المبحث الثانی: فی أقسام البیع بحسب الأسباب
أدلّة لزوم المعاطاة
تقریب الاستدلال بالمستثنی منه
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

نوع ماده: ----

پدیدآورنده : طاهری خرم آبادی، حسن

محل نشر : تهران

ناشر: موسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی(ره)

زمان (شمسی) : 1386

زبان اثر : عربی

تقریب الاستدلال بالمستثنی منه

تقریب الاستدلال بالمستثنی منه

‏أمّا المستثنی منه، ففیها احتمالان:‏

الأوّل:‏ أنّ الآیة سیقت لبیان المنع من نفوذ الأسباب الباطلة عند العرف،‏‎ ‎‏کالقمار، والربا، والبیع بالمنابذة، والحصاة، وغیر ذلک من الأسباب الباطلة‏‎ ‎‏عندهم؛ بحیث کان قوله: ‏‏«‏لاَ تَأْکُلُوا‏»‏‏ کنایةً عن عدم نفوذ الأسباب الباطلة‏‎ ‎‏ولغویتها عند المنع عنها، وعلی هذا الاحتمال فوجه التمسّک بها ظاهر؛ إذ‏‎ ‎‏المعاطاة عند العرف بیع لازم ومعاملة لازمة، ویری فسخ المالک الأصلی باطلاً،‏‎ ‎‏وتملّکه به من سبب باطل، ومتی شکّ فی بطلانه عند الشارع أیضاً ـ باحتمال‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 190

‏تجویز الشارع لهذا السبب وخروجه عن الباطل، کما فی حقّ الشفعة، والمارّة،‏‎ ‎‏والفسخ بخیار ـ یتمسّک بعموم الآیة لدفع هذا الاحتمال؛ إذ فسخ المعاطاة من‏‎ ‎‏الأسباب الباطلة عند العرف والعقلاء، والآیة قد منعت من نفوذها، فیشمله‏‎ ‎‏المنع أیضاً.‏

والثانی:‏ أن یکون الأکل کنایةً عن التصرّف فی المال، والمعنی: لا تتصرّفوا‏‎ ‎‏فی الأموال الحاصلة من أسباب باطلة.‏

‏والفرق بین هذا وسابقه: أنّ الآیة علی الاحتمال السابق سیقت لبیان عدم‏‎ ‎‏نفوذ الأسباب الباطلة ابتداءً، وهنا لبیان عدم جواز التصرّف فیما یحصل منها من‏‎ ‎‏الأموال، ولازمه عدم نفوذ سببها، وإذا کان الفسخ فی المعاطاة عند العرف من‏‎ ‎‏الاُمور الباطلة، صار أکل المال الحاصل منه محرّماً، ویلزمه عدم نفوذ سببه.‏

‏هذا، ولکن هنا مطلب: وهو أنّ موارد خروج بعض الأسباب الباطلة عند‏‎ ‎‏العرف عن الباطل عند الشارع ـ مثل حقّ الشفعة، وحقّ الخیار، والمارّة،‏‎ ‎‏ونحوها؛ ممّا یکون باطلاً عرفاً مع قطع النظر عن حکم الشارع بجوازه ـ إن کان‏‎ ‎‏بالتخصیص بأن کان باطلاً ومع ذلک أخرجه الشارع عن حکم البطلان وهو عدم‏‎ ‎‏النفوذ، فجعله نافذاً مع حفظ موضوع الباطل، فلا إشکال فی التمسّک بالآیة فیما‏‎ ‎‏نحن فیه؛ إذ احتمال التخصیص بخروج الفسخ هنا أیضاً عن حکم الباطل، لا‏‎ ‎‏یخلّ بالتمسّک بالعامّ.‏

‏لکن هذا مستهجن عرفاً؛ إذ لا یقبل الطبع بقاء الباطل علی بطلانه، ومع ذلک‏‎ ‎‏جوّزه الشارع، وأنفذه، ورخّص فی ارتکاب هذا الباطل الخاصّ، فلابدّ من أن‏‎ ‎‏یکون خروج هذه الموارد علی نحو التخصّص، نظیر ما قلنا فی السلطنة؛ بمعنی‏‎ ‎‏أنّ بطلان السبب عند العرف هو مادام لم ینفذه الشارع، وأمّا إذا أنفذه فلیس‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 191

‏باطلاً حینئذٍ عندهم، فحقّ المارّة مثلاً والخیار والشفعة، باطل قبل جعل الشارع‏‎ ‎‏تلک الحقوق، وأمّا إذا جعل من یملک السماوات والأرضین حقّاً فی تلک الموارد،‏‎ ‎‏فلا یراه العرف باطلاً، نظیر السلطنة،‏

‏وحینئذٍ إن کان ذلک القید والتعلیق فی بطلان الأسباب ظاهراً عند العرف‏‎ ‎‏ـ بحیث صار مثل القرائن المحفوفة بالکلام ـ فلا یجوز التمسّک بعموم اُلقی‏‎ ‎‏علیهم فی المنع عن نفوذ الأسباب الباطلة؛ لأنّه اُلقی علیهم مقیّداً، ویصیر الشکّ‏‎ ‎‏فی المصداق؛ إذ یحتمل أن یکون من مصادیق المخرج من العامّ.‏

‏وإن لم یکن بهذه المثابة، بل بمعونة النظر والتأمّل یراه العرف مقیّداً، کما هو‏‎ ‎‏الحقّ وقلنا به فی دلیل السلطنة، فلا إشکال فی التمسّک بالعامّ؛ لعدم قید فیه.‏

‏وبالجملة: قد یکون التقیّد اللبّی ـ أعنی ما عند العقلاء والعرف من القید ـ من‏‎ ‎‏الظهور بحیث صار مثل القید المتّصل بالکلام الذی یمنع من انعقاد الظهور ابتداءً،‏‎ ‎‏وقد لا یکون کذلک، بل کان بمثابة القید المنفصل عن الکلام الذی لا یمنع من‏‎ ‎‏انعقاد الظهور اللفظی أوّلاً، وما نحن فیه من قبیل الثانی، فلا مانع من التمسّک‏‎ ‎‏بظهور العامّ.‏

‏ومع هذا فبین الآیة ودلیل السلطنة فرق: وهو أنّ الموضوع فی دلیل السلطنة‏‎ ‎‏محفوظ؛ وهو المال، والتعلیق فی حکم السلطنة، وفی الآیة موضوع الحکم أکل‏‎ ‎‏المال من سبب باطل؛ إذ الحرمة قد تعلّقت بهذا المرکّب، ومتی شکّ فی کلّ من‏‎ ‎‏أجزائه تصیر الشبهة مصداقیة لا یجوز التمسّک بعموم الحکم فیها، فلو کان المال‏‎ ‎‏مشکوکاً أو الأکل مشکوکاً فی مورد، لا یصحّ التمسّک بالآیة فیه، وفیما نحن‏‎ ‎‏بصدد إثباته ـ أعنی بطلان فسخ المالک ـ کان البطلان مشکوکاً؛ إذ نحتمل عدم‏‎ ‎‏بطلانه، لإخراجه شرعاً من الباطل. وقد عرفت أنّ الباطل عند العرف مقیّد بعدم‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 192

‏نفوذه شرعاً، وحینئذٍ الآیة تفید عدم جواز الأکل من الأموال الحاصلة من‏‎ ‎‏الأسباب الباطلة عند العرف. ونحن نشکّ فی بطلان هذا السبب ـ أعنی الفسخ ـ‏‎ ‎‏عند العرف وعدمه، ومع الشکّ یکون التمسّک بالآیة فی بطلانه شرعاً وعدم‏‎ ‎‏نفوذه، تمسّکاً بالعامّ فی المصداق المشتبه؛ إذ قد عرفت أنّ الشکّ یرجع إلی أنّ‏‎ ‎‏هذا السبب هل یکون من الأسباب الباطلة أم لا؟ وهو شکّ فی تحقّق موضوع‏‎ ‎‏الحکم فی الآیة، فلا یتمسّک.‏

‏وأمّا فی دلیل السلطنة فحیث کان الموضوع ـ أعنی المال ـ محفوظاً،‏‎ ‎‏واحتمال التعلیق والتقیّد لیس فی الموضوع، بل فی الحکم، فلا مانع من التمسّک‏‎ ‎‏بعمومه لدفع الاحتمال، وأمّا هنا فالتقیّد المحتمل ـ أعنی خروج السبب عن‏‎ ‎‏الباطل ـ یکون فی الموضوع؛ وهو أکل المال بالباطل، فتصیر الشبهة مصداقیة.‏‎ ‎‏وهذا الإیراد جارٍ علی کلا الاحتمالین، وعلیه فلا مجال للتمسّک بجملة‏‎ ‎‏المستثنی منه فی لغویة الفسخ وعدم نفوذه إلاّ علی تقدیر التخصیص، وهو بعید‏‎ ‎‏غایة البعد.‏

‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 193