ذکر وتعقیب
إذا أحطت خُبْراً بما ذکرنا یظهر لک الضعف فیما قد یقال: من أنّ لازم ذلک کون شیء واحد مقرِّباً ومبعِّداً،والمبعِّد کیف یکون مقرِّباً؟! وذلک لأنـّه لو کانت الصلاة فی الحمّام منهیّاً عنها کانت مبعِّدة، فکیف یمکن التقرُّب بها؟!
توضیح الضعف ما نذکره فی محلّه مستوفیً إن شاء الله .
حاصله: أنّ المقرِّبیّة والمبعِّدیّة لم یکونا من الاُمور الخارجیّة العارضة
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 346 للموضوع، نظیر عروض السواد والبیاض للجسم حتّی لا یمکن اجتماعهما فی موضوع واحد، کما لا یمکن اجتماع السواد والبیاض فی موضوع واحد؛ بداهة أنـّه لا یمکن أن یقال: إنّ الجسم أبیض من حیثٍ وجهةٍ، وأسود من حیثٍ وجهةٍ اُخری، بل إذا کان أبیض لا یکون أسود، وکذا بالعکس، وأمّا المقرِّبیّة والمبعِّدیّة فحیث إنّهما من الاُمور الاعتباریّة فیختلفان بالحیثیّة والاعتبار، ویصحّ أن یکون شیء واحد محبوباً من حیثٍ وجهةٍ، ومبغوضاً من حیثٍ وجهةٍ اُخری کما یصحّ أن یکون محبوباً ومبغوضاً من جهتین، بل من جهات؛ وذلک لأنـّه لو دخل رجلان ـ مثلاً ـ فی دار عدواناً ففعل أحدهما فیها عملاً محبوباً لصاحب الدار؛ بأن أنقذ ولده المشرف علی الموت دون الآخر، فهو من حیث دخوله الدار والتصرّف فیها عدواناً مبغوض لصاحب الدار،ولکنّه من حیث إتیانه العمل المرغوب فیه لصاحب الدار محبوب له، فکونه فی الدار نفسه مبعّد من حیثٍ، وهو من حیث اشتغاله بإنقاذ ولده مقرّب.
وأمّا الرجل الآخر فدخوله فیها مبغوض صِرف، ومبعِّد لیس إلاّ، وکذا لوخلّص رجلان امرأة أجنبیّة من الغرق، ولکن أحدهما أخذ بردائها وأنقذها، والآخر أخذ بیدیها مع إمکان أخذ ردائها، فالأوّل مقرِّب من جهتین، والثانی مقرِّب من جهة ومبعِّد من جهة اُخری... وهکذا.
فتحصّل ممّا ذکرنا: صحّة انعقاد النذر أو الحلف بترک الصلاة فی الأمکنة المکروهة؛ لاختلاف متعلَّقهما.
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 347