ذکر وتعقیب
بما ذکرنا یظهر الإشکال فی الفرق الذی ذکره المحقّق العراقی قدس سره بین المرکّب التامّ وبین المرکّب الناقص، فإنّه ـ بعد أن قال: إنّ الهیئة قد تطرأ علی المرکّب الناقص، کالهیئة الطارئة علی الصفة والموصوف، کـ «زید العالم»، وعلی المضاف والمضاف إلیه، کـ «غلام زید»، کما تطرأ علی المرکّب التامّ، کالجمل الخبریّة والإنشائیّة ـ قال: إنّ الفرق بینهما: هو أنّ الهیئة الطارئة علی المرکّب الناقص، تحکی عن النسبة الثابتة التی تعتبر قیداً مقوّماً للموضوع کـ «غلام زید قائم»، أو المحمول کـ «زید غلام عمرو».
وأمّا الهیئة الطارئة علی المرکّب التامّ، فتحکی عن إیقاع النسبة؛ سواء کانت فی القضیّة الخبریّة کـ «زید قائم»، أو فی الإنشائیة کـ «عبدی حرٌّ» فإنّ المتکلّم یری بالوجدان أنّ الموضوع عارٍ عن النسبة التی یرید إثباتها إخباراً أو إنشاءً، وهو بالحمل أو بالإنشاء یوقعها بین الموضوع أو المحمول، ولهذا یکون مفاد الترکیب الناقص فی
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 152 طول مفاد الترکیب التامّ، ومتأخّراً عنه تأخّر الوقوع عن الإیقاع.
وفیه: أنـّه إن أراد بالنسبة الثابتة التی یحکیها المرکّب الناقص هی النسبة النفس الأمریّة، کما هو الظاهر من العبارة؛ بقرینة قوله فی المرکّب التامّ: من أن هیئتها تدلّ علی إیقاع النسبة.
ففیه: أنّ الحکایة عن النسبة الثابتة أمر تصدیقیّ، ولا شأن للمرکّب الناقص إلاّإفادة معنیً تصوریّاً، وإلاّ یلزم أن یحتمل المرکّب الناقص الصدق والکذب.
ومن القریب أن یکون منشأ توهّمه، هو ملاحظة المرکّب الناقص فی ضمن المرکّب التامّ؛ بقرینة الأمثلة التی ذکرها للمرکّب الناقص، مثل: «غلام زید قائم» أو «زید غلام عمرو»... إلی غیر ذلک، مع أنـّه لابدّ من ملاحظته بحیاله ومستقلاً؛ لأنّ صدق القضیّة الثابتة یتوقّف علی ثبوت أطرافها، فکما أنّ صدق «زید قائم» یتوقّف علی ثبوت طرفیه، فکذلک یتوقّف صدق «غلام زید قائم» ـ مثلاً ـ علی ثبوت الغلام لزیـد، وثبوت الغلام لزید فی هذه القضیّة من مقتضیات دلالة المرکّب، وهو کما یتوقّف علی ثبوت الغلام لزید، کذلک یتوقّف علی کونه قائماً، فأنـّی للمرکّب الناقص ـ لو لوحظ بحیاله ـ من الدلالة علی النسبة الثابتة.
وإن أراد بالنسبة الثابتة النسبة الذهنیّة والکلامیّة، فکلٌّ من المرکّب الناقص والتامّ یشترکان فیه، ولیس من شأن المرکّب الناقص فقط؛ لأنـّه کما یلاحظ «الغلام» و «زید»، ثمّ یوقع الربط بینهما، فکذلک یلاحظ «زید» و «قائم»، ثمّ یوقع الربط بینهما.
مضافاً: إلی أنّ المرکّب التامّ إنّما یحکی عن النسبة الثابتة الواقعیّة تارة، وعن الهوهویّة التصدیقیّة اُخری، ولا معنی لحکایته عن إیقاع النسبة الذهنیّة أو الکلامیّة التی أوقعها المتکلّم؛ لأنـّه یکون لحاظ المتکلّم مغفولاً عنه، ولذا لا ینتقل السامع إلاّ
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 153 إلی الثبوت الواقعی أوّلاً وبالذات، نعم، ینتقل إلی إیقاع المتکلّم ثانیاً وبالعرض.
ثمّ إنّ مُراده بقوله أخیراً: ـ إنّ مفاد النسبة الناقصة متأخّر عن مفاد النسبة التامّة تأخّر الوقوع عن الإیقاع ـ إن کان النسبة الواقعیّة فظاهر أنـّها لم تکن بیدالمخبر.
وإن کانت النسبة الذهنیّة والکلامیّة؛ بمعنی أنـّه بـإیقاع المتکلّم النسبة التامّة تقع النسبة الناقصة.
ففیه: أنّ النسبة الناقصة لم تکن معلولة لإیقاع النسبة التامّة، بل المعلول إنّما هو وقوع النسبة التامّة، فإذاً إیقاع النسبة التامّة یتقدّم علی وقوعها، ووقوع ذلک الشیء یتأخّر عنه.
مضافاً إلی أنّ ما ذکره خلاف التبادر، کما لا یخفی.
کتابجواهر الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 154