الفصل الثالث فی عدم جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص
ولنقدّم أمام المقصود اُموراً :
الأوّل : جعل المحقّق الخراسانی محلّ النزاع ما إذا فرضنا حجّیة الظواهر للمشافه وغیره من باب الظنّ النوعی لا الظنّ الشخصی ، وفرضنا عدم العلم الإجمالی بالتخصیص .
والسرّ : هو أنّه لو کان المناط فی حجّیة الظواهر هو الظنّ الشخصی لما کان للفحص وعدمه دخل ، بل کانت الحجّیة دائرة مداره ؛ سواء حصل قبله أم بعده ، وهکذا لو کان هناک علم بورود التخصیص إجمالاً لما کان لإنکار الفحص مجال بعد القول بتنجیزه إلی أن ینحلّ .
هذا ، ولکن ظاهرهم أعمّیة البحث عن ذلک ، ویشهد بذلک تمسّکهم فی إثبات وجوب الفحص بالعلم الإجمالی ، فالأولی البحث علی فرض العلم وعدمه .
الثانی : الظاهر أنّ البحث معقود لإثبات لزوم الفحص عن المخصّص
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 209 المنفصل دون المتّصل ؛ لأنّ احتمال عـدم وصول المتّصل لأجـل إسقاط الراوی عمداً أو خطأ أو نسیاناً غیر معتنی به عند العقلاء ؛ لأنّ المفروض أنّ الراوی ثقـة غیر خائن فی روایته ، فاحتمال العمد خلاف الفرض ، وأصالـة عـدم خطأه ونسیانـه تردّ الأخیرین ، فیتمحّض البحث للمنفصل ، وسیوافیک أنّ مناط الفحص لیس فی المتّصل .
الثالث : یظهر مـن المحقّق الخـراسانی الفرق بین المقام والاُصول العملیـة ، وأنّ الفحص هاهنا عمّا یزاحم الحجّیة بخلافه هناک ؛ فإنّه بدونه لا حجّة ویصیر البحث عن متمّماتها .
قلت : یظهر ممّا سیمرّ علیک أنّ البابین یرتضعان من ثدی واحد ، والبحث فی کلّ واحد من متمّمات الحجّیة لا عن مزاحماتها ، فانتظر .
الرابع : کما لا یجوز التمسّک بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص کذلک لا یجوز التمسّک بالمطلق قبل الفحص عن المقیّد ، وبالظاهر قبل الفحص عن معارضه ، وبالاُصول العقلیة قبل الفحص عن الأدلّة الاجتهادیة . وملاک لزوم الفحص فی الجمیع واحد ، کما سیتّضح لک .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 210