القول فی أدلّـة القائلین بالملازمـة
ذکر فی الکفایـة ـ بعد الاعتراض علی الأفاضل المتصدّین لإقامـة البرهان علی الملازمـة بأنّـه ما أتیٰ منهم بواحد خالٍ عن الخلل ـ أنّ الأولی إحالـة ذلک إلی الوجدان حیث إنّـه أقویٰ شاهد علی أنّ الإنسان إذا أراد شیئاً لـه مقدّمات أراد تلک المقدّمات لو التفت إلیها بحیث ربّما یجعلها فی قالب الطلب مثلـه ، ویقول مولویّاً : ادخل السوق واشتر اللحم ، مثلاً ، بداهـة أنّ الطلب المنشأ بخطاب «ادخل» مثل المنشأ بخطاب «اشتر» فی کونـه بعثاً مولویّاً ، وأنّـه حیث تعلّقت إرادتـه بإیجاد عبده الاشتراء ترشّحت منها إرادة اُخریٰ بدخول السوق بعد الالتفات إلیـه ، وأنّـه یکون مقدّمـة لـه ، کما لایخفیٰ . انتهیٰ موضع الحاجـة .
واستدلّ فی التقریرات علی الملازمـة بأنّ الإرادة التشریعیـة تابعـة للإرادة التکوینیّـة إمکاناً وامتناعاً ووجوداً وعدماً ، فکلّ ما أمکن تعلّق الإرادة التکوینیـة
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 103 بـه أمکن تعلّق التشریعیـة بـه ، وکلّ ما استحال تعلّق الاُولی استحال أن یکون متعلّقاً للتشریعیـة ، وهکذا کلّ ما یکون مورداً للإرادة التکوینیـة عند تحقّقـه من نفس المرید یکون مورداً للتشریعیـة عند صدوره من غیر المرید ، ومن الواضح أنّ المرید لفعل بإرادة تکوینیّـة تتعلّق إرادتـه أیضاً بالتبع بإیجاد مقدّماتـه وإن کان غافلاً عن مقدّمیتها لذلک الفعل ، ولازم ذلک بمقتضی التبعیّـة المتقدّمـة أن یکون تعلّق الإرادة التشریعیـة من الآمر بفعل مستلزماً لتعلّق الإرادة التشریعیّـة التبعیّـة بمقدّمات ذلک الفعل . انتهیٰ موضع الحاجـة .
أقول : لایخفیٰ أنّ قیاس الإرادة التشریعیـة بالإرادة التکوینیـة فی غیر محلّـه ، فإنّـه إذا أراد الشخص الإتیان بفعل بنفسـه ، فلا محالـة تتعلّق إرادة اُخریٰ بإتیان المقدّمات ؛ لأنّ المفروض استحالـة الإتیان بـه بدونها ، وهو إنّما یرید أن یأتی بـه بنفسـه ولا محالـة یرید المقدّمات ، لا نقول بأنّ إرادتـه للمقدّمات معلولـة لإرادة ذلک الفعل مترشّحـة عنها صادرة عنها قهراً ، فإنّ ذلک باطل ، کما مرّ مراراً ، بل نقول : کما تتوقّف إرادة الفعل علیٰ مبادئها ، کذلک تتوقّف إرادة مقدّماتـه علیٰ سنخ مبادئ إرادة الفعل ، غایـة الأمر أنّ محبوبیّـة الفعل وتعلّق الاشتیاق إلیـه إنّما هو لنفسـه ، ومحبوبیّـة المقدّمات إنّما هو للوصول إلیـه .
هذا فی الإرادة التکوینیـة .
وأمّا الإرادة التشریعیـة : فحیث إنّ المطلوب فیها صدور المراد من الغیر ، فلا استحالـة فی عدم تعلّق الإرادة بالمقدّمات ، وامتناع تحقّقـه بدونها إنّما یوجب أن تتعلّق إرادة الأمر بها أیضاً ، فلایلزم بل لا وجـه لـه أصلاً ؛ لأنّک عرفت عدم الفرق بین إرادة الفعل وإرادة المقدّمات فی توقّف کلٍّ منهما علیٰ مبادئها ، ومن
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 104 المعلوم عدم تحقّق المبادئ بالنسبـة إلی المقدّمات فی الإرادة التشریعیّـة ، فإنّ من جملتها التصدیق بفائدتها ، والحال أنّـه لا فائدة لها بالنسبـة إلی الأمر حتّیٰ یرید صدورها من الغیر ، فإنّ المأمور إذا أراد الامتثال فلا محالـة یأتی بالمقدّمات وإن لم تکن مورداً لإرادة الآمر ، وإذا لم یکن قاصداً لامتثال الأمر بالفعل فتعلّق الإرادة بالمقدّمات لغو غیر مؤثّر .
نعم لو قلنا بترشّح إرادتها من إرادتـه بحیث لا تتوقّف إرادة المقدّمات علیٰ مبادٍ أصلاً ، لکان لما ذکر وجـه ؛ لأنّ العلّـة یترتّب علیها المعلول قهراً إلاّ أنّک عرفت أنّ هذا الکلام بمکان من البطلان ، کما لایخفیٰ .
ثمّ إنّـه استدلّ أبو الحسن البصری لثبوت الملازمـة بما یرد علیـه ـ مضافاً إلی النقض بالمتلازمین فی الوجود إذا وجب أحدهما دون الآخر ـ ما أورد علیـه فی الکفایـة ، فراجعها .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 105