الرابع
أقسام المعاطاة بحسب قصد المتعاطیین
تتصوّر المعاطاة بحسب قصد المتعاملین علی أنحاء، ذکر الشیخ رحمه الله أربعة منها:
القسم الأوّل وهو أن یقصد تملیک المال بالإعطاء عوضاً عن مال الآخر، ویکون الأخذ قبولاً له وتملّکاً بإزاء ما یملّکه ویدفعه إلیه، فیکون دفعه وفاءً لما التزمه علی نفسه، لا أ نّه تتمیم للمعاملة.
ویترتّب علیه: أ نّه لو مات الآخذ قبل الدفع مات بعد تمام المعاطاة وإطلاق «المعاطاة» علیه باعتبار حصول المعاملة فیه بالإعطاء؛ وهو الإنشاء الفعلی، دون القول، لا من حیث کونها متقوّمة بالتعاطی، نظیر إطلاق «المصالحة» و«المساقاة» و«المزارعة» و«المؤاجرة» باعتبار حصول هذه العناوین؛ أعنی «الصلح» و«الإجارة» وهکذا، لا من جهة توقّفه علی التصالح من الطرفین، وهکذا المزارعة وغیرها، انتهی بتلخیص منّا.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 279 وغرضه لیس الانحصار حتّی یقال: إنّه ینافی سابقه من الکلام، بل غرضه ذکر قسم واحد من هذا الوجه؛ وهو ما قصد فیه تملیک المال بإزاء مال آخر.
القسم الثانی وهو أن یقصد المبادلة بین التملیکین لا المالین، فیجعل تملیک ماله بإزاء تملیک الآخر ماله، فالمعاملة بین التملیکین، بخلاف الصورة الاُولی، وبعبارة اُخری العوضان فی هذه الصورة هو التملیکان، وفی الاُولی المملوکان، وهذه متقوّمة بالعطاء من الطرفین، فلو مات الثانی قبل الدفع لم تتحقّق المعاطاة، وظاهر الشیخ تقوّمها بالإعطاء من الطرفین.
وأورد علیه السیّد رحمه الله: بأ نّه کما یمکن بذلک، یمکن أن یکون القبول هو أخذه، ویکون التملیک واجباً علیه من باب الوفاء. بل یمکن أن یقال: إنّ هذا هو المتعیّن؛ إذ هو مثل جعل التملیک فی مقابل خیاطة ثوب، فإنّه یملک علیه الخیاطة، لا أن یکون القبول فیها موقوفاً بإیجادها، ولا فرق بین جعل الفعل بإزاء الفعل أو المال، کما أ نّه لو وقعت المعاملة کذلک باللفظ فقال: «ملّکتک الدار بعوض تملیکک إیّای کذا» فإذا قال: «قبلت» تمّت المعاملة، ووجب علیه التملیک.
وأجاب عن ذلک المحقّق الأصفهانی: بأنّ التعاوض والتبادل بین شیئین، لابدّ من أن یکون بلحاظ أمر، فإذا کانت عین عوضاً عن عین فلابدّ من أن تکون فی الملکیة، وإذا کان عمل عوضاً عن عمل فلابدّ من أن یکون فی الاستحقاق، وربّما یکون التعاوض بین شیئین بلحاظ ذاتهما، لقبولهما للإضافة، کالملکیة،
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 280 فإنّها مضافة بذاتها، لا بإضافة اُخری، فمرجع التملیک بإزاء التملیک إلی جعل إضافة الملکیة بإزاء إضافة الملکیة، ومقتضی التضایف بین المعوّضیة والعوضیة حصولهما معاً؛ وعدم انفکاک أحد المتضایفین عن الآخر.
وفیه: أنّ العوضین والطرفین للمعاملة لیسا إضافة الملکیة، بل نفس التملیک؛ أعنی الفعلین منهما، فیجعل بالعطاء إنشاءه بإزاء إنشائه، فالعوضان إنشاؤهما وفعلهما.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 281