المقصد الأوّل : فی الأوامر

المطلب الرابع : فی مقدّمة الواجب

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

‏ ‏

المطلب الرابع فی مقدّمة الواجب

‏ ‏

‏وهی کلّ ما یتوقّف علیـه ا لواجب فی تحقّقـه ، ویحتاج إلیـه فی وجوده ،‏‎ ‎‏وقبل ا لخوض فی ا لمقصود نقدّم اُموراً تبعاً للقوم :‏

‏ ‏

الأمر الأوّل: فی عدم کون المسألة اُصولیة

‏ ‏

‏ا لمبحوث عنـه فی هذه ا لمسألـة وإن کان هو ا لملازمـة بین وجوب ا لشیء‏‎ ‎‏ووجوب ما یتوقّف علیـه‏(25)‎[1]‎‏ ، لکن مع ذلک لاتکون ا لمسألـة اُصولیّـة ، بل هی‏‎ ‎‏من‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 111
‏ا لمبادئ ا لأحکامیّـة ، وقد حقّقنا فی محلّـه ا لفرق بین ا لمسائل الاُصولیّـة‏‎ ‎‏وغیرها ، ووجـه امتیاز مسائل ا لعلوم بعضها عن بعض‏‎[2]‎‏ فا لمسألـة لیست اُصولیّـة‏‎ ‎‏علیٰ ما حقّقنا‏(26)‎[3]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 112

الأمر الثانی: تقسیمات المقدّمة

‏ ‏

‏لمّا کان عنوان ا لبحث فی مقدّمـة ا لواجب ؛ هو أنّ مقدّمـة ا لواجب هل هی‏‎ ‎‏واجبـة أم لا ؟ جرت عادة الاُصولیّین علی ا لبحث عن ا لمقدّمـة وتقسّماتها ،‏‎ ‎‏وا لواجب وتقسّماتـه ، وا لمحصّل أنّ للمقدّمـة تقسّمات :‏

‏ ‏

منها: تقسیمها إلی الداخلیّة والخارجیّة

‏ ‏

‏منها : إلی ا لداخلیّـة ؛ وهی ا لأجزاء ا لمأخوذة فی ماهیّـة ا لمأمور بـه ،‏‎ ‎‏وا لخارجیّـة ؛ وهی الاُمورا لخارجـة عنها ، ممّا یتوقّف وجودها علیها ، ولاتوجد‏‎ ‎‏بدونها .‏

وربّما یقال :‏ إنّ ا لأجزاء با لأسر عین ا لمرکّب فی ا لمقدّمات ا لداخلیّـة‏‎[4]‎‏ .‏

فیستشکل تارة :‏ بأنّ ذا ا لمقدّمـة یحتاج إلی ا لمقدّمات ، وا لاحتیاج نحو‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 113
‏إضافةٍ بین ا لشیئین ، ولایعقل أن یکون ا لمحتاج عین ا لمحتاج إلیـه‏‎[5]‎‏ .‏

واُخریٰ :‏ بأنّ ا لمتوقّف علیـه لابدّ وأن یکون مقدّماً علیٰ ما یتوقّف علیـه ،‏‎ ‎‏وا لشیء ا لواحد لایعقل أن یکون متوقِّفاً ومتوقَّفاً علیـه ؛ للزوم ا لدّور‏‎[6]‎‏ .‏

‏ولعلّ هذا ا لإشکال مأخوذٌ من ا لإشکال ا لمعروف فی فنّ ا لمعقول ؛ وهو أنّ‏‎ ‎‏ا لعلّـة ا لتامّـة بجمیع أجزائها ، لابدّ وأن تکون متقدّمـة علیٰ معلولها ، مع أنّ ا لمادّة‏‎ ‎‏وا لصورة من أجزائها ، وهما عین ا لماهیّـة ا لمرکّبـة منهما‏‎[7]‎‏ .‏

وا لجواب :‏ أنّ ا لمرکّبات ا لاعتباریّـة عبارة عن عدّة اُمور متکثّرة حقیقةً ،‏‎ ‎‏اعتبرت بنعت ا لوحدة فی جهـة من ا لجهات ، کاشتراکها فی تحصیل ا لغرض مثلاً ،‏‎ ‎‏فا لکثرة فی ا لمرکّبات ا لاعتباریّـة حقیقیّـة ، وا لوحدة اعتباریّـة .‏

‏کما أنّ ا لأمر بعکس ذلک فی ا لمرکّبات ا لحقیقیّـة ا لتی لها وحدةٌ حقیقیّـة ،‏‎ ‎‏فإنّـه قد تکون ا لکثرة اعتباریّـة ، وا لوحدة حقیقیّـة ، کاعتبار ا لکثرة فی ا لماهیّـة‏‎ ‎‏ا لواحدة .‏

وبا لجملـة :‏ ما لم تعتبر فی الاُمور ا لمتکثّرة ا لمتحقّقـة بوجودات متعدّدة‏‎ ‎‏وحدة ، لایصیر ا لمجموع مرکّباً ، ولا ا لکثرات أجزاءه .‏

فإذا عرفت ذلک فاعلم :‏ أنّ ا لمرکّب فی ا لمرکّب ا لاعتباریّ ، عبارة عن‏‎ ‎‏ا لأجزاء با لأسر مع اعتبار ا لوحدة فیها ، وهذا هو ذو ا لمقدّمـة ، وا لمقدّمـة عبارة‏‎ ‎‏عن کلّ واحدٍ واحدٍ من ا لأجزاء ، فا لعسکر مثلاً عبارة عن عدّة أفراد تعتبر فیها‏‎ ‎‏ا لوحدة ، وکلّ واحدٍ واحدٍ من ا لأفراد مقدّمـة لـه ، فذو ا لمقدّمـة ا لأجزاء با لأسر‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 114
‏مع اعتبار ا لوحدة ، وا لمقدّمـة هی کلّ واحدٍ واحدٍ من ا لأجزاء وا لأفراد .‏

لایقال :‏ فإذا کان کلّ واحدٍ من ا لأجزاء مقدّمـة ، فا لمجموع یصیر مقدّمـة ،‏‎ ‎‏مع أ نّـه عین ا لمرکّب ، فلا محا لـة یکون ا لاختلاف بینهما اعتباریّاً .‏

فإنّـه یقال :‏ کلاّ ، فإنّ ا لمجموع مقدّمات متکثّرة ، لا مقدّمـة واحدة حتّیٰ یرد‏‎ ‎‏ا لإشکال ، کما أنّ کون کلّ واحد من زید وعمرو وبکر إنساناً لایلزم أن یکون‏‎ ‎‏ا لمجموع منهم إنساناً واحداً ، بل أناسیَّ کثیرة ، فإنّ ا لکثیر لیس موجوداً علیٰ حِدة‏‎ ‎‏[‏‏مغایراً‏‏]‏‏ لوجود ا لمتکثّرات .‏

ألا تریٰ :‏ أ نّـه یصدق علیٰ کلّ واحد من أجزاء ا لمرکّب : «أ نّـه بعض‏‎ ‎‏ا لمرکّب» ولایصدق علیٰ جمیعها : «أ نّـه بعض ا لمرکّب» ویصدق : «أ نّها أبعاض‏‎ ‎‏بنحو ا لکثرة ونعت ا لعموم ا لأفرادیّ» .‏

فقد علم ممّا ذکرنا :‏ أنّ ا لمرکّب غیر ا لأجزاء حقیقـة ؛ فإنّ ا لمرکّب أمر‏‎ ‎‏وحدانیّ با لوحدة ا لاعتباریّـة ، وا لأجزاء ـ وهی ا لمقدّمات ـ اُمور متکثّرة ،‏‎ ‎‏موجودة با لوجودات ا لحقیقیّـة .‏

‏ومن هذا ظهر ا لخلل فی ما أفاده ا لمحقّق ا لخراسانی وغیره : من أنّ‏‎ ‎‏ا لاختلاف بین ا لمقدّمات وذیها با لاعتبار ؛ وأنّ ا لأجزاء با لأسر هی ا لمقدّمـة ،‏‎ ‎‏وبشرط ا لاجتماع هی ذوها‏‎[8]‎‏ .‏

ثمّ اعلم :‏ أنّ ا لوجوب ا لمتعلّق با لمرکّب هو وجوبٌ وحدانیّ منبسطٌ علی‏‎ ‎‏ا لأجزاء ، وباعتبار انبساطـه علیها یعتبر فیـه ا لأبعاض ، فا لوجوب واحد حقیقیّ ،‏‎ ‎‏وا لأبعاض کثیرة اعتباراً ، وکلّ بعض متعلّق بجزء من ا لأجزاء ، وا لأجزاء واجبـة‏‎ ‎‏بعین وجوب ا لمرکّب ، لکن با لمعنی ا لذی ذکرنا ؛ أی یعتبر فیـه أبعاض کثیرة‏‎ ‎‏حسب کثرة ا لأجزاء ، فکلّ جزء تمام ا لمتعلَّق لبعض ا لوجوب ، وبعض ا لمتعلَّق‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 115
‏لنفس ا لوجوب‏(27)‎[9]‎‏ .‏

‏ومن هذا یظهر فساد احتما لات اُخر‏‎[10]‎‏ : من کون ا لأجزاء واجبةً با لوجوب‏‎ ‎‏ا لغیریّ فقط ، أو ا لنفسیّ فقط إن ارید منـه کون کلّ جزء متعلَّقاً لتمام ا لوجوب ، أو‏‎ ‎‏هما معاً .‏

‏وأسخف ا لأقوال هو ا لأوّل ؛ فإنّ وجوب ا لمقدّمـة یترشّح من وجوب‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 116
‏ذیها‏(28)‎[11]‎‏ ، فإذا لم یکن للأجزاء وجوب نفسیّ ، فمن أین یترشّح ا لوجوب ا لغیری ؟ !‏

‏ ‏

منها: تقسیمها إلیٰ مقدّمة الوجوب، والواجب، والصحّة، والعلم

‏ ‏

‏لا إشکال فی خروج مقدّمـة ا لوجوب عن حریم ا لنزاع ؛ لتوقّف وجوب‏‎ ‎‏ذی المقدّمـة علیٰ وجودها ، فلا یُعقل وجوبها من قِبَل وجوبـه .‏

‏ومقدّمـة ا لصحّـة ترجع إلیٰ مقدّمـة ا لوجود ولو علی ا لقول با لأعمّ ؛ لتعلّق‏‎ ‎‏ا لوجوب با لصحیح لا ا لأعمّ .‏

‏وا لمقدّمات ا لعلمیّـة أیضاً خارجـة عن حریم ا لنزاع ؛ لعدم ترشّح ا لوجوب‏‎ ‎‏علیها من ا لواجب فی ا لبین .‏

‏ ‏

منها: تقسیمها إلی السبب، والشرط، وعدم المانع، والمُعدّ

‏ ‏

وعُرِّف ا لسبب :‏ بما یلزم من وجوده ا لوجود ، ومن عدمـه ا لعدم‏‎[12]‎‏ . وهذا‏‎ ‎‏ینطبق علی ا لعلّـة ا لتامّـة ، وأخصّ من ا لمقتضی .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 117
وا لأولیٰ أن یقال :‏ إنّ ما یتوقّف علیـه ا لشیء إمّا أن یکون ما منـه ا لوجود ،‏‎ ‎‏وهو ا لذی یکون ا لمعلول أثرَهُ ومقتضاه ، وهو ا لسبب وا لمقتضی ؛ أو لایکون منـه‏‎ ‎‏ا لوجود ، بل یکون بـه ا لوجود . وهو إمّا یکون بوجوده دخیلاً فی تحقّق ا لمعلول ،‏‎ ‎‏أو بعدمـه ، أو بوجوده وعدمـه ، فا لأوّل ا لشرط ، وا لثانی ا لمانع ، وا لثا لث ا لمُعدّ .‏

ولایخفیٰ :‏ أنّ ا لمقصود من کون ا لعدم دخیلاً ، هومضادّة وجود ا لمانع‏‎ ‎‏وممانعتـه للوجود ، ولمّا کان کذلک یقال : إنّ عدمـه دخیل ، وإ لاّ فلیس ا لعدم دخیلاً‏‎ ‎‏حقیقـة فی شیء . کما أنّ ا لمراد من کون ا لعدم وا لوجود دخیلین فی ا لمُعِدّ ـ مثل‏‎ ‎‏ا لأقدام لتحقّق ا لکون علی ا لسطح ؛ فإنّها بوجودها وعدمها تکون معدّة ـ هو أنّ‏‎ ‎‏ا لحرکـة بوجودها ا لاستمراریّ مُعِدّة ، لا أنّ ا لعدم دخیل . وفی ا لحقیقـة : أنّ‏‎ ‎‏ا لشرط إن کان من قبیل ا لحرکـة یقال لـه : ا لمُعِدّ . ویمکن إرجاع غیر ا لسبب إلی‏‎ ‎‏ا لشرط ، وا لأمر سهل .‏

‏ثمّ إنّـه قد وقع بینهم نزاع فی ا لسبب وا لمسبّب فی ا لأفعال ا لتولیدیّـة ـ مثل‏‎ ‎‏حرکـة ا لید وا لمفتاح وفتح ا لباب ـ غیر نزاع وجوب ا لمقدّمـة ، وهو أنّ ا لأمر‏‎ ‎‏ا لمتعلّق با لمسبَّب بحسب ظاهر ا لدلیل هل هو أمرٌ بسببـه لُبّاً وحقیقةً ، أم لا ، أو‏‎ ‎‏یُفصَّل بین ا لأسباب ا لتی تکون آلـة لإیصال قوّة ا لفاعل إلی ا لمسبَّب ، کحرکـة ا لید‏‎ ‎‏وا لمفتاح ، وبین غیرها ، کا لإحراق وا لإلقاء فی ا لمسبعـة‏‎[13]‎‏ ؟‏

وتحقیق ا لحال یحتاج إلیٰ مقدّمـة :‏ هی أ نّـه لا إشکال فی أنّ ا لإرادة سببٌ‏‎ ‎‏لوجود ا لمسبّب ا لتولیدی ، لکنّ ا لسبب ا لذی هو محلّ ا لکلام هو ا لفعل ا لصادر من‏‎ ‎‏ا لإرادة لانفسها ، فإذا صدرت حرکـة ا لید من إرادة ا لفاعل ، وترتّبت علیها حرکـة‏‎ ‎‏ا لمفتاح ، وترتّب علیها فتح ا لباب ، تحقّقت اُمور ثلاثـة :‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 118
أحدها :‏ ا لحرکـة ا لقائمـة با لید .‏

ا لثانی :‏ ا لحرکـة ا لقائمـة با لمفتاح .‏

ا لثا لث :‏ فتح ا لباب .‏

‏فقد تـتعلّق إرادة ا لفاعل استقلالاً وأوّلاً وبا لذات بفتح ا لباب ، وقد تـتعلّق‏‎ ‎‏بحرکـة ا لمفتاح مثل أن یتعلّق غرضـه بامتحان ا لمفتاح ، وقد تـتعلّق بحرکـة ا لید‏‎ ‎‏مثل أن یتعلّق غرضـه بامتحان قوّة یده ، فیحرّکها فیترتّب علیٰ حرکتها حرکـة‏‎ ‎‏ا لمفتاح ، وعلیها فتح ا لباب .‏

‏فهاهنا وجودات ثلاثـة ، وإیجادات ثلاثـة ؛ لأنّ ا لإیجاد وا لوجود واحد‏‎ ‎‏حقیقـة ، متکثّر اعتباراً ؛ لأنّ ا لوجود إذا اعتبر فی نفسـه ‏‏[‏‏فهو‏‏]‏‏ وجود ، وإذا اعتبر‏‎ ‎‏انتسابـه ا لصدوری ‏‏[‏‏إلیٰ‏‏]‏‏ ا لفاعل ‏‏[‏‏فهو‏‏]‏‏ إیجاد ، فلایمکن أن یکون ا لوجود متعدِّداً ،‏‎ ‎‏وا لإیجاد واحداً ، بل هما فی ا لوحدة وا لتعدّد متکافئان .‏

‏لکن مع کونها وجودات وإیجادات ، یکون انتسابها إلی ا لفاعل بواسطـة‏‎ ‎‏ا لإرادة ا لواحدة ، ا لمتعلّقـة بأقدم ا لأسباب ؛ أی ا لفعل ا لمباشریّ ، فحرکـة ا لید‏‎ ‎‏متعلَّقـة للإرادة بلا واسطـة ، وحرکـة ا لمفتاح وفتح ا لباب منتسبان إلیها مع‏‎ ‎‏ا لواسطـة ، لا أنّ هاهنا إرادات ثلاثـة مستقلّـة ، بل إرادة واحدة متعلِّقـة با لفعل‏‎ ‎‏ا لمباشریّ ، وبا لفعل ا لتولیدیّ بواسطتـه ، وبا لمولَّد عن ا لتولیدیّ بواسطـة‏‎ ‎‏ا لتولیدی . . . إلیٰ آخر ا لأسباب وا لمسبّبات .‏

إذا عرفت ذلک فاعلم :‏ أ نّـه قد استدلّ ا لقائلون بلزوم صَرف ا لتکا لیف‏‎ ‎‏ا لمتعلِّقـة با لمسبَّبات إلیٰ أسبابها :‏

تارة :‏ بعدم مقدوریّـة ا لمسبّبات‏‎[14]‎‏ .‏

وفیـه :‏ أنّ ا لمقدور مع ا لواسطـة مقدور .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 119
وتارة :‏ بأنّ ا لتکلیف لابدّ وأن یتعلّق با لفعل ا لصادر من ا لمکلّف ، وما هو‏‎ ‎‏صادرٌ منـه هو ا لسبب ا لمباشریّ ، دون غیره من ا لأسباب وا لمسبّبات ا لمتأخّرة‏‎ ‎‏عنـه‏‎[15]‎‏ .‏

وفیـه :‏ أ نّـه إن اُرید من ا لفعل ا لصادر منـه ما هو صادر بلا واسطـة ،‏‎ ‎‏فا لکبریٰ ممنوعـة ؛ لعدم ا لدلیل علیها ، بل ا لضرورة قاضیـة بأنّ ا لتکلیف یحسن‏‎ ‎‏تعلّقـه بما هو فعل اختیاری لـه ولو مع ا لواسطـة . وإن اُرید منـه ما هو صادر‏‎ ‎‏مطلقاً ، فا لصغریٰ ممنوعـة ؛ لقضاء ا لضرورة بصدور کلٍّ من ا لأسباب وا لمسبّبات‏‎ ‎‏منـه اختیاراً .‏

‏ومنـه یظهر ا لخلل فی ا لمؤیّد ا لذی ذکروه : وهو أنّ ا لفاعل بعد إصدار ا لفعل‏‎ ‎‏ا لمباشریّ قد یموت قبل تحقّق ا لفعل ا لتولیدیّ ، کما لو فرض موت ا لرامی قبل‏‎ ‎‏إصابـة ا لسهم ا لغرض ، فانتساب ا لفعل إلی_' ا لرامیانتساب إلی ا لمیّت ، وهو باطل‏‎ ‎‏با لضرورة‏‎[16]‎‏ .‏

‏وفیـه : أنّ ا لانتساب إلیـه إنّما هو بصدور ا لرمی منـه وهو فی حال حیاتـه ،‏‎ ‎‏وأمّا ا لمسبّب فلایکون بإرادة مستقلّـة ، ولابقوّة فاعلـة اُخریٰ ، وهو واضح .‏

فاتّضح من ذلک :‏ أ نّـه لا وجـه لصرف ظاهر ا لأدلّـة ا لدالّـة علیٰ تعلّق‏‎ ‎‏التکلیف با لمسبّبات ؛ ضرورة صحّـة ا لتکلیف بها ، کما یصحّ با لأسباب .‏

وممّا ذکرنا یعلم :‏ أنّ مقارنـة ا لأسباب وا لمسبّبات زماناً غیر لازم ، بل یمکن‏‎ ‎‏انفکاکهما ، کما أنّ ا لتأخّر ا لزمانیّ أیضاً غیر لازم ، نعم ا لتأخّر ا لرتبیّ للمسبّب‏‎ ‎‏ـ قضاءً لحقّ ا لمعلولیّـة ـ لازم .‏

‏هذا حال ا لأسباب وا لمسبّبات ا لتولیدیّـة من ا لفواعل ا لطبیعیّـة ا لواقعـة فی‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 120
‏عمود ا لزمان .‏

‏وأمّا ا لأسباب وا لمسبّبات فی ا لفواعل ا لإلهیّـة ـ ا لتی یتقوّم ا لمسبّب ‏‏[‏‏فیها‏‏]‏‎ ‎‏با لسبب ، ویکون ا لمسبّب عین ا لتعلّق بسببـه ـ فلایمکن انفکاکهما زماناً ، کما‏‎ ‎‏لایمکن ا لانفکاک بین ا لعلّـة ا لتامّـة ومعلولها مطلقاً .‏

‏ ‏

منها: تقسیمها إلی المقارن والمتقدّم والمتأخّر

‏ ‏

وقد استشکل فی ا لأخیرین :‏ بأنّ ا لمقارنـة بین أجزاء ا لعلّـة ومعلولها‏‎ ‎‏لازمـة ؛ لاستحا لـة تأخّر ا لعلّـة عن ا لمعلول ، وکذلک تقدّمها علیـه ، فأشکل ا لأمرُ‏‎ ‎‏فی ا لمقدّمـة ا لمتأخّرة کا لأغسال ا للیلیّـة ا لمعتبرة فی صحّـة صوم ا لمستحاضـة‏‎ ‎‏عند بعضٍ‏‎[17]‎‏ وکا لإجازة فی صحّـة ا لعقد علی ا لکشف‏‎[18]‎‏ ، وفی ا لمقدّمـة‏‎ ‎‏ا لمتقدّمـة أیضاً کا لشرائط وا لمقتضیات وا لمتصرّمات زماناً ، وا لمتقضیّـة أجزاؤها ؛‏‎ ‎‏لعدم بقائها حین ا لعقد بجمیع أجزائها ا لمؤثّرة فی ا لعقد ، فیعمّ إشکالُ انخرام‏‎ ‎‏ا لقاعدة ا لعقلیّـة فی غیر ا لشروط وا لمقتضیات ا لمقارنـة‏‎[19]‎‏ .‏

وا لتحقیق فی ا لجواب أن یقال :‏ إنّ ا لموارد ا لتی تُوهم ورود ا لإشکال ، إمّا أن‏‎ ‎‏یکون ا لمتقدّم أو ا لمتأخّر شرطاً للتکلیف ، وإمّا شرطاً للمکلّف بـه ، وإمّا لأمر‏‎ ‎‏وضعیّ :‏

أمّا ا لأوّل :‏ فکون شیء شرطاً للتکلیف ـ مثل ا لشرائط ا لعامّـة ، کا لقدرة ،‏‎ ‎‏وا لتمییز بین ا لحسن وا لقبیح ، وأمثال ذلک ـ إنّما هو بمعنیٰ دخا لـة ا لشرط فی‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 121
‏إمکان تعلّق ا لتکلیف با لمکلّف .‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ لایکون توجُّـه ا لتکلیف إلی ا لمکلّف ، وتعلّقـه با لمکلّف بـه‏‎ ‎‏ـ من ا لمولی ا لحکیم ـ ممکناً ، إ لاّ مع شرائط وقیود فی ا لمکلَّف ؛ من کونـه قادراً‏‎ ‎‏ممیّزاً بین ا لحسن وا لقبح ، وفی ا لمکلّف بـه ؛ من کونـه مقدوراً ممکن ا لتحقّق ،‏‎ ‎‏ولاتکون تلک ا لشروط مؤثّرة فی وجود ا لتکلیف حتّیٰ یرد ا لإشکال ؛ لاستحا لـة‏‎ ‎‏دخا لـة ما هو من شرائط إمکان تعلّق ا لتکلیف با لمکلّف بـه أو توجّهـه إلی‏‎ ‎‏ا لمکلّف فی ا لمؤثّریّـة فی وجوده ، فعِللُ وجود ا لتکلیف اُمور اُخریٰ کلّها مقدّمـة‏‎ ‎‏علیـه ، وأمّا تلک ا لشروط ا لدخیلـة فی إمکان ا لتکلیف ، فلا محذور فی تقدّمها أو‏‎ ‎‏تأخّرها عنـه ، کما لایخفیٰ‏(29)‎[20]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 122
وأمّا ا لثانی :‏ فکون شیء شرطاً للمکلّف بـه لیس بمعنیٰ کونـه مؤثّراً فی‏‎ ‎‏وجوده ، بل بمعنیٰ أ نّـه من حدوده وقیوده .‏

فتارة :‏ یکون ا لمکلّف بـه هو عنوان «ا لصلاة» ا لتی یقارنها ا لستر ، أو یتقدّم‏‎ ‎‏علیها ا لوضوء مثلاً ، أو یتأخّر عنها شیء ، ومن هذا ا لقبیل صوم ا لمستحاضـة ؛ فإنّ‏‎ ‎‏ا لمأمور بـه هو ا لصوم ا لمتقیّد بکونـه متعقّباً با لأغسال ا للیلیّـة .‏

وتارة :‏ یتعلّق ا لتکلیف بعنوان بسیط ، غیر منطبق بحسب ا لواقع إ لاّ علیٰ‏‎ ‎‏شیء ، یکون مقارناً أو مسبوقاً أو ملحوقاً بشیء .‏

‏وکلّ ذلک ممّا لا إشکال فیـه أصلاً ، ولیس فی البین تأثیر وتأثّر وعلّیّـة‏‎ ‎‏ومعلولیّـة .‏

‏ومن ذلک یُعلم حال ا لوضع أیضاً ؛ فإنّ ما هو موضوع انتزاع ا لنقل وا لانتقال‏‎ ‎‏منـه هو ا لعقد ا لمتعقَّب با لإجازة ، ولیس ا لعقد من قبیل ا لعلّـة ا لمؤثّرة ؛ بمعنیٰ ما‏‎ ‎‏منـه ا لوجود ، بل هو موضوع لأمر اعتباریّ عند ا لعقلاء بلاتأثیر وتأثّر فی ا لبین ،‏‎ ‎‏کما هو واضح‏30‎[21]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 123
نعم ،‏ قد تکون ا لشروط من أجزاء ا لعلّـة ا لتی منها ا لوجود ، وحینئذٍ فتقدّمها‏‎ ‎‏ا لطبعیّ علی ا لمعلول ممّا یحکم بـه ا لعقل ، أمّا مقارنتها ا لزمانیّـة فی غیر ا لزمانیّات‏‎ ‎‏فممّا لا معنیٰ لها ، وأمّا فیما هو واقع فی سلسلـة ا لأزمان ، فلزوم ا لمقارنـة بینـه‏‎ ‎‏وبین ا لمعلول محلّ تأمّل وإشکال ، تأمّل .‏

إذا عرفت ما تلوناه علیک فاعلم :‏ أنّ ا لکلام واقع فی أنّ شروط ا لمأمور بـه ـ‏‎ ‎‏ا لتی هی من قیوده ـ هل هی واجبـة با لوجوب ا لترشّحی ا لمقدّمی ـ کما فی‏‎ ‎‏ا لمقدّمات ا لوجودیّـة ا لخارجیّـة علی ا لقول بوجوبها‏‎[22]‎‏ ـ أم هی واجبـة بعین‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 124
‏وجوب ذی ا لمقدّمـة‏‎[23]‎‏ کا لمقدّمات ا لداخلیّـة علیٰ ما عرفت حا لها ؟‏

ا لحقّ هو ا لثانی ؛‏ لأنّ ا لتقیّدات ا لمأخوذة فی ا لمأمور بـه موجودة بعین‏‎ ‎‏وجود ا لقیود ، لابوجود آخر ، ویکون ا لوجوب ا لمنبسط علیها منبسطاً علی ا لقیود‏‎ ‎‏أیضاً ، ولایکون لها وجوب علیٰ حِدَة ، فحا لها حال ا لمقدّمات ا لداخلیّـة ا لتی‏‎ ‎‏عرفت أ نّها واجبـة بعین وجوب ذیها .‏

‏ ‏

الأمر الثالث: فی أقسام الواجب

‏ ‏

‏قد عُرّف ا لواجب : بما یستحقّ علیٰ فعلـه ا لثواب ، وعلیٰ ترکـه ا لعقاب‏‎[24]‎‏ .‏

‏وهذا لازم ا لمعنیٰ ، کما لایخفیٰ .‏

وا لأولیٰ تعریفـه :‏ بأ نّـه ما تـتعلّق بـه ا لإرادة ا لمؤکّدة ، وقد ذکرنا سابقاً‏‎ ‎‏حال ا لإرادة فی ا لواجب وا لمستحبّ ، فراجع .‏

‏وکیف کان ، فقد قسّم ا لواجب بتقسیمات :‏

‏ ‏

منها: تقسیمه إلی المطلق والمشروط

‏ ‏

‏وقد عرّفهما ا لقوم بتعریفات شتّیٰ ، وأطا لوا ا لنقض وا لإبرام فی أطرافها .‏‎ ‎‏فقیل : إنّ ا لمطلق ما لایتوقّف وجوبـه علیٰ شیء‏‎[25]‎‏ .‏

‏وقیل : هو ما لایتوقّف وجوبـه علیٰ شیء سوی ا لشرائط ا لعامّـة‏‎[26]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 125
‏وقیل : ما لایتوقّف وجوبـه علیٰ ما یتوقّف علیـه وجوده‏‎[27]‎‏ .‏

‏وا لمشروط فی کلٍّ من ا لتعاریف مقابل ا لمطلق .‏

وا لحقّ :‏ ما أفاد ا لمحقّق ا لخراسانی  ‏‏رحمه الله‏‏ : من أنّ ا لإطلاق والاشتراط وصفان‏‎ ‎‏إضافیّان ، ومن قبیل ا لمتضایفین ، وهما لایجتمعان فی موضع واحد بجهـة واحدة ،‏‎ ‎‏کالاُبوّة وا لبُنوَّة ا للّتین لاتجتمعان فی موضع واحد باعتبار واحد ، وأمّا بجهتین فلا‏‎ ‎‏مانع من اجتماعهما ، فیمکن أن یکون شخص واحد أباً وابناً من جهتین ، وا لمطلق‏‎ ‎‏وا لمشروط من هذا ا لقبیل ؛ فإنّ کلّ شیء یلاحظ مع ا لواجب ، فإمّا أن یکون‏‎ ‎‏وجوبـه با لنسبـة إلیـه مشروطاً ، أو لا .‏

‏وا لثانیمطلق با لإضافـة إلیـه ، وإن أمکن أن یکون مشروطاً با لإضافـة إلیٰ‏‎ ‎‏غیره‏‎[28]‎‏ وهذا واضح .‏

‏وا لظاهر أنّ تخصیص ا لتفتازانی وبعض آخر ا لکلامَ با لمقدّمات ا لوجودیّـة‏‎ ‎‏ـ حیث عرّفوه : بما لایتوقّف وجوبـه علیٰ ما یتوقّف علیـه وجوده ـ لیس لأجل أنّ‏‎ ‎‏فی ا لمطلق وا لمشروط اصطلاحاً خاصّاً ؛ بل لأنّ کلامهم لمّا کان فی وجوب‏‎ ‎‏ا لمقدّمـة ، وکانت ا لمقدّمـة ا لوجودیّـة ا لتی هی مقدّمـة للوجوب أیضاً من‏‎ ‎‏مستثنیات وجوب ا لمقدّمـة ، خصّصوا ا لکلام بذلک ، وإ لاّ فلیس فی ا لبین اصطلاح‏‎ ‎‏خاصّ ، ولاینبغی ا لنقض وا لإبرام فیما لاتـترتّب علیـه ثمرة مهمّـة .‏

ثمّ ا لظاهر من ا لفقهاء والاُصولیّین‏ وا لمتکلّمین وکلّ مَنْ تصدّیٰ لبیان‏‎ ‎‏ا لواجب ا لمشروط ، هو رجوع ا لشرط إلی ا لهیئـة‏‎[29]‎‏ إلیٰ زمن ا لشیخ ‏‏قدّس سرُّه‏‏ وهو أیضاً‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 126
‏اعترف بأنّ مقتضی ا لقواعد ا لعربیّـة رجوعـه إلیها ، کما أنّ ا لمتفاهم ا لعرفیّ ذلک‏‎[30]‎‏ ‏‎ ‎‏إ لاّ أ نّـه أشکل فیـه علیٰ ما فی تقریرات بحثـه .‏

وما یمکن أن یکون وجـه ا لإشکال اُمور :

‏منها :‏‏ أنّ ا لطلب عقلاً لابدّ وأن یتعلّق با لمادّة لُبّاً ؛ لأنّ ا لعاقل إذا توجّـه إلیٰ‏‎ ‎‏شیء ، فإمّا أن یکون ممّا فیـه ا لمصلحـة مطلقاً ، فیصیر متعلّقاً لشوقـه وإرادتـه‏‎ ‎‏وطلبـه کذلک ، وإمّا أن تکون فیـه مصلحـة علیٰ تقدیر خاصّ . وذلک ا لتقدیر : تارة‏‎ ‎‏یکون من الاُمور الاختیاریّـة ، واُخریٰ لایکون کذلک . وما کان من قبیل ا لأوّل : قد‏‎ ‎‏یکون مأخوذاً علیٰ نحوٍ یکون مورداً للتکلیف ، أو لاٰ .‏

‏وعلیٰ أیّ حالٍ : یتعلّق ا لشوق وا لإرادة وا لطلب بـه علیٰ نحو ما یکون فیـه‏‎ ‎‏ا لمصلحـة ، ولا معنیٰ لعدم تعلّق ا لإرادة وا لطلب بـه ، وتوقّفـه علیٰ شیء‏‎[31]‎‏ .‏

ومحصّل مرامـه :‏ أنّ ا لأوامر إنّما تـتعلّق با لمتعلّقات لأجل ا لمصا لح‏‎ ‎‏ا لکامنـة فیها ، وفی ا لواجبات ا لمشروطـة لابدّ وأن تـتعلّق با لمقیّد ؛ لکون‏‎ ‎‏ا لمصلحـة فیـه دون ا لمطلق .‏

‏لکن لمّا أشکَل ا لأمرُ فی ا لقیود الاختیاریّـة من أنّ تعلّق ا لأمر با لمقیّد بها‏‎ ‎‏مستلزم لوجوب تحصیل ا لقید أیضاً ؛ لأنّ ا لطلب ا لمطلق إذا تعلّق با لمطلوب ا لمقیّد‏‎ ‎‏یجب تحصیل قیده بلا إشکال ، مع أنّ فی ا لواجبات ا لمشروطـة لم یکن تحصیل‏‎ ‎‏ا لشرط واجباً با لضرورة .‏

‏فأجاب عنـه : بأنّ ا لمصلحـة کما أ نّها قد تکون فی ا لمقیّد بنحو یکون ا لقید‏‎ ‎‏مورداً للتکلیف کما فی ا لصلاة ا لمقیّدة ـ با لوضوء وا لغسل ، فإنّهما دخیلان فی‏‎ ‎‏ا لمصلحـة ، فتعلّق ا لتکلیف بهما ـ کذلک قد تکون فی ا لمقیّد بنحو یکون ا لقید غیر‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 127
‏مکلّف بـه ، عکس ا لصورة ا لمتقدّمـة ، کما فی ا لحج ا لمقیّد با لاستطاعـة ،‏‎ ‎‏فا لاستطاعـة وإن کان تحصیلها من الاُمور الاختیاریّـة ا لقابلـة لتعلّق ا لتکلیف بها ،‏‎ ‎‏لکنّ ا لمصلحـة إنّما هی فی ا لحجّ ا لمقیّد با لاستطاعـة ، ا لتی اُخذت علیٰ نحوٍ لم‏‎ ‎‏یتعلّق ا لتکلیف بها ؛ أی حصولها من باب ا لاتّفاق مثلاً ، فا لطلب ا لمتعلّق با لحجّ‏‎ ‎‏ا لمقیّد لایسری إلی ا لقید ؛ لقیام ا لمصلحـة ‏‏[‏‏بـه‏‎ ‎‏]‏‏بهذا ا لنحو .‏

‏هذا ملخّص ما أفاده ا لمقرّر  ‏‏رحمه الله‏‏ .‏

ویرد علیـه : ـ‏ مضافاً إلیٰ أنّ عدم کون شیء مورداً للتکلیف لیس من الاُمور‏‎ ‎‏ا لدخیلـة فی ا لمصلحـة ؛ فإنّ ا لأعدام لا معنیٰ لدخا لتها فی شیء ، بل هذا فی‏‎ ‎‏ا لحقیقـة یرجع إلیٰ أنّ نفس ذات ا لمقیّد مصلحـة ؛ بلا دخا لـة شیء آخر فیها ،‏‎ ‎‏فقیاس ذلک علیٰ موردٍ یکون ا لأمر ا لعبادیّ دخیلاً فی ا لمأمور بـه کا لوضوء‏‎ ‎‏وا لغسل ، لیس علیٰ ما ینبغی ـ أنّ لرجوع ا لقیود إلی ا لواجب أو إلی ا لوجوب‏‎ ‎‏ملاکات بحسب مقام ا لثبوت وا لواقع ، لایمکن ا لتخلّف عنها ، فلابدّ أوّلاً من بیان‏‎ ‎‏تلک ا لملاکات ا لواقعیّـة ؛ حتّیٰ یتّضح ا لأمر ، ویرتفع ا لخلط .‏

فنقول :‏ إنّ ا لأوامر قد تـتعلّق با لمتعلَّقات لغرض جلب ا لمنافع ا لکامنـة‏‎ ‎‏فیها ، وقد تـتعلّق لغرض دفع ا لمفاسد وا لمضارّ ، فکلّ قید یکون دخیلاً بحسب‏‎ ‎‏ا لثبوت فی جلب ا لمنافع أو دفع ا لمضار ـ بحیث یکون ا لمتعلّق بلاتقیّده بـه‏‎ ‎‏لایجلب ا لمصلحـة ، أو لایدفع ا لمفسدة ـ لابدّ وأن یرجع إلی ا لواجب لا ا لوجوب ؛‏‎ ‎‏فإنّ ا لوجوب وا لإیجاب آلـة لتحصیل تلک ا لمصلحـة أو دفع ا لمفسدة ، ووسیلـة‏‎ ‎‏لإیصا لها إلی ا لعباد محضاً ، وأمّا ا لمصلحـة فقائمـة بنفس ا لمقیّد بما أ نّـه مقیّد ،‏‎ ‎‏ففی مثل تلک ا لموارد یرجع ا لقید إلی ا لواجب وا لمادّة ، لا ا لوجوب وا لهیئـة ، فلو‏‎ ‎‏فرض أنّ ا لصلاة لاتکون بنفس ذاتها بلاتقیّدها با لطهارة ذات مصلحـة ، لا یُعقل‏‎ ‎‏تعلّق ا لطلب بها بنحو ا لإطلاق ، کما لا یُعقل أن یکون ا لطلب ا لمتعلّق بها مشروطاً ،‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 128
‏بل ا لطلب ا لمطلق یتعلّق با لصلاة ا لمقیّدة بها .‏

‏هذا ملاک ا لقیود ا لتی لابدّ من إرجاعها إلی ا لمادّة لُبّاً‏(31)‎[32]‎‏ .‏

وأمّا ملاک ا لقیود ا لتی لا یُعقل رجوعها إلیها ،‏ بل لابدّ من رجوعها إلی‏‎ ‎‏ا لهیئـة بحسب ا لثبوت ، فإنّما یکون فی موارد :‏

ا لأوّل :‏ ما إذا کانت ا لمصلحـة فی فعلٍ مطلقاً وبلا شرطٍ ، ولکن یکون فی‏‎ ‎‏بعث ا لمولیٰ نحوه بنحو ا لإطلاق مانع ، کموارد عجز ا لمکلّف وجنونـه ، أو کونـه‏‎ ‎‏غیر ممیّز ، أو کونـه غافلاً أو نائماً . . . إلیٰ غیر ذلک من موارد قصوره ، فإذا کان ا لفعل‏‎ ‎‏علیٰ نحو ا لإطلاق ذا مصلحـة ، فلایمکن أن یرجع ا لقید إلی ا لمادّة عقلاً ؛ ضرورة‏‎ ‎‏عدم دخا لـة تلک ا لقیود فی ا لمصلحـة ، فلا معنیٰ لتقیّدها بها ، ولمّا لم یمکن أن‏‎ ‎‏یتعلّق ا لبعث با لقاصر علیٰ نحو ا لإطلاق ، فلابدّ وأن ترجع ا لقیود إلی ا لوجوب لا‏‎ ‎‏ا لواجب ، وهذا واضح .‏

ا لثانی :‏ ما إذا کانت ا لمصلحـة فی ذات ا لفعل مطلقاً بلا قیدٍ وشرطٍ ، ویمکن‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 129
‏أن یتعلّق ا لأمر بـه علیٰ نحو ا لإطلاق ، لکن لطف ا لمولیٰ با لعبد یقتضی أن یتعلّق‏‎ ‎‏ا لطلب بـه علیٰ نحو خاصٍّ ، ویجعل للوجوب شرطاً أو شرائط ؛ لأجل ا لتسهیل‏‎ ‎‏علی ا لعباد وا لتوسعـة علیهم ، أو لأنّ ا لمولیٰ یریٰ أنّ ا لأمر إذا تعلّق با لفعل بنحو‏‎ ‎‏ا لإطلاق یقع نوع ا لمکلَّفین فی ا لمعصیـة ، فلأجل لطفـه علیهم یشترط وجوبـه‏‎ ‎‏بشرائط تسهّل ا لأمر علیهم ، فلو فرض أنّ فی ا لحجّ مصلحـة مطلقاً ، کان ا لمکلّف‏‎ ‎‏مستطیعاً شرعاً أو لاٰ ، وفی ا لزکاة مصلحـة ، بلغ ا لمال ا لزکویّ حدّ ا لنصاب أو لم‏‎ ‎‏یبلغ ، لکن مصلحـة ا لتسهیل وا للّطف ا لإلٰهیّ اقتضت أن یُشترط ا لوجوب‏‎ ‎‏با لاستطاعـة وبلوغ ا لنصاب ، ففی مثل تلک ا لموارد لایمکن أن یتوجّـه ا لقید إلی‏‎ ‎‏ا لواجب وا لمادّة ؛ فإنّ ا لقید لا دخا لـة لـه فی ا لمصلحـة با لفرض ، فلا معنیٰ‏‎ ‎‏لتقیّدها بـه ، بل ا لمانع فی ا لإیجاب وا لأمر علیٰ نحو ا لإطلاق .‏

ا لثا لث :‏ ـ وهو أوضح ا لموارد ـ أن لایکون ا لغرض من ا لأمر جلب‏‎ ‎‏ا لمنافع ، بل ا لغرض منـه دفع منقصـة متوجّهـة إلی ا لعبد ، أو رفع مفسدةٍ ابتلیٰ بها ،‏‎ ‎‏کما فی باب ا لکفّارات .‏

مثلاً :‏ لو فرض أنّ ا لظِّهار ، أو ا لإفطار متعمّداً فی شهر رمضان ، وحَنث ا لنَّذر‏‎ ‎‏وا لعهِد ، وا لصیدَ حال ا لإحرام . . . وأمثال ذلک ، توجب منقصـة للعبد لاتنجبر إ لاّ‏‎ ‎‏با لکفّارات ، فلابدّ من تعلّق ا لطلب با لکفّارات بعد تحقّق تلک ا لمنقصة ؛ لأجل رفعها .‏

‏ولایعقل أن ترجع ا لشروط وا لقیود ا لکذائیـة إلی ا لمادّة ، ولایعقل أن یتقیّد‏‎ ‎‏ا لمکلّف بـه بتلک ا لقیود ؛ فإنّها موجبـة للمنقصـة ، ولایعقل دخا لتها فی رفعها ،‏‎ ‎‏فلایمکن أن یقال : إنّ ا لمصلحـة قائمـة با لکفّارة ا لمقیّدة بإفطار شهر رمضان ، ففی‏‎ ‎‏قولـه : «إن أفطرت متعمّداً وجبت ا لکفّارة»‏‎[33]‎‏ لابدّ وأن یرجع ا لشرط إلی ا لهیئـة ،‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 130
‏ولایعقل رجوعـه إلی ا لمادّة .‏

‏وإن شئت فانظر إلی ا لأمثلـة ا لعرفیّـة ، مثل قول ا لطبیب للمریض : «إذا‏‎ ‎‏مرضت فاشرب ا لدواء» فهل یمکن أن یقال : إنّ ا لأمر تعلّق بشرب ا لدواء ا لمتعقَّب‏‎ ‎‏با لمرض ، وإنّ ا لمرض لـه دخا لـة فی ا لمصلحـة أو دفع ا لمفسدة ؟ ! تدبّر ولاتغفل .‏

إذا عرفت ما ذکرنا :‏ من حال ا لقیود فی عا لم الُلبّ والثبوت ، وأنّ بعضها‏‎ ‎‏یرجع إلی ا لمادّة ، وبعضها إلی ا لهیئـة ، ومعلوم أنّ مقتضی ا لقواعد ا لعربیّـة‏‎[34]‎‏ ‏‎ ‎‏وا لمتفاهم ا لعرفیّ رجوع ا لقیود إلی ا لهیئات ، فلابدّ مع عدم إحراز ا لرجوع إلی‏‎ ‎‏ا لمادّة ‏‏[‏‏من‏‎ ‎‏]‏‏إرجاعها إلی ا لهیئـة لا ا لمادة فی مقام ا لإثبات ؛ ضرورة أنّ إفهام مثل‏‎ ‎‏هذا ا لمعنیٰ ؛ أی ا لوجوب ا لمشروط ، من ضروریّات أهل ا للسان ، فحکمـة ا لوضع‏‎ ‎‏تقتضی أن یکون بإزاء هذا ا لمعنیٰ ـ ا لذی هو مورد ا لاحتیاج کثیراً فی‏‎ ‎‏ا لمحاورات ـ لفظ دالّ علیـه ، فا لشبهات ا لواردة فی ا لمورد من قبیل ا لشبهـة فی‏‎ ‎‏مقابل ا لبدیهـة ، مع أ نّها کلّها قابلـة للدفع :‏

منها :‏ أنّ ا لهیئـة لمّا کانت آلـة إیجاد ا لطلب وتحقّقـه ، لایمکن أن تکون‏‎ ‎‏معلَّقـة ومشروطـة بشیء ؛ فإنّ ا لإیجاد هو ا لمساوق للوجود وا لتحقّق ، وا لتعلیق‏‎ ‎‏هو اعتبار ا للا تحقّق ، وهما لایجتمعان‏‎[35]‎‏ .‏

وا لجواب عنـه :‏ أنّ ا لإیجاد الاعتباری أمره سهلٌ ، وا لمغا لطـة إنّما وقعت‏‎ ‎‏من اشتباه ا لأمر ا لمحصّل با لأمر الاعتباری ، وإ لاّ فا لإیجاد الاعتباری قابل‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 131
‏للإطلاق وا لاشتراط وا لتعلیق .‏

ومنها :‏ أنّ ا لهیئـة من ا لمعانی ا لحرفیّـة ، فلایعقل أن تکون مستقلّـة‏‎ ‎‏با للّحاظ ، مع أ نّـه لابدّ فی ا لاشتراط وا لتعلیق من ا للّحاظ ا لاستقلالیّ فی‏‎ ‎‏ا لمشروط وا لمعلّق‏‎[36]‎‏ .‏

وا لجواب :‏ أ نّها قابلـة للّحاظ ولو بنظرة ثانیـة ، مع أنّ لنا أن نقول بمقا لـة‏‎ ‎‏ا لمحقّق ا لقمّی  ‏‏رحمه الله‏‏ ؛ من أنّ حقیقـة ا لاشتراط هی رجوع ا لشرط إلی ا لمکلّف ،‏‎ ‎‏وتنویع ا لمکلّفین إلیٰ نوعین‏‎[37]‎‏ فقولـه : ‏‏«‏للّه ِ عَلَی النّاسِ حِجُّ البَیْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَیْهِ‎ ‎سَبیلاً‏»‏‎[38]‎‏ أنّ ا لمستطیع یجب علیـه ا لحجّ ، کما أنّ ا لظاهر من الآیـة ا لشریفـة ذلک‏‎ ‎‏أیضاً ؛ فإنّ ا لموصول بدل ‏‏[‏‏من‏‏]‏‏ ا لناس بدل ا لجزء من ا لکلّ .‏

‏وبا لجملـة : فی جمیع ا لموارد ا لتی ترجع ا لقیود فیها إلی ا لهیئـة ، یمکن‏‎ ‎‏ا لتخلّص عن کافّـة ا لإشکا لات بإرجاع ا لقیود إلی ا لمکلّفین .‏

ومنها :‏ أنّ ا لهیئـة جزئیّـة حقیقیّـة ؛ فإنّ ا لوضع فیها عامّ ، وا لموضوع لـه‏‎ ‎‏خاصّ ، ولایمکن تقیید ا لجزئیّات ا لحقیقیّـة‏‎[39]‎‏ .‏

وا لجواب أوّلاً :‏ بمنع ا لصغریٰ‏(32)‎[40]‎‏ .‏ وثانیاً :‏ برجوع ا لشرط إلی ا لمکلّف ، کما‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 132
‏عرفت ‏(33)‎[41]‎‏ .‏

وبا لجملـة :‏ لا محیص عن رجوع ا لقید إلی ا لوجوب ، ولابدّ من ردّ‏‎ ‎‏ا لشبهات ا لواردة فی مقابل ا لحقیقـة ا لرائجـة ، تدبّر ولاتغفل .‏

‏ ‏

ومنها: تقسیمه إلی المعلّق والمنجّز

‏ ‏

‏وهذا تقسیم واصطلاح من صاحب «ا لفصول»  ‏‏رحمه الله‏‏ . قال فی ما ملخّصـه :‏

‏وینقسم باعتبار آخر إلیٰ ما یتعلّق وجوبـه با لمکلّف ، ولایتوقّف حصولـه‏‎ ‎‏علیٰ أمرٍ غیر مقدورٍ لـه کا لمعرفـة ، ولیسمّ منجّزاً . وإلیٰ ما یتعلّق وجوبـه بـه ،‏‎ ‎‏ویتوقّف حصولـه علیٰ أمرٍ غیر مقدورٍ لـه ، ولیسمّ معلَّقاً کا لحجّ ؛ فإنّ وجوبـه فی‏‎ ‎‏أوّل زمن ا لاستطاعـة ، ویتوقّف فعلـه علیٰ مجیء وقتـه ، وهو غیر مقدورٍ . وا لفرق‏‎ ‎‏بین هذا ا لنوع وبین ا لواجب ا لمشروط هو أنّ ا لتوقّف هناک للوجوب ، وهنا‏‎ ‎‏للفعل‏‎[42]‎‏ .‏

ثمّ شرع فی سدّ ثغوره بما محصّلـه :‏ أنّ ا لوجوب فی ا لواجب ا لمعلّق حا لیّ ،‏‎ ‎‏وا لواجب استقبا لیّ ، وا لوجوب ا لحا لی إنّما هو مشروط بأمر انتزاعیّ متحقّق فی‏‎ ‎‏ا لحال ، وإن انتُزع من أمر متأخّر ، فوجوب ا لحجّ قبل مجیء ذی ا لحجّـة معلّق علیٰ‏‎ ‎‏أمر انتزاعیّ ؛ هو کون ا لمکلّف بحیث یدرک ذا ا لحجّـة قادراً علی ا لحجّ ، وهذا‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 133
‏ا لأمر ا لانتزاعیّ صادق علی ا لمکلّف فی ا لحال ، وإن کان انکشافـه فی ا لاستقبال ،‏‎ ‎‏فلایکون ا لزمان ا لمقدّم ظرفاً للوجوب وا لواجب ؛ حتّیٰ یلزم ا لتکلیف با لمحال ،‏‎ ‎‏ولایکون نفس بلوغ ا لمکلّف إلی ا لوقت شرطاً للوجوب ؛ حتّیٰ یتعلّق ا لوجوب بـه‏‎ ‎‏بعد حضور ا لوقت ، بل ا لشرط هو هذا ا لأمر الانتزاعی ا لمتحقّق فی ا لحال‏‎ ‎‏وا لمنطبق علی ا لمکلّف ، ویکون ا لوجوب ـ لأجل حصول شرطـه ـ حا لیّاً ،‏‎ ‎‏وا لواجب استقبا لیّاً .‏

وا لفرق بین ا لواجب ا لمعلّق وا لمشروط :‏ أنّ ا لأوّل مشروط بأمر انتزاعیّ ،‏‎ ‎‏وا لثانی مشروط بنفس ا لأمر ا لخارجیّ ، ففرق إذاً بین قول ا لقائل : «إذا دخل وقت‏‎ ‎‏کذا فافعل کذا» وبین قولـه : «افعل کذا فی وقت کذا» فإنّ ا لأوّل جملـة شرطیّـة ،‏‎ ‎‏مفادها تعلّق ا لأمر وا لوجوب با لمکلّف عند دخول ا لوقت ، وا لثانی جملـة طلبیّـة‏‎ ‎‏مفادها إلزام ا لمکلّف با لفعل فی ا لوقت الآتی .‏

‏ومن هذا ا لنوع کلّ واجب مطلق توقّف وجوده علیٰ مقدّمات مقدورة غیر‏‎ ‎‏حاصلـة ، فإنّـه یجب قبل وجود ا لمقدّمات إیجاد ا لفعل بعد زمن یمکن إیجادها‏‎ ‎‏فیـه ، وإ لاّ لزم خروج ا لواجب ا لمطلق عن کونـه واجباً مطلقاً ، أو ا لتکلیف بما‏‎ ‎‏لایطاق ، وکلاهما ضروریّ ا لفساد‏‎[43]‎‏ .‏

ومحصّل مرامـه :‏ أ نّـه کما أنّ ا لحجّ قبل دخول ذی ا لحجّـة یکون واجباً‏‎ ‎‏علیٰ من یدرکـه قادراً علیـه ، وظرف ا لإتیان هو ذو ا لحجّـة ، فکذلک ا لصلاة فی‏‎ ‎‏أوّل ا لوقت واجبـة علیٰ من یأتی با لمقدّمات قادراً علیٰ إتیانها بعدها ، فلا فرق بین‏‎ ‎‏کون ا لمکلّف بـه غیر ممکن ا لوجود ‏‏[‏‏لأجل‏‏]‏‏ تقیّده بزمان استقبا لیّ أو أمر آخر‏‎ ‎‏استقبا لیّ لم یکن تحت قدرة ا لعبد ، وبین کونـه کذلک ‏‏[‏‏لأجل‏‏]‏‏ امتناع تحقّقـه عقلاً‏‎ ‎‏قبل حصول ا لمقدّمات ، ففی کلیهما یکون ا لوجوب حا لیّاً وا لواجب استقبا لیّاً .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 134
‏ثمّ شرع فی بیان أمر آخر سیأتی فی باب ا لترتّب إن شاء اللّه تعا لیٰ‏‎[44]‎‏ .‏

فتحصّل ممّا لخّصنا من کلامـه :‏ أ نّـه لم یقسِّم ا لواجب إلی ا لمطلق‏‎ ‎‏وا لمشروط ، وا لمطلق إلی ا لمعلَّق وا لمنجَّز ، کما قیل‏‎[45]‎‏ .‏

‏وأیضاً لم یجعل ا لمعلَّق قسماً ثا لثاً فی مقابل ا لمطلق وا لمشروط ، بل هو‏‎ ‎‏قسَّم ا لواجب ـ باعتبار ـ إلی ا لمطلق وا لمشروط ، وباعتبارٍ آخر إلی ا لمعلَّق‏‎ ‎‏وا لمنجَّز ، وباعتبارٍ آخر إلیٰ غیرهما .‏

‏وبما ذکرنا ـ من تصویر ا لواجب ا لتعلیقی ، وأنّ ظرف ا لواجب فی‏‎ ‎‏ا لاستقبال ، ولکنّ ا لوجوب حا لی ـ اندفع ا لإشکال ا لمعروف فی وجوب بعض‏‎ ‎‏ا لمقدّمات فی ا لواجبات ا لموقّتـة قبل وقتها ، کغسل ا لجنابـة ا لذی هو شرط‏‎ ‎‏لصحّـة ا لصوم ، فإنّـه واجب قبل ا لفجر ، مع أنّ وجوب ا لصوم من أوّل ا لفجر ، فیلزم‏‎ ‎‏وجوب ا لمقدّمـة قبل وجوب ذیها‏‎[46]‎‏ .‏

‏فأجاب عن ا لإشکال صاحب «ا لفصول»  ‏‏رحمه الله‏‏ : بکون ا لواجب فی مثلـه‏‎ ‎‏تعلیقیٌّ‏‎[47]‎‏ .‏

‏وأجاب أخوه ا لمحقّق  ‏‏رحمه الله‏‏ عنـه : بأنّ ا لغسل واجبٌ نفسیّ تهیّئی‏‎[48]‎‏ .‏

‏وأجاب ا لشیخ ا لعلاّمـة  ‏‏رحمه الله‏‏ عنـه ـ بعد ا لإشکال علیٰ صاحب ا لفصول :‏‎ ‎‏بعدم ا لفرق لُبّاً بین ا لمثا لین ا لمتقدّمین ؛ أی قولـه : «إذا دخل ا لوقت» إلیٰ آخره‏‎[49]‎‏ ـ‏‎ ‎‏بأنّ ا لوجوب فی مثل تلک ا لمقدّمات لایکون بملاک ا لوجوب ا لترشّحی ا لمقدّمی ،‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 135
‏بل بملاک تفویت ا لواجب ، فکما أنّ ا لعقل یحکم بقبح مخا لفـة ا لواجب ، کذلک‏‎ ‎‏یحکم بقبح ترک أمرٍیفوت بـه ا لواجب ، وإن لم یکن ا لوجوب فی ا لحال ، فترک‏‎ ‎‏ا لغسل قبل وجوب ا لصوم موجبٌ لتفویتـه ، وا لعقل یحکم بوجوب إتیانـه حتّیٰ‏‎ ‎‏یتمکّن من صوم ا لیوم‏‎[50]‎‏ .‏

‏هذا ، ولایخلو کلام ا لشیخ  ‏‏رحمه الله‏‏ فی ا لمقام من تهافتٍ مع ما اختاره فی‏‎ ‎‏ا لواجب ا لمشروط‏‎[51]‎‏ ؛ فإنّ ا لوجوب ا لمشروط ـ بما حقّقـه ـ یکون کا لوجوب‏‎ ‎‏ا لمعلّق علیٰ مذهب صاحب «ا لفصول» ، مع أنّ ما ذکره من حکم ا لعقل بلزوم إتیان‏‎ ‎‏أمثال ذلک لابملاک ا لمقدّمیّـة ، بل بملاکٍ آخر ، فی محلّ ا لمنع‏(34)‎[52]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 136
ثمّ إنّ هاهنا إشکالاً علی ا لواجب ا لمعلّق‎[53]‎‏ : وهو أنّ وزان ا لإرادة ا لتشریعیّـة‏‎ ‎‏کوزان ا لإرادة ا لتکوینیّـة ، طابق ا لنعل با لنعل ، وحذو ا لقذّة با لقذّة ، وهی فی‏‎ ‎‏ا لإمکان وا لامتناع تابعـة للتکوینیّـة ، فکما أنّ ا لإرادة ا لتکوینیّـة ممتنعـة ا لتعلّق‏‎ ‎‏بأمر یکون متقیّداً بشیء غیر مقدور کا لزمان ا لمتأخّر ، أو أمر آخر لایکون تحت‏‎ ‎‏قدرة ا لعبد ، فکذلک ا لإرادة ا لتشریعیّـة ا لتی هی بإزاء ا لتکوینیّـة .‏

وا لحاصل :‏ أ نّـه فرقٌ بین ا لفعل ا لمقیّد بأمرٍ غیر مقدورٍ ـ کا لحجّ فی ذی‏‎ ‎‏ا لحجّـة قبل حضور ا لموسم ـ وبین ا لفعل ا لذی یکون مقدوراً ، لکن یتوقّف علیٰ‏‎ ‎‏مقدّمات مقدورة تدریجیّـة ا لحصول ، ربّما یطول إتیانها عدّة ساعات أو أیّام ، ففی‏‎ ‎‏ا لأوّل یمتنع تعلُّق ا لإرادة ا لتکوینیّـة ا لفعلیّـة علیٰ إیجاد ا لفعل ، وإنّما تکون ا لإرادة‏‎ ‎‏تعلیقیّـة مشروطـة ؛ بأ نّـه «لو أدرکتُ ذا ا لحجّـة مثلاً قادراً علی ا لحجّ لحججتُ»‏‎ ‎‏بخلاف ا لثانی ، فإنّ ا لإرادة ا لفعلیّـة لا مانع من تعلّقها بـه ؛ فإنّ ا لمقدور با لواسطـة‏‎ ‎‏مقدور ، فقبل ا لزوال لایمکن تعلّق ا لإرادة ا لفعلیّـة بإتیان ا لصلاة ، خصوصاً إذا لم‏‎ ‎‏یکن لها مقدّمات ، أو کانت حاصلـة ، ویکون ا لمکلّف منتظراً لدخول ا لوقت ،‏‎ ‎‏فلایمکن فعلیّـة ا لإرادة ضرورة ، وأمّا بعد تحقّق ا لزوال فتتعلّق ا لإرادة بها ‏‏[‏‏وإن‏‏]‏‎ ‎‏توقّف وجودها علیٰ عدّة مقدّمات غیر حاصلـة تکون تحت قدرة ا لعبد ، کتحصیل‏‎ ‎‏ا لساتر وا لماء وغیرهما من ا لمقدّمات ؛ فإنّ ا لصلاة مقدورة مع ا لقدرة علیٰ‏‎ ‎‏مقدّماتها ، فتتعلّق ا لإرادة بها .‏

‏هذا حال ا لإرادة ا لتکوینیّـة ، وا لإرادة ا لتشریعیّـة مثلها طابق ا لنعل با لنعل ،‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 137
‏فلایمکن تعلّقها بأمرٍ متأخّر یتوقّف حصولـه علیٰ أمرٍ غیر مقدور ـ کا لزمان‏‎ ‎‏وشبهـه ـ إ لاّ علیٰ سبیل ا لاشتراط ، ویمکن تعلّقها بأمرٍ متوقّف علیٰ مقدّمات‏‎ ‎‏مقدورة .‏

‏فإذاً فرقٌ بین تأخّر ا لفعل لأجل عدم حضور وقتـه ، وتأخّره لأجل ا لتوقّف‏‎ ‎‏علیٰ مقدّمات تدریجیّـة مقدورة ، تأمّل‏(35)‎[54]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 138

فذلکة

‏ ‏

‏وفذلکـة مرام صاحب «ا لفصول» : أنّ اعتبار انقسام ا لواجب إلی ا لمشروط‏‎ ‎‏وا لمطلق غیر اعتبار انقسامـه إلی ا لمنجَّز وا لمعلّق ، وإن کان ا لمعلّق قسماً من‏‎ ‎‏ا لمشروط بحسب ا لواقع ، لکنّ ا لاعتبارین مختلفان ؛ فإنّ ا لتعلیق باعتبار کون‏‎ ‎‏ا لواجب کأ نّـه مراعیٰ إلیٰ حصول وقتـه ، وإن کان ا لوجوب فعلیّاً باعتبار اشتراطـه‏‎ ‎‏بأمر انتزاعیّ متحقّق با لفعل ، وإنّما ا لباعث علی هذا ا لتقسیم عدم تصویره ا لشرط‏‎ ‎‏ا لمتأخّر .‏

‏وأمّا نحن ففی فُسحـة من ذلک ، فإنّ ا لشرط ا لمتأخّر ممّا لا مجال لإنکاره ؛‏‎ ‎‏ألا تریٰ أنّ ا لقدرة علیٰ ا لعمل شرط ا لتکلیف عقلاً‏(36)‎[55]‎‏ ، مع عدم لزوم کونها‏‎ ‎‏مقارنـة للتکلیف ، بل ا للاّزم عقلاً کون ا لمکلّف قادراً حین ا لإتیان ، بل کلّ ا لأعمال‏‎ ‎‏ا لتدریجیّـة مشروطـة با لشرط ا لمتأخّر ، وهو ا لقدرة علی ا لعمل إلیٰ تمامـه .‏

‏وا لإیرادات ا لتی أوردوا علی صاحب «ا لفصول»‏‎[56]‎‏ وإن لم تکن واردة‏‎ ‎‏علیـه ، لکن یرد علیـه ـ مضافاً إلیٰ عدم ا لداعی إلی هذا ا لتقسیم بعد تصوّر ا لشرط‏‎ ‎‏ا لمتأخّر ـ أنّ إشکال ا لشرط ا لمتأخّر وارد علی ا لواجب ا لتعلیقی أیضاً ؛ فإنّ الاُمور‏

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 139
‏ا لانتزاعیّـة ا لتی جعلها شروطاً للواجب لاتکون شروطاً بمفاهیمها ، بل بوجوداتها ،‏‎ ‎‏ومعلوم أنّ الاُمور الانتزاعیّـة موجودیّتها بعین مناشئ انتزاعها ، وا لغرض أنّ‏‎ ‎‏ا لمناشئ متأخّرة وجوداً .‏

‏وعلیٰ أیّ حالٍ : إنّ ا لإشکال ا لمعروف ـ وهو وجوب ا لمقدّمـة فی بعض‏‎ ‎‏ا لواجبات قبل وجوب ذیها ـ مرتفعٌ ؛ إمّا بتصویر ا لواجب ا لتعلیقی ، أو با لالتزام‏‎ ‎‏با لشرط ا لمتأخّر ، أو با لالتزام با لوجوب ا لنفسی لأجل ا لغیر لو دلَّ دلیلٌ علیـه .‏

‏بقیت تـتمّات لعلّنا نتعرّض لها إن شاء اللّه تعا لیٰ .‏

‏ ‏

ومنها: تقسیمه إلی الأصلی والتبعی[57]

‏ ‏

‏وهذا تقسیم بحسب مقام ا لإثبات وا لدلالـة ، کما أنّ ا لتقسیم إلی ا لنفسی‏‎ ‎‏وا لغیری بحسب مقام ا لثبوت وا لواقع .‏

فا لأصلی‏ ـ علیٰ ما عرّفـه ا لمحقّق ا لقمی  ‏‏رحمه الله‏‏ ـ هو ما فهم وجوبـه من‏‎ ‎‏خطاب مستقلّ غیر لازم لخطاب آخر ، وبعبارة اُخریٰ ما یکون ا لمتکلّم قاصداً‏‎ ‎‏لإفهامـه من ا لکلام .‏

وا لتبعی‏ بخلافـه ، مثل دلالـة ا لإشارة ، کأقلّ ا لحمل ا لمفهوم من قولـه‏‎ ‎‏تعا لیٰ : ‏‏«‏وَالْوَالِداتُ یُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کامِلَیْنِ‏»‏‎[58]‎‏ ، وقولـه : ‏‏«‏وَحَملُهُ‎ ‎وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً‏»‏‎[59]‎‏ ، فإنّ دلالتها علیٰ أقلّ ا لحمل تکون بدلالـة ا لإشارة ،‏‎ ‎‏ولاتکون مقصودة ، وا لواجب ا لتبعی أیضاً کذلک‏‎[60]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 140
هذا ، لکن یرد علیـه :‏ أنّ دلالـة ا لإشارة إنّما تـتأتّیٰ فیما إذا کان للمدلول‏‎ ‎‏واقع ونفس أمریّـة ، مع قطع ا لنظر عن ا لدلالـة وا للّفظ ، وأمّا فیما لایکون کذلک ،‏‎ ‎‏کا لإنشائیّات ا لتی لاتحصُّل لها إ لاّ بنفس ا لإنشاء ، ویکون استعمال ألفاظها فی‏‎ ‎‏معانیها استعمالاً إیجادیّاً ، فلایتأتّیٰ فیها ذلک ؛ فإنّ ما یکون تحصّلـه متقوّماً‏‎ ‎‏با لإنشاء لایمکن فیـه عدم إرادة ا لإفهام حتّیٰ یکون ا لإفهام بدلالـة ا لإشارة ؛ لأنّ‏‎ ‎‏تحقّق ا لمعانی ا لإنشائیّـة إنّما یکون با لإنشاء وا لإیجاد ا لمتقوِّمین با لقصد ، فکیف‏‎ ‎‏یمکن مع عدم قصد ا لإفهام ـ ا لذی یرجع إلیٰ عدم قصد ا لإنشاء ، وإلیٰ عدم‏‎ ‎‏ا لإنشاء ـ تحقُّقُ ما هو متقوِّم ومتحقِّق بـه ؟ !‏

‏وا لشیخ ا لمحقّق ا لأنصاری ـ علیٰ ما فی تقریرات بحثـه ـ أرجع هذا‏‎ ‎‏ا لتقسیم إلی ا لثبوت وا للُّب ، لا ا لدلالـة وا لإثبات ، فحینئذٍ یرتفع ا لفرق بینـه وبین‏‎ ‎‏ا لتقسیم إلی ا لنفسی وا لغیری ، فراجع‏‎[61]‎‏  ‏(37)‎[62]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 141

‏ ‏

ومنها: تقسیمه إلی النفسی والغیری

‏ ‏

‏وقد عرّف ا لنفسی : بما اُمر بـه لأجل نفسـه ، وا لغیری : بما اُمر بـه لأجل‏‎ ‎‏غیره‏‎[63]‎‏ .‏

واُشکل علیـه :‏ بأنّ جُلّ ا لواجبات ـ إن لم یکن ا لکلّ ـ مطلوبات لأجل‏‎ ‎‏ا لغایات ا لخارجیّـة ، فیلزم أن تکون واجبات غیریّـة ، وهو کما تریٰ‏‎[64]‎‏ .‏

وما قیل :‏ من أنّ ا لغایات لایتعلّق بها ا لطلب ؛ لکونها غیر اختیاریّـة‏‎[65]‎‏ ،‏‎ ‎‏مدفوع : ضرورة کونها تحت ا لاختیار ولو مع ا لواسطـة ، فإنّ ا لقدرة علی ا لسبب‏‎ ‎‏قدرة علی ا لمسبّب ، وإ لاّ لما صحّ وقوع مثل ا لتطهیر وا لتزویج وا لتملیک وأمثا لها‏‎ ‎‏مورداً للأحکام ا لتکلیفیّـة .‏

کما أنّ ما قیل :‏ من أ نّـه لایلزم أن یکون ا لغیر ـ ا لذی یکون لأجلـه هذا‏‎ ‎‏ا لمراد ـ مراداً أیضاً ؛ حتّیٰ یرد ا لإشکال ، مدفوع أیضاً : بأنّ ما تـتعلّق بـه ا لإرادة‏‎ ‎‏لأجل غیره ، لابدّ وأن ینتهی إلی ما تـتعلّق بـه ا لإرادة لأجل ذاتـه ؛ فإنّ کلّ ما‏‎ ‎‏با لعرض لابدّ وأن ینتهی إلی ما با لذات ، وإ لاّ لتسلسل . فا لمراد با لذات هو أوّل‏‎ ‎‏سلسلـة ا لمرادات ، وتـتعلّق بـه ا لإرادة أوّلاً ، ثمّ تنشأ منها إرادة إلیٰ مقدّمتـه ، ومن‏‎ ‎‏مقدّمتـه إلیٰ مقدّمـة مقدّمتـه . . . وهکذا حتّیٰ ینتهی إلی ما لا مقدّمـة لـه ، فتنقطع‏‎ ‎‏ا لسلسلـة ، فما تـتعلّق بـه ا لإرادة آخراً یتعلّق بـه ا لإیجاد أوّلاً .‏

وا لتحقیق فی ا لجواب أن یقال :‏ إنّ ا لواجبات ا لنفسیّـة هی ما تکون واجبـة‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 142
‏لأجل ذاتها ، لا لأجل بعث آخر ، ویکون بعث ا لمولیٰ متعلِّقاً بها أوّلاً ، ویکون لها‏‎ ‎‏استقلال فی عا لم ا لبعث وا لطلب وإن کان تـترتّب علیها فوائد .‏

‏بخلاف ا لواجبات ا لغیریـة ، فإنّ ا لطلب ا لغیری طلب فانٍ فی ا لغیر مترشِّح‏‎ ‎‏عنـه مستظلّ بـه غیر مستقلّ فی عا لم ا لبعث ، فا لبعث فی ا لواجبات ا لغیریـة یکون‏‎ ‎‏ظلَّ بعثٍ آخر وفیئـه ؛ بحیث یمکن أن یقال : إنّـه لیس بطلب وبعث باعتبارٍ ،‏‎ ‎‏ویمکن أن یقال : إنّـه بعث مندکّ فی بعث ، فیمکن أن یقال : أن لابعث إ لاّ إلی ذی‏‎ ‎‏ا لمقدّمـة ، ویکون ا لبعث إلی ا لمقدّمات بعین ا لبعث إلیٰ ذیها ، لا أنّ لها بعثاً مستقلاًّ‏‎ ‎‏منظوراً إلیـه ، بخلاف ا لبعث إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ، فإنّـه مستقلّ منظور إلیـه ولو لأجل‏‎ ‎‏ترتّب فوائد علیـه‏(38)‎[66]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 143
‏هذا ، وقال ا لمحقّق ا لخراسانی  ‏‏رحمه الله‏‏ فی رفع ا لإشکال ما محصّلـه : إنّ‏‎ ‎‏ا لواجبات ا لتی لها آثار وخواصّ مطلوبـة ، یتعلّق ا لطلب بها لأجل تلک الآثار‏‎ ‎‏وا لخواصّ ، وإن کانت واجبات غیریّـة بهذا ا للحاظ ، لکن لاینافی ذلک أن تکون لها‏‎ ‎‏عناوین حسنـة منطبقـة علیها ، تکون بواسطتها واجبات نفسیّـة . فا لفرق بین‏‎ ‎‏ا لواجب ا لنفسی وا لغیری : أنّ ا لغیری ما یکون وجوبـه لأجل ا لتوصّل إلی ا لغیر بما‏‎ ‎‏أ نّـه متوصَّل بـه إلیـه ، وهذا لاینافی أن تکون لـه جهـة نفسیّـة أیضاً ، یکون بها‏‎ ‎‏واجباً نفسیّاً‏‎[67]‎‏ .‏

وفیـه :‏ أنّ تلک ا لواجبات ا لتی یُدّعیٰ أنّ لها جهـة نفسیّـة وغیریّـة ، إمّا أن‏‎ ‎‏تکون با لنسبـة إلی ا لغیر من قبیل ا لأسباب با لنسبـة إلی ا لمسبّبات ، کحرکـة ا لید‏‎ ‎‏وا لمفتاح ، ‏‏[‏‏فحینئذٍ یکون صدور ا لمسبّبات بنفس إرادة أسبابها ، لابإرادة اُخریٰ‏‎ ‎‏مستقلّـة ، فلایکون ا لثابت إ لاّ وجوباً واحداً ، لا وجوبین : نفسیّ وغیریّ .‏

‏وإمّا أن تکون جزء ا لمؤثّر فی وجود ا لغیر ، ویکون ا لجزء الآخر للعلّـة‏‎ ‎‏خارجاً عن قدرة ا لمکلّف ، فحینئذٍ لایکون ا لغیر مقدوراً للمکلّف ، فکیف یتعلّق بـه‏‎ ‎‏وجوب نفسیّ ؟ !‏‎[68]‎‏] .‏

‏ ‏

حکم الشکّ فی النفسیّة والغیریّة

‏ ‏

‏ثمّ إنّـه لا إشکال فیما إذا علم أحد ا لقسمین ، وأمّا مع ا لشکّ فی واجب بأ نّـه‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 144
‏نفسیّ أو غیریّ ، فقد قال ا لمحقّق ا لخراسانی  ‏‏رحمه الله‏‏ فی بحثـه : إنّ مقتضی ا لإطلاق‏‎ ‎‏هو ا لحمل علی ا لنفسیّـة‏‎[69]‎‏ ؛ سواء کان ذلک ا لغیر واجباً فی بعض ا لأحیان وغیر‏‎ ‎‏واجب فی بعضها ، أو کان واجباً علیٰ کلّ حال .‏

أمّا فی ا لأوّل فواضح ؛‏ أنّ إطلاق ا لهیئـة یقتضی أن یکون هذا واجباً ، وجب‏‎ ‎‏غیره أو لم یجب .‏

وأمّا فی ا لفرض ا لثانی ؛‏ فلأنّ مطلق اشتراط شیء بشیءٍ آخر تقیید‏‎ ‎‏لإطلاقـه ، وأصا لـة ا لإطلاق ترفع ا لشکّ فی ا لتقیید .‏

‏هذا مضافاً إلیٰ أنّ ا لوجوب منصرفٌ إلیٰ ا لنفسی .‏

وفیـه :‏ أنّ ما أفاد فی ا لشقّ ا لثانی ـ من تقیید ا لوجوب ا لغیری ـ غیرُ‏‎ ‎‏معقولٍ ؛ لأنّ ا لوجوب ا لغیری ناشٍ من ا لنفسی ومعلول لـه ، ولایمکن أن یتقیّد‏‎ ‎‏ا لمعلول بعلّتـه ؛ للزوم تجافی ا لعلّـة عن محلّها ، فا لبعث ا لغیری ا لمتأخّر عن‏‎ ‎‏ا لبعث ا لنفسی لایمکن تقیّده بـه . . . للزوم تأخّر ا لشیء عن نفسـه ومحلّـه .‏

‏وأمّا ا لانصراف ا لذی ادّعاه فهو فی محلّـه ، لکن علیٰ ما قرّرنا من ا لفرق بین‏‎ ‎‏ا لنفسی وا لغیری ؛ فإنّ ا لواجب ا لغیری هو ا لواجب ا لفانی فی ا لغیر ، ولا نفسیّـة لـه‏‎ ‎‏أصلاً ، وا لواجب منصرف عنـه ، کما لایخفیٰ‏(39)‎[70]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 145

تذنیبان:

‏ ‏

الأوّل: فی استحقاق المثوبات

‏ ‏

‏قد اختلف کلمـة أصحاب ا لکلام فی أنّ هذه ا لمثوبات ـ ا لتی تکون فی فعل‏‎ ‎‏ا لواجبات وا لمستحبّات ، وترک ا لمحرّمات وا لمکروهات ـ هل هی بصِرف ا لتفضّل‏‎ ‎‏منـه تعا لیٰ شأنـه‏‎[71]‎‏ أم ا لعقل یحکم باستحقاق ا لعبد ؛ بحیث یُعَدّ عدم إعطائها قبیحاً‏‎ ‎‏علیـه تعا لیٰ‏‎[72]‎‏ ؟‏

وا لقائلون با لاستحقاق استدلّوا :‏ بأنّ حمل ا لمشاقّ علی ا لغیر بلا أجر قبیح‏‎ ‎‏عقلاً ، ولا شکّ أ نّـه فی إطاعـة ا لمولیٰ مشقّات وریاضات للعبد ، فلابدّ من جبرانها‏‎ ‎‏با لأجر وا لثواب‏‎[73]‎‏ .‏

‏ولایخفیٰ ما فیـه من ا لوهن وا لخطأ ؛ فإنّـه ـ مضافاً إلی أنّ ا لعبد وجوده‏‎ ‎‏وقواه وحرکاتـه وسکناتـه مملوکـة للّه تعا لیٰ با لملکیّـة ا لحقیقیّـة ا لقیّومیّـة ، وفی‏‎ ‎‏مثلها لا معنیٰ للاستحقاق ـ أنّ أوامر اللّه ونواهیـه ألطاف عقلیّـة ؛ لإصلاح حال‏‎ ‎‏ا لعباد وتزکیتهم وتطهیرهم ، وإیصا لهم إلیٰ مدارج ا لکما لات ا لنفسانیّـة وا لفضائل‏‎ ‎‏ا لروحانیّـة ، أو حفظ ا لنظام ا لذی یرجع نفعـه إلیهم .‏

وبا لجملـة :‏ لیس فی أوامره ونواهیـه تعا لیٰ نفع لـه ؛ فإنّـه غنیّ عن‏‎ ‎‏ا لعا لمین ، بل ا لمنافع ترجع إلیهم ، وإنّما أوامره ونواهیـه کأوامر ا لطبیب ونواهیـه ؛‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 146
‏لإصلاح حال ا لمریض ، فهل یجوز عند ا لعقل أن یرجع ا لمریض إلی ا لطبیب ،‏‎ ‎‏ویطا لبـه با لأجر علیٰ إطاعـة أوامره ونواهیـه ـ من شرب ا لأدویـة ا لبشعـة ، وترک‏‎ ‎‏ا لمشتهیات ا لنفسانیّـة ـ ویقول : إنّ حمل ا لمشقّـة علی ا لغیر بلا أجر قبیح . وهذا‏‎ ‎‏واضح لدی ا لتفکّر فی حال ا لعبد مع اللّه ، ونسبـة ا لعبودیّـة إلی ا لربوبیّـة .‏

‏ولعمری إنّ ا لقول با لاستحقاق لایخلو عن جسارةٍ علیٰ ساحتـه ا لمقدّسـة ،‏‎ ‎‏وعُجبٍ با لأعمال ، وجهلٍ بحقیقـة ا لحال .‏

‏وأمّا استحقاق ا لعقاب فی مخا لفـة ا لمولیٰ ، فهو ممّا حکم بـه ا لعقل ؛ فإنّ‏‎ ‎‏ا لخروج عن إطاعـة ا لمولیٰ هتک لمقام ا لربوبیّـة ، وفی مثلـه یحکم ا لعقل‏‎ ‎‏با لاستحقاق ، ومعناه أ نّـه لو عذّبـه ا لمولیٰ یکون فی محلّـه ، لا أ نّـه یعذبّـه‏‎ ‎‏[‏‏حتماً‏‏]‏‏ ؛ فإنّ باب ا لرحمـة وا لعفو واسعـة .‏

‏هذا ، ولو ا لتزمنا با لاستحقاق فی امتثال ا لواجبات ا لنفسیّـة ، فهل امتثال‏‎ ‎‏ا لأوامر ا لغیریّـة ـ علیٰ فرض وجوب ا لمقدّمـة ـ یوجب الاستحقاق‏‎[74]‎‏ ، أم لا‏‎[75]‎‏ ؟‏

ا لتحقیق :‏ ـ حسبما عرفت من أنّ ا لواجبات ا لغیریّـة لانفسیّـة لها ، بل‏‎ ‎‏باعتبار یمکن سلب ا لوجوب عنها ـ عدم ا لاستحقاق .‏

‏ولکن هاهنا أمر آخر ، وهو أنّ إتیان ا لمقدّمات مع عدم تعلّق ا لوجوب‏‎ ‎‏ا لغیریّ بها ـ کما هو ا لتحقیق ـ إذا کان لأجل ا لإتیان بذی ا لمقدّمـة ، یوجب‏‎ ‎‏استحقاق ا لمثوبـة ؛ فإنّ ا لعقل لایفرّق بین ا لإتیان با لواجب ا لنفسی ، وبین ا لإتیان‏‎ ‎‏با لواجب ا لغیری ؛ لأجل إطاعـة ا لمولیٰ ، لا للشهوات ، فإذا کان ا لباعث للعبد نحو‏‎ ‎‏ا لمقدّمـة إطاعـة أمر ذی ا لمقدّمـة ، ولا داعی لـه إ لاّ ا لامتثال فیستحقّ ا لمثوبـة‏‎ ‎‏علی ا لقول با لاستحقاق ؛ فإنّـه تحمّل ا لمشقّـة لـه تعا لیٰ ، وا لعقل یجد ا لفرق بین‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 147
‏مَنْ یتحمّل ا لمشقّـة بإتیان مقدّمات کثیرة للواجب ا لنفسی ، ومات قبل إتیانـه ، وبین‏‎ ‎‏مَنْ لم یتحمّلها ، فا لاستحقاق إنّما هو لأجل إطاعـة ا لواجب ا لنفسی وإن کان علیٰ‏‎ ‎‏مقدّماتـه‏(40)‎[76]‎‏ .‏

‏ ‏

إشکال ودفع

‏ ‏

‏ربّما یُشکل فی بعض ا لمقدّمات ـ کا لطهارات ا لثلاث ـ من جهتین :‏

الاُولیٰ :‏ من حیث ترتّب ا لثواب علیها ، مع أنّ ا لأمر ا لغیری لامثوبـة فیه‏‎[77]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 148
ا لثانیـة :‏ من حیث إنّـه یعتبر فیها قصد ا لتقرّب وا لامتثال ، فلابدّ من تعلّق‏‎ ‎‏ا لأمر ا لغیری با لطهارات بداعی أمرها ، فیأتی ا لإشکال ا لمعروف فی ا لواجبات‏‎ ‎‏ا لتعبّدیّـة : من کون ا لأمر داعیاً إلیٰ داعویّـة نفسـه‏‎[78]‎‏ ولایأتی ا لجواب ا لذی قال بـه‏‎ ‎‏ا لمحقّق ا لخراسانی  ‏‏رحمه الله‏‏ هناک : من تعلّق ا لأمر با لأوسع من ا لغرض‏‎[79]‎‏ ؛ لأنّ ا لأمر‏‎ ‎‏ا لغیری إنّما یتعلّق با لمقدّمـة بملاک ا لمقدّمیّـة ، ولم یکن ا لملاک إ لاّ فی ا لطهارة‏‎ ‎‏ا لمقیّدة با لتقرّب .‏

هذا ، وا لتحقیق فی ا لجواب عن ا لأوّل ما عرفت :‏ من أنّ ا لثواب لم یکن‏‎ ‎‏لأجل وجوبها ا لغیری ، بل لأجل ا لوجوب ا لنفسی ا لمتعلّق بذی ا لمقدّمـة‏(41)‎[80]‎‏ .‏

‏مضافاً إلیٰ أنّ ا لوضوء وا لغسل من ا لمستحبّات ا لنفسیّـة ، فإن أتیٰ ا لمکلّف‏‎ ‎‏بهما بداعی استحبابهما ا لنفسی ، فلا إشکال فی ترتّب ا لثواب علیهما ، وإن لم یکن‏‎ ‎‏لـه داعٍ إ لاّ ا لإتیان بذی ا لمقدّمـة ، فیأتی بهما لأجلـه ، فیکون مُثاباً لأجل داعویّـة‏‎ ‎‏ا لأمر ا لنفسی لإتیانهما ، کما عرفت .‏

وعن ا لثانی :‏ أنّ ا لجواب عن ا لإشکال هاهنا أهون ؛ فإنّ ا لطهارة مع داعی‏‎ ‎‏ا لامتثال إذا کانت مقدّمـة للصلاة ، تکون نفس ا لطهارة أیضاً مقدّمـة ؛ فإنّها مقدّمـة‏‎ ‎‏ا لمقدَّمـة ، فیتعلّق ا لأمر بذات ا لطهارة لأجل ا لمقدّمیّـة ، وقد مرّ منّا ا لتحقیق فی‏‎ ‎‏مثل ا لمقام ، فتذکّر‏(42)‎[81]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 149

الثانی: فی الوضوء التهیّئی

‏ ‏

‏قد انقدح بما ذکرنا ـ من داعویّـة ا لوجوب ا لنفسی ا لمتعلِّق بذی ا لمقدّمـة‏‎ ‎‏إلیٰ إتیان ا لمقدّمات بلا احتیاجٍ إلیٰ تعلّق ا لوجوب ا لغیری بها ـ : إمکانُ تطبیق‏‎ ‎‏ا لوضوء ا لتهیّئی ـ ا لمفتی بـه بین ا لأصحاب‏‎[82]‎‏ ـ علی ا لقاعدة وإن لم نلتزم‏‎ ‎‏با لوجوب ا لتعلیقی با لنسبـة إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ؛ فإنّ علمَ ا لمکلّف بأمر ا لمولی فی‏‎ ‎‏موطنـه یدعوه إلیٰ إتیان مقدّمتـه قبل ا لوقت ، فإنّ ا لتوقیت لذی ا لمقدّمـة لا‏‎ ‎‏لمقدّمتـه ، فا لوضوء مقدّمـة للصلاة مطلقاً ؛ أتیٰ بـه قبل دخول وقتها أو بعده ،‏‎ ‎‏فا لإتیان بـه بداعی حصول مقدّمتها عند حضور وقتها ممّا لا إشکال فیـه ، فتدبّر .‏

کما أ نّـه قد انقدح بما حقّقنا سابقاً :‏ أ نّـه لیس ا لوضوء متعلَّقاً لأوامر کثیرة‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 150
‏حسب تکثّر ا لغایات ، بل لـه أمر نفسیّ استحبابیّ فقط ، نعم ا لأمر با لغایات یدعو‏‎ ‎‏إلیٰ إتیانـه لأجل ا لمقدّمیّـة بلاتعلّق أمر غیریّ بـه ، فا لأمر ا لغیری لا أساس لـه‏‎ ‎‏أصلاً ، فا لإشکال ا لمعروف : من لزوم اجتماع ا لمثلین أو ا لأمثال فی ا لوضوء‏‎[83]‎‏ لا‏‎ ‎‏أساس لـه .‏

‏ ‏

الأمر الرابع: فی بیان ما هو الواجب فی باب المقدّمة

‏ ‏

‏لا إشکال فی أنّ وجوب ا لمقدّمـة ـ بناء علی ا لملازمـة ـ یتبع فی ا لإطلاق‏‎ ‎‏وا لاشتراط وجوب ذی ا لمقدّمـة ، فما عن صاحب «ا لمعا لم»  ‏‏رحمه الله‏‏ : من أنّ وجوبها‏‎ ‎‏مشروط بإرادة ا لمکلّف إتیانَ ذی ا لمقدّمـة‏‎[84]‎‏ منظور فیـه‏(43)‎[85]‎‏ .‏

‏مضافاً إلیٰ أنّ تعلّق ا لأمر بشیء إنّما هو لأجل ا لداعویّـة وا لتحریک نحوه ،‏‎ ‎‏فإذا کان ا لمکلّف مریداً لإتیان ذی ا لمقدّمـة ، فمن ا لضروری تعلّق إرادتـه بإتیان‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 151
‏مقدّمتـه ، فبعد تعلّقها بـه یصیر تعلّق ا لأمر بـه لغواً باطلاً غیر صا لح للداعویّـة .‏

‏وهل یعتبر فی وقوعها علیٰ صفـة ا لوجوب أن یکون ا لإتیان بها بداعی‏‎ ‎‏ا لتوصّل بها إلیٰ ذی ا لمقدّمـة کما یُتراءیٰ من ظاهر کلام بعض محقّقی مقرّری بحث‏‎ ‎‏ا لشیخ ا لعلاّمـة أعلی اللّه مقامـه‏‎[86]‎‏ ، أو یعتبر فیـه أن یترتّب ذو ا لمقدّمـة علیها‏‎ ‎‏بحیث لو لم یترتّب یکشف عن عدم وقوعها علیٰ صفـة ا لوجوب کما ذهب إلیـه‏‎ ‎‏صاحب ا لفصول  ‏‏رحمه الله‏‎[87]‎‏ ، أو یعتبر فیـه کلا ا لأمرین ـ أی قصد ا لتوصّل ،‏‎ ‎‏وا لموصلیّـة ـ ، أو لایعتبر شیء منهما‏‎[88]‎‏ ؟‏

وا لتحقیق ‏عدم اعتبارهما :‏

أمّا عدم اعتبار قصد ا لتوصّل :‏ فلأنّ تمام ا لملاک فی تعلّق ا لوجوب‏‎ ‎‏با لمقدّمـة ـ علی ا لقول با لملازمـة ـ هو کونها مقدّمـة ؛ وممّا یتوقّف علیها ذوها ،‏‎ ‎‏ومعلوم أنّ قصد ا لتوصّل لایکون ممّا یتوقّف علیـه ا لواجب ، فلا معنیٰ لترشّح‏‎ ‎‏ا لوجوب علیـه منـه ؛ لفقدان ما هو ا لملاک .‏

‏ولیعلم : أنّ ا لمتراءیٰ من صدر کلام ا لمحقّق ا لمقرّر وإن کان ما ذکر ، لکن بعد‏‎ ‎‏ا لتأمّل فی تمام کلامـه واحتجاجاتـه یعلم أنّ قصد ا لتوصّل إنّما اعتبره فی ا لتقرّب‏‎ ‎‏با لمقدّمـة ، لا فی وقوعها علیٰ صفـة ا لوجوب ، وهذا موافق للتحقیق ؛ فإنّ ا لتقرّب‏‎ ‎‏بها لایحصل إ لاّ مع قصد ا لامتثال ، وهو لایحصل إ لاّ مع قصد ا لإیصال إلیٰ ذی‏‎ ‎‏ا لمقدّمـة ، ولعلّ هذا موافق لما قلنا‏‎[89]‎‏ : من أنّ استحقاق ا لثواب علی ا لمقدّمـة إنّما‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 152
‏یکون لأجل ا لأمر ا لنفسی ، ا لمتعلّق بذی ا لمقدّمـة ا لذی یدعو إلی مقدّمتـه . هذا‏‎ ‎‏حال قصد ا لتوصّل .‏

وأمّا ا لمقدّمـة ا لموصلـة :‏ فحاصل ما أفاد صاحب «ا لفصول»  ‏‏رحمه الله‏‏ : أنّ‏‎ ‎‏ا لموصوف با لوجوب هو ا لمقدّمـة مع قید ا لإیصال ، وإ لاّ یلزم الالتزام بجواز إتیان‏‎ ‎‏ا لمقدّمـة ا لمحرّمـة بلاتوصّلٍ إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ، فیجوز دخول ا لملک ا لغصبی‏‎ ‎‏ا لذی یکون مقدّمـة لإنقاذ ا لغریق مع عدم إنقاذه ، وهو کما تریٰ .‏

نعم ،‏ لو قصد ا لتوصّل ولم یتوصّل أتیٰ با لمحرّم ا لواقعی ، لکنّـه معذور فیـه ،‏‎ ‎‏کما أ نّـه لو أتیٰ با لمقدّمـة ا لمحرّمـة بلا قصد ا لإیصال ، ولکن بدا لـه ا لتوصّل إلیٰ‏‎ ‎‏ذی ا لمقدّمـة فتوصّل ، أتیٰ با لواجب ا لواقعی ، لکنّـه متجرٍّ .‏

وبا لجملـة :‏ ما هو ا لواجب هو ا لمقدّمـة مع قید ا لإیصال‏‎[90]‎‏ .‏

ویرد علیـه :‏ أ نّـه إن أراد بوجوب ا لمقدّمـة ا لموصلـة ا لتفصیل بین ا لمقدّمـة‏‎ ‎‏ا لتی هی موصلـة با لحمل ا لشائع ـ أی ما یلزم من عدمـه ا لعدم ومن وجوده‏‎ ‎‏ا لوجود ـ وبین غیرها ؛ أی ما یلزم من عدمـه ا لعدم ، کما هو شأن ا لمقدّمیـة ، لکن‏‎ ‎‏لایلزم من وجوده ا لوجود ، فهذا تفصیل بین ا لمقدّمـة ا لسببیّـة وغیرها ؛ أی بین‏‎ ‎‏ا لأفعال ا لتولیدیّـة ا لتی لم تکن إرادة ا لفاعل متوسِّطـة بینها وبین أسبابها ، وبین‏‎ ‎‏غیرها‏(44)‎[91]‎‏ ، ولیس هذا خلافاً جدیداً ، بل هو ما نُسب إلیٰ عَلَم ا لهدی ا لسیّد‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 153
‏ا لمرتضیٰ  ‏‏رحمه الله‏‎[92]‎‏ ، وأنکره صاحب «ا لمعا لم»‏‎[93]‎‏ . ویأتی حینئذٍ ا لنزاع ا لمعروف فی‏‎ ‎‏ا لتسبیبیّات‏‎[94]‎‏ : من أنّ ا لأوامر هل هی متعلّقـة با لأسباب أو بمسبّباتها ؟‏

‏وإن أراد بوجوبها وجوب جمیع ا لمقدّمات ، لکنّـه ذهب إلیٰ أنّ اتّصافها‏‎ ‎‏با لوجوب لایکون إ لاّ مع ا لإیصال ، فتجب علی ا لمکلّف ا لمقدّمـة وتحصیل قید‏‎ ‎‏ا لإیصال .‏

ففیـه :‏ أنّ تحصیل هذا ا لقید لایکون إ لاّ بإتیان ذی ا لمقدّمـة ، فبناء علی‏‎ ‎‏ا لملازمـة یترشّح ا لوجوب ا لغیری من نفس ذی ا لمقدّمـة علیٰ نفسها بعدد‏‎ ‎‏ا لمقدّمات ، فیکون متعلَّقاً لوجوب واحد نفسیّ ووجوبات کثیرة غیریّـة مترشّحـة‏‎ ‎‏من ذاتها إلیٰ ذاتها .‏

وبا لجملـة :‏ یلزم أن یکون ذو ا لمقدّمـة مقدّمـة لنفسها ، وهو ضروریّ‏‎ ‎‏ا لبطلان‏(45)‎[95]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 154

‏ ‏

إیقاظ:

‏ ‏

لایخفیٰ :‏ أنّ کلاًّ من صاحبی «ا لمعا لم» و «ا لفصول» وا لعلاّمـة ا لأنصاری‏‎ ‎‏رحمهم اللّه أرادوا ـ بما ا لتزموا فی باب مقدّمـة ا لواجب ـ تصحیح ا لعبادة ا لتی‏‎ ‎‏یتوقّف علیٰ ترکها فعل ا لواجب ؛ بناءً علیٰ کون ترک ا لضدّ مقدّمـة لفعل ضدّه ، فإنّ‏‎ ‎‏ترکها ـ علیٰ مبنیٰ صاحب «ا لمعا لم» ـ لایکون مطلقاً واجباً ، بل ا لواجب هو ا لترک‏‎ ‎‏فی حال إرادة فعل ا لواجب ، ومعلوم أنّ الآتی با لضدّ لایرید فعل ضدّه ، فلایکون‏‎ ‎‏ترکـه مقدّمـة .‏

‏وسیأتی فی باب ا لضدّ زیادة توضیحٍ لذلک ، وکذا توضیح ما أراد صاحب‏‎ ‎‏«ا لفصول» وا لشیخ ا لعلاّمـة ا لأنصاری رحمهما اللّه ، فانتظر .‏

‏ ‏

تَذنیب: فی ثمرة النزاع فی هذه المسألة

‏ ‏

لایخفیٰ :‏ أ نّـه لا ثمرة مهمّـة فی هذه ا لمسألـة ؛ ضرورة أنّ وجوب ا لمقدّمـة‏‎ ‎‏ـ علی ا لقول بـه ـ لایکون وجوباً یترتّب علیـه أثر ؛ فإنّ هذا ا لوجوب ا لترشّحی‏‎ ‎‏لایکون لـه إطاعـة ومعصیـة ، ولا فی إتیانـه وترکـه استحقاق مثوبـة وعقوبـة ،‏‎ ‎‏ولابدّ بحکم ا لعقل من إتیان ا لمقدّمـة ، تعلّق بها ا لوجوب ا لشرعی أو لاٰ .‏

‏وما قیل به من سائر ا لثمرات ـ مثل ا لبرّ با لنذر وغیره‏‎[96]‎‏ـ کلّها مخدوش ،‏‎ ‎‏ومنها ا لثمرة ا لتی سیأتی ذکرها فی باب ا لضدّ مفصّلاً‏‎[97]‎‏ ، فلاداعی للتعرّض لها‏‎ ‎‏هـاهنـا .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 155

تتمّة: حول الأصل عند الشکّ فی الملازمة

‏ ‏

‏لا أصل فی ا لمسألـة یُعوَّل علیـه عند ا لشکّ ؛ فإنّ ا لملازمـة لا حا لـة‏‎ ‎‏سابقـة لها‏‎[98]‎‏  ‏(46)‎[99]‎‏ .  ووجوب ا لمقدّمـة وإن کان مسبوقاً با لعدم‏‎[100]‎‏ ، لکن جریان‏‎ ‎‏ا لأصل فیـه مشکل ، فإنّ أصا لـة عدم تنجّز ا لتکلیف ؛ بمعنیٰ عدم استحقاق‏‎ ‎‏ا لعقوبـة علیٰ ترکها ، غیر جاریـة ؛ فإنّ ا لتنجّز ـ مضافاً إلی کونـه أمراً عقلیّاً ، لیس‏‎ ‎‏بید ا لشارع جعلـه ورفعـه ـ لا معنیٰ لـه فیباب ا لمقدّمـة ، فإنّـه فیترکها‏‎ ‎‏لیس استحقاق ا لعقوبـة ، ولا فی فعلها استحقاق ا لمثوبـة .‏

‏وإن کان ا لمراد بأصا لـة عدم ا لوجوب رفع فعلیّتـه ، ففیـه : أ نّـه لا یُعقل رفع‏‎ ‎‏فعلیّـة وجوب ا لمقدّمـة مع فعلیّـة وجوب ذیها ؛ فإنّ وجوب ا لمقدّمـة تابع لذیها‏‎ ‎‏فی ا لوجود ومرتبتـه ، فلایعقل انفکاکهما فی ا لفعلیّـة ، وا لفرض أنّ ا لشکّ فی‏‎ ‎‏وجوب ا لمقدّمـة ناشٍ عن ا لشکّ فی الملازمـة وعدمها ، ولیس ا لشکّ فی وجوب‏‎ ‎‏مستقلّ یمکن رفعـه ووضعـه .‏

‏ ‏

حول استدلال القائلین بوجوب المقدّمة

‏ ‏

إذا عرفت ذلک فاعلم :‏ أنّ ا لمشهور بین الاُصولیّین وجوب ا لمقدّمـة‏‎[101]‎‏ ‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 156
‏ومقصودهم منـه هو ا لوجوب ا لشرعی ، لا ا للابدّیـة ا لعقلیّـة ؛ فإنّها غیر قابلـة‏‎ ‎‏للنزاع وا لنقض وا لإبرام‏‎[102]‎‏ .‏

‏ولیعلم : أنّ ا لشهرة فی ا لمسائل ا لأصلیّـة ا لفقهیّـة وإن لم تبعد حجّیّتها ، بل‏‎ ‎‏تـترجّح عندنا ، لکن لیست مسألتنا هذه منها ؛ فإنّ ا لاشتهار فی هذه ا لمسألـة ـ‏‎ ‎‏علی ا لظاهر ـ لایکون إ لاّ بملاک إدراک ا لملازمـة ا لعقلیّـة ، لا ا لأمر ا لتعبّدی‏‎ ‎‏ا لواصل إلیهم دوننا ، ففی مثلها لا حجّیّـة لاتّفاق الآراء فضلاً عن ا لشهرة ؛ فإنّ‏‎ ‎‏ا لحاکم فی مثلها ا لعقل ، فإن أدرک ا لملازمـة فهو ، وإ لاّ فلا موجب لحکمـه‏‎ ‎‏با لوجوب .‏

‏نعم ، ربّما یتوهّم : أنّ تفصیل بعضهم بین ا لسبب وغیره‏‎[103]‎‏ وبعضهم بین‏‎ ‎‏ا لشرط ا لشرعی وغیره‏‎[104]‎‏ ـ مع أنّ ا لملاک ا لعقلی مطَّردٌ فی جمیعها ـ یُرجِّح کون‏‎ ‎‏ا لوجوب شرعیّاً ، لا عقلیّاً محضاً ، وإ لاّ فلا معنیٰ للتفصیل .‏

وفیـه :‏ أنّ ا لتفصیلین مبنیّان علی اشتباه وخطأ لابدّ من رفعهما ؛ حتّیٰ یرفع‏‎ ‎‏ا لتوهّم :‏

أمّا ا لتفصیل بین ا لسبب وغیره ،‏ فمبنی ا لاشتباه فیـه أنّ ا لمسبّبات ا لتولیدیّـة‏‎ ‎‏لایعقل تعلّق ا لأمر بها ، بل لابدّ من صرف ا لأوامر ا لمتعلّقـة بها ظاهراً إلیٰ أسبابها ؛‏‎ ‎‏فإنّ ا لقدرة إنّما تـتعلّق بأسبابها ، وإیجاد ا لأسباب عین إیجادها ، ولیس بینها وبین‏‎ ‎‏أسبابها تخلّل إرادة وقدرة‏‎[105]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 157
‏ولایخفیٰ : أنّ هذا لیس تفصیلاً فی مقدّمـة ا لواجب ، بل هو أجنبیٌّ عنها‏‎ ‎‏تماماً ، مع أ نّها فی حدّ نفسها أیضاً باطلـة ؛ فإنّ ا لمقدور مع ا لواسطـة مقدورٌ‏‎ ‎‏کما مرّ‏‎[106]‎‏ .‏

وأمّا ا لتفصیل بین ا لشرط ا لشرعی وغیره ،‏ فغایة ما یُتوهّم فیـه أنّ ا لشرطیّـة‏‎ ‎‏ـ فیما لایکون عند ا لعقل شرطاً ـ إنّما تنتزع من تقیید ا لمکلّف بـه بـه ، کما إذا قیل :‏‎ ‎‏«صلِّ مع ا لطهارة» فلابدّ من تعلّق ا لطلب ا لمتعلّق با لمرکّب بـه أیضاً‏‎[107]‎‏ .‏

‏ولایخفیٰ ما فیـه ؛ فإنّـه ـ مضافاً إلی خروجـه عن مورد ا لنزاع فی باب‏‎ ‎‏مقدّمـة ا لواجب ، فإنّ ا لنزاع إنّما یکون فی ا لمقدّمات ا لخارجیّـة ، لا ا لقیود‏‎ ‎‏وا لشرائط ـ أنّ ا لشرائط ا لشرعیّـة ترجع إلی ا لعقلیّـة ، فما یریٰ أ نّـه یمکن وجوده‏‎ ‎‏بغیر ا لمقدّمـة ا لشرعیّـة ، کا لصلاة ا لتی یتوهّم إمکان وجودها بلا طهارة عقلاً ،‏‎ ‎‏لایکون کذلک واقعاً ؛ فإنّها حقیقـة واقعیّـة لایمکن تحقّقها إ لاّ با لطهور ، فا لشرائط‏‎ ‎‏ا لشرعیّـة مقدّمات عقلیّـة کشف عنها ا لشارع .‏

إذا عرفت ما ذکرنا :‏ فقد استدلّ علیٰ وجوب ا لمقدّمـة أبو ا لحسین ا لبصری ،‏‎ ‎‏وتبعـه غیره : بأ نّـه لو لم تجب ا لمقدّمـة لجاز ترکها ، وحینئذٍ إن بقی ا لواجب علیٰ‏‎ ‎‏وجوبـه یلزم ا لتکلیف بما لایطاق ، وإ لاّ خرج ا لواجب ا لمطلق عن کونـه واجباً‏‎ ‎‏مطلقاً ؛ لصیرورتـه مشروطاً بإتیان مقدّمتـه ، لکنّ ا للازمین باطلان ، فا لملزوم‏‎ ‎‏مثلهما ، فإذا بطل ا لملزوم ـ أی جواز ا لترک ـ وجبت ا لمقدّمـة ، وهذا هو‏‎ ‎‏ا لمطلوب‏‎[108]‎‏ .‏


کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 158
وا لجواب عنـه :‏ أنّ ما یُضاف إلیـه ا لظرف إمّا أن یکون ا لجواز ، وإمّا أن‏‎ ‎‏یکون ا لترک ، فعلی ا لأوّل لاتصدّق ا لشرطیّـة ا لثانیـة ؛ فإنّـه بمجرّد جواز ا لترک‏‎ ‎‏لایلزم ا لتکلیف بما لایطاق ، وعلی ا لثانی لاینتج ا لقیاس ؛ لعدم تکرار‏‎ ‎‏ا لوسط‏(47)‎[109]‎‏ .‏

وقد یستدلّ علیٰ وجوب ا لمقدّمـة :‏ بتعلّق ا لأوامر ا لشرعیّـة وا لعرفیّـة بها ،‏‎ ‎‏کما هو واضح‏‎[110]‎‏ .‏

وفیـه :‏ أنّ ا لأمر با لمقدّمـة إنّما هو تحریک إلی ا لمطلوب ا لنفسی ، لاتحریک‏‎ ‎‏إلیٰ ا لمقدّمـة .‏

وقد یقال ـ کما عن بعض ا لمعاصرین ـ :‏ إنّ وزان ا لإرادة ا لتشریعیّـة کوزان‏‎ ‎‏ا لإرادة ا لتکوینیّـة فی جمیع ا لخصوصیّات ، فکما أنّ ا لإرادة ا لتکوینیّـة إذا تعلّقت‏‎ ‎‏بشیء تـتولّد منها إرادة اُخریٰ تـتعلّق بمقدّماتـه ، کذلک ا لإرادة ا لتشریعیّـة طابق‏‎ ‎‏ا لنعل با لنعل ، فلابدّ من طلب غیریّ مقدّمیّ متولِّد من ا لطلب ا لنفسی‏‎[111]‎‏ .‏

وفیـه :‏ أ نّـه ممنوع ؛ فإنّ ا لإرادة ا لتشریعیّـة لیست إ لاّ ا لبعث وا لتحریک نحو‏‎ ‎‏ا لفعل ، لیحصل فی نفس ا لمکلّف حبّـه واشتیاقـه وإرادتـه ، لیتحرّک نحو إیجاده ،‏‎ ‎‏وهذا لیس إ لاّ إنشاء ا لبعث ا لنفسی نحو ذی ا لمقدّمـة ، بدون أن یکون هناک‏‎ ‎‏إنشاءات بعثیّـة اُخریٰ .‏

ألا تریٰ :‏ أ نّـه لو سُئل الآمر عن ذلک ، لایعترف بأزید من بعث واحد متعلّق‏‎ ‎‏بذی ا لمقدّمـة . نعم ، لابأس بافتراض ا لوجوب ا لذی لیس لـه ثواب ولا عقاب‏‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 159
‏ولا بعث ولاتحریک نحو ا لمقدّمـة ؛ فإن ا لبعث إلیها هو ا لبعث إلیٰ ذیها حقیقـة ، لا‏‎ ‎‏إلیها ، تدبّر‏(48)‎[112]‎‏ .‏

‎ ‎

کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة‏ الله العظمی البروجردیصفحه 160

  • (25) ـ إنّ ما یمکن أن یقع محلّ ا لبحث أحد أمرین :     ا لأوّل : أ نّـه هل تکون ملازمـة بین إرادة بعث ا لمولیٰ عبده نحو ذی ا لمقدّمـة ، وبین إرادة بعثـه نحو ما یراه مقدّمـة ، أو لا ، أو تکون ملازمـة بین إرادتهما أو لا ؟     وأمّا ا لبحث عن ا لملازمـة بین إرادة ذی ا لمقدّمـة وإرادة ا لمقدّمـة ا لواقعیّـة با لحمل ا لشائع ، فساقط ؛ ضرورة عدم تعقّل ا لملازمـة بینهما ؛ لعدم تعلّق ا لإرادة با لواقع من غیر تشخیص مقدّمیتـه ، وعدم إمکان تحقّق ا لملازمـة بین ا لموجود وا لمعدوم .     ا لثانی : أن یقع ا لنزاع فی ا لملازمـة ا لعقلیـة بین وجوب ذی ا لمقدّمـة أو ا لإرادة ا لمتعلّقـة بـه ، وبین وجوب عنوان ما یتوقّف علیـه ذو ا لمقدّمـة ، أو عنوان ما یتوصّل بـه إلیـه ، أو ا لإرادة ا لمتعلّقـة بأحد ا لعنوانین .     وهذا یصحّ بناء علیٰ تعلّق ا لوجوب بأحد ا لعنوانین ، وتکون حیثیـة ا لتوقّف أو ا لتوصّل حیثیـة تقییدیـة ، کما هو ا لتحقیق فی ا لأحکام ا لعقلیـة ، وأمّا بناءً علیٰ تعلّق ا لوجوب بذات ا لمقدّمـة ، وما یتوقّف علیـه ذو ا لمقدّمـة با لحمل ا لشائع ، وعدم رجوع ا لحیثیات ا لتعلیلیـة إلی ا لتقییدیـة ـ کما یظهر من بعضهم ـ فلا محیص عن ا لوجـه ا لأوّل .     ثمّ إنّ ما ذکرنا من إمکان تخلّف ا لواقع عن تشخیص ا لمرید فی ا لوجـه ا لأوّل ، إنّما هو فی غیر ا لشارع ، وأمّا فیـه فلایمکن ا لتخلّف ، کما هو واضح ، وفی ا لموا لی ا لعرفیـة إذا رأی ا لمأمور تخلّف إرادة الآمر عن ا لواقع لسوء تشخیصـه ، لایلزم ـ بل لایجوز فی بعض ا لأحیان ـ اتّباعـه ، بل یجب علیـه تحصیل غرضـه بعد ا لعلم بـه . مناهج ا لوصول 1 : 325 ـ 326 .
  • )) تقدّم فی ا لصفحـة 17 ـ 20 .
  • (26) ـ وأمّا کونها مسألـة اُصولیـة فلا شکّ أ نّها کذلک ؛ لما وقفت فی مقدّمـة ا لکتاب علیٰ میزانها من أ نّها عبارة : عن ا لقواعد الآلیـة ا لتی یمکن أن تقع کبریٰ لاستنتاج ا لحکم ا لفرعی ا لإلـٰهی ، أو ا لوظیفـة ا لعملیـة ، فحینئذٍ ، لو ثبت وجود ا لملازمـة ، یستکشف منها وجوب مقدّمات ا لصلاة وغیرها ؛ لأنّ ا لبحث عن وجود ا لملازمـة لیس لأجل ا لاطّلاع علیٰ حقیقـة من ا لحقایق ، حتّیٰ یصیر ا لبحث فلسفیاً ، بل لأ نّها ممّا ینظر بها إلیٰ مسائل وفروع هی ا لمنظور فیها ، ولا نعنی من الاُصولیـة غیر هذا . تهذیب الاُصول 1 : 156 .     وربّما یقال : إنّها من ا لمبادئ ا لأحکامیـة وإن کان ا لبحث عن ا لملازمـة ؛ لأنّ موضوع الاُصول هو ا لحجّـة فی ا لفقـه ، وا لبحث إذا کان عن حجّیـة شیء یکون من ا لعوارض ، فیبحث فی ا لخبر ا لواحد عن أ نّـه حجّـة فی ا لفقـه أو لا ، وکذا سائر ا لمسائل ، فعلیـه یکون ا لبحث عن ا لملازمات خارجاً عن ا لمسألـة الاُصولیـة ؛ لعدم کون ا لبحث فی ا لحجّـة فی ا لفقـه .     وفیـه : ما عرفت فی محلّـه ـ بما لا مزید علیـه ـ من عدم تطبیق ما ذکر وما ذکروا فی موضوع ا لعلوم ومسائلها علی ا لواقع ، هذا هو ا لفقـه ، فقد جعلوا موضوعـه أعمال ا لمکلّفین ، وادّعوا أنّ موضوع کلّ علم ما یبحث فیـه عن عوارضـه ا لذاتیـة ، مع أنّ مسائل ا لفقـه لیست کذلک ، حتّی ا لأحکام ا لتکلیفیـة ؛ فإنّها لیست من ا لعوارض ، حتّیٰ یقال : إنّها أعراض ذاتیـة ، ولو سلّم فیها فکثیر من مباحث ا لفقـه لاینطبق علیها هذا ا لعنوان ، کا لنجاسات وا لطهارات وأبواب ا لضمان وأمثا لها ، وإن ترجع با لأخرة إلیٰ ثمرة عملیـة ، وبا لجملـة : فا لمسألـة علیٰ ما ذکرنا من ا لضابط ، اُصولیـة . (مناهج ا لوصول 1 : 328 ـ 329) .
  • )) ا لفصول ا لغرویّـة : 86 / ا لسطر 25 ، کفایـة الاُصول : 115 .
  • )) اُنظر نهایة ا لأفکار 1 : 262 ـ 263 .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 108 (حاشیـة ا لمحقّق ا لسیّد علی ا لقزوینی) .
  • )) اُنظر ا لحکمـة ا لمتعا لیـة 2 : 189 ـ 190 مع تعلیقـة ا لحکیم ا لسبزواری علیـه ، وشرح ا لمنظومـة ، قسم ا لحکمـة : 104 / ا لسطر ا لأوّل .
  • )) کفایـة الاُصول : 115 ، مقا لات الاُصول 1 : 291 .
  • (27) ـ لا إشکال فی أنّ ا لمرکّبات ا لمتعلّقـة للأوامر کا لصلاة ـ مثلاً ـ موضوعات وحدانیـة ولو فی ا لاعتبار ، ولها أمر واحد من غیر أن ینحلّ إلیٰ أوامر عدیدة ، لا فی ا لموضوعات ا لمرکّبـة ولا فی ا لمقیّدة ، فلا فرق بینهما وبین ا لموضوعات ا لبسیطـة فی ناحیـة ا لأمر .     فا لأمر بعث وحدانی ، سواء تعلّق با لمرکّب أو ا لبسیط ، فلاینحلّ ا لأمر إلیٰ أوامر ، ولا ا لإرادة إلیٰ إرادات کثیرة ، فا لانحلال فی ناحیـة ا لموضوع ، لکنّ ا لموضوع ا لمرکّب لمّا کان تحقّقـه بإیجاد ا لأجزاء ، یکون ا لإتیان بکلّ جزء جزء بعین ا لدعوة إلی ا لکلّ ، وا لأجزاء مبعوث إلیها بعین ا لبعث إلی ا لمرکّب ، فکلّ جزء یأتی بـه ا لمکلّف ، امتثال للأمر ا لمتعلّق با لمرکّب .     فإذا قال ا لمولیٰ لعبده : «ابن مسجداً» ، وشرع فی بنائـه ، لایکون ا لمأمور بـه إ لاّ واحداً وا لامتثال کذلک ، لکن کیفیـة امتثا لـه بإیجاد أجزائـه ، فلاتکون ا لأجزاء غیر مدعوّ إلیها رأساً ، ولا مدعوّاً إلیها بدعوة خاصّـة بها ؛ بحیث تکون ا لدعوة منحلّـة إلی ا لدعوات . بل ما یکون مطابقاً للبرهان وا لوجدان أ نّها مدعوّ إلیها بعین دعوة ا لمرکّب ، فا لأمر واحد وا لمتعلّق واحد ؛ فإنّ ا لصلاة ا لمتقیّدة بقصد ا لامتثال متعلّقـة للأمر ، فنفس ا لصلاة ا لمأتی بها إنّما تکون مدعوّاً إلیها بعین دعوة ا لأمر ا لمتعلّق با لمقیّد ، لابأمر متعلّق بنفسها ، وهذا کافٍ فی تحقّق ا لإطاعـة ، فإذا علم ا لعبد أنّ ا لأمر متعلّق با لصلاة بداعی امتثال أمرها ، ویریٰ أنّ ا لإتیان بها بداعویـة ذلک ا لأمر موجب لتحقّق ا لمأمور بـه بجمیع قیوده ، فلا محا لـة یأتی بها کذلک ، ویکون ممتثلاً لدی ا لعقلاء . مناهج ا لوصول 1 : 267 ـ 268 .
  • )) مجموع ا لاحتما لات سبعة علیٰ ما فی حاشیة ا لمحقّق ا لمشکینی علیٰ کفایة الاُصول 1 : 140 .
  • (28) ـ ومعنیٰ تبعیـة إرادة ا لمقدّمـة لذی ا لمقدّمـة لیس نشأها وتولّدها منها ؛ بحیث تکون إرادة ذی ا لمقدّمـة موجدة لإرادتها ، کما هو ظاهر تعبیراتهم ، بل معناها أنّ ا لفاعل بعد تشخیص ا لتوقّف یرید ا لمقدّمـة بعد تحقّق مبادئها ؛ لأجل تحصیل ذی ا لمقدّمـة ، لا لنفسها . مناهج ا لوصول 1 : 324 .     فا لإرادة ا لمتعلّقـة بذی ا لمقدّمـة لم تکن مبدأ للإرادة ا لمتعلّقـة با لمقدّمـة بنحو ا لنشوّ وا لرشح وا لإیجاد ، وإذا کان حال ا لإرادات کذلک ، فا لوجوب أسوأ حالاً ؛ لأ نّـه ینتزع من تعلّق ا لبعث با لشیء ، ولایعقل أن یترشّح بعث من بعث آخر ، کما هو واضح . (مناهج ا لوصول 1 : 335) .
  • )) شرح ا لمولیٰ صا لح ا لمازندرانی علی ا لمعا لم : 78 / ا لسطر 1 ، وأضاف ا لمحقّق ا لقمّی قدس سرهفی قوانین الاُصول 1 : 100 / ا لسطر 11 قید «لذاتـه» إلیٰ آخر ا لتعریف .
  • )) أوائل ا لمقالات : 125 ، ا لموافقات فی اُصول ا لشریعـة 1 : 193 وما بعدها ، درر ا لفوائد ، ا لمحقّق ا لحائری : 119 ـ 122 .
  • )) ا لموافقات فی اُصول ا لشریعـة 1 : 191 ـ 193 .
  • )) اُنظر درر ا لفوائد ، ا لمحقّق ا لحائری : 20 .
  • )) نفس ا لمصدر : 120 .
  • )) اُنظر مفتاح ا لکرامـة 1 : 397 .
  • )) اُنظر مفتاح ا لکرامـة 4 : 184 ـ 185 ، ا لمکاسب ، ا لشیخ ا لأنصاری : 133 / ا لسطر 19 .
  • )) کفایـة الاُصول : 118 .
  • (29) ـ إنّ ما یتراءیٰ من تقدّم ا لشرط علی ا لمشروط لیس شیء منها کذلک :     أمّا فی شرائط ا لتکلیف کا لقدرة ا لمتأخّرة با لنسبـة إلی ا لتکلیف ا لمتقدّم ، فلأنّ ما هو شرط لتمشّی ا لإرادة من الآمر وا لبعث ا لجدّی هو تشخیص الآمر قدرة ا لعبد مع سائر شرائط ا لتکلیف فی ظرف ا لإتیان ، کانت ا لقدرة حاصلـة أولا ، فإذا قطع ا لمولیٰ بأنّ ا لعبد قادر غداً علیٰ إنقاذ ابنـه ، یصحّ منـه ا لإرادة وا لبعث ا لحقیقی نحوه ، فإذا تبیّن عجز ا لعبد لایکشف ذلک عن عدم ا لأمر وا لبعث ا لحقیقی فی موطنـه ، بل یکشف عن خطائـه فی ا لتشخیص ، وأنّ بعثـه ا لحقیقی صار لغواً غیر مؤثّر . هذا حال ا لأوامر ا لمتوجّهـة إلی ا لأشخاص .     وأمّا ا لأوامر ا لمتوجّهـة إلی ا لعناوین ا لکلّیـة ، مثل : «أیّها ا لناس» و«أیّها ا لمؤمنون» ، فشرط تمشّی ا لإرادة وا لبعث ا لحقیقی هو تشخیص کون هذا ا لخطاب صا لحاً لبعث من کان واجداً ـ من بین ا لمخاطبین ـ لشرائط ا لتکلیف ، من غیر لزوم تقییده با لقدرة وسائر ا لشرائط ا لعقلیـة ، بل ا لتقیید إخلال فی بعض ا لموارد ، فإذا علم ا لمولیٰ بأنّ إنشاء ا لأمر علی ا لعنوان ا لکلّی صا لح لانبعاث طائفـة من ا لمکلّفین کلٍّ فی موطنـه ، یصحّ منـه ا لتکلیف وا لأمر ، فشرط ا لتکلیف حاصل حین تعلّق ا لأمر .     ولعلّـه إلیٰ ذلک یرجع کلام ا لمحقّق ا لخراسانی ، وإن کان إلحاق ا لوضع با لتکلیف ـ کما صنعـه ـ لیس فی محلّـه . مناهج ا لوصول 1 : 340 ـ 341 .
  • 30 ـ وهاهنا طریق آخر لدفع ا لشبهـة وتحقیقـه یتّضح بعد مقدّمـة وهی : أنّ للزمان ـ بما أ نّـه أمر متصرّم متجدّد متقضٍّ بذاتـه ـ تقدّماً وتأخّراً ذاتیاً ، لابا لمعنی ا لإضافی ا لمقولی ، وإن کان عنوان ا لمتقدّم وا لمتأخّر معنیین إضافیین ، ولایلزم أن یکون ا لمنطبق علیـه للمعنی ا لإضافی إضافیاً ، کا لعلّـة وا لمعلول ؛ فإنّهما بعنوانهما إضافیان ، لکن ا لمنطبق علیهما ؛ أی ذات ا لمبدأ تعا لیٰ ـ مثلاً ـ ومعلولـه ، لایکونان من الاُمور ا لإضافیـة ، وکا لضدّین ؛ فإنّهما مقابل ا لمتضایفین ، لکن عنوان ا لضدّیـة من ا لتضایف ، وذات ا لضدّین ضدّان .     فا لزمان ـ بهویتـه ا لتصرّمیـة ـ متقدّم ومتأخّر با لذات ، وا لزمانیات متقدّمـة بعضها علیٰ بعض بتبع ا لزمان ؛ فإنّ ا لهویـة ا لواقعـة فی ا لزمان ا لماضی بما أنّ لها نحو اتّحاد معـه ، تکون متقدّمـة علی ا لهویـة ا لواقعـة فی ا لزمان ا لحال ، وهی متقدّمـة علی ا لواقعـة فی ا لزمان ا لمستقبل ، وهذا ا لنحو من ا لتقدّم ا لتبعی ثابت لنفس ا لهویتین ؛ بواسطـة وقوعهما فی ا لزمان ا لمتصرّم با لذات ، ولیس من ا لمعانی ا لإضافیـة وا لإضافات ا لمقولیـة . فا لحوادث ا لواقعـة فی هذا ا لزمان متقدّمـة بواقع ا لتقدّم ـ لابا لمفهوم ا لإضافی ـ علی ا لحوادث الآتیـة ، لکن بتبع ا لزمان .     إذا عرفت ذلک یمکن لک ا لتخلّص عن ا لإشکال ؛ بجعل موضوع ا لحکم ا لوضعی وا لمکلّف بـه هو ما یکون متقدّماً بحسب ا لواقع علیٰ حادث خاصّ ، فا لعقد ا لذی هو متقدّم بتبع ا لزمان علی ا لإجازة تقدّماً واقعیاً ، موضوع للنقل ، ولایکون مقدّماً علیها بواقع ا لتقدّم ا لتبعی إ لاّ أن تکون ا لإجازة متحقّقـة فی ظرفها ، کما أنّ تقدّم ا لحوادث ا لیومیـة إنّما یکون علی ا لحوادث الآتیـة ، لا علیٰ ما لم یحدث بعد من غیر أن تکون بینها إضافـة کما عرفت .     وموضوع ا لصحّـة فی صوم ا لمستحاضـة ما یکون متقدّماً تقدّماً واقعیاً ؛ تبعاً للزمان علیٰ أغسال ا للیلـة الآتیـة ، وا لتقدّم ا لواقعی علیها لایمکن إ لاّ مع وقوعها فی ظرفها ، ومع عدم ا لوقوع یکون ا لصوم متقدّماً علیٰ سائر ا لحوادث فیها ، لا علیٰ هذا ا لذی لم یحدث ، وا لموضوع هو ا لمتقدّم علی ا لحادث ا لخاصّ .     وبما ذکرنا یدفع جمیع ا لإشکا لات ، وکون ما ذکر خلاف ظواهر ا لأدلّـة مسلّم ، لکن ا لکلام هاهنا فی دفع ا لإشکال ا لعقلی ، لا فی استظهار ا لحکم من ا لأدلّـة . مناهج ا لوصول 1 : 341 ـ 343 .
  • )) اختاره ا لأکثر کما فی معا لم ا لدین : 57 ، ا لوافیـة فی اُصول ا لفقـه : 219 وغیرهما .
  • )) مطارح ا لأنظار : 90 / ا لسطر 33 ، کفایـة الاُصول : 159 .
  • )) اُنظر ا لمستصفیٰ من علم الاُصول 1 : 27 / ا لسطر 6 ، ونهایـة ا لوصول : 9 / ا لسطر 15 ، وشرح ا لعضدی علیٰ مختصر ابن ا لحاجب : 81 .
  • )) ضوابط الاُصول : 70 / ا لسطر 31 .
  • )) کذا عرّفـه عمید ا لدین فی شرحـه علی ا لتهذیب کما فی مطارح ا لأنظار : 43 / ا لسطر 2 ، واختاره فی ا لفصول ا لغرویـة : 79 / ا لسطر 21 .
  • )) نسبـه فی ا لمطارح : 43 / ا لسطر 4 إلی ا لتفتازانی وا لمحقّق ا لشریف واختاره ا لمحقّق ا لقمی فی قوانین الاُصول 1 : 100 / ا لسطر4 مع قید : «وإن کان فی ا لعادة أو فی نظر الآمر» .
  • )) اُنظر کفایـة الاُصول : 121 .
  • )) تقدّمت ا لإشارة لبعض ا لمصادر فی ا لحواشی ا لسابقـة ، وانظر أیضاً ا لمبسوط 3 : 22 فی قولـه قدس سره : وما کان واجباً . . . لایجوز أن یتعلّق وجوبـه بشرط مستقبل .
  • )) مطارح ا لأنظار : 52 / ا لسطر 24 و 53 / ا لسطر 7 .
  • )) اُنظر مطارح ا لأنظار : 52 / ا لسطر 35 .
  • (31) ـ اعلم : أنّ ا لقیود ا لراجعـة إلی ا لمادّة هی کلّ ما یکون بحسب ا لواقع دخیلاً فی تحصیل ا لغرض ا لمطلق ، من غیر أن یکون دخیلاً فی ثبوت نفس ا لغرض .     مثلاً : قد یکون ا لغرض ا للازم ا لتحصیل هو ا لصلاة فی ا لمسجد ـ بحیث تکون ا لصلاة فیـه متعلّقـة لغرضـه ا لذی لایحصل إ لاّ بها ، کان ا لمسجد متحقّقاً أو لا ـ فلا محا لـة تـتعلّق إرادتـه بها مطلقاً ، فیأمر بإیجاد ا لصلاة فیـه ، فلابدّ للمأمور ـ إطاعـة لأمره ـ أن یبنی ا لمسجد علیٰ فرض عدمـه ویصلّی فیـه .     وقد یکون ا لغرض لایتعلّق بها کذلک ، بل یکون وجود ا لمسجد دخیلاً فی تحقّق غرضـه ـ بحیث لو لم یکن ذلک ، لم یتعلّق غرضـه با لصلاة کذلک ، بل قد یکون وجوده مبغوضاً لـه ، لکن علیٰ فرض وجوده تکون ا لصلاة فیـه متعلّقاً لغرضـه ـ فلا محا لـة تـتعلّق إرادتـه بها علیٰ فرض تحقّق ا لمسجد ، ففی مثلـه یرجع ا لقید إلی ا لهیئـة .     ثمّ إنّ للقیود ا لراجعـة إلی ا لهیئـة موارد اُخر . (مناهج ا لوصول 1 : 348)
  • )) هذا مضمون ا لروایات ا لواردة فی ا لمقام فانظر وسائل ا لشیعـة 7 : 28 ، کتاب ا لصوم ، أبواب ما یمسک عنـه ا لصائم ، ا لباب 8 .
  • )) اُنظر شرح ا لکافیـة 2 : 108 / ا لسطر 28 ، ولایبعد أن یکون ا لمراد هو ا لظهور ا لعرفی للقضیّـة ا لشرطیّـة فی أنّ ا لطلب معلّق علی ا لمجیء ، لا أنّ ا لواجب مقیّد وا لطلب مطلق ، فیکون عطف ا لمتفاهم ا لعرفیّ علی ا لقواعد ا لعربیّـة من ا لعطف ا لتفسیری . اُنظر کفایـة الاُصول : 121 .
  • )) ذکره ا لمحقّق ا لمشکینی فی حاشیتـه علی ا لکفایـة بقولـه : «ا لثانی : إنّ . . .» 1 : 154 .
  • )) حاشیـة کفایـة الاُصول ، ا لمحقّق ا لمشکینی 1 : 154 عند قولـه : «ا لثا لث . . .» .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 124 / ا لسطر 11 .
  • )) آل عمران (3) : 97 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 45 / ا لسطر 32 و 52 / ا لسطر 32 .
  • (32) ـ ا لتحقیق : أنّ هیئات ا لأفعال حروف ، لها معانٍ حرفیـة غیر مستقلّـة با لمفهومیـة ولابا لموجودیـة ، ویکون وضعها کا لحروف عامّاً وا لموضوع لـه خاصّاً .     أمّا کون معانیها حرفیة ؛ فلأنّ هیئـة ا لماضی وضعت للحکایـة عن تحقّق صدور ا لحدث من فاعل علیٰ ما هو علیه ؛ من أنّ ا لصدور وتحقّقـه یکون بتبع ا لفاعل ، أو للحکایـة عن ا لکون ا لرابط أی حلول ا لحدث فی ا لفاعل ، کبعض ا لأفعال ا للازمة ، کـ «حسن وقبح» ، وبا لجملة : ا لهیئات موضوعة لتحقّق ا لمعانی ا لربطیة با لحمل ا لشائع . مناهج ا لوصول 1 : 205 .     راجع حول وضع ا لحروف إلیٰ مناهج ا لوصول 1 : 68 ـ 72 .
  • (33) ـ جوابنا : أنّ تعلیق ا لجزئی وتقییده ممکن واقع ، فزید قابل للتقیید با لنظر إلیٰ طوارئـه ؛ ولهذا تجری فیـه مقدّمات ا لحکمـة إذا وقع موضوعاً للحکم . مناهج ا لوصول 1 : 352 .
  • )) ا لفصول ا لغرویّـة : 79 / ا لسطر 36 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 80 / ا لسطر 1 .
  • )) یأتی ا لبحث عن ا لترتّب فی ا لصفحـة 170 .
  • )) درر ا لفوائد ، ا لمحقّق ا لحائری : 106 .
  • )) اُنظر منتهی ا لمطلب 1 : 93 / ا لسطر 17 ، وجواهر ا لکلام 16 : 246 ـ 247 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 79 ـ 80 .
  • )) هدایـة ا لمسترشدین : 217 / ا لسطر 35 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 51 / ا لسطر 30 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 53 / ا لسطر 9 .
  • )) نفس ا لمصدر : 46 / ا لسطر 2 .
  • (34) ـ اعلم : أنّ ا لملاک فی إرادة ا لمقدّمـة هو علمـه بتوقّف ا لتوصّل إلیٰ ذی ا لمقدّمـة علیها ، فإذا کان ذو ا لمقدّمـة مراداً فعلیاً فلا محا لـة تـتعلّق إرادة بما یراه مقدّمـة بملاک ا لتوصّل ؛ بناءً علی ا لملازمـة .     وأمّا إذا فرض عدم تعلّق إرادة فعلاً بتحصیل ذی ا لمقدّمـة فعلاً ، لکن یعلم ا لمولیٰ أ نّـه عند حصول شرطـه مطلوب لـه لایرضیٰ بترکـه ، ویریٰ أنّ لـه مقدّمات لابدّ من إتیانها قبل حصول ا لشرط ، وإ لاّ یفوت ا لواجب فی محلّـه بفوتها ، فلا محا لـة تـتعلّق إرادة آمریـة بتحصیلها ؛ لأجل ا لتوصّل بها إلیـه فی محلّـه وبعد تحقّق شرطـه ، لا لشیء آخر .     بل إذا علم ا لمکلّف بأنّ ا لمولیٰ أنشأ ا لبعث علیٰ تقدیر یعلم حصولـه ، ویریٰ أ نّـه یتوقّف علیٰ شیء قبل تحقّق شرطـه ؛ بحیث یفوت وقت إتیانـه ، یجب علیـه عقلاً إتیانـه ؛ لحفظ غرض ا لمولیٰ فی موطنـه .     فإذا قال : «أکرم صدیقی إذا جاءک» ، ویتوقّف إکرامـه علیٰ مقدّمات یکون وقت إتیانها قبل مجیئـه ، یحکم عقلـه بإتیانها لتحصیل غرضـه ، بل لو کان ا لمولیٰ غافلاً عن مجیء صدیقـه لکن یعلم ا لعبد مجیئـه ، وتعلّق غرض ا لمولیٰ بإکرامـه علیٰ تقدیره ، وتوقّفـه علیٰ مقدّمات کذائیـة ، یحکم ا لعقل بإتیانها لحفظ غرضـه ، ولایجوز لـه ا لتقاعد عنـه . مناهج ا لوصول 1 : 357 ـ 358 .
  • )) ذکره باختصار فی ا لفصول ا لغرویـة : 79 / ا لسطر ما قبل ا لأخیر ، ثمّ أجاب عنـه ، وکذا فی کفایـة الاُصول : 130 .
  • (35) ـ وا لجواب : أمّا عن ا لإرادة ا لتکوینیـة ، فغایـة ما یمکن أن یقال فی بیان کونها علّـة تامّـة لحرکـة ا لعضلات : إنّ ا لقوی ا لعاملـة للنفس وآلاتها ا لمنبثّـة هی فیها لمّا کانت تحت سلطان ا لنفس وقدرتها ، بل هی من مراتبها ا لنازلـة وشؤونها ، فلایمکن لها ا لتعصّی علیٰ إرادتها ، فإذا أرادت قبضها ، تنقبض ، أو بسطها تنبسط ، من غیر تعصّ وتأخّر مع عدم آفـة للآلات ، هذا أمر برهانی ووجدانی ، لکن کون ا لقویٰ تحت إرادة ا لنفس وإطاعتها أ نّها إذا أرادت تحریکها فی ا لحال تحرّکت ، لا عدم إمکان تعلّق ا لإرادة بأمر استقبا لی .     فما اشتهر بینهم ـ من أنّ ا لإرادة علّـة تامّـة للتحریک ، ولایمکن تخلّفها عن ا لمراد ، حتّیٰ أخذوه کالاُصول ا لموضوعـة ، ونسجوا علیٰ منوا لـه ما نسجوا ـ ممّا لم یقم علیـه برهان إ لاّ ما ذکرنا ، ولازم ذلک هو ما عرفت : من أنّ ا لإرادة إذا تعلّقت بتحریک عضلـة فی ا لحال ولم یکن مانع فی ا لبین ، تـتحرّک إطاعـة للنفس .     وأمّا عدم إمکان ا لتعلّق بأمر استقبا لی ، فیحتاج إلیٰ برهان مستأنف ، ولم یقم علیـه ، لو لم نقل بقیامـه علیٰ إمکانـه ، وقضاء ا لوجدان بوقوعـه ، کیف وإرادة اللّه ـ تعا لیٰ ـ قد تعلّقت أزلاً بإیجاد ما لم یکن موجوداً علی ا لترتیب ا لسببی وا لمسبّبی ، من غیر إمکان ا لتغیّر وا لحدوث فی ذاتـه وإرادتـه ، کما برهن علیـه فی محلّـه ؟ ! مناهج ا لوصول 1 : 360 .     هذا کلّـه فی ا لإرادة ا لتکوینیـة .     وأمّا ا لتشریعیـة : فإمکان تعلّقها بأمر استقبا لی أوضح من أن یخفیٰ ولو سلّمنا امتناعـه فی ا لتکوینیـة ؛ فإنّها وإن تـتعلّق با لأمر لغرض ا لبعث ، ومعـه لابدّ وأن یکون ا لانبعاث ممکناً ، لکن یکفی إمکانـه علیٰ طبق ا لبعث فی إمکانـه وصحّتـه ، وا لبعث إلیٰ أمر استقبا لی یقتضی إمکان ا لانبعاث إلیـه لا إلیٰ غیره ، وا لأغراض ا لمتعلّقـة للبعث فی ا لحال کثیرة ، بل قد عرفت أنّ ا لبعث ا لقانونی لایمکن إ لاّ بهذا ا لنحو ، فلاینبغی ا لإشکال فیـه . مناهج ا لوصول 1 : 363 .
  • (36) ـ راجع ا لتعلیقـة 29 .
  • )) کإشکال ا لشیخ ا لأعظم علیٰ ما فی مطارح ا لأنظار : 51 / ا لسطر 24 ، وإشکال ا لمحقّق صاحب ا لکفایـة : 128 عند قولـه : نعم یمکن أن یقال ، وفی ا لصفحـة : 130 عند قولـه : ثمّ لا وجـه . . . ، وإشکال ا لمحقّق ا لنهاوندی فی تشریح الاُصول : 186 وما بعدها ، وقد ذکر ا لمحقّق ا لمشکینی تسعـة منها فی حاشیتـه فراجع ا لکفایـة 1 : 161 ، 165 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 78 / ا لسطر 33 ، کفایـة الاُصول : 152 .
  • )) البقرة 2 : 233 .
  • )) ا لأحقاف (46) : 15 .
  • )) اُنظرقوانین الاُصول 1 : 100/ا لسطر1و101/ا لسطر17و102/ا لسطر7و104/ا لسطر11 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 66 / ا لسطر 9 و 78 / ا لسطر 33 و 79 / ا لسطر 9 .
  • (37) ـ وا لظاهر أنّ ا لتقسیم إلی ا لأصلی وا لتبعی بحسب مقام ا لإثبات ولحاظ ا لخطاب ، وهو تقسیم معقول فی مقابل سائر ا لتقسیمات ، وإن لایترتّب علیـه أثر مرغوب فیـه .     وا لمحقّق ا لخراسانی أرجعـه إلیٰ مقام ا لثبوت : بأنّ ا لشیء إذا کان متعلّقاً للإرادة وا لطلب مستقلاًّ ـ للالتفات إلیـه بما هو علیـه ممّا یوجب طلبـه ، سواء کان طلبـه نفسیاً أو غیریاً ـ یکون ا لطلب أصلیاً ، وإذا کان متعلّقاً لها تبعاً لإرادة غیره ـ لأجل کون إرادتـه لازمـة لإرادتـه من دون ا لتفات إلیـه بما یوجب إرادتـه ـ یکون تبعیاً .     ولکن ورد علیـه : أنّ ا لاستقلال إن کان بمعنی ا لالتفات ا لتفصیلی یکون فی مقابلـه ا لإجمال وا لارتکاز ، لا عدم ا لاستقلال بمعنی ا لتبعیـة ، فیکون ا لواجب ا لنفسی ـ أیضاً ـ تارة مستقلاً ، وتارة غیر مستقلّ ، مع أ نّـه لا شبهـة فی أنّ إرادتـه أصلیـة لاتبعیـة ، وإن کان بمعنیٰ عدم ا لتبعیـة فلایکون ا لواجب ا لغیری مستقلاًّ ، سواء ا لتفت إلیـه تفصیلاً أولا . مناهج ا لوصول 1 : 406
  • )) هدایـة ا لمسترشدین : 193 / ا لسطر 6 ، ا لفصول ا لغرویـة : 80 / ا لسطر 37 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 66 / ا لسطر 21 ، وقد ذکره ا لمحقّقان صاحبا ا لفصول وا لهدایـة وأجابا علیـه ، فانظر ا لفصول ا لغرویـة : 80 / ا لسطر 38 ، وهدایـة ا لمسترشدین : 193 / ا لسطر 7 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 66 / ا لسطر 14 .
  • (38) ـ قد مرّ ا لکلام فی عدم ترشّح ا لإرادة وا لوجوب عن غیرهما ا لصفحـة 88 ، ا لهامش 39 .     وا لصحیح : أنّ إرادة ا لفاعل والآمر لشیء وإن کانت لأغراض متصاعدة إلیٰ أن تبلغ مقصوداً با لذات ، لکن تقسیم ا لواجب إلیٰ أقسامـه لیس باعتبار ا لإرادة أو ا لغرض ؛ فإنّهما خارجان عن اعتبار ا لوجوب وا لواجب ، بل تقسیم ا لواجب إلی ا لنفسی وا لغیری باعتبار تعلّق ا لبعث وا لوجوب ، فقد یتعلّق ا لبعث بشیء لأجل ا لتوصّل إلیٰ مبعوث إلیـه فوقـه وتوقّفـه علیـه ، وقد یتعلّق بـه من غیر أن یکون فوقـه مبعوث إلیـه ، فا لأوّل غیری ، وا لثانی نفسی .     ولایرد علیٰ هذا ما قد یقال : من أنّ ا لواجبات مطلقاً مطلوبـة لأجل ا لتوصّل إلیٰ أغراض ولأجل حصول ملاکات ، فتکون کلّها غیریات ؛ وذلک لأنّ ا لتقسیم باعتبار ا لوجوب وا لبعث ، من غیر دخا لـة ا لأغراض وا لملاکات فیـه .     فإذا أمر ا لمولیٰ ببناء مسجد ولم یکن فوق ذلک أمر متوجّـه إلی ا لمأمور ، یکون ذلک نفسیاً وإن کان لأجل غرض ، وإذا أمر ذلک ا لمأمور بإحضار ا لأحجار وا لأخشاب لأجل ا لتوصّل إلیٰ ذلک ا لمبعوث إلیـه وتوقّفـه علیها ، یکون غیریاً ، لکن إذا صدر منـه أوامر ابتداء إلیٰ أشخاص ، فأمر شخصاً بشراء ا لأحجار ، وآخر بإحضارها ، وثا لثاً بتحجیرها وتنقیشها ، تکون تلک ا لأوامر نفسیـة ، وإذا أمر لأجل ا لتوصّل إلیٰ تلک ا لمبعوث إلیها یکون غیریاً ، مع أنّ کلّها لأغراض ، وهی ترجع إلیٰ غرض أقصیٰ فوقها ، وا لأمر سهل . (مناهج ا لوصول 1 : 371 ـ 372)
  • )) کفایـة الاُصول : 136 .
  • )) ما بین ا لمعقوفتین إضافـة مستفادة من تقریرات بعض مقرّری بحث آیـة اللّه ا لبروجردی ، ولم یکمل ا لإشکال فی ا لمخطوط .
  • )) کفایـة الاُصول : 136 .
  • (39) ـ إذا شککنا فی واجب بأ نّـه نفسی أو غیری ، یحمل علی ا لنفسی ؛ لأجل ا لانصراف کما لایبعد ، لابمعنی انصراف جامع إلیٰ أحد أقسامـه ؛ فإنّ ا لتحقیق أنّ ا لموضوع لـه فی ا لهیئـة خاصّ ، وأ نّها فی ا لنفسی وا لغیری لاتستعمل إ لاّ استعمالاً إیجادیاً لنفس ا لبعث وا لإغراء ، وا لنفسیـة وا لغیریـة انتزاعیتان ، لا من مقوّماتـه ؛ بل لمّا کان ا لبعث لأجل ا لغیر نادراً ، لایعتنی باحتما لـه ا لعقلاء .     ویمکن أن یقال : إنّ ا لبعث ا لمتعلّق بشیء حجّـة علی ا لعبد ، ولایجوز ا لتقاعد عن طاعتـه باحتمال کونـه مقدّمـة لغیره إذا سقط أمره . مناهج ا لوصول 1 : 372.
  • )) شرح ا لمقاصد 6 : 126 ، أنوار ا لملکوت فی شرح ا لیاقوت : 170 وانظر شرح ا لقوشجی علی ا لتجرید : 384 / ا لسطر 19 .
  • )) ا لمسلک فی اُصول ا لدین : 17 ، إرشاد ا لطا لبین : 413 .
  • )) إرشاد ا لطا لبین : 413 وانظر شرح ا لمقاصد 6 : 125 ـ 126 .
  • )) ا لمستصفی من علم الاُصول 1 : 72 ، إشارات الاُصول : 72 / ا لسطر 11 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 68 / ا لسطر 34 ، کفایـة الاُصول : 138 ـ 139 .
  • (40) ـ أمّا استحقاق ا لثواب علیها باعتبار ا لواجب ا لنفسی ، فهو غیر صحیح ؛ فإنّ الآتی با لمقدّمات لأجل ا لإتیان با لواجب ا لنفسی ، لو لم یأت بـه لعذر أو لغیره ، لم یأت بمتعلّق ا لأمر ا لنفسی ، ومعـه لایعقل ا لاستحقاق با لمعنی ا لذی هو مورد ا لبحث أی کون ترک ا لثواب ظلماً وقبیحاً ؛ لأنّ استحقاق من لم یأت بـه : إمّا للأمر ا لغیری ، فقد عرفت حا لـه ، وإمّا للأمر ا لنفسی ، فمع عدم ا لإتیان بمتعلّقـه لا وجـه للاستحقاق .     فلو أمر شخص أحداً بردّ ضالّتـه ، فتحمّل ا لمشقّـة ا لکثیرة ولم یوفّق إلیٰ ردّها ورجع صفر ا لکفّ ، فطا لب با لأجر ، فهل تراه محقّاً أو مبطلاً ؟ لا أظنّک ـ بعد تشخیص محلّ ا لنزاع ـ أن تشکّ فی عدم ا لاستحقاق .     نعم ، إذا کان لذی ا لمقدّمـة مقدّمات کثیرة وتحصیلها مستلزم للمشقّات ، یکون أجر نفس ا لعمل بحسب ا لمقدّمات مختلفاً ، لابمعنی ا لتقسیط علیها ، بل یکون ا لتفاوت بلحاظها ، فالآتی با لحجّ من ا لبلاد ا لنائیـة بأمر شخص ، یکون اُجرتـه أکثر من اُجرة الآتی با لحجّ من غیرها ، ولو أتیٰ بجمیع ا لمقدّمات ولم یأت با لحجّ ، فلیس لـه استحقاق للاُجرة ؛ لعدم ا لإتیان بمتعلّق ا لأمر ، فکذا ا لحال فی أوامره ـ تعا لیٰ ـ بناء علی الاستحقاق .     وظنّی أ نّهم خلطوا بین ا لاستحقاق وممدوحیـة ا لعبد ؛ بمعنیٰ إدراک ا لعقل صفاء نفسـه ، وکونـه بصدد إطاعـة أمره ، وکونـه ذا ملکـة فاضلـة وسریرة حسنـة ؛ ضرورة أنّ الآتی با لمقدّمات مع عدم توفیقـه لإتیان ذی ا لمقدّمـة ممدوح ، لا مستحقّ للأجر با لمعنی ا لمتقدّم . مناهج ا لوصول 1 : 380 ـ 381 .
  • )) اُنظر مطارح ا لأنظار : 70 / ا لسطر 19 ، وکفایـة الاُصول : 139 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 60 / ا لسطر 30 ، کفایـة الاُصول : 95 .
  • )) کفایـة الاُصول : 95 .
  • (41) ـ قد مرّ ا لکلام فی عدم ترتّب ا لثواب علی ا لواجب ا لغیری ا لتعلیقـة 40 مع أنّ ا لثواب جعلی لیس باستحقاقی ، وهو تابع للجعل ، وقد یجعل علی ا لمقدّمات . (مناهج ا لوصول 1 : 382) .
  • (42) ـ فا لتحقیق : أنّ ا لطهارات ا لثلاث بما هی عبادات جعلت مقدّمـة للصلاة وغیرها ، وعبادیتها لاتـتوقّف علی ا لأمر ا لغیری حتّیٰ ترد ا لإشکا لات ا لمتقدّمـة .     بل ا لتحقیق : أنّ ا لمعتبر فی صحّـة ا لعبادة لیس ا لأمر ا لفعلی ا لنفسی أیضاً ، بل مناط ا لصحّـة صلوح ا لشیء للتعبّد بـه ، وهذا ممّا لایمکن ا لاطّلاع علیـه غا لباً إ لاّ بوحی اللّه تعا لیٰ ، وبعدما علم صلوح شیء للتعبّد بـه واُتی بـه بقصد ا لتقرّب إلیـه ـ تعا لیٰ ـ یقع صحیحاً ، قصد ا لأمر أو لا ، بل لایبعد دعوی ارتکاز ا لمتشرّعـة فی إتیان ا لواجبات ا لتعبّدیـة بقصد ا لتقرّب إلیـه ـ تعا لیٰ ـ مع ا لغفلـة عن ا لأمر بها ، تأمّل .     فلو فرض سقوط ا لأمر بواسطـة عروض شیء ، فأتی بـه متقرّباً ، تکون ا لعبادة صحیحـة . ولایحتاج فی عبادیـة ا لشیء ووقوعـه صحیحاً زائداً عن قصد ا لتقرّب بما هو صا لح للتعبّد بـه إلیٰ شیء آخر ، فا لأمر ا لنفسی ا لمتعلّق بذی ا لمقدّمـة یدعو إلی ا لوضوء بقصد ا لتقرّب ؛ فإنّـه مقدّمـة للصلاة ، فلا محا لـة یأتی ا لمکلّف بـه کذلک .     وبما ذکر ینحلّ جمیع ا لشبهات . مناهج ا لوصول 1 : 383 ـ 385 .
  • )) ا لوسیلـة إلی نیل ا لفضیلـة : 49 ، ا لدروس ا لشرعیـة : 1 / 86 ، جواهر ا لکلام 1 : 17 ـ 18 .
  • )) اُنظر مطارح ا لأنظار : 70 / ا لسطر 23 ، حاشیـة کفایـة الاُصول ، ا لمحقّق ا لقوچانی 1 : 100 ـ 101 ، حاشیـة کفایـة الاُصول ، ا لمحقّق ا لمشکینی 1 : 178 .
  • )) معا لم ا لدین : 74 / ا لسطر 3 .
  • (43) ـ نسب إلیٰ صاحب «ا لمعا لم» أ نّـه قال : باشتراط وجوبها بإرادة ذی ا لمقدّمـة ، وردّ بأنّ ا لمقدّمـة تابعـة لصاحبها فی ا لإطلاق والاشتراط ، فیلزم أن یشترط وجوب ا لشیء بإرادة وجوده ، وهو واضح ا لبطلان .     لکنّ عبارة «ا لمعا لم» خا لیـة عن ذکر ا لاشتراط ، بل نصّ فی أنّ ا لوجوب فی حال کون ا لمکلّف مریداً للفعل ا لمتوقّف علیها ، وهو وإن کان غیر صحیح ، لکن لم یکن بذلک ا لوضوح من ا لفساد .     نعم یرد علیـه : أنّ حال إرادة ذی ا لمقدّمـة غیر دخیلـة فی ملاک وجوبها ، مع أ نّـه حال إرادتـه لا معنیٰ لإیجاب مقدّمتـه ؛ لأ نّـه یریدها لا محا لـة . مناهج ا لوصول 1 : 388 .
  • )) مطارح ا لأنظار : 72 / ا لسطر 7 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 81 / ا لسطر 4 و 86 / ا لسطر 12 .
  • )) کفایـة الاُصول : 143 .
  • )) تقدّم فی ا لصفحـة 147 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 81 / ا لسطر 9 .
  • (44) ـ إنّ ا لمراد با لإیصال أعمّ من ا لإیصال مع ا لواسطـة ، فا لقدم ا لأوّل با لنسبـة إلی ا لحجّ قد یکون موصلاً ولو مع ا لوسائط إلیـه ؛ أی یتعقّبـه ا لحجّ ، وقد لایکون کذلک ، وا لواجب هو ا لأوّل . مناهج ا لوصول 1 : 395 .
  • )) حکی هذا ا لقول عن ا لسیّد ، ا لعلاّمـة فی نهایـة ا لوصول : 129 / ا لسطر 14 ، اُنظر ا لذریعـة إلی اُصول ا لشریعـة 1 : 83 .
  • )) معا لم ا لدین : 57 / ا لسطر 5 .
  • )) تقدّم فی ا لصفحـة 119 ـ 120 .
  • (45) ـ لأ نّـه یتعلّق بـه ا لوجوب ا لغیری ، بل وجوبات غیریـة بعدد ا لمقدّمات ، بل یلزم أن یجب ذو ا لمقدّمـة ا لموصل إلیٰ نفسـه ولو بوسط ، وهو أفحش .     وجوابـه : أنّ ا لقائل بهذه ا لمقا لـة یقول : إنّ ما یتعلّق بـه ا لوجوب ا لغیری هو ا لمقدّمـة ، مع قید ا لإیصال إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ، فلابدّ فیـه من جهتین : الاُولیٰ کونـه موقوفاً علیـه ، وا لثانیـة کونـه موصلاً إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ، ونفس ذی ا لمقدّمـة لایکون موقوفاً علیٰ نفسـه ، ولایکون موصلاً إلیٰ نفسـه ، فلایتعلّق بـه ا لوجوب ا لغیری ، وتوقّف وصف ا لمقدّمـة علیٰ وجوده لایوجب تعلّق ا لوجوب بـه . مناهج ا لوصول 1 : 394 ـ 395 .
  • )) ا لفصول ا لغرویـة : 81 / ا لسطر 9 و 87 / ا لسطر 18 ، مطارح ا لأنظار : 80 / ا لسطر 30 .
  • )) یأتی فی ا لصفحـة 164 .
  • )) کفایـة الاُصول : 155 ـ 156 .
  • (46) ـ بل لو کانت معلومـة بنحو ا للیس ا لناقص لما جری ا لأصل ؛ لعدم ترتّب حکم علیها بلاتوسّط أمر عقلی ؛ لأنّ ا لملازمـة لم تکن موضوعـة لحکم شرعی ، بل ا لعقل یحکم بعدم ا لوجوب علیٰ فرض عدم ا لملازمـة ، وبتحقّقـه علیٰ فرض تحقّقها . مناهج ا لوصول 1 : 409 ـ 410
  • )) کفایـة الاُصول : 156 .
  • )) معا لم ا لدین : 57 ، ا لوافیـة فی اُصول ا لفقـه : 219 ، ا لفصول ا لغرویـة : 82 / ا لسطر 18 .
  • )) قوانین الاُصول 1 : 101 / ا لسطر 15 ، إشارات الاُصول : 68 / ا لسطر 12 ، مطارح ا لأنظار : 80 / ا لسطر 8 .
  • )) اُنظر ا لذریعـة إلیٰ اُصول ا لشریعـة 1 : 83 ، وا لمحصول فی علم اُصول ا لفقـه 1 : 289 .
  • )) شرح ا لعضدی علیٰ مختصر ابن ا لحاجب : 90 ، 91 .
  • )) اُنظر ا لذریعـة إلیٰ اُصول ا لشریعـة 1 : 84 و 85 ، وقوانین الاُصول 1 : 105 .
  • )) تقدّم فی ا لصفحـة 119 ـ 120 .
  • )) اُنظر شرح ا لعضدی علیٰ مختصر ابن ا لحاجب : 91 / ا لسطر 16 ، وکفایـة الاُصول : 159 .
  • )) اُنظر ا لمعتمد فی اُصول ا لفقـه 1 : 95 ، 100 ، وا لمحصول فی علم اُصول ا لفقـه 1 : 289 ، ومعارج الاُصول : 74 ، وکفایـة الاُصول : 157 .
  • (47) ـ مضافاً إلیٰ أ نّـه منقوض با لمتلازمین ؛ لأنّ برهانـه آتٍ فیهما ، مع أنّ تعلّق ا لإرادة بملازم ما فیـه ا لمصلحـة مع خلوّه عنها ممّا لایعقل ؛ للزوم تعلّقها بلا ملاک ، وهو ممتنع . مناهج ا لوصول 1 : 414 .
  • )) اُنظر مناهج ا لأحکام والاُصول : 50 / ا لسطر 15 ، وکفایـة الاُصول : 157 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات ا لمحقّق ا لنائینی) ا لکاظمی 1 : 284 .
  • (48) ـ اعلم : أنّ ا لمرید لإیجاد ا لفعل لمّا رأیٰ توقّفـه علی ا لمقدّمـة ، فلا محا لـة یکون جمیع مبادئ إرادة ا لمقدّمـة موجودة فی نفسـه ، من ا لتصوّر ، وا لتصدیق با لفائدة ، وا لاشتیاق ا لتبعی فی بعض ا لأحیان ، وا لغایـة هی ا لتوصّل إلیٰ ذی ا لمقدّمـة .     وأمّا ا لإرادة ا لتشریعیـة ، فلیست إ لاّ إرادة ا لبعث إلی ا لشیء ، وأمّا إرادة نفس عمل ا لغیر ، فغیر معقولـة ؛ لأنّ عمل کلّ أحد متعلّق إرادة نفسـه ، لا غیره . نعم ، یمکن اشتیاق صدور عمل من ا لغیر ، لکن قد عرفت مراراً : أنّ ا لاشتیاق غیر ا لإرادة ا لتی هی تصمیم ا لعزم علی ا لإیجاد ، وهذا ممّا لایتصوّر تعلّقـه بفعل ا لغیر . فإرادة ا لبعث لابدّ لها من مبادٍ موجودة فی نفس ا لمولیٰ ، وهی با لنسبـة إلیٰ ذی ا لمقدّمـة موجودة ؛ لأنّ غایـة ا لبعث هو ا لتوصّل إلی ا لمبعوث إلیـه ولو إمکاناً ، وهو حاصل .     وأمّا إرادة ا لبعث إلی ا لمقدّمات ، فممّا لا فائدة لها ولا غایـة ؛ لأنّ ا لبعث إلیٰ ذی ا لمقدّمـة إن کان مؤثّراً فی نفس ا لعبد ، فلایمکن انبعاث فوق ا لانبعاث ، وإ لاّ فلایمکن أن یکون ا لبعث ا لغیری موجباً لانبعاثـه مع کونـه لنفس ا لتوصّل إلیٰ ذی ا لمقدّمـة ، ومع عدم ترتّب أثر علیـه من ا لثواب وا لعقاب ، فحینئذٍ تکون إرادة ا لبعث من دون تمامیـة ا لمبادئ من قبیل وجود ا لمعلول بلا علّـة تامّـة . نعم ، یمکن تعلّقها بها إرشاداً ، أو لتأکید ذی ا لمقدّمـة کنایـة .     هذا ، مع أنّ ا لضرورة قاضیـة بعدم إرادة ا لبعث نحو ا لمقدّمات ؛ لعدم تحقّق ا لبعث فی غا لب ا لموارد ، فیلزم تفکیک ا لإرادة عن معلولها ، فإرادة ا لبعث غیر حاصلـة . مناهج ا لوصول 1 : 412 ـ 413 .