فی تداخل المسبّبات ثبوتاً و إثباتاً
ثمّ إنّه بعد تسلیم المقدّمتین ـ أعنی ظهور الشرطیة فی استقلال التأثیر ، وکون أثر الثانی غیر أثر الأوّل ـ لابدّ من البحث فی المقدّمة الثالثة من أنّ تعدّد الأثـر هل یوجب تعدّد الفعل أو لا ؟ فیقع البحث تارة فی الثبوت ـ أی إمکان تداخل المسبّبین ـ واُخری فی الإثبات :
فنقول : أ مّا تداخل المسبّبین فقد منع الشیخ الأعظم إمکانه ، وقال : قد قرّرنا فی المقدّمة السابقة أنّ متعلّق التکالیف ـ حینئذٍ ـ هو الفرد المغایر للفرد الواجب بالسبب الأوّل ، ولا یعقل تداخل فردین من ماهیة واحدة ، بل ولا یعقل ورود دلیل علی التداخل أیضاً علی ذلک التقدیر ، إلاّ أن یکون ناسخاً لحکم السببیة ، انتهی .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 131 وفیه : أنّ مراده من الفرد المغایر للفرد الواجب بالسبب الأوّل : إن کان هو الفرد الخارجی ـ کما هو الظاهر ـ فتداخل الفردین غیر معقول بلا إشکال ، لکن تعلّق الحکم بالفرد الخارجی ممتنع ؛ وإن کان المراد هو العنوان القابل للانطباق علی الخارج ، وإنّما سمّاه فرداً لکونه تحت العنوان العامّ .
فعدم إمکان تداخل العنوانین من ماهیة واحدة غیر مسلّم ، بل القیود الواردة علی الماهیة مختلفة ؛ فقد تکون موجبة لصیرورة المقیّدین متباینین ، کالإنسان الأبیض والأسود ، وقد توجب کون المقیّدین عامّین من وجه ، کالإنسان الأبیض والعالم .
فالوضوء فی قوله «إذا نمت فتوضّأ ، وإذا بلت فتوضّأ» ماهیة واحدة ، ولأجل تسلیم المقدّمتین لابدّ من کونهما مقیّدتین بقیدین ؛ حتّی یکون کلّ سبب علّة مستقلّة للإیجاب علی أحد العنوانین . لکن لا یجب أن یکون بین العنوانین نسبة التباین حتّی یمتنـع تصادقهما علی الفرد الخارجی ، فمع عدم قیام دلیل علی امتناعه لا یجوز رفع الید عن الدلیل الدالّ علی التداخل فرضاً .
فقوله قدس سره : لا یعقل ورود دلیل علی التداخل فرع إثبات الامتناع ، وهو مفقود ، بل لنا أن نقول : لازم ظهور الشرطیتین فیما ذکر ، ولازم ورود الدلیل ـ مثلاً ـ علی التداخل هو کون المقیّدین قابلین للتصادق .
وأمّا مقام الإثبات : فما لم یدلّ دلیل علی التداخل لا مجال للقول به ، فلابدّ فی مقام العمل من الإتیان بفردین حتّی یحصل الیقین بالبراءة ؛ للعلم بالاشتغال بعد استقلال الشرطیتین فی التأثیر ، ولفرض أنّ أثر کلّ غیر الآخر .
وأمّا دعوی تفاهم العرف تکرار الوضوء من الشرطیتین فعُهدتها علی مدّعیها ؛ لأنّها ترجع إلی دعوی استظهار کون کلّ عنوان مبایناً للآخر ، وهی بمکان من البعد .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 132