـة لشتاتها ، وحافظـة لمتفرّقاتها ، وتلک ا لخصوصیّـة ثابتـة فی حدّ ذاتها مع‏‎ ‎‏قطع ا لنظر عن ا لأغراض ؛ فإنّ ا لأغراض جهات طارئـة خارجـة عن ذوات‏‎ ‎‏ا لمسائل ، ولاتکاد تکون ممیّزة للعلوم ؛ لأنّ ا لممیّز لابدّ وأن یکون من‏‎ ‎‏ا لخصوصیّات ا لثابتـة لذوات ا لمسائل ؛ إذ ا لغرض ا لأوّل من ا لفلسفـة وإن کان‏‎ ‎‏ا لعلم بموجودیّـة ا لأشیاء ، وا لعلم هو ا لتصدیق ، إ لاّ أنّ ا لعلم کیف یمکن أن یکون‏‎ ‎‏ا لجهـة ا لممیّزة للفلسفـة عن غیرها من ا لعلوم ؛ بحیث یکون جامعاً لمسائلها ،‏‎ ‎‏ومانعاً عن غیرها ؟ ! فإنّ ا لعلوم کلّها ممّا یتعلّق هذا ا لغرض بها ، وتکون مسائل‏‎ ‎‏جمیع ا لفنون واجدة لتلک ا لخصوصیّـة من حیث تعلّق ا لغرض بها .‏

‏نعم ، ا لأغراض إنّما تکون متفرّعـة علیٰ تلک ا لخصوصیّات ا لذاتـیّـة‏‎ ‎‏ا لثابتـة لجمیع ا لمسائل فی ا لمرتبـة ا لثانیـة ، وهذا ممّا لاینکر ا لبتّـة ؛ فإنّ ا لغرض‏‎ ‎‏من تدوین ا لنحو مثلاً ؛ هو ا لعلم بکیفیّـة أواخر ا لکلمـة ، ومن ا لمعلوم أنّ هذا‏‎ ‎‏ا لغرض لایتعلّق إ لاّ بعد ما کانت لمسائل ا لنحو خصوصیّـة ذاتـیّـة ؛ هی کیفیّـة‏‎ ‎‏أواخر ا لکلمـة . هذا کلّـه إذا کان ا لمراد من «ا لغرض» ا لأوّلی .‏

‏وأمّا إذا کان ا لمراد ا لأغراض ا لثانویـة ، کتحصیل نفع أو مصلحـة من‏‎ ‎‏ا لمسائل ا لشخصیّـة أو ا لنوعیّـة ، مثل ا لتقرّب إلی اللّه تعا لیٰ ، أو غیر ذلک ، فهی ممّا‏‎ ‎‏تختلف باختلاف ا لأشخاص ، فکیف یحصل بها ممیّز کلّی فی ا لعلوم ؟ !‏

فانقدح بذلک :‏ أنّ موضوع ا لعلم هو ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ا لجامعـة ا لتی‏‎ ‎‏تشترک فیها ا لمسائل بأجمعها ، وعین هذه ا لحیثیّـة هی ا لجهـة ا لممیّزة بین ا لعلوم .‏‎ ‎‏هذا با لنسبـة إلیٰ موضوعات ا لعلوم .‏

‏ ‏

حول تمایز المسائل

‏ ‏

‏وأمّا امتیاز نفس ا لمسائل بعضها عن بعض ، فهو أیضاً بنفس ذوات ا لمسائل ؛‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 13
‏فإنّ ا لخصوصیّـة ا لتی تکون فی هذه ا لمسألـة ، غیر ما تکون فی غیرها ، لکن هذه‏‎ ‎‏ا لجهات ا لممیّزة بین ا لمسائل ، إنّما تنتزع من ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ا لکلیّـة ا لتی‏‎ ‎‏تکون موضوعاً للعلم ، وتکون تلک ا لجهات خارجـة عن ذات ا لموضوع مفهوماً ،‏‎ ‎‏ومتّحدة معها خارجاً ، علیٰ وِزان خارجات ا لمحمول ، لا ا لمحمولات با لضمیمـة‏‎ ‎‏ا لتی تکون حقائق غیر حقیقـة ا لموضوع .‏

‏کیف ؟ ! ولایمکن أن تکون تلک ا لجهات ا لممیّزة بین ا لمسائل ، هی عین‏‎ ‎‏ا لجهـة ا لمشترکـة ذاتاً ومفهوماً ؛ لأنّ ا لحیثیّـة ا لمشترکـة لایعقل أن تکون عین‏‎ ‎‏ا لحیثیّات ا لمتمایزة فی ا لمسائل ، ولا جزءها ، بل إنّما تکون مغایرة لها مفهوماً ،‏‎ ‎‏ومن عوارضها ا لتی تتّحد معها وجوداً ، کما هو ا لشأن فی ا لعوارض ا لتی من قبیل‏‎ ‎‏خارجات ا لمحمول ، فتحمل هذه ا لجهات ا لمتمایزة ا لمائزة بین ا لمسائل علی‏‎ ‎‏ا لجهـة ا لمشترکـة ا لوحدانیّـة ، وتکون محمولات لها .‏

ومن هنا ینقدح :‏ ا لفرق بین ا لعرض ا لمصطلح فی لسان ا لطبیعیّ‏‎[12]‎‏ ،‏‎ ‎‏وا لعرض ا لمصطلح فی لسان ا لمنطقیّ‏‎[13]‎‏ ، وتنقدح أیضاً مواضع ا لخلط بین‏‎ ‎‏ا لاصطلاحین ؛ إذ ا لعرض فی اصطلاح ا لطبیعیّ : هو ما إذا وجد وجد فی‏‎ ‎‏ا لموضوع ، فی قبال ا لجوهر ا لذی یوجد لا فی ا لموضوع ، بل علیٰ نحو‏‎ ‎‏ا لاستقلال .‏

‏وا لعرض فی لسان ا لمنطقیّ : هو ما یکون خارجاً عن مقام ا لذات ولو کان‏‎ ‎‏منتزعاً عنها ، وبهذا ا لاصطلاح یکون مفهوم ا لناطق عرضاً با لنسبـة إلیٰ مفهوم‏‎ ‎‏ا لحیوان ؛ لأنّ ا لناطق مفهوم خارج عن مفهوم ا لحیوان ، وکذلک ا لحیوان با لنسبـة‏‎ ‎‏إلیٰ مفهوم ا لناطق ، ولکنّهما ذاتـیّان با لنسبـة إلی ا لإنسان ، ولذا کان حمل‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 14
‏«ا لإنسان» علیٰ «ا لحیوان ا لناطق» حملاً أوّلیّاً مفهومیّاً .‏

‏وعلیٰ هذا ، فقد یکون ما فی ا لاصطلاح ا لمنطقیّ با لنسبـة إلیٰ شیء عرضاً ،‏‎ ‎‏وبا لنسبـة إلیٰ شیء آخر ذاتـیّاً ، وأمّا ا لأعراض فی لسان ا لحکیم ا لطبیعیّ ، فهی‏‎ ‎‏ممّا لاتختلف با لوجوه وا لاعتبارات .‏

إذا عرفت ذلک یظهر :‏ أنّ ا لجهات ا لمائزة ا لمتمایزة فی ا لمسائل ا لتی حکمنا‏‎ ‎‏بأ نّها من عوارض ا لجهـة ا لمشترکـة ، إنّما هی عوارض لها فی اصطلاح ا لمنطقیّ ،‏‎ ‎‏لا ا لعوارض باصطلاح ا لطبیعیّ ؛ فإنّها تکون با لنسبـة إلی ا لجامع من قبیل خارج‏‎ ‎‏ا لمحمول ؛ بمعنیٰ أ نّها متّحدة فی ا لخارج معها بحیث لایکون فی ا لخارج شیء غیر‏‎ ‎‏تلک ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ، مثل أنّ ا لجسمیّـة لیست إ لاّ ما تکون فی ا لخارج‏‎ ‎‏موجودةً ، حیث لایکون فی ا لخارج شیء بحذاء ا لجسمیّـة ، وشیء آخر بحذاء‏‎ ‎‏ا لموجودیّـة ، وهکذا ا لعقل ، وکلّ ما یقال : «إنّـه موجود» با لحمل ا لشائع .‏

‏فما هو ا لجهـة ا لمشترکـة فی جمیع مسائل علم ا لفلسفـة ، ویکون موضوعاً‏‎ ‎‏للعلم ، هو ا لموجود بما هو موجود ، وا لحیثیّات ا لمائزة ا لمتمایزة ـ کا لجسمیّـة ،‏‎ ‎‏وا لهیولیٰ ، وا لصورة ، وا لعقل ، وکلّ ما یقال : «إنّـه موجود» ـ إنّما هی ا لجهات‏‎ ‎‏ا لمنتزعـة من ا لوجود ، وتکون من عوارض ا لموجود بما هو موجود ؛ بحیث‏‎ ‎‏لایکون فی ا لخارج إ لاّ نفس أ نّـه موجود .‏

لایقال :‏ بناءً علیٰ هذا ، فا لجهـة ا لمشترکـة ا لتی تکون موضوعاً للعلم ، هی‏‎ ‎‏محمول ا لمسائل ، لا أ نّها موضوع ا لمسائل ، کما یقال : «ا لجسم موجود» و «ا لعقل‏‎ ‎‏موجود» .‏

لأ نّا نقول :‏ ا لمتداول بین ألسنـة أهل ا لمیزان ، هو حمل ا لأخصّ علی‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 15
‏ا لأعمّ‏‎[14]‎‏ ، وإ لاّ فموضوعیّـة ا لموجود ممّا لا شک فیها ، کما أنّ عرضیّـة ا لجسم‏‎ ‎‏با لمعنی ا لذی ذکرناه ، لیس مشکوکاً فیها .‏

وأمّا ما أفاده صاحب «ا لفصول» تارة :‏ بأنّ ا لعرض ا لذاتیّ هو ما کان عارضاً‏‎ ‎‏للمعروض بلا واسطـة عارضٍ آخر‏‎[15]‎‏ .‏

واُخریٰ :‏ بأنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لموضوعات ا لمتقیّدة با لحیثیّات ،‏‎ ‎‏کا لکلمـة وا لکلام من حیث ا لإعراب وا لبناء‏‎[16]‎‏ .‏

فواضح ا لفساد ؛‏ لما فی ا لأوّل : من أنّ ا لمراد با لعرض کما حقّقناه ، لیس ما‏‎ ‎‏هو مصطلح فی باب ا لطبیعیّات ، کی یقال : «إنّ ا لعرض ا لذاتیّ کذا» وهذا من‏‎ ‎‏ا لخلط بین ا لاصطلاحین .‏

‏ولما فی ا لثانی : من أنّ تمایز ا لعلوم بتمایز ا لحیثیّات ا لمشترکـة ا لساریـة‏‎ ‎‏فی جمیع ا لمسائل ؛ بحیث یکون ا لموضوع نفس تلک ا لحیثیّـة ، وهی ا لجامعـة‏‎ ‎‏ا لمائزة ، لا أ نّـه بتمایز ا لموضوعات ا لمتقیّدة با لحیثیّات‏‎[17]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 16
‏وأمّا تمثیلـه با لکلمـة وا لکلام من حیث ا لإعراب وا لبناء ، فغیر خالٍ من‏‎ ‎‏ا لتسامح کما لایخفیٰ ، ولعلّـه لتفهیم ا لمتعلّمین .‏

وأمّا ما أفاده ا لمحقّق ا لخراسانیّ‏  ‏‏رحمه الله‏ :‏ من أنّ موضوع ا لعلم هو نفس‏‎ ‎‏موضوعات ا لمسائل ، وما یتّحد معها خارجاً ، کا لطبیعیّ وأفراده‏‎[18]‎‏ .‏

ففیـه :‏ أنّ ا لطبیعیّ تمام حقیقـة کلّ فرد من أفراده ، کا لإنسان با لنسبـة إلیٰ‏‎ ‎‏أفراده ، ولیست ا لأفراد خارجـة عنـه کی تکون من عوارضـه ، وتکون من‏‎ ‎‏خارجات ا لمحمول ، وقد عرفت : أنّ ا لجهات ا لمائزة بین ا لمسائل ، جهات‏‎ ‎‏منتزعـة من ا لجهـة ا لمشترکـة ، وتکون با لنسبـة إلی ا لجامع من قبیل خارج‏‎ ‎‏ا لمحمول ، وأ نّها عوارض ذاتـیّـة بحسب اصطلاح ا لمنطقی . هذا کلّـه فیما هو‏‎ ‎‏ا لموضوع للعلوم ، وما هو ا لممیّز فیها علی ا لنحو ا لکلی .‏

‏ ‏

موضوع علم الاُصول

‏ ‏

‏وأمّا موضوع علم الاُصول ، فقد قال مؤسّسـه ا لأوّل فی رسا لـة لـه تسمّیٰ‏‎ ‎‏بـ «ا لرسا لـة ا لشافعیّـة» : إنّ موضوع ا لعلم هو عنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» لأ نّـه‏‎ ‎‏یبحث فیـه عن أنّ ا لقیاس حجّـة أم لا ، أو أنّ قول ا لصحابیّ حجّـة فی ا لفقـه أم‏‎ ‎‏لا‏‎[19]‎‏ ، أو أنّ ا لاستصحاب حجّـة فی ا لفقـه أم لا ، أو أنّ ا لاستحسان حجّـة ، أو خبر‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 17
‏ا لواحد ـ أو غیر ذلک من موضوعات ا لمسائل ـ حجّـة فی ا لفقـه أم لا .‏

‏وعنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» بما أ نّـه جارٍ وسارٍ فی جمیع ا لمسائل ، هو‏‎ ‎‏ا لموضوع للعلم ، وهو بعینـه موضوع ا لمسائل أیضاً ، وإن وقع محمولاً فی قضایا‏‎ ‎‏ا لمسائل ، وحمل علیٰ موضوعاتها ، کما أشرنا إلیـه‏‎[20]‎‏ فی قضیّـة «ا لجسم موجود»‏‎ ‎‏وهذا هو صراح ا لحقّ فی موضوع علم الاُصول کما یؤدّی إلیـه ا لنظر ، وبـه تندفع‏‎ ‎‏جمیع ا لإشکا لات :‏

أمّا ما أفاده صاحب «ا لقوانین» :‏ من أنّ ا لبحث عن دلیلیّـة ا لدلیل ، بحث عن‏‎ ‎‏ا لمبادئ‏‎[21]‎‏ ، فمردودٌ : بأنّ ا لموضوع لیس ا لأدلّـة بما هی أدلّـة ، بل ا لموضوع هو‏‎ ‎‏عنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» وکلّ ما یکون خارجاً عن ذات هذا ا لعنوان ومحمولاً‏‎ ‎‏علیـه ، یکون من عوارض ا لموضوع حسب اصطلاح ا لمنطقیّ .‏

‏وعلیٰ هذا ، فکلّ مسألـة من ا لمسائل ، لو کان ا لبحث فیها عن حجّیتها ، فهی‏‎ ‎‏من عوارض ا لحجّـة ، فتکون من ا لمسائل :‏

أمّا خبر ا لواحد ،‏ فیبحث فیـه عن أ نّـه حجّـة فی ا لفقـه أم لا ، کما أنّ ا لشهرة‏‎ ‎‏أو ا لإجماع أو حجّیـة أیّ من ا لخبرین فی باب ا لتعارض کذلک .‏

وأمّا سائر ا لمسائل ،‏ فمسألـة ا لاشتغال یبحث فیها عن حجّیـة ا لعلم‏‎ ‎‏ا لإجما لیّ ؛ وأ نّـه کا لعلم ا لتفصیلیّ فی ا لحجّیـة تنجیزاً أم لا .‏

وا لقطع‏ وإن کان من شدّة ا لوضوح بمثابـة لایبحث فی حجّیتـه ، بل حجّیـة‏‎ ‎‏کلّ شیء با لقطع ، وحجّیـة ا لقطع بمقتضیٰ ذاتـه ، إ لاّ أ نّـه إذا توهّم ا لمتوهّم وشکّ‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 18
‏فی حجّیتـه ، فإثبات حجّیتـه حینئذٍ یجعلـه من ا لمسائل .‏

‏وقد أفاد ا لمحقّق ا لخراسانیّ : أ نّـه بمسائل ا لکلام أشبـه‏‎[22]‎‏ .‏

‏وأنت خبیر بما فی هذا ا لکلام ؛ لأنّ ا لبحث فی علم ا لکلام عن إثبات واجب‏‎ ‎‏ا لوجود وتوحیده وصفاتـه تعا لیٰ ، وإثبات ا لنبوّة وا لولایـة وا لعقائد ا لإسلامیّـة ،‏‎ ‎‏ولیست حجّیـة ا لقطع من جملـة هذه الاُمور .‏

وأمّا مسألـة حجّیـة ا لظواهر ،‏ فهی وإن کانت ممّا لا ریب فیها ، إ لاّ أنّ‏‎ ‎‏ا لقدماء یعنونون هذا ا لبحث فی خصوص ا لموارد ا لتی یعرض للکلام اعتلال ما من‏‎ ‎‏ا لتقیید وا لتخصیص ؛ ممّا یوجب اضطراب ا لظهور ، وکانوا یبحثون فی أنّ ا لعامّ‏‎ ‎‏وا لمطلق بعد ا لتخصیص وا لتقیید ، باقیان علی ا لحجّیـة أم لا‏‎[23]‎‏ .‏

‏ولکنّ هذا ا لبحث فی کتب ا لمتأخّرین ، معنون علی ا لنحو ا لأعمّ ا لأبسط ،‏‎ ‎‏من دون اقتصارٍ علیٰ تلک ا لموارد . فعلیٰ کلّ حال ا لبحث عن حجّیـة ا لظهور بحث‏‎ ‎‏عن عوارض ا لحجّـة ، ویکون من ا لمسائل .‏

‏ومن ا لموارد ا لتی کان ا لظهور فیها ضعیفاً قابلاً للتردید وا لإنکار ، هو ا لبحث‏‎ ‎‏عن حجّیـة ا لمفاهیم ، وسنبرهن فی محلّـه‏‎[24]‎‏ علیٰ أنّ وجود ا لمفهوم ولو علیٰ نحو‏‎ ‎‏ا لإبهام وغایـة ا لضعف ، ممّا لایقبل ا لإنکار ، إنّما ا لکلام فی حجّیـة هذا ا لظهور‏‎ ‎‏وعدمها ، وهذا بخلاف ما هو ا لمعروف عن ا لشیخ  ‏‏رحمه الله‏‏ فی باب ا لمفاهیم‏‎[25]‎‏ . وعلیٰ‏‎ ‎‏هذا کان ا لبحث عن حجّیّـة ا لمفاهیم من ا لمسائل أیضاً .‏

وأمّا مسألـة ا لبراءة ،‏ فا لبحث فیها یرجع إلیٰ أنّ احتمال ا لتکلیف ـ کا لقطع‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 19
‏بـه ـ منجّز أم لا ، ومنجّزیـة ا لاحتمال عبارة اُخریٰ عن ا لحجّیّـة فی ا لفقـه .‏

‏وأمّا ا لاستصحاب ، ففیـه یبحث أیضاً عن حجّیـة ا لبقاء وا لبناء علی ا لحا لـة‏‎ ‎‏ا لسابقـة أم لا .‏

‏وفی ا لتخییر عند عدم إمکان ا لاحتیاط ، أو ترجیح أحد ا لجانبین ، یبحث فی‏‎ ‎‏الاُصول عن أنّ هذا ا لجانب ، هل هو حجّـة فی ا لفقـه أم لا ؟ وحینئذٍ لا مجال‏‎ ‎‏للتخییر ، بل هو من باب ا لتعادل وا لترجیح ، وأمّا مع عدم ا لترجیح وتساوی‏‎ ‎‏ا لطرفین ، فیبحث فیـه عن أنّ ا لتخییر با لنسبـة إلیٰ کلّ من ا لطرفین ، معذِّر عن‏‎ ‎‏ا لتکلیف وحجّـة فی ا لفقـه ، وتؤلّف منـه قضیّـة حملیّـة ؛ من موضوع خاصّ ،‏‎ ‎‏ومحمول عامّ ؛ هو عنوان «ا لحجّـة فی ا لفقـه» .‏

نعم ،‏ بعض ا لمباحث وا لمسائل ا لتی لایمکن إیقاعها موضوعاً لهذا ا لمحمول‏‎ ‎‏ـ کبعض مباحث ا لألفاظ مثل مسألـة ا لوضع ، وا لحقیقـة وا لمجاز ، وا لمشتقّ‏‎ ‎‏وغیرها ، أو کبعض ا لمسائل ا لعقلیّـة مثل مسألـة ا لضدّ ، واجتماع ا لأمر وا لنهی ـ‏‎ ‎‏هی إمّا من ا لمبادئ ا للّغویـة ، أو من ا لمبادئ ا لأحکامیّـة ، کبحث مقدّمـة ا لواجب ،‏‎ ‎‏کما سیأتی إن شاء اللّه تعا لیٰ‏‎[26]‎‏ .‏

‏هذا تمام ا لکلام فی تمایز ا لعلوم ، وموضوع علم الاُصول .‏

‏وأمّا تعریفـه ، فبعدما حقّقناه فی موضوعـه ، واضح لایحتاج إلیٰ مزید بیانٍ .‏

‏هذا هو ا لحقّ ، ونحن معـه حیثما دار ؛ فإنّ ‏‏«‏الْحَقّ أحَقُّ أنْ یُتَّبَعَ‏»‏‎[27]‎‏ ولو‏‎ ‎‏کان فی «ا لرسا لـة ا لشافعیّـة» فافهم وتأمّل فی ا لمقام .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 20

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

فصل البحث فی الوضع

‏ ‏

قال ا لمحقّق ا لخراسانیّ :‏ ا لوضع نحو اختصاص للّفظ با لمعنیٰ‏‎[28]‎‏ .‏

ولایخفیٰ :‏ أنّ هذا ا لکلام لیس إ لاّ إحا لـة إلیٰ مجهول ، ولیس لـه معنیٰ‏‎ ‎‏محصّل دالّ علیٰ کیفیّـة تعلّق ا لألفاظ با لمعانی . علیٰ أنّ ا لوضع لیس هو اختصاص‏‎ ‎‏ا للّفظ وارتباط با لمعنیٰ ، بل ا لارتباط وا لاختصاص ما یحصل من ا لوضع ، فحینئذٍ‏‎ ‎‏لابدّ وأن یکون ا لمراد بـ «ا لوضع» هاهنا بمعنی اسم ا لمصدر ، کی یصحّ أن یقال :‏‎ ‎‏«إنّـه نحو اختصاص للّفظ با لمعنیٰ» .‏

فنقول :‏ ا لوضع باعتبار هذا ا لمعنیٰ ، لیس إ لاّ ا لدلالـة ا لشأنیّـة ، وجعل‏‎ ‎‏ا للّفظ بحیث إذا سمع یفهم منـه ا لمعنیٰ ، وینتقل ا لذهن من هذا ا لکیف ا لمسموع‏‎ ‎‏إلی ا لمعنیٰ .‏

‏وهذه ا لدلالـة ا لشأنیّـة باعتبار سببها تنقسم إلیٰ ما هی با لتعیین ، أو بکثرة‏‎ ‎‏ا لاستعمال .‏

وملخّص ا لکلام :‏ هو أنّ وضع ا للّفظ بمعناه ا لاشتقاقی ا لمفعولیّ ، أو بمعنی‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 21
‏اسم ا لمصدر ، هو ا لدلالـة ا لشأنیّـة علی ا لمعنیٰ بنحو ا لاندکاک وا لمرآتـیّـة ، بحیث‏‎ ‎‏إذا سمع یفهم منـه ا لمعنیٰ ، وهذه ا لدلالـة بهذه ا لحیثیّـة لاتحصل بصرف ا لوضع ،‏‎ ‎‏بل إنّما تحصل باتباع ا لواضع فی ا لوضع ا لتعیینیّ ، وبکثرة ا لاستعمال فی ا لوضع‏‎ ‎‏ا لتعیّنیّ‏(3)‎[29]‎‏ .‏

فا لدلالـة ا لشأنیّـة للألفاظ تارة :‏ تحصل بتعیین ا لواضع بشرط اتباعـه .‏

واُخریٰ :‏ بکثرة ا لاستعمال .‏

وثا لثـة :‏ باستعمال ا للّفظ بداعی ا لوضع .‏

‏ ‏

حول أقسام الوضع والموضوع له

‏ ‏

‏ثمّ إنّـه لو کان ا للّحاظ علیٰ نحو ا لمفهوم ، ووضع ا للّفظ لهذا ا لملحوظ ا لعامّ ،‏‎ ‎‏کان ا لوضع عامّاً ، وا لموضوع لـه کذلک .‏

‏ولو کان ا لملحوظ حین ا لوضع عامّاً ، لکنّ ا لوضع بإزاء ا لخواصّ‏‎ ‎‏وا لجزئیّات ، کان ا لوضع عامّاً ، وا لموضوع لـه خاصّاً .‏

‏وإن کان ا لملحوظ خاصّاً ، وا لوضع بإزاء هذا ا لخاصّ ، فا لوضع وا لموضوع‏‎ ‎‏لـه خاصّان ، کما فی ا لأعلام ا لشخصیّـة‏(4)‎[30]‎‏ . وهذه ا لأقسام ا لثلاثـة ممّا لایکاد‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 22
‏یشکّ فی تصویرها .‏

إنّما ا لکلام فی تصویر قسم رابع ؛‏ هو ا لوضع ا لخاصّ وا لموضوع لـه عامّ ،‏‎ ‎‏کما یتراءیٰ تصویره من کلام ا لمحقّق ا لرشتیّ‏‎[31]‎‏ .‏

‏ولکنّ ا لحقّ علیٰ خلاف ما فرضـه ؛ إذ ا لجزئیّ لیس بکاسب ولا مکتسب ،‏‎ ‎‏ولایمکن أن یکون بجزئیّتـه وجهاً وعنواناً للعامّ ، کما یمکن أن یکون ا لعامّ وجهاً‏‎ ‎‏وعنواناً للأفراد ، هذا هو ا لسرّ فی استحا لـة ا لقسم ا لرابع . هذا کلّـه بحسب مقام‏‎ ‎‏ا لفرض وا لثبوت‏(5)‎[32]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 23

المعنی الحرفی

‏ ‏

وأمّا بحسب مقام ا لإثبات ،‏ فذکرت لکلّ من ا لأقسام ا لمفروضـة أمثال ، وقد‏‎ ‎‏اضطربت أفهام ا لأعلام فی خصوص ا لقسم ا لثانی ؛ وهو ا لوضع ا لعامّ وا لموضوع‏‎ ‎‏لـه ا لخاصّ ، ا لذی یتمثّل با لحروف ، فا لاختلاف کلّـه إنّما هو فیما هو ا لموضوع‏‎ ‎‏لـه فی ا لحروف .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 24
فقد قال ا لمحقّق ا لرضیّ :‏ إنّ ا لاسم وا لحرف کلیهما فی مرتبـة ا لذات سیّان ،‏‎ ‎‏من دون فرق جوهریّ بینهما ، وا لخصوصیّـة ا لاستقلالیّـة وا لغیریّـة ناشئـة من قِبَل‏‎ ‎‏ا لاستعمال .‏

وقال أیضاً فی تحقیق کلامـه :‏ إنّ ا لاسم ما دلّ علیٰ معنیٰ فی نفسـه ،‏‎ ‎‏وا لحرفَ ما دلّ علیٰ معنیٰ فی غیر هذه ا لکلمـة .‏

وهذا فی قبال من قال :‏ إنّ معنی ا لتعریف ؛ أنّ ا لاسم کلمـة دلّت فی نفس هذا‏‎ ‎‏ا لمعنیٰ ، وا لحرف کلمـة دلّت علیٰ معنی فی غیر هذا ا لمعنیٰ ، وا لفرق بین ا لاسم‏‎ ‎‏وا لحرف هو ا لفرق بین ا لعرض وا لجوهر .‏

وخلاصـة هذا ا لنزاع :‏ إنّما هو فی ضمیر «فی نفسـه» و «فی غیره»‏‎ ‎‏بإرجاعـه تارة : إلی ا لکلمـة ، واُخریٰ : إلی ا لمعنیٰ‏‎[33]‎‏ .‏

وقد اختار ا لمحقّق ا لخراسانیّ‏ کلام ا لرضیّ ، وقال : بأنّ ا لمعنیٰ فی حدّ ذاتـه‏‎ ‎‏لا مستقلّ ، ولا لا مستقلّ ، وا لخصوصیّات ناشئـة عن طور ا لاستعما لات‏‎[34]‎‏ .‏

وقال ا لسیّد ا لشریف فی حاشیتـه علیٰ «ا لمطوّل» :‏ إنّ ا لمعنیٰ إن کان‏‎ ‎‏ملحوظاً علی ا لنحو الآلیّ وا لمرآتیّ یکون حرفیّاً ، وإن کان ملحوظاً علیٰ نحو‏‎ ‎‏الاستقلال وا لنفسیّـة یکون اسمیّاً ، ومناط ا لمعنی ا لاسمیّ وا لحرفیّ هو ا للّحاظ‏‎ ‎‏ا لاستقلالیّ والآلیّ‏‎[35]‎‏ .‏

وقال بعض ا لمحشّین علیٰ «ا لقوانین» :‏ إنّ ا لمعنی ا لحرفیّ هو ا لارتباط بین‏‎ ‎‏ا لمفاهیم ا لمستقلّـة ، وا لألفاظ وا لحروف موضوعـة بإزاء تلک الارتباطات ، وأمّا‏‎ ‎‏ا لمعنی ا لاسمیّ فهو نفس هذه ا لمفاهیم ا لمستقلّـة ا لتی لا ربط بینها فی حدّ ذاتها‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 25
‏مع قطع ا لنظر عن ا لمعانی ا لحرفیّـة‏‎[36]‎‏ .‏

وقال ا لمحقّق ا لعلاّمـة صاحب «ا لحاشیـة» :‏ إنّ ا لمعنی ا لحرفیّ هو‏‎ ‎‏ا لإنشائی ا لإیقاعیّ ، وا لمعنی الاسمیّ ما لیس کذلک‏‎[37]‎‏ .‏

وأنت خبیر :‏ بأنّ فی تمام هذه ا لأقوال ما لایخفیٰ :‏

‏أمّا ما أفاده ا لمحقّق ا لرضیّ وا لذی اختاره ا لمحقّق ا لخراسانیّ ، فهو أنّ من‏‎ ‎‏ا لمعلوم عدم إمکان استعمال «من» و «إلیٰ» علیٰ نحو ا لخبریّـة أو ا لابتدائیّـة ، وهذا‏‎ ‎‏ممّا لایمکن إنکاره ، فإن لم یکن فرق ذاتیّ بین ا لحروف وا لأسماء بحسب ا لمعنیٰ ،‏‎ ‎‏فَلِمَ لایمکن استعمال کلّ واحد فی محلّ الآخر ؟ !‏

‏وأمّا ما أفاده الآخرون فی تحقیق ا لتعریف ، ففیـه : أ نّـه علیٰ خلاف تعریف‏‎ ‎‏ا لمشهور : بأنّ «من» للابتداء ، و «إلیٰ» للانتهاء‏‎[38]‎‏ مع أ نّـه لو دلّت علیٰ معنیٰ فی‏‎ ‎‏غیر هذا ا لمعنیٰ ، فکیف یمکن دلالتها علی ا لابتداء وا لانتهاء ؟ !‏

‏وأمّا ما أفاده صاحب «ا لحاشیـة» فلیس علیٰ ما ینبغی ؛ فإنّ ا لمعانی‏‎ ‎‏ا لإنشائیـة ما توجد فی عا لم الاعتبار ؛ بحیث لاتکون حقیقتها إ لاّ حقیقـة‏‎ ‎‏اعتباریـة صرفـة ، مثل ا لملکیّـة ، وا لزوجیّـة وأمثا لهما ، وأمّا ا لمعانی ا لحرفیّـة‏‎ ‎‏فکلّها وجودات حقیقیّـة ، وهذا ممّا لایقبل ا لإنکار .‏

‏وأ مّا ما أفاده الآخرون‏‎[39]‎‏ من نقد کلامهم فتامها قد یخلو من ا لتأ مّل‏‎[40]‎‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 26
‏وارتکاب ا لمشقّات ا لتی لاتزید ا لمتعلّمین إ لاّ مرارة وکلالةً .‏

‏نعم ، یمکن إرجاع بعض هذه ا لمقا لات إلیٰ ما نحن بصدد تحقیقـه ، کما‏‎ ‎‏سیجیء إن شاء اللّه تعا لیٰ .‏

فنقول ومن اللّه ا لتوفیق :‏ إنّنا إذا سلخنا أذهاننا عن ا لألفاظ فی مثال «سرت‏‎ ‎‏من ا لبصرة إلی ا لکوفـة» أو «سر من ا لبصرة إلی ا لکوفـة» لانریٰ إ لاّ ا لسیر‏‎ ‎‏ا لخارجیّ ممتدّاً بهذا ا لامتداد ا لخاصّ ، وا لبصرة ، وا لکوفـة ، وأمّا أوّلیّـة ا لسیر‏‎ ‎‏وآخریتـه فلیس بحذائهما شیء فی ا لخارج قبال تلک ا لأشیاء ا لخارجیّـة‏‎ ‎‏ا لمذکورة .‏

‏نعم ، هذا ا لامتداد ا لمعیّن ا لذی یقال لـه : «ا لسیر» إذا وقع فی ا لخارج کان‏‎ ‎‏لـه حدّ ؛ هو ا لانقطاع وا لتناهی با لنسبـة إلی ا لطرفین ؛ أعنی طرفیـه ا لمحاذی‏‎ ‎‏أحدهما للبصرة ، وآخرهما للکوفـة ، فتعیّن امتداد ا لسیر فی ا لخارج إنّما هو‏‎ ‎‏بانقطاع أطرافـه وتناهیها ا لمحاذی أحدهما للمبدأ ، والآخر للمقصد .‏

‏وهذا ا لتناهی وا لانقطاع ا لخارجیّ ، إنّما هو منشأ لانتزاع مفهوم ا لأوّلیـة‏‎ ‎‏والآخریّـة ، وهذا من غیر أن یکون بإزاء نفس ا لأوّلیـة والآخریّـة شیء فی‏‎ ‎‏ا لخارج ، کما یکون بإزاء ا لسیر وا لبصرة وا لکوفـة شیء فی ا لخارج ، مع قطع‏‎ ‎‏ا لنظر عمّا یوجد فی وعاء ا لذهن .‏

وأمّا ا للّحاظ ا لذهنیّ فهو علیٰ نحوین :

‏تارة :‏‏ یلاحظ عین ما یکون واقعاً فی ا لخارج ؛ بأن یلاحظ ذلک ا لامتداد‏‎ ‎‏ا لمتناهی ا لأطراف با لبصرة وا لکوفـة ، بدون تعقّل للوصف الانتزاعیّ من ا لأوّلیـة‏‎ ‎‏والآخریّـة ا للّتین لا حقیقـة لهما فی ا لخارج ، فتکون حینئذٍ ا لقضیّـة ا لمعقولـة فی‏‎ ‎‏ا لذهن قضیّـة تامّـة مرتبطـة بعض أجزائها ببعض ، حاکیـة عمّا یکون واقعاً فی‏‎ ‎‏ا لخارج ، فیکون نفس هذا ا لربط بین ا لسیر وا لبصرة وبین ا لسیر وا لکوفـة ـ أی‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 27
‏نفس تناهی ا لسیر وانقطاعـه ا لمعقول فی ا لذهن ـ هو معنیٰ «من» و «إلیٰ» هذا إذا‏‎ ‎‏لوحظ عین ماهو واقعٌ موجودٌ فی ا لخارج .‏

واُخریٰ :‏ تلاحظ با لإضافـة لما فی ا لخارج ، مفاهیم اُخری انتزاعیّـة من‏‎ ‎‏ا لخصوصیّات وا لنفسیّات ا لخارجیّـة ، مثلما إذا لوحظ قبال تصوّر ا لسیر وا لبصرة‏‎ ‎‏وا لکوفـة ، مفهوم ا لأوّلیـة والآخریّـة ؛ بانتزاعهما من ا لسیر ا لمتناهی ا لأطراف ،‏‎ ‎‏فیکون فی وعاء ا لذهن ا لأولیّةُ والآخریّة وا لسیر وا لبصرة وا لکوفة ، فا لمعقول فی‏‎ ‎‏ا لذهن هذه ا لمفاهیم ا لمتشتّتـة ا لتی لا ربط بینها ، وهذه ا لمتشتّتات لیست إ لاّ‏‎ ‎‏ا لمتصوّرات ا لذهنیّـة ا لتی قد تصلح لأن تکون قضیّـة .‏

‏ا للهمّ إ لاّ أن ینقسم إلیٰ روابط تربط بین هذه ا لمتشتّتات ا لمتفرّقات ، فیقال :‏‎ ‎‏«إنّ أوّل سیری من ا لبصرة ، وآخره من ا لکوفـة» فحینئذٍ لوحظ أیضاً ا لسیر‏‎ ‎‏ا لخاصّ ا لخارجیّ ا لمقتطع ا لطرفان بما أ نّـه وقع فی ا لخارج .‏

وخلاصـة ا لکلام :‏ أنّ تعقّل ما یکون واقعاً فی ا لخارج ، هو بعینـه تعقّل‏‎ ‎‏ا لأشیاء ا لمرتبطـة بعضها ببعض ، ویکون ا لربط بینها حقیقـة ا لربط وما یکون ربطاً‏‎ ‎‏با لحمل ا لشائع ا لصناعیّ ، لا ا لربط با لحمل ا لأوّلی ، وا لأوّلیـة والآخریّـة وا لربط‏‎ ‎‏والارتباط ، لیست إ لاّ مفاهیم ا لربط ، ومفاهیم ا لربط لیست بمقیّدة للارتباط بین‏‎ ‎‏ا لأشیاء وا لمفاهیم ا لکلّیـة حقیقـة ، ولذا کانت مفاهیم ا لأوّلیـة والآخریّـة وا لبصرة‏‎ ‎‏وا لکوفـة وا لسیر فی حدّ ذاتها ، لیست إ لاّ صرف ا لمتصوّرات ا لذهنیّـة ، وما‏‎ ‎‏لاینقسم إلیها ما یکون با لحمل ا لشائع ربطاً ، ومع ا لانضمام تکون ا لقضیّـة ا لعقلیّـة‏‎ ‎‏حاکیـة عمّا وقع فی ا لخارج ، ویصیر ا لسیر حینئذٍ مرتبطاً با لسیر ا لمتناهی با لبصرة‏‎ ‎‏وا لکوفـة .‏

‏فهذه ا لروابط کلّها مصادیق ا لربط ، ومصادیق ا لربط عبارة اُخریٰ عن ا لسیر‏‎ ‎‏ا لذی وقع فی ا لخارج ، وا لمعانی ا لحرفیّـة ما یوجد بها ا لارتباط بین ا لمفاهیم‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 28
‏ا لمتفرّقـة ، وهی هذه ا لروابط ا لحقیقیّـة ، وا لابتداء وا لانتهاء هما ا لروابط با لحمل‏‎ ‎‏ا لأوّلی .‏

وإن شئت قلت :‏ ا لمعانی ا لحرفیّـة ما یوجد بها ا لارتباط بین ا لمفاهیم‏‎ ‎‏ا لمتفرّقـة ا لمتشتّتـة ، وا لمعانی ا لاسمیّـة نفس هذه ا لمتفرّقات . هذا هو ا لفرق بین‏‎ ‎‏ا لمعنی ا لاسمیّ وا لمعنی ا لحرفیّ .‏

‏وأمّا مناط ا لفرق وسرّ هذا ا لافتراق ، فهو ما أشرنا إلیـه ؛ من أنّ ا لملحوظ‏‎ ‎‏ا لمتعقّل فی ا لذهن ، لابدّ وأن یکون عین ما وقع أو عین ما سیقع فی ا لخارج من‏‎ ‎‏ا لمفاهیم ا لمرتبطـة ؛ فإنّ ا لسیر ا لذی یقع فی ا لخارج ، لابدّ وأن یکون مقطوع‏‎ ‎‏ا لطرفین ، وانقطاع ا لطرفین فی ا لخارج عین ا لارتباط فی ا لذهن ، وهذا هو معنی‏‎ ‎‏ا لربط ا لحقیقیّ ا لذی یکون ا لحرف موضوعاً بإزائـه .‏

‏وأمّا إذا کان ا لملحوظ هو ا لمفاهیم ، لابما أ نّها عین ما وقع فی ا لخارج ، بل‏‎ ‎‏بما أ نّها مفاهیم تصوّریـة ، أو بما أنّ ا لارتباطات ا لملحوظـة فی ا لذهن ، ارتباطات‏‎ ‎‏مفهومیّـة انتزاعیّـة ، مثل مفهوم ا لابتداء وا لانتهاء ، فلایکون حینئذٍ إ لاّ صِرف‏‎ ‎‏ا لتصوّرات ا لذهنیّـة ا لمتشتّتـة ، لا ربط بعضها ببعض ، فهذه هی ا لمعانی ا لاسمیّـة‏‎ ‎‏غیر ا لمشوبـة با لمعانی ا لحرفیّـة .‏

ومن هنا انقدح ما فیکلام بعض ا لمحقّقین :‏ من أ نّـه لافرق بین ا لأسماء ...‏‎[41]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 29

‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 30

  • )) ا لإشارات وا لتنبیهات 1 : 298 ـ 299 ، ا لبصائر ا لنصیریّـة : 5 ـ 6 ، شرح ا لشمسیّـة : 14 / ا لسطر 13 ـ 14 ، ا لحکمـة ا لمتعا لیـة 1 : 30 ، ا لشواهد ا لربوبیّـة : 19 .
  • (1) ـ اعلم : أنّ ا لقضایا ا لمرکّبـة منها ا لعلوم ، مختلفـة : فمن ا لعلوم ما یکون جمیع قضایاه أو غا لبها ، قضایا حقیقیـة أو بحکمها ، کا لعقلیات وا لفقـه واُصولـه ، ومنها ما تکون جزئیـة حقیقیـة ، کا لتأریخ وا لجغرافیا وغا لب مسائل ا لهیئـة وعلم ا لعرفان .     ونسبـة موضوع ا لمسائل إلیٰ ما قیل : إنّـه موضوع ا لعلم ، قد تکون کنسبـة ا لطبیعی إلیٰ أفراده ، وقد تکون کنسبـة ا لکلّ إلیٰ أجزائـه ، بل قد یکون موضوع جمیع ا لمسائل هو موضوع ا لعلم ، فمن ا لأوّل ا لأمثلـة الاُول ، ومن ا لثانی ا لثانیـة غا لباً ، ما عدا ا لعرفان ، ومن ا لثا لث ا لعرفان ؛ فإنّ موضوعـه هو اللّه تعا لیٰ ، وهو عین موضوع مسائلـه .     فاتّضح ممّا ذکر : أنّ ما اشتهر ـ من أنّ موضوع کلّ علم ما یبحث فیـه عن عوارضـه ا لذاتـیّـة ـ ممّا لا أصل لـه ، سواء فسّرناها بما فسّرها ا لقدماء ، أو بأ نّها ما لاتکون لها واسطـة فی ا لعروض ؛ ضرورة أنّ عوارض موضوعات ا لمسائل ـ ا لتی تکون نسبتها إلیٰ موضوع ا لعلم کنسبـة ا لأجزاء إلی ا لکلّ ، لا ا لجزئیات إلی ا لکلّی ـ لاتکون من عوارضـه ا لذاتیـة با لتفسیرین إ لاّ بتکلّف . مناهج ا لوصول 1 : 38 ـ 39 .     ضرورة أنّ عارض ا لجزء وخاصّتـه ، عارض لنفس ا لجزء ا لذی هو قسمـة من ا لکلّ ، ومتشعّب عنـه ، لا لنفس ا لکلّ ا لذی ترکّب منـه ومن غیره ، ا للّهمّ إذا تشبّث ا لقائل با لمجاز فی ا لإسناد . (تهذیب الاُصول 1 : 2) .     وأمّا فیما کانت ا لنسبـة بینهما کنسبـة ا لکلّی إلی أفراده ، کا لفقـه وا لفلسفـة فنقول :     فأیّ داعٍ للالتزام بکون موضوع علم ا لفقـه هو فعل ا لمکلّف ، وأنّ موضوع کلّ علم ما یبحث فیـه عن عوارضـه ا لذاتیـة ، مع أنّ ا لأحکام لیست من ا لعوارض ؟ !     ومع ا لتسلیم وتعمیم ا لأعراض للاعتباریات ، لیست کلّها من ا لأعراض ا لذاتیـة لموضوعات ا لمسائل ؛ فإنّ وجوب ا لصلاة لایمکن أن یکون من ا لأعراض ا لذاتیـة لها بوجودها ا لخارجی ؛ لکون ا لخارج ظرف ا لسقوط لا ا لثبوت ، ولابوجودها ا لذهنی ، وهو واضح ، ولا للماهیّـة من حیث هی ؛ ضرورة عدم کونها مطلوبـة ، فمعنیٰ وجوبها أنّ الآمر نظر إلی ا لماهیّـة وبعث ا لمکلّف نحو إیجادها ، وبهذا ا لاعتبار یقال : إنّها واجبـة ، لابمعنی اتّصافها با لوجوب فی وعاء من ا لأوعیـة ، ووعاء الاعتبار لیس خارجاً عن ا لخارج وا لذهن .     هذا ، مع لزوم ا لاستطراد فی کثیر من مهمّات مسائل ا لفقـه ، کأبواب ا لضمان ، وأبواب ا لمطهّرات وا لنجاسات ، وأبواب ا لإرث ، وغیر ذلک .     أو أیّ داعٍ لجعل موضوع ا لفلسفـة هو ا لوجود ، ثمّ ا لتکلّف بإرجاع ا لمسائل فیها إلی ا لبحث عن أعراضـه ا لذاتـیّـة لـه ، بما تکلّف بـه بعض أعاظم فنّ ا لفلسفـة ، ثمّ ا لالتزام باستطراد کثیر من ا لمباحث ، کمباحث ا لماهیـة وا لأعدام ، بل مباحث ا لمعاد وأحوال ا لجنّـة وا لنار وغیرها ، أو ا لتکلّف ا لشدید ا لبارد بإدخا لها فیها .     هذا ، مع أنّ کثیراً من ا لعلوم ، مشتمل علیٰ قضایا سلبیـة با لسلب ا لتحصیلی .     وا لتحقیق فی ا لسوا لب ا لمحصّلـة : أنّ مفادها هو قطع ا لنسبـة وسلب ا لربط ، لا إثبات ا لنسبـة ا لسلبیـة ، کما أوضحناه بما لامزید علیـه فی مباحث ا لاستصحاب . مناهج ا لوصول 1 : 41 ـ 42 .
  • )) شرح ا لمطا لع : 18 / ا لسطر 5 ، شوارق ا لإلهام : 6 / ا لسطر 18 ، شرح ا لشمسیـة : 5 / ا لسطر5 .
  • )) نسب إلی ا لمشهور ، واختاره ا لمحقّق ا لقمّی فی حاشیتـه علی ا لقوانین 1 : 8 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 11 / ا لسطر 32 و 12 / ا لسطر 10 .
  • )) نفس ا لمصدر : 12 / ا لسطر 10 .
  • )) فرائد الاُصول : 67 / ا لسطر 8 .
  • )) کفایـة الاُصول : 22 .
  • )) نهایـة ا لأفکار 1 : 9 ـ 11 .
  • (2) ـ إنّ کلّ علم عبارة عن عدّة قضایا مرتبطـة تجمعها خصوصیـة بها یترتّب علیها غرض واحد وفائدة واحدة با لوحدة ا لسنخیـة . ووحدة ا لعلم ـ کوجوده ـ اعتباریـة لا حقیقیـة ؛ ضرورة امتناع حصول ا لوحدة ا لحقیقیـة ا لمساوقـة للوجود ا لحقیقی للقضایا ا لمتعدّدة ؛ لأنّ ا لمرکّب من ا لشیئین أو ا لأشیاء لایکون موجوداً آخر غیر ا لأجزاء ، ا للهمّ إ لاّ ا لمرکّب ا لحقیقی ا لحاصل من ا لکسر والانکسار ا لمتحصّلـة منهما صورة غیر صورة ا لأجزاء .     ولا إشکال فی أنّ ا لعلوم کلّها ـ عقلیّـة کانت أو غیرها ـ إنّما نشأت من ا لنقص إلی ا لکمال ، فکلّ علم لم یکن فی أوّل أمره إ لاّ قضایا معدودة ، لعلّها لم تبلغ عدد ا لأصابع ، فأضاف إلیها ا لخلف بعد ا لسلف ، وکم ترک ا لأوّل للآخر ، وا لفرط للتابع . مناهج ا لوصول 1 : 35 ـ 36 .     ثمّ إنّ منشأ ا لوحدة فی ا لعلوم هو سنخیـة قضایاها ا لمتشتّتـة ، ومنشأ امتیازها هو اختلاف ذاتها وسنخ قضایاها ، ولایمکن أن یکون ما بـه اختلافها وامتیازها هو ا لأغراض أو ا لفوائد ا لمترتّبـة علیها ؛ لتأخّرها رتبـة عن ا لقضایا ، فمع عدم امتیازها لایمکن أن یترتّب علیها فوائد مختلفـة .     نعم ، قد تـتداخل ا لعلوم فی بعض ا لقضایا ؛ بمعنیٰ أن تکون لقضیّـة واحدة فائدة أدبیـة مثلاً یبحث ا لأدیب عنها لفائدتها ا لأدبیـة ، والاُصولی لفهم کلام ا لشارع ، کبعض مباحث ا لألفاظ ، فالاُصولی وا لأدیب یکون غرضهما فهم کون «ا للام» للاستغراق ، و«ما» و«إ لاّ» للحصر ، لکن یکون ذلک هو ا لغرض ا لأقصیٰ للأدیب بما أ نّـه أدیب ، أو یکون أقصیٰ مقصده أمراً أدبیاً ، وللاُصولی غرض آخر ، هو فهم کلام ا لشارع لتعیین تکلیف ا لعباد .     وتداخل ا لعلوم فی بعض ا لمسائل لایوجب أن تکون امتیازها با لأغراض ، بما أ نّها واحدة با لوحدة الاعتباریـة ؛ فإنّ ا لمرکّب من مسائل شتّیٰ إذا اختلف مع مرکّب آخر بحسب مسائلـه ، واتّحد معـه فی بعضها ، یکون مختلفاً معـه بما أ نّـه واحد اعتباری ذاتاً ، خصوصاً إذا کان ا لتداخل قلیلاً ، کما أنّ ا لأمر کذلک فی ا لعلوم .     فتحصّل ممّا ذکر : أنّ اختلاف ا لعلوم إنّما یکون بذاتها ، لابا لأغراض وا لفوائد ؛ فإنّـه غیر معقول . (مناهج ا لوصول 1 : 43 ـ 44) .
  • )) وممّا یؤیّد ذلک بل یدلّ علیـه : ما أفاده ا لمحقّق ا لطوسی رحمه الله فی أوّل مبحث طبیعیّات «ا لإشارات» : من أنّ مباحث ا لهیولیٰ وا لصورة ا لتی یبتنی علیها ا لعلم ا لطبیعیّ ، مصادرات فیـه ، ومسائل من ا لفلسفـة الاُولیٰ(أ) .     إذ موضوع ا لفلسفـة هو ا لموجود بما هو موجود وإثبات وجود ا لمادّة وا لصورة من فروع ا لفلسفـة ، لا ا لعلم ا لطبیعیّ ، بل من مبادئـه ؛ لأنّ ا لموضوع فیـه ا لجسم ا لطبیعیّ ا لمتألّف من ا لمادّة وا لصورة ، مع أنّ ا لغرض فی ا لعلم ا لطبیعیّ یشمل ا لبحث عن ا لهیولیٰ وا لصورة . خارج عمّا أفاد ا لاستاد(ب) .أ ـ ا لاشارات وا لتنبیهات 2 : 3 .ب ـ ما بین ا لهلالین أیضاً بخطّ ا لمؤلّف .
  • )) ا لحکمـة ا لمتعا لیـة 4 : 235 ، شرح ا لمنظومـة ، قسم ا لحکمـة : 137 / ا لسطر 6 .
  • )) ا لإشارات وا لتنبیهات 1 : 40 ، شرح ا لمطا لع : 69/ ا لسطر ما قبل ا لأخیر .
  • )) اُنظر ا لبصائر ا لنصیریّـة : 51 ـ 55 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 10 / ا لسطر 23 .
  • )) نفس ا لمصدر : 11 / ا لسطر 20 .
  • )) هذا ما أفاده سیّدنا الاُستاذ فی درسـه ، ولکن ا لذی یخطر با لبال ، أنّ ا لحیثیّـة ا لمشترکـة ا لذاتـیّـة ا لساریـة فی جمیع ا لمسائل ، وإن کانت ممّا لاتنکر کما أفاده دام ظلّـه ، إ لاّ أ نّـه من ا لممکن فرض حیثیّـة مشترکـة ذاتـیّـة ، تکون أعمّ من الاُولیٰ ؛ فإنّ حیثیّـة ا لإنسان مثلاً فی علم ا لإنسان ، تکون حیثیّـة مشترکـة ذاتـیّـة ، لازمـة للحیثیّـة ا لحیوانیّـة ، ویدوّن ا لعلم لأجلها کما فی علم ا لحیوان ، فتکون ا لحیثیّـة ا لإنسانیّـة من ا لمسائل ، فهذا الاختلاف ا لذی یجعل ا لحیثیّـة تارة من ا لمسائل ، واُخریٰ یجعلها موضوعاً للعلم ، إنّما نشأ من قِبَل أغراض ا لمدوّنین ا لداعیـة للتدوین .     وا لذی أظنّـه فی تمایز ا لعلوم ؛ هو أنّ ا لحیثیّـة ا لمشترکـة بنفسها ـ مع قطع ا لنظر عن أغراض ا لمدوّنین ـ ممّا لایمکن ا لاکتفاء بها فی سبیل ا لتمایز ، کما أنّ ا لأغراض أیضاً بنفسها لایمکن ا لاکتفاء بها ، بل ما هو ا لممیّز للعلوم هو ا لحیثیّات ا لمتعلّقـة لغرض ا لتدوین ، فعلیک با لتأمّل ]ا لإمام ا لخمینی قدّس سرّه ا لشریف] .
  • )) کفایـة الاُصول : 21 .
  • )) لم نعثر فی رسا لـة ا لشافعی علیٰ تصریحـه بهذا . نعم بحث ا لشافعی عن حجّیـة ا لحجج ا لشرعیـة من ا لکتاب وا لسنّـة وغیرهما ، ومنـه یعلم أنّ موضوع علم الاُصول هو ا لحجّـة فی ا لفقـه ، اُنظر نهایـة الاُصول : 16 .
  • )) تقدّم فی ا لصفحـة 15 .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 8 .
  • )) کفایـة الاُصول : 296 .
  • )) ا لذریعـة إلیٰ اُصول ا لشریعـة 1 : 332 ـ 337 ، عدّة الاُصول 2 : 424 ـ 430 .
  • )) یأتی فی ا لصفحـة 269 ـ 270 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 169 / ا لسطر 26 .
  • )) یأتی فی ا لصفحـة 111 و 161 و 215 .
  • )) یونس (10) : 36 .
  • )) کفایـة الاُصول : 24 .
  • (3) ـ إنّ ا لوضع ـ علیٰ ما یظهر من تصاریفـه ـ هو جعل ا للفظ للمعنیٰ وتعیینـه للدلالـة علیـه ، وهذا لاینقسم إلیٰ قسمین ؛ لأنّ ا لتعیّنی لایکون وضعاً وجعلاً .     وا لاختصاص ا لواقع فی کلام ا لمحقّق ا لخراسانی لیس وضعاً ، بل أثره . مناهج ا لوصول 1 : 57 .
  • (4)  ـ فی کونها منـه إشکال ؛ للزوم کون نحو : «زید موجود» قضیّـة ضروریـة ، کقولنا : «زید زید» ، وکون حملـه علیـه کحمل ا لشیء علیٰ نفسـه ، ومجازیـة مثل قولنا : «زید معدوم» ، وقولنا : «زید إمّا موجود ، وإمّا معدوم» ، مع عدم ا لفرق وجداناً بینـه وبین قولنا : «زید إمّا قائم ، أو قاعد» فی عدم ا لعنایـة فیـه ، فلایبعد أن یلتزم بأ نّها وضعت للماهیـة ا لکلّیـة ا لتی لاتنطبق إ لاّ علی ا لفرد ا لواحد .     وتوهّم : أنّ ا لماهیـة ا لکذائیـة مغفول عنها حین ا لوضع با لوجدان .     مدفوع : بأنّ الارتکاز مساعد لذلک ، کما نریٰ من إخبار ا لعوامّ وا لنساء بمعدومیـة ا لمسمّیات فی ا لأعلام وموجودیتها .     وا لموضوع فی هذا ا لحکم لیس ا لماهیـة ا لکلّیـة ا لقابلـة للانطباق علی ا لکثیرین ، ولا ا لشخص ا لموجود بما هو کذلک ، بل ا لماهیـة ا لتی لاتنطبق إ لاّ علی ا لفرد ا لخارجی ، وهی متصوّرة ارتکازاً ، وا لأعلام ا لشخصیـة موضوعـة لها ، وهذا أهون من الالتزام بمجازیـة کثیر من الاستعما لات ا لرائجـة بلا عنایـة وجداناً . تأمّل . مناهج ا لوصول 1 : 67 ـ 68 .
  • )) بدائع ا لأفکار ، ا لمحقّق ا لرشتی : 40 / ا لسطر 23 .
  • (5) ـ وما یقال : من عدم امتناع کون ا لعامّ مرآة للخاصّ ووجهاً لـه ، دون ا لخاصّ للعامّ ، غیر صحیح ؛ لأنّ ا لعامّ ـ أیضاً ـ لایمکن أن یکون مرآة للخاصّ بما أ نّـه خاصّ ؛ لأنّ ا لخصوصیات وإن اتّحدت مع ا لعامّ وجوداً ، لکن یخا لفها عنواناً وماهیـة ، ولایمکن أن یحکی عنوان إ لاّ عمّا بحذائـه ، فا لإنسان لایحکی إ لاّ عن حیثیـة ا لإنسانیـة ، لا خصوصیات ا لأفراد ، فلایکفی للوضع للأفراد تصوّر نفس عنوان ا لعامّ ا لذی ینحلّ ا لخاصّ وا لفرد إلیـه وإلیٰ غیره ، بل لابدّ من لحاظ ا لخاصّ ، ولایعقل ا لوضع إ لاّ مع تصوّر ا لطرفین ، ولو با لإجمال ، فلو تقوّم ا لوضع بمرآتیـة ا لعنوان للموضوع لـه ، کان عموم ا لوضع وخصوص ا لموضوع لـه کا لعکس محالاً ، وإ لاّ ـ کما هو ا لحقّ ـ یکون کلاهما ممکنین .     وا لتحقیق : أنّ تصوّر ا لعامّ قد یکون موجباً لانتقال ا لذهن إلیٰ مصادیقـه بوجـه إجما لی ، فیتصوّر ا لعامّ ویوضع ا للفظ بإزاء ما هو مصداقـه ، ویکون هذا ا لعنوان ا لإجما لی ا لمشیر ، آلـة للوضع للأفراد ، ولایحتاج فی ا لوضع إلیٰ تصوّرها بخصوصیاتها تفصیلاً ، بل لایمکن ذلک ؛ لعدم إمکان ا لإحاطـة بها تفصیلاً ، لعدم تناهی أفراد ا لطبیعی ، وبهذا ا لمعنیٰ یکون خصوص ا لوضع وعموم ا لموضوع لـه ممکناً . مناهج ا لوصول 1 : 59 ـ 60 .     وبذلک یظهر : ضعف ما عن بعض ا لأفاضل من أنّ ا لطبیعـة کما یمکن أن تلاحظ مهملـة جامدة ، یمکن لحاظها ساریـة فی أفرادها ، مندرجـة فی مصادیقها ، وعلیـه تکون عین ا لخارج ونفس ا لمصادیق ؛ ضرورة اتّحاد ا لماهیـة وا لوجود فی ا لخارج ، وا لانفصال إنّما هو فی ا لذهن ، فتصحّ مرآتیتها للأفراد ؛ إذ ا لاتّحاد ا لخارجی لایصحّح ا لحکایـة ، وإ لاّ لکانت ا لأعراض حاکیـة عن جواهرها ، ومن ا لواضح : أنّ ا لمشخّصات غیر داخلـة فی مفهوم ا لعامّ فکیف یحکی عنها ، وا لحکایـة تدور مدار ا لوضع وا لدخول فی ا لموضوع لـه .     ثمّ إنّ هناک قسماً خامساً بحسب ا لتصور وإن کان ثبوتـه فی محلّ ا لمنع وهو : أنّ عموم ا لموضوع لـه قد یکون بوضع ا للفظ لنفس ا لطبائع وا لماهیات کأسماء ا لأجناس ؛ فإنّها موضوعـة لما هو عامّ با لحمل ا لشائع ، من دون أخذ مفهوم ا لعموم فیـه ، وإ لاّ یلزم ا لتجرید وا لتجوّز دائماً ؛ لکونها بهذا ا لقید آبیـة عن ا لحمل ، واُخریٰ یکون ا لموضوع لـه هو ا لعامّ بما هو عامّ ، کما أ نّـه فی ا لخاصّ کذلک دائماً ؛ إذ ا لموضوع لـه هو ا لخاصّ بما هو خاصّ . تهذیب الاُصول 1 : 8 ـ 9 .
  • )) شرح ا لکافیـة 1 : 9 و 10 .
  • )) کفایـة الاُصول : 26 ـ 27 .
  • )) ا لمطوّل : 372 ـ 374 .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 10 / ا لسطر 5 ، عند قول ا لمصنّف «وکذلک ا لفعل» ، حاشیـة ا لسیّد علی ا لقزوینی .
  • )) لم نعثر علیـه فی هدایـة ا لمسترشدین ، وانظر نهایـة الاُصول : 20 .
  • )) شرح ا لکافیـة 2 : 319 و 324 ، مغنی ا للبیب 1 : 74 و 218 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات ا لمحقّق ا لنائینی) ا لکاظمی 1 : 47 ، درر ا لفوائد ، ا لمحقّق ا لحائری : 36 ـ 40 ، نهایـة ا لأفکار 1 : 38 ـ 52 .
  • )) کذا فی ا لمتن ولعلّـه یدل علی صحّـة بعض الآراء .
  • )) هاهنا سقط فی أصل ا لنسخـة ا لخطّیـة .