حکم المعاطاة بناءً علی کونها بیعاً، لازماً أو متزلزلاً
وکذا الکلام فی القسمین الأخیرین؛ وهما صورة وقوع المعاملة بیعاً لازماً صحیحاً، وکذا صورة وقوعها متزلزلاً جائزاً، إذ علی الاحتمالین تکون بیعاً ـ لازماً أو جائزاً ـ لم یردع عنه الشارع، فیعتبر فیه کلّ ما اعتبر فیه عند العقلاء.
ولا یمکن القول باعتبار کلّ ما ثبت اعتباره فی البیع بالصیغة فیه، کما هو مذاق القوم فی تحریر محلّ النزاع، حیث قالوا: «إنّ محلّ النزاع فیما استجمع فیه شرائط البیع غیر الصیغة». لأنّ محلّ البحث ما هو المتعارف المتداول بین
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 267 الناس من هذه المعاملة التی یدور علیها رحی معایشهم، فکلّما ثبت ردع الشارع عنه أو اعتباره فیها من الشرائط فبها، وإلاّ فالمرجع فی تمییز المعتبر من غیره العقلاء، وإذا راجعنا العقلاء نجد أنّ مثل تقدیم الإیجاب علی القبول أو توالیهما أو التنجیز، لا اعتبار به أصلاً، بل الواقع بین الناس غالباً وکثیراً هو خلافه؛ فإنّ التجّار کثیراً ما یرسلون الثمن إلی بلد ویتعاملون مع بائع المتاع معاطاة، ویرسل المثمن بعد مضیّ زمان طویل أکثر من شهر أو شهرین، وهکذا، ولم یثبت ردع الشارع عنه، بل ثبت عدمه مع ملاحظة تداوله کذلک فی زمان حضوره، والمفروض أنّ الممضی من المعاطاة هو هذا وأمثاله.
مع أنّ بعض الشرائط المعتبرة فی البیع بالصیغة ـ مثل التنجیز، وتقدیم الإیجاب، وأمثال ذلک ممّا هو من المسلّمات عندهم ـ قد ثبت اعتباره فی البیع بالإجماع، والحال أنّ أکثر المجمعین بل جلّهم، لا یرون المعاطاة بیعاً، مع اختلاف فی کلماتهم، فکیف یقال بشمول معقد الإجماع لها؟!
وبالجملة: فالقول باعتبار شروط البیع بالصیغة بقول مطلق فی المعاطاة، خلاف التحقیق، بل الإنصاف القول باعتبار کلّ ما اعتبر عند العرف والعقلاء فیها، وکذا کلّ ما ثبت من الشرائط بدلیل لفظی یشمله، مثل عدم الربا، والغرر، وأمثاله ممّا رتّب علی عنوان «البیع» وأمّا غیره ممّا هو ثابت بالإجماع والشهرة فلا اعتبار به.
وأمّا الأحکام مثل الخیار، فعلی ما حقّقناه ـ من لزوم المعاطاة ـ فهی مثل البیع بالصیغة فی ترتّب ذلک علیها، وأمّا لو قیل بجوازها، ففی ترتّب مثل الخیار علیها وعدمه ما قدّمناه فی الصور السابقة.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 268