حول أمثلـة الترتّب
ثمّ لایخفیٰ أنّ الفروع التی أوردها فی التقریرات للإلزام بصحّـة الخطاب الترتّبی ، مضافاً إلی أنّ غایـة ما یدلّ علیها هو إمکان أن یکون بعض الخطابات مترتّباً علی البعض الآخر وفی طولـه ، وهو ممّا لاینکره أحد حتّی القائلین بامتناع الترتّب ؛ لوروده فی الشرع کثیراً ، نظیر الأمر بالتوبـة ، المترتّب علیٰ تحقّق العصیان والذنب ، وغیر ذلک من الموارد الکثیرة ، بل الذی یقول بـه القائل بالامتناع هو عدم تأثیر الترتّب فی دفع غائلـة طلب الجمع بین الضدّین المستحیل بالبداهـة ، ولایظهر من الفروع ذلک نقول : إنّ معنی النقض بشیء هو أن یکون المنقوض بـه مسلّماً بین المتخاصمین بحیث لا مجال لهما لإنکاره ، وحینئذٍ فنقول : إنّ مسألـة الإقامـة التی أوردها فیها لا تکون مورداً للنقض ؛ لأنّ الذی ورد فی الشرع هو وجوب الصوم والإتمام علی تقدیر قصد الإقامـة عشرة أیّام ، لا معلّقاً علی نفس الإقامـة ، وحینئذٍ فلو کان ذلک القصد محرّماً ، لتعلّق النذر أو العهد أو الیمین بعدمـه ، فما دام لم یتحقّق لایکون وجوب الصوم والإتمام متحقّقاً ، وبمجرّد تحقّقـه الذی یسقط بسببـه النهی المتعلّق بـه لحصول العصیان بتحقّق الأمر بالإتمام ولکن بعد سقوط النهی کما عرفت .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 140 هذا ، ولو سلّم کون الشرط لوجوب القصر والإتمام هو نفس الإقامـة مثلاً ، فمن المعلوم أنّ تحقّقـه موقوف علی تحقّق الإقامـة عشرة أیّام ، وحینئذٍ فإذا تحقّقت یجیء الأمر بالإتمام وبالصوم ، فقبل تحقّقها لایکون هنا إلاّ النهی ، وبعد تحقّقها المستلزم لسقوط النهی بالعصیان لایکون هنا إلاّ الأمر بالصوم وبالإتمام ، فأین یلزم الترتّب .
ثمّ لو سلّم الجمیع ، فالکلام إنّما هو فیما لو کان الأمر الثانی مشروطاً بما یتأخّر عن الأمر الأوّل من عصیان ونحوه ، مع أنّ مورد النقض یکون الأمر بالصوم أو الإتمام مترتّباً علی نفس الإقامـة بناءً علیـه ، ومن المعلوم أنّ الإقامـة لایکون متأخّراً عن النهی المتعلّق بها حتّیٰ یلزم الترتّب ، فالمقام یکون طلباً للجمع حینئذٍ مع عدم الترتّب والطولیـة ، کما لایخفیٰ .
ولنختم بذلک الکلام فی الترتّب ، وقد عرفت فی صدر المبحث ما هو مقتضی التحقیق ، فتأمّل جیّداً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 141