المقام الأوّل فی إمکان التعبّد بالظنّ
کلام المحقّق النائینی فی غیر المحرزة من الاُصول
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

نوع ماده: کتاب فارسی

پدیدآورنده : سبحانی تبریزی، جعفر

محل نشر : تهران

ناشر: موسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی(ره)

زمان (شمسی) : 1388

زبان اثر : عربی

کلام المحقّق النائینی فی غیر المحرزة من الاُصول

کلام المحقّق النائینی فی غیر المحرزة من الاُصول

‏ ‏

‏ثمّ إنّه ‏‏قدس سره‏‏ قد أفاد فی هذا الباب ما هذا ملخّصه : إنّ للشکّ فی الحکم‏‎ ‎‏الواقعی اعتبارین :‏

‏أحدهما : کونه من الحالات والطوارئ اللاحقة للحکم الواقعی أو موضوعه ،‏‎ ‎‏کحالة العلم والظنّ . وهو بهذا الاعتبار لا یمکن أخذه موضوعاً لحکم یضادّ الحکم‏‎ ‎‏الواقعی ؛ لانحفاظ الحکم الواقعی عنده .‏

‏ثانیهما : اعتبار کونه موجباً للحیرة فی الواقع ، وعدم کونه موصلاً إلیه ومنجّزاً‏‎ ‎‏له . وهو بهذا الاعتبار یمکن أخذه موضوعاً لما یکون متمّماً للجعل ومنجّزاً للواقع‏‎ ‎‏وموصلاً إلیه . کما أنّه یمکن أخذه موضوعاً لما یکون مؤمّناً عن الواقع حسب‏‎ ‎‏اختلاف مراتب الملاکات النفس الأمریة .‏

‏فلو کانت مصلحة الواقع مهمّة فی نظر الشارع کان علیه جعل المتمّم ،‏‎ ‎‏کمصلحة احترام المؤمن وحفظ نفسه ؛ فإنّه أهمّ من مفسدة حفظ نفس الکافر ،‏‎ ‎‏فیقتضی جعل حکم طریقی لوجوب الاحتیاط فی موارد الشکّ .‏

‏وهذا الحکم الاحتیاطی إنّما هو فی طول الواقع لحفظ مصلحته ؛ ولذا کان‏‎ ‎‏خطابـه نفسیاً لا مقدّمیاً ؛ لأنّ الخطاب المقدّمی ما لا مصلحـة فیه أصلاً ،‏‎ ‎‏والاحتیاط لیس کذلک ؛ لأنّ أهمّیة الواقع دعت إلی وجوبه ، فهو واجب نفسی للغیر‏‎ ‎‏لا واجب بالغیر ؛ ولذا کان العقاب علی مخالفته ـ لا علی مخالفة الواقع ـ لقبح‏‎ ‎‏العقاب علیه مع الجهل .‏

‏فإن قلت : فعلیه یصحّ العقوبة علی مخالفة الاحتیاط ـ صادف الواقع أو لا ـ‏‎ ‎‏لکونه واجباً نفسیاً .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 388

‏قلت : فرق بین علل التشریع وعلل الأحکام ، والذی لا یدور الحکم مداره‏‎ ‎‏هو الأوّل دون الثانی ، ولا إشکال فی أنّ الحکم بوجوب حفظ نفس المؤمن علّة‏‎ ‎‏للحکم بالاحتیاط . ولا یمکن أن یبقی فی مورد الشکّ مع عدم کون المشکوک ممّا‏‎ ‎‏یجب حفظه ، ولکن لمکان جهل المکلّف کان اللازم علیه الاحتیاط ؛ تحرّزاً عن‏‎ ‎‏مخالفة الواقع .‏

‏ومن ذلک یظهر : أنّه لا مضادّة بین إیجاب الاحتیاط وبین الحکم الواقعی ؛‏‎ ‎‏فإنّ المشتبه إن کان ممّا یجب حفظ نفسه واقعاً فوجوب الاحتیاط یتّحد مع‏‎ ‎‏الوجوب الواقعی ویکون هو هو ، وإلاّ فلا ؛ لانتفاء علّته ، والمکلّف یتخیّل وجوبه‏‎ ‎‏لجهله بالحال . فوجوب الاحتیاط من هذه الجهة یشبه الوجوب المقدّمی ؛ وإن کان‏‎ ‎‏من جهة اُخری یغایره .‏

‏والحاصل : أنّه لمّا کان إیجاب الاحتیاط من متمّمات الجعل الأوّلی فوجوبه‏‎ ‎‏یدور مداره ، ولا یعقل بقاء المتمّم ـ بالکسر ـ مع عدم المتمّم . فإذا کان وجوب‏‎ ‎‏الاحتیاط یدور مدار الوجوب الواقعی فلا یعقل التضادّ بینهما ؛ لاتّحادهما فی مورد‏‎ ‎‏المصادفة وعدم وجوب الاحتیاط فی مورد المخالفة ، فأین التضادّ ؟ !‏

‏هذا إذا کانت المصلحة مقتضیة لجعل المتمّم ، وأمّا مع عدم الأهمّیة فللشارع‏‎ ‎‏جعل المؤمّن بلسان الرفع ، کما فی قوله ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ : ‏«رفع عن اُمّتی ما لا یعلمون»‎[1]‎‏ ،‏‎ ‎‏وبلسان الوضع ، مثل قوله ‏‏علیه السلام‏‏ : ‏«کلّ شیء حلال»‎[2]‎‏ ؛ فإنّ رفع التکلیف لیس من‏‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 389

‏موطنه لیلزم التناقض ، بل رفع التکلیف عمّا یستتبعه من التبعات وإیجاب الاحتیاط .‏

‏فالرخصة المستفادة من دلیل الرفع نظیر الرخصة المستفادة من حکم العقل‏‎ ‎‏بقبح العقاب بلا بیان فی عدم المنافاة للواقع .‏

‏والسرّ فیه : أنّها تکون فی طول الواقع ؛ لتأخّر رتبته عنه ؛ لأنّ الموضوع فیها‏‎ ‎‏هو الشکّ فی الحکم من حیث کونه موجباً للحیرة فی الواقع وغیر موصل إلیه ، ولا‏‎ ‎‏منجّز له ، فقد لوحظ فی الرخصة وجود الحکم الواقعی ، ومعه کیف یعقل أن‏‎ ‎‏تضادّه ؟ !‏

‏وبالجملة : الرخصة والحلّیة المستفادة من حدیث الرفع وأصالة الحلّ تکون‏‎ ‎‏فی عرض المنع والحرمة المستفادة من إیجاب الاحتیاط ، وقد عرفت أنّ إیجاب‏‎ ‎‏الاحتیاط یکون فی طول الواقع ، فما یکون فی عرضه یکون فی طول الواقع أیضاً ،‏‎ ‎‏وإلاّ یلزم أن یکون ما فی طول الشیء فی عرضه‏‎[3]‎‏ ، انتهی کلامه رفع مقامه .‏

ولا یخفی :‏ أنّ فی کلامه ‏‏قدس سره‏‏ مواقع للنظر ، نشیر إلی مهمّاتها :‏

‏1 ـ إنّ أخذ الشکّ تارة بما أنّه من الحالات والطوارئ اللاحقة للحکم‏‎ ‎‏الواقعی ، واُخری بما أنّه موجب للحیرة فیه لا یرجع إلی محصّل ؛ لأنّه تفنّن فی‏‎ ‎‏التعبیر وتغییر فی اللفظ .‏

‏ولو سلّمنا ذلک حکماً یرتفع غائلة التضادّ بالاعتبار الثانی ـ أعنی جعله‏‎ ‎‏موضوعاً بما أنّه موجب للتحیّر ـ لکون المجعول والموضوع فی طول الواقع .‏

‏کذلک یرتفع الغائلة بجعل الحکم علی الشکّ بالاعتبار الأوّل ؛ لکون الشکّ‏‎ ‎‏فی الشیء متأخّراً عن الشیء ، فجعل أحدهما رافعاً دون الآخر لا محصّل له .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 390

‏والحقّ : عدم ارتفاعها بکلا الاعتبارین ؛ لکون الحکم الواقعی محفوظاً مع‏‎ ‎‏الشکّ والحیرة .‏

‏2 ـ إنّ الحکم الواقعی إن بقی علی فعلیته وباعثیته فجعل المؤمّن ـ کأصالة‏‎ ‎‏البراءة ـ مستلزم لترخیص ترک الواقع الذی هو فعلی ومطلوب للمولی ، ومع هذا‏‎ ‎‏فکیف یرتفع غائلة التضادّ ؟ وإن لم یبق علی فعلیتـه وباعثیتـه ـ کما اعترف فی‏‎ ‎‏المقام بأنّ الأحکام الواقعیـة بوجوداتها النفس الأمریة لا تصلح للداعویة‏‎[4]‎‏ ـ‏‎ ‎‏فالجمع بین الواقعی والظاهری حاصل بهذا الوجـه ، بلا احتیاج إلی ما أتعب به‏‎ ‎‏نفسه الزکیة .‏

‏3 ـ إنّ ما أورده علی نفسه من أنّ لازم کون الاحتیاط واجباً نفسیاً هو صحّة‏‎ ‎‏العقوبة علی مخالفة الاحتیاط ـ صادف الواقع أو لا ـ بعد باقٍ علی حاله .‏

‏وما تفصّی به عنه من عدم وجوب الاحتیاط واقعاً فی مورد الشکّ مع عدم‏‎ ‎‏کون المشکوک ممّا یجب حفظه ؛ لکون وجوب حفظ المؤمن علّة للحکم بالاحتیاط‏‎ ‎‏لا علّة للتشریع لا یدفع الإشکال ؛ فإنّ خلاصة کلامه ‏‏قدس سره‏‏ یرجع إلی أنّ وجوب‏‎ ‎‏الاحتیاط دائر مدار وجود الحکم الواقعی .‏

‏وعلیه فالعلم بوجود الحکم الواقعی یلازم العلم بلزوم الاحتیاط ، کما أنّ‏‎ ‎‏العلم بعدمه یلازم العلم بعدم وجوب الاحتیاط .‏

‏ویترتّب علیه : أنّ الشکّ فی الحکم الواقعی یستلزم الشکّ فی وجوب‏‎ ‎‏الاحتیاط ، فکما أنّ الحکم الواقعی لا داعویة له فی صورة الشکّ فی وجوده فهکذا‏‎ ‎‏وجوب الاحتیاط ، فلا یصلح للباعثیة فی صورة الشکّ .‏


کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 391

‏ولو تعلّق وجوب الاحتیاط بمورد الشکّ الذی ینطبق علی الواجب الواقعی‏‎ ‎‏دون غیره لاحتاج إلی متمّم آخر ، ویصیر إیجاب الاحتیاط حینئذٍ لغواً ؛ فإنّ موارد‏‎ ‎‏الاحتیاط ـ کافّة ـ ممّا یکون وجود الحکم الواقعی مشکوکاً ، کما فی الاحتیاط فی‏‎ ‎‏الدماء والأعراض والأموال .‏

وبذلک یظهر :‏ أنّ ما ذکره من أنّ المکلّف لمّا لم یعلم کون المشکوک ممّا‏‎ ‎‏یجب حفظ نفسه أو لا یجب کان اللازم هو الاحتیاط ؛ تحرّزاً عن مخالفة الواقع‏‎ ‎‏غیر واضح ؛ فإنّ وجوب الاحتیاط علی النحو الذی قرّره لا یقصر عن الأحکام‏‎ ‎‏الواقعیة . فکما لا داعویة له فی ظرف الشکّ فی وجوده فهکذا ما هو مثلها ؛ أعنی‏‎ ‎‏وجوب الاحتیاط علی ما التزم به .‏

‏وعلیه یصیر الاحتیاط فی عامّة الموارد اللازمة فی الشبهات البدویة لغواً‏‎ ‎‏باطلاً ؛ فإنّ الاحتیاط فی کافّة الموارد إنّما هو فی صورة الشکّ فی الحکم الواقعی ،‏‎ ‎‏لا غیر .‏

والتحقیق :‏ ما هو المشهور من أنّ الاحتیاط لیس محبوباً وواجباً نفسیاً‏‎ ‎‏ومتعلّقاً لغرض المولی ، والغرض من إیجابه هو حفظ الواقع لا غیر ، ولأجله لا‏‎ ‎‏یستلزم ترک الاحتیاط عقوبة وراء ترک الواقع .‏

‏4 ـ إنّ ما ذکره فی بعض کلامه من أنّ متمّم الجعل ـ أصالة الاحتیاط ـ فیما‏‎ ‎‏نحن فیه یتکفّل بیان وجود الحکم فی زمان الشکّ فیه لا یخلو من ضعف ؛ لأنّه‏‎ ‎‏ـ مضافاً إلی مخالفته لما قال سابقاً من أنّ الاحتیاط أصل غیر محرز ـ یستلزم کون‏‎ ‎‏الاحتیاط أو إیجابه أمارة لوجود الحکم فی زمان الشکّ ، وهو خلاف الواقع ؛ فإنّ‏‎ ‎‏إیجاب الاحتیاط مع الشکّ لغرض الوصول إلی الواقع غیر کونه کاشفاً عن الواقع .‏

‏5 ـ ما ذکره من أنّ أصالة البراءة والحلّیة فی طول الواقع ؛ لأنّهما فی عرض‏

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 392

‏الاحتیاط الذی هو فی طول الواقع غیر واضح ؛ فإنّ التقدّم الرتبی غیر التقدّم الزمانی‏‎ ‎‏والمکانی ؛ فإنّ ما ذکره صحیح فیهما ، وأمّا الرتبی فالتقدّم والتأخّر تابع لوجود‏‎ ‎‏الملاک فی الموصوف ؛ فإنّ مجرّد کون الشیء فی عرض المتأخّر رتبة عن الشیء لا‏‎ ‎‏یستلزم تأخّره عنه أیضاً ؛ فإنّ المعلول متأخّر رتبة عن علّته . وأمّا ما هو فی رتبة‏‎ ‎‏المعلول من المقارنات الخارجیة فلیس محکوماً بالتأخّر الرتبی عن تلک العلّة ، کما‏‎ ‎‏هو واضح فی محلّه وعند أهله‏‎[5]‎‏ .‏

‏وأمّا حدیث قیاس المساواة فقد ذکر المحقّقون : أنّ مجراها إنّما هو المسائل‏‎ ‎‏الهندسیة ، فراجع إلی مظانّها وأهلها‏‎[6]‎‏ .‏

‎ ‎

کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 393

  • )) الخصال : 417 / 9 ، التوحید : 353 / 24 ، وسائل الشیعة 15 : 369 ، کتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ، الباب 56 ، الحدیث 1 .
  • )) الکافی 5 : 313 / 40 ، وسائل الشیعة 17 : 89 ، کتاب التجارة ، أبواب ما یکتسب به ، الباب 4 ، الحدیث 4 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 114 ـ 119 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 3 : 113 .
  • )) راجع شرح الإشارات والتنبیهات 3 : 233 ـ 236 ، الحکمة المتعالیة 2 : 138 ـ 141 .
  • )) راجع شرح الإشارات والتنبیهات 1 : 279 ـ 280 ، التحصیل : 109 .