تقریب المحقّق الإیروانی للإتلاف ونقده
وقال بعض الأجلّة والمحقّقین: «إنّه أتلف منفعةً علی المالک بذلک؛ فإنّه کان مستعدّاً لإنماء نطفة الرقّ، فسلب عنه ذلک بإشغاله بنطفته، وبهذا یصدق الإتلاف، ولا یتوقّف صدقه علی فعلیة النماء، فمن سقی أشجار غیره المستعدّة للثمر ماءً مالحاً منعها عن الإثمار، یصدق أ نّه أتلف ثمرها».
وحاصل مراده: أنّ المحلّ قابل للانتفاع لصاحبه، ومستعدّ لإنماء نطفة الرقّ، وقد أخرجه عن القابلیة بإشغاله بنطفته، نظیر من أشغل أرضاً قابلة للزرع.
وفیه: أنّ مقتضی ذلک ضمان منافع نفس المحلّ، لا الولد، ولو فرض کونه من المنافع فهو کذلک حین الولادة، لا مطلقاً.
وبالجملة: فإثبات کونه إتلافاً مشکل.
وأمّا کونه استیفاء منفعة من الجاریة، فیمکن استفادة ذلک من الروایات؛
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 355 وذلک لأنّ صحیحة جمیل وروایته الاُخری، تدلاّن علی وجوب أداء قیمة الولد؛ من غیر تعرّض لکونها فی قبال أیّ شیء، وروایة زرارة تدلّ علی أنّ قیمة الولد لیست عوضاً عنه، بل عوض المنافع المستوفاة منها فی هذه المدّة؛ من خدمتها، وما أصاب من لبنها، وتربیتها، وغیر ذلک من الانتفاعات، وحیث کان تقویم هذه مشکلاً جدّاً لا یقبل الانضباط وکان معرضاً للاختلاف، فقدّرها الشارع بقیمة الولد، فقیمة الولد تقدیر من الشارع عوضاً عن المنافع، نظیر تقدیر زکاة الإبل بالغنم؛ علی ما هو التحقیق من اشتراک الفقراء مع صاحب المال.
وهذه الروایة تفسّر روایة اُخری لزرارة ناطقة بأنّ القیمة عوض عمّا انتفع، وقد فسّره الراوی بالولد، ولکنّ الروایة الاُولی لزرارة تفسّر المراد ممّا انتفع، بانتفاعات الجاریة فی هذه المدّة المقدّرة بقیمة الولد، لا ما فسّره الراوی من نفس الولد.
وبالجملة: هذه الروایة قد حلّت العقدة من روایتی جمیل المشتملتین علی أنّ القیمة قیمة الولد، وکذا من الروایة الاُخری لزرارة الدالّة علی أ نّها عوض عمّا انتفع، فالجمع یعطی أ نّها عوض عن منافعها، لکن بقدر ما قدّره الشرع من قیمة الولد.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 356 ویؤیّد ذلک: أنّ الانتفاعات والمنافع المستوفاه، ممّا لابدّ من ردّ عوضها فی الأمة المقبوضة المسروقة، ولا عین ولا أثر فی روایاتها منه، مع أ نّها متضمّنة لبیان ردّ الجاریة وردّ عوض ولدها، ولم تتعرّض لردّ عوض الانتفاعات ـ من خدمتها ولبنها وغیره ـ فیستفاد من مجموع الروایات، أنّ القیمة عوض عن هذه المنافع غیر المذکور ردّها؛ وأ نّها قدّرت بقیمة الولد.
کتابالبیع (ج. ۱): تقریر لما افاده الاستاذ الاکبر آیة الله العظمی الامام الخمینی (س)صفحه 357