هل یکون منصب القضاوة ومقام الحکومة للمتجزّی أم لا ؟
ثمّ إنّـه یقع الکلام بعد ذلک فی المتجزّی وأنّـه هل یکون منصب القضاوة ومقام الحکومـة ثابتین لـه أم لا ؟
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 431 ونقول : ظاهر المقبولـة أنّ المجعول لـه الحکومـة بالمعنی الأعمّ هو الراویـة لأحادیثهم الناظر فی حلالهم وحرامهم والعارف لأحکامهم . وحیث إنّ المصدر المضاف وکذا الجمع المضاف یفیدان العموم فمقتضی ذلک انحصار هذا المنصب بالناظر فی جمیع الأحکام العارف لها بأجمعها فعلاً ، فالجمود علی ظاهر العبارة والاقتصار علیـه یعطی أنّ غیر العارف بجمیع الأحکام سواء کانت مَلَکـة استنباط الجمیع موجودة لـه أم لم تکن لا یصلح للحکومـة والقضاوة ، لعدم کونـه عارفاً بجمیع الأحکام فعلاً علی ما یقتضیـه ظهور العبارة .
وحینئذٍ یشکل ذلک بأنّ حصول هذه الصفـة وتحقّقها فی غایـة الندرة ـ لو لم نقل بامتناعـه عادة ـ نظراً إلی أنّـه کیف یمکن أن یکون الشخص عارفاً بجمیع الأحکام بحیث إذا سئل کان مستحضراً للجواب ولم یکن یحتاج إلی المراجعـة ، وقوّة الاستنباط والوصول إلی الحکم بعد المراجعـة لا تسمّی عرفاناً أصلاً ، کما هو أوضح من أن یخفی .
وعلی تقدیر إمکان حصول هذه الصفـة لبعض الأشخاص فالاطّلاع علیـه متعسّر ، بل متعذّر ، فکیف یمکن جعل هذا المنصب لـه مع شدّة الاحتیاج إلی شخص المجعول لـه هذا المنصب وکثرة المراجعـة إلیـه فی فصل الخصومـة ورفع التنازع ؟
فاللازم أن یقال بأنّ المراد بالعارف بأحکامهم هو الذی یکون عند العرف عارفاً بأحکامهم ولو کان عارفاً بأکثر تلک الأحکام ، فی قبال العارف بأحکام غیرهم من الأحکام الناشئـة عن الاُمور غیر الصالحـة للدلیلیـة ، کالقیاس والاستحسان وغیرهما .
نعم لابدّ من أن یکون عارفاً بأحکام القضاء ، وهذه اللابدیـة تستفاد من
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 432 مناسبـة الحکم والموضوع ، فإنّـه لا معنی لجعل منصب القضاوة لمن لا یکون عالماً بأحکامها ، خصوصاً بعد کون القضاء لـه أحکام خاصّـة لیس لها کثیر ارتباط بسائر أبواب الفقـه .
فانقدح أنّ المجتهد المتجزّی الذی لا یسمّی عارفاً عُرفاً بأحکام الأئمّة وآراء العترة ـ صلوات اللّٰه علیهم أجمعین ـ لا یکون له حظّ من هذه المناصب الشریفة .
نعم قـد عرفت أنّـه لا یلزم أن یکون عارفاً بجمیع الأحکام فعلاً وعن استحضـار کما هـو مقتضی ظاهـر المقبولـة التی هی العمدة فی هـذا الباب علی ما عرفت .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 433