الأمر الأوّل تنجیز العلم الإجمالی فی التدریجیات
لو کان أطراف العلم الإجمالی ممّا یوجـد تدریجاً فهل یجب الاحتیاط أیضاً بالإتیان بجمیعها فی الشبهات الوجوبیّـة وبترکـه فـی الشبهات التحریمیّـة أم لا ؟
الظاهر الوجوب ؛ لأنّ التکلیف ولو کان مشروطاً بأمر استقبالی بحیث لم یکن متحقّقاً قبل تحقّق الشرط ، کما هو الشأن فی جمیع الواجبات المشروطـة ، إلاّ أنّـه لو فرض کونـه معلوماً بالتفصیل لکان اللازم علی المکلّف الإتیان بمقدّمات المکلّف بـه التی لا یقدر علیها بعد ثبوت التکلیف . ولا یکون المکلّف معذوراً لو لم یفعلها ؛ نظراً إلی أنّ التکلیف لم یکن ثابتاً قبل تحقّق الشرط ، فکیف یجب علی المکلّف تحصیل مقدّماتـه . وبعده وإن تحقّق التکلیف إلاّ أنّـه معذور فی المخالفـة ، لأجل عدم القدرة علی فعل متعلّقـه ، لأنّ المفروض عدم القدرة علی المقدّمات بعد تحقّق الشرط .
وجـه عدم المعذوریّـة : أنّ العقل یحکم بلزوم تحصیل هذه المقدّمات مع العلم بعدم القدرة علیها بعد ثبوت التکلیف وإن لم یکن التکلیف متحقّقاً بعد ، فإذا کان الأمر کذلک فیما لو کان الواجب المشروط معلوماً بالتفصیل فکیف إذا دار الأمر بین کون الوجوب مطلقاً أو مشروطاً ؟
وبالجملـة : لا ینبغی الإشکال فی وجوب الاحتیاط فی التدریجیات من
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 112 دون فرق بین أن یکون الأمر دائراً بین المعلّق والمنجّز ، وبین أن یکون دائراً بین المطلق والمشروط .
أمّا فی الأوّل : فواضح بعدما عرفت من کون التکلیف فی الواجب المعلّق یکون ثابتـاً قبل وجـود المعلّق علیـه أیضاً ، فهو عالـم إجمـالاً بتعلّق تکلیف فعلی حالی .
غایـة الأمر أنّ المکلّف بـه مردّد بین أن یکون حالیّاً أو استقبالیاً ، والعقل یحکم بلزوم الاحتیاط ، لعدم الفرق بینـه وبین الموجودات فعلاً .
وأمّا فی الثانی : فلما عرفت من أنّ حکم العقل بلزوم تحصیل غرض المولی لا یتوقّف علی صدور أمر فعلی من ناحیتـه ، بل یحکم بذلک ولو کان التکلیف استقبالیّاً ، بل قد عرفت فی بعض المباحث السابقـة أنّ العقل یحکم بلزوم تحصیل الغرض ولو لم یکن فی البین أمر أصلاً ، کما لایخفی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 113