تذنیب : فی دعویٰ دلالـة النهی علی الصحـة
حکی عن أبی حنیفـة والشیبانی : دلالـة النهی علی الصحّـة فی العبادات والمعاملات ، وعن الفخر : الموافقـة لهما .
وفی الکفایـة : أنّ التحقیق یقتضی المصیر إلیـه فی المعاملات فیما إذا کان
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 225 النهی عن المسبّب أو التسبّب ؛ لأنّـه یشترط فی التکلیف کون متعلّقـه مقدوراً للمکلّف ، ولایکاد یقدر علیهما إلاّ فیما کانت المعاملـة مؤثّرةً صحیحـة ، بخلاف ما إذا کان النهی عن السبب ؛ فإنّـه مقدور وإن لم یکن صحیحاً .
هذا ، ولکن لایخفیٰ أنّ هذا فی الحقیقـة تصدیق لقول أبی حنیفـة فی المعاملات مطلقاً ؛ لأنّ السبب بما هو فعل من أفعال السبب مع قطع النظر عن سببیّتـه لایکون معاملةً ، وکلامـه إنّما هو فی النهی عنها ، کما لایخفیٰ .
ثمّ إنّـه ذکر بعض المحقّقین من محشّی الکفایـة فی مقام الجواب عن أبی حنیفـة وردّ کلامـه ما حاصلـه : أنّـه إذا کان صحّـة الشیء لازم وجوده بحیث لا تنفکّ عنـه ، فالنهی عنـه یکشف عن صحّتـه ؛ إذ المفروض أنّـه لا وجود لـه إلاّ صحیحاً ، فلابدّ من کونـه مقدوراً فی ظرف الامتثال ، والمفروض أنّ وجوده یلزم نفوذه ، ولکن حیث إنّ ذات العقد الإنشائی لایکون ملازماً للصحّـة ، فمقدوریّتـه بذاتـه لا ربط لـه بمقدوریّتـه من حیث هو مؤثّر فعلی ، ومن المعلوم أنّ تعلّق النهی بـه لایوجب إلاّ مقدوریّتـه بذاتـه .
نعم ، التحقیق أنّ إیجاد الملکیـة حیث إنّـه متّحد مع وجود الملکیّـة بالذات ومختلف معـه بحسب الاعتبار ، وأمرها دائر بین الوجود والعدم ، فلایتّصف بالصحّـة ؛ لأنّ وجود الملکیـة لیس أثراً لـه حتّیٰ یتّصف بلحاظـه بالصحّـة ؛ لأنّ الشیء لایکون أثراً لنفسـه ، وأمّا الأحکام المترتّبـة علی الملکیـة فنسبتها إلیها نسبـة الحکم إلی الموضوع ، لا نسبـة المسبّب إلی السبب لیتّصف بلحاظـه بالصحّـة .
فظهر أنّ النهی عن إیجاد الملکیـة وإن کان دالاًّ علیٰ مقدوریّتـه ، لکنّـه
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 226 لایدلّ علیٰ صحّتـه ؛ لأنّ وجودها لیس أثراً لـه ، بل هو نفسـه ، والنهی عن السبب وإن دلّ علیٰ مقدوریّتـه ، إلاّ أنّـه لایلازم الصحّـة ، فقول أبی حنیفـة ساقط علیٰ جمیع التقادیر . انتهیٰ .
وأنت خبیر : بأنّ السبب من حیث هو لایکون معاملةً أصلاً ، وإنّما هو عبارة عن إیجاد الملکیّـة ووجودها وإن لم یکن أثراً لـه حتّیٰ یتّصف بلحاظـه بالصحّـة ، إلاّ أنّ المقصود لیس اتّصافـه بها حتّیٰ یورد علیـه بما ذکر ، بل الغرض أنّ النهی حیث یدلّ علیٰ مقدوریّـة متعلّقـه ، فلا محالـة یکون إیجاد الملکیـة مقدوراً لـه ، وهو یوجب صحّـة المعاملـة .
وبالجملـة غرضـه لیس اتّصاف الإیجاد بها ، بل اتّصاف ما یتّصف بها فی جمیع المعاملات ، وذلک یستکشف من مقدوریّـة الإیجاد ، فالحقّ مع أبی حنیفـة فی دلالـة النهی علی الصحّـة فی المعاملات .
وأمّا العبادات : فإن قلنا بکونها موضوعةً للأعم ، فلایخفیٰ أنّ النهی لایدلّ علی الصحّـة أصلاً ؛ لکونها مقدورةً مع عدمها ، وإن قلنا بکونها موضوعةً للصحیح ، فکذلک أیضاً ؛ نظراً إلی أنّ المراد بالصحیح فی ذلک الباب هو الواجد لجمیع الأجزاء والشرائط غیر ما یأتی منها من قِبَل الأمر ، کقصد القربـة ؛ لما تقدّم فی مبحث الصحیح والأعم من اتّفاق القائلین بکونها موضوعةً للصحیح . علی أنّ المراد بـه هی الصحّـة مع قطع النظر عمّا یأتی من قبل الأمر ، ومن المعلوم أنّها مقدورة مع فسادها ، کما لایخفیٰ .
وأمّا الصحیح مع ملاحظـة جمیع الشرائط حتّی الآتی منها من قبل الأمر فلایمکن تعلّق النهی بـه أصلاً ؛ لأنّـه لایعقل أن تکون مبغوضةً ، فلایبقیٰ مجال فی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 227 دلالـة النهی علی الصحّـة وعدمها ، کما لایخفیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 228