المبحث الثانی: فی أقسام البیع بحسب الأسباب
أدلّة لزوم المعاطاة
تقریر کلام الشیخ الأعظم فی المقام
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

نوع ماده: ----

پدیدآورنده : طاهری خرم آبادی، حسن

محل نشر : تهران

ناشر: موسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی(ره)

زمان (شمسی) : 1386

زبان اثر : عربی

تقریر کلام الشیخ الأعظم فی المقام

تقریر کلام الشیخ الأعظم فی المقام

وهنا تقریبان‏ آخران لدلالة الآیة:‏

‏الأوّل: ما یظهر من صدر کلام الشیخ‏‎[1]‎‏ لو لا ذیل کلامه، وبیانه أنّ المتعاملین‏‎ ‎‏والمتعاقدین بالعقد ـ معاطاةً کان أو غیرها ـ یمکن أن یتصرّف کلّ منهما فیما‏‎ ‎‏انتقل إلی صاحبه بالعقد تارةً: بعنوان أ نّه مال الغیر بغیر إذنه غصباً، واُخری:‏‎ ‎‏بداعی نقض العقد والمعاهدة؛ بأن کان غرضه من التصرّف نقض العقد وفسخه،‏‎ ‎‏ومقتضی وجوب الوفاء بالعقد حرمة التصرّف الناقض للعقد، فیحرم ذلک‏‎ ‎‏التصرّف؛ وذلک لأنّ المراد بالوفاء بالعقد العمل بما اقتضاه العقد من ترتیب آثار‏‎ ‎‏ملک الغیر علیه، وعدم أخذه منه، والتصرّف فیه بعنوان نقض ملکیته، فیحرم‏‎ ‎‏التصرّف الذی کان نقضاً لمقتضی العقد، وإذا حرم أخذ المالک الأصلی وتصرّفه‏‎ ‎‏بعنوان الفسخ والنقض بمقتضی الآیة، یستکشف منه لزوم العقد وضعاً؛ إذ لو کان‏‎ ‎‏جائزاً قابلاً للحلّ والنقض فبالأخذ المبرز للفسخ ینحلّ، وبعد انحلاله یصیر‏‎ ‎‏ملکاً له، فلا موجب لحرمة تصرّفه فی ماله، وإذا کان مقتضی عموم الآیة‏‎ ‎‏وإطلاقها حرمة هذا التصرّف ـ أعنی ما یرید به الفسخ والنقض ـ فلازمه لزوم‏‎ ‎‏المعاملة؛ لأنّه تصرّف فی ماله، لا فی مال الغیر حتّی یحرم بالآیة.‏


کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 220

‏إن قلت: الفسخ المعاطاتی ـ أعنی الفسخ بالتصرّف ـ هو أوّل الکلام من حیث‏‎ ‎‏الصحّة وعدمها.‏

‏قلت أوّلاً: فرغنا من صحّة المعاطاة، والبحث هنا عن لزومها.‏

‏وثانیاً: لیس المعاطاة فی غیر البیع من أبواب المعاملات وغیرها، نظیرها فی‏‎ ‎‏البیع من حیث البحث والاختلاف، ولعلّه لا إشکال صحّتها فیها؛ لاقتضاء القواعد،‏‎ ‎‏وفی البیع ـ من جهة الإجماع المتوهّم فیه ـ یکون محلّ الآراء والنقض والإبرام.‏

ولکنّ الإنصاف:‏ أنّ التصرّف الناقض ‏إن ‏کان متأخّراً عن الفسخ ـ بأن کان‏‎ ‎‏الفسخ آناًمّا قبل التصرّف حاصلاً؛ بحیث کان إیصال الید إلی ماله وإبراز إرادة‏‎ ‎‏الفسخ به فسخاً للعقد لو کان هنا فسخ ـ فیقع إشکال التمسّک بالعامّ فی الشبهة‏‎ ‎‏المصداقیة؛ إذ بعد حصول الفسخ المشکوک نفوذه فی حلّ العقد، کان وجود العقد‏‎ ‎‏لنا مشکوکاً، ومع الشکّ فی الموضوع لا یمکن التمسّک لحرمة التصرّف بالآیة؛‏‎ ‎‏إذ إطلاق وجوب الوفاء یشمل حرمة النقض بالتصرّف الکذائی إذا کان وجود‏‎ ‎‏العقد مفروغاً عنه، وأمّا إذا کان وجوده مشکوکاً بعد فسخه ـ یعنی بعد المبرز‏‎ ‎‏لإرادة الفسخ والنقض؛ إذ هو فسخ فعلی علی المفروض ـ فلا یشمل إطلاقها‏‎ ‎‏التصرّف الواقع بعده حتّی یقتضی حرمته.‏

وإن‏ کان الفسخ حاصلاً بسبب التصرّف ـ بأن کان سبباً لحصول الفسخ ـ‏‎ ‎‏فالتصرّف الواقع فی المال تصرّف فی مال الغیر؛ إذ الفسخ یقع بعده، وهو حرام؛‏‎ ‎‏سواء کان العقد لازماً، أو جائزاً، إذ لا منافاة بین حرمته، ونفوذ الفسخ الواقع به‏‎ ‎‏وصیرورته مالاً له بعده، فلا یکشف لزوم العقد به.‏

‏وهذا التقریب یظهر من صدر عبارة الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏ هذا عین عبارته ‏‏رحمه الله‏‏:‏

‏«والمراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد فی نفسه بحسب دلالته‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 221

‏اللفظیة، نظیر الوفاء بالنذر، فإذا دلّ العقد مثلاً علی تملیک العاقد ماله من غیره،‏‎ ‎‏وجب العمل بما یقتضیه التملیک من ترتیب آثار ملکیة ذلک الغیر له، فأخذه من‏‎ ‎‏یده بغیر رضاه والتصرّف فیه کذلک، نقض لمقتضی ذلک العهد، فهو حرام»‏‎[2]‎‏.‏

‏هذا ما یستفاد منه هذا التقریب بتوضیحٍ ذکرناه.‏

‏والثانی: وهو ما یظهر من تمام عبارة الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏ صدراً وذیلاً؛ وهو أنّ مقتضی‏‎ ‎‏وجوب الوفاء بالعقد العمل بما یقتضیه العقد؛ من ترتیب آثار ملک الغیر، وعدم‏‎ ‎‏التصرّف فیه بغیر إذنه تصرّفاً ناقضاً للعقد، فالتصرّفات الناقضة للعقد والملکیة له‏‎ ‎‏حرام، وإذا حرم بإطلاقها جمیع ما یکون نقضاً لمضمون العقد ـ ومنها التصرّفات‏‎ ‎‏الواقعة بعد الفسخ ـ کان هذا لازماً مساویاً للزوم العقد وعدم انفساخه بمجرّد‏‎ ‎‏فسخ أحدهما، فیستدلّ بالحکم التکلیفی علی الحکم الوضعی؛ أعنی فساد‏‎ ‎‏الفسخ من أحدهما بغیر رضا الآخر، وهو معنی اللزوم.‏

وعلی هذا فلا یرد: ‏أنّ وجوب الوفاء بما یقتضیه العقد لا یدلّ علی حرمة‏‎ ‎‏التصرّف؛ إذ التصرّف من مقتضیات الملک لا العقد، فهو من مقتضیات ما یقتضیه‏‎ ‎‏العقد لا نفسه‏‎[3]‎‏.‏

‏إذ لیس مناط الاستدلال وغرض الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏ حرمة جمیع التصرّفات، بل‏‎ ‎‏المراد حرمة التصرّفات الناقضة للملکیة، فالوفاء بالعقد ـ وهو ترتیب آثار ملک‏‎ ‎‏الغیر ـ یلزمه حرمة نقضه بالتصرّف الناقض له فیه.‏

وقد أورد المحقّق‏ الأصفهانی علی الشیخ بما حاصله: أنّ الأمر الانتزاعی ما‏‎ ‎‏یکون وجوده بوجود منشأ انتزاعه، ویصحّ حمله علیه، کالفوقیة التی تنتزع من‏‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 222

‏السقف مثلاً، والابنیة من الابن والاُبوة من الأب، فیصحّ حمله علیه ویقال: «هذا‏‎ ‎‏فوق» أو «ابن» أو «أب» وهکذا، ولا یصحّ حمل الملک علی جواز التصرّف‏‎ ‎‏المنتزع منه، أو حمل اللزوم علی حرمة التصرّف المنتزع منه فی المقام‏‎[4]‎‏.‏

والجواب عنه: ‏بأنّ المراد بانتزاعیة الأحکام الوضعیة من التکلیفات، لیس‏‎ ‎‏الانتزاعیة التکوینیة، بل المراد أنّ الملکیة مثلاً حیث کانت من اعتبارات العقلاء،‏‎ ‎‏ولیس اعتبارهم جزافاً وبلا وجه، بل لابدّ من منشأ لاعتبارهم، فإذا کان شیء‏‎ ‎‏فاقد الأثر بالنهی عنه ـ کما إذا قال: «یحرم علیک جمیع التصرّفات والتقلّبات‏‎ ‎‏فیه» ـ فلا یعتبرون الملکیة فیه؛ لعدم أثر فیه أصلاً، وإذا قال: «یجوز لک التصرّف‏‎ ‎‏بأنحاء التصرّف» یعتبرون الملکیة، فالملکیة أمر اعتباری، ولکن لیس اعتبارها‏‎ ‎‏مستقلاًّ وقابلاً للجعل المستقلّ، بل اعتبارها عقیب التکلیف بتجویز التصرّف فیه،‏‎ ‎‏وکذا النجاسة وغیرها من الأحکام الوضعیة، وفی المقام إذا کان تصرّف المالک‏‎ ‎‏الأصلی فیما انتقل إلی صاحبه حراماً تکلیفاً، ولیس له التصرّف فیه، فیعتبرون‏‎ ‎‏اللزوم فی المعاملة؛ وذلک لعدم اعتبارهم ملکیته للفسخ، لحرمة التصرّف فیه،‏‎ ‎‏وعدم اعتبار الملکیة له لازم مساوٍ لملکیة المالک وبقاء العقد، وهو معنی لزومه،‏‎ ‎‏فیکشف من حرمة التصرّف ـ الذی هو مدلول الآیة التزاماً ـ لزوم العقد.‏

‎ ‎

کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 223

  • ـ المکاسب، ضمن تراث الشیخ الأعظم 18: 18.
  • ـ المکاسب، ضمن تراث الشیخ الأعظم 18: 18 .
  • ـ حاشیة المکاسب، المحقّق الأصفهانی 4: 29 .
  • ـ حاشیة المکاسب، المحقّق الأصفهانی 4: 28 ـ 29 .