حول کلام المحقّق الخراسانی والعلاّمـة الحائری
ویظهـر المخـالفـة فیمـا ذکـرنـا مـن المحقّقین العلمیـن الخـراسانـی والحائریفی کتابی الکفایـة والدرر .
قال فی الأوّل ـ بعد توجیـه قول المشهور بما یرجع إلی ما ذکرنا ـ : ویشکل
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 333 بأنّ مساعدة العرف علی الجمع والتوفیق وارتکازه فی أذهانهم علی وجـه وثیق لا یوجب اختصاص السؤالات بغیر موارد الجمع ، لصحّـة السؤال بملاحظـة التحیّر فی الحال ، لأجل ما یتراءی من المعارضـة وإن کان یزول عرفاً بحسب المآل ، أو للتحیّر فی الحکم واقعاً وإن لم یتحیّر فیـه ظاهراً ، وهو کاف فی صحّتـه قطعاً ، مع إمکان أن یکون لاحتمال الردع شرعاً عن هذه الطریقـة المتعارفـة بین أبناء المحـاورة ، وجـلّ العناویـن المأخـوذة فـی الأسئلـة لـولا کلّها یعمّها ، کمالایخفی .
وقال فی الثانی ما یقرب من ذلک ، حیث ذکر : أنّ المرتکزات العرفیّـة لا یلزم أن تکون مشروحـة ومفصّلـة عند کلّ أحد حتّی یری السائل فی هذه الأخبار عدم احتیاجـه إلی السؤال عن حکم العامّ والخاصّ المنفصل وأمثالـه ، إذ ربّ نزاع بین العلماء یقع فی الأحکام العرفیّـة ، مع أنّهم من أهل العرف ، سلّمنا التفات کلّ الناس إلی هذا الحکم حتّی لا یحتمل عدم التفات السائلین فی تلک الأخبار ، فمن الممکن السؤال أیضاً ، لاحتمال عدم إمضاء الشارع هذه الطریقـة ، وعلی هذا یجب أن یؤخذ بإطلاق الأخبار .
وقد أ یّد ما أفاده بروایتین :
إحداهما : ما ورد فی روایـة الحمیری عن الحجّـة ـ صلوات اللّٰه وسلامـه علیـه ـ من قولـه علیه السلام فی جواب مکاتبتـه : « فی ذلک حدیثان ، أمّا أحدهما : فإذا انتقل من حالـة إلی اُخری فعلیـه التکبیر ، وأمّا الآخر : فإنّـه روی أنّـه إذا رفع رأسـه من السجدة الثانیـة وکبّر ثمّ جلس ثمّ قام فلیس علیـه فی القیام بعد
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 334 القعود تکبیر ، وکذلک التشهّد الأوّل یجری هذا المجری ، وبأ یّهما أخذت من باب التسلیم کان صواباً » ، فإنّـه علیه السلام أمر بجواز الأخذ بکلّ من الخبرین ، مع أنّ الثانی أخصّ مطلقاً من الأوّل .
ثانیتهما : روایـة علی بن مهزیار قال : قرأت فی کتاب لعبد اللّٰه بن محمّد إلی أبی الحسن علیه السلام : اختلف أصحابنا فی روایاتهم عن أبی عبداللّٰه علیه السلام فی رکعتی الفجر فی السفر ، فروی بعضهم : صلّها فی المحمل . وروی بعضهم : لا تصلّها إلاّ علی الأرض ؟
فوقّع علیه السلام : « موسّع علیک بأ یّـة عملت » . فإنّـه علیه السلام أمر بجواز الأخذ لکلّ من الخبرین ، مع أنّهما من قبیل النصّ والظاهر ، لأنّ الاُولی نصّ فی الجواز ، والثانیـة ظاهرة فی عدمـه ، لإمکان حملها علی أنّ إیقاعها علی الأرض أفضل ، مع أنّـه علیه السلام أمر بالتخیـیر ، انتهی .
ویرد علیهما : أنّ التحیّر الابتدائی الزائـل بمجرّد التأمّل والتوجّـه الثانوی لا یوجب السؤال عن حکم العامّ والخاصِّ، خصوصاً بعد عدم کون السؤال عن خصوص مورد تکون النسبـة فیـه بین الدلیلین الواردین فیـه العموم والخصوص ، بل کان السؤال عن مطلق الخبرین المتعارضین المنصرف هذا العنوان إلی ما یکون متعارضاً عند عامّـة الناس وعرف أهل السوق .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 335 وبالجملـة : لا یکون مورد السؤال هو خصوص مصداق من مصادیق العامّ والخاصّ حتّی یوجّـه بأنّ المرتکزات العرفیّـة لا یلزم أن تکون مشروحـة ومفصّلـة عند کل أحد . . . إلی آخره ، بل مورده هو کلّ مورد یصدق علیـه عنوان المتعارضین أو المختلفین ، ولابدّ من حمل ذلک علی ما یراه العرف کذلک . ومن المعلوم کما اعترفا بـه أنّ العامّ والخاصّ لا یکون عند العرف کذلک .
وأمّا السؤال بملاحظـة التحیّر فی الحکم الواقعی فهو وإن کان أمراً معقولاً ، إلاّ أنّـه إنّما یمکن فیما إذا کان مورد السؤال هو خصوص مورد یکون تعارض دلیلیـه من هذا القبیل .
وأمّا السؤال عن الحکم الواقعی فی جمیع الموارد التی تکون کذلک فلا وجـه لـه ، کما أنّـه لا یمکن الجواب عنـه بما فی الروایات العلاجیّـة ، کما هو واضح ، لأنّـه لا یعقل بیان الحکم الواقعی فی جمیع الموارد بمثل ذلک .
وأمّا السؤال عن ذلک لاحتمال ردع الشارع عن الطریقـة المستمرّة بین العقلاء الثابتـة عندهم ، فهو وإن کان سؤالاً تامّاً ، إلاّ أنّـه یغایر السؤال الواقع فی تلک الروایات ، فإنّـه لیس فی شیء منها الإشعار فضلاً عن الدلالـة بأنّ المسؤول عنـه هو الردع أو عدمـه ، کما أنّ الروایتین اللتین أ یّد بهما المحقّق الحائری ما أفاده لا ارتباط لهما بالمقام .
أمّا الروایـة الاُولی ، فمضافاً إلی ضعف سندها ، لأنّـه لم یثبت لنا إلی الحال حال مکاتبات الحمیری ، نقول : لو کان موردها من مصادیق المتعارضین لما کان الجواب بأنّ کلاًّ منهما صواب ، بصواب ؛ فإنّـه لا یعقل أن یکون کلّ من المتعارضین مطابقاً للواقع ومنطبقاً علیـه عنوان الصواب ، فالحکم بجواز الأخذ بکلّ منهما الراجع إلی أنّ المکلّف مختار فی الفعل والترک إنّما هو لأجل عدم
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 336 وجوب التکبیر عند القیام بعد القعود من السجدة الثانیـة ، وکذلک التشهّد الأوّل ، فمرجعـه إلی ترجیح الخاصّ علی العامِّ، فلیس فیها دلالـة علی التخیـیر بین العامّ والخاصّ لأجل کونهما من مصادیق المتعارضین .
وأمّا الروایـة الثانیـة فهی أیضاً لا تؤیّد ما رامـه ، لأنّ الحکم بالتوسعـة فی العمل بأ یّـتهما ، مرجعـه إلی التخیـیر فی مقام العمل بین صلاة الرکعتین فی المحمل وبینها علی الأرض ، والتخیـیر فی مقام العمل معناه نفی لزوم صلاتهما علی الأرض ، وهو یرجع إلی ترجیح النصّ علی الظاهر ، فلا دلالـة فیها علی التخیـیر بین العامّ والخاصّ لأجل کونهما من المتعارضین .
هذا مضافاً إلی أنّ الروایتین موهونتان من جهـة أنّ السؤال عن الحکم الواقعی لا یلائمـه الجواب بمثل ما ذکر فیهما ، لأنّـه لا یکون مورد السؤال هو مطلق الخبرین المتعارضین حتّی یلائمـه الجواب بالتخیـیر ، کما لایخفی .
فانقدح من جمیع ما ذکرنا عدم کون العامّ والخاصّ مشمولاً لأخبار العلاج وفاقاً للمشهور .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 337