منها : اسم الجنس
وهو کـ «إنسان» و«رجل» و«فرس» و«سواد» و«بیاض» و«الزوجیة» ونحوها من أسماء الکلّیات من الجواهر والأعراض والعرضیات . والحقّ أنّ اسم الجنس موضوع لنفس الماهیة المجرّدة من قید الوجود والعدم ؛ حتّی من التقیید بکونها عاریة عن قید الإرسال وعدم الاشتراط ، لأنّ الذات فی حدّ ذاتها مجرّدة عن کافّة القیود .
وهذه الماهیة مجرّدة عن القیود وإن لم توجد ـ لا فی الذهن ، ولا فی الخارج ـ ولا یمکن تعقّلها وتحقّقها مجرّدة عن کافّة الوجودات ، ولکن یمکن تصوّرها مع الغفلة عن کافّة الوجودات واللواحق ؛ لأنّ الماهیة الملحوظة وإن کانت موجودة بالوجود اللحاظی ، لکنّ اللاحظ فی بدء لحاظه یکون غافلاً عن لحاظه غیر متوجّه إلاّ إلی معقوله ؛ إذ لحاظ هذا اللحاظ الابتدائی یحتاج إلی لحاظ آخر ، فلا یمکن أن تکون ملحوظاً بهذا اللحاظ ، فلا محالة یکون لحاظ الماهیة مغفولاً عنه ، وحیث إنّ غرض الواضع إفادة نفس المعانی ، یکون الموضوع له نفس الماهیة لا بما هی موجودة فی الذهن وملحوظة ، فاللفظ موضوع لنفس الماهیة بلا لحاظ السریان واللاسریان ؛ وإن کانت بنفسها ساریة فی المصادیق ، ومتحدة معها ، لکن لا بمعنی انطباق الماهیة الذهنیة علی الخارج ، بل بمعنی کون نفس الماهیة متکثّرة بتکثّر الوجود ، وتوجد فی الخارج بعین وجود الأفراد .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 520 فظهر : أنّ الماهیة الموجودة فی الذهن ـ بلا لحاظ کونها فی الذهن ـ تصلح لأن تکون معنی لاسم الجنس فی الوضع وموضوعیته للحکم فی بعض الموارد ؛ من دون تقییدها بقید اللابشرطیة .
نعم ، یمکن أخذ اللابشرطیة بعنوان المعرّفیة والمشیریة إلی تلک الطبیعة بنحو السالبة المحصّلة ؛ أی سلب الشرط ، لا إثبات عدم الشرط بنحو الإیجاب العدولی ، فإنّ لفظ «الإنسان» مثلاً موضوع لنفس طبیعة الحیوان الناطق المجرّدة عن جمیع القیود والطوارئ ، ولذا یطلق علیها مهما وجدت ، وهی التی ـ مع قطع النظر عن وضع اللفظ ـ لها أفراد وکثرات فی الخارج ، وتتکثّر بتکثّرها .
ونظیر ما ذکرناه هنا ما یقال : «من أنّ الأصل فی المشتقّات المصدر» أو «اسمه» أو غیر ذلک ـ إن صدر عن محقّق عارف بالدقائق ـ إذ لا وجود لمادّة المشتقّات بما هی مادّة إذا لم تتصوّر بصورة ؛ لاخارجاً ، ولاذهناً ، فلابدّ من ملاحظتها فی ضمن صورة ما ، فتتحقّق المادّة المتحصّلة بصورة خاصّة ـ کالمصدر أو غیره ـ التی هی مبدأ للمشتقّات بلادخالة لتلک الصورة الخاصّة ، فتکون الصورة دخیلة فی وجود المادّة ، وأجنبیة عن حقیقتها ، فعلی هذا یکون مرجع النزاع فی أنّ المصدر أصل أو اسمه أو غیرهما ، هو أنّ الصورة التی تتصوّر بها المادّة أوّلاً ، هل هی المصدر ، أو اسمه ، أوغیرهما؟ فتدبّر .
ذکر وإعجاب
یظهر من المحقّق الأصفهانی قدس سره فی التعلیقة فی اسم الجنس وفی باب المطلق ، مقال لا یتوقّع منه ، فقال هنا ما حاصله : أنّه لامنافاة بین کون الماهیة فی مرحلة الوضع ملحوظة بنحو اللابشرط القسمی ، وکون ذات المعنی موضوعاً له ، فالموضوع
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 521 له فی اسم الجنس نفس المعنی ، لا المعنی بما هومطلق وإن وجب لحاظه مطلقاً تسریة للوضع إلی الأفراد .
وقال فی باب المطلق : «إنّ فی قوله : «أعتق رقبة» وإن لوحظت الرقبة مرسلة ؛ لتسریة الحکم إلی جمیع أفراد موضوعه ، إلاّ أنّ ذات المحکوم بالوجوب عتق طبیعة الرقبة ، لاعتق أیّ رقبة» .
وبالجملة : لابدّ للواضع فی اسم الجنس والحاکم فی المطلق ، من ملاحظة السریان فی الأفراد مضافاً إلی لحاظ نفس الطبیعة ؛ تسریة للوضع فی الأوّل ، والحکم فی الثانی لها ، مع أنّ الموضوع له فی الأوّل نفس المعنی ، کما أنّ المحکوم علیه فی الثانی نفس الماهیة .
وفیه ما لا یخفی ؛ لأنّ الموضوع له فی اسم الجنس ـ کالوضع ـ إمّا یکون عامّاً ، أو لا :
فإن کان الموضوع له عامّاً وأنّه نفس الطبیعة اللابشرط ـ کما هو الحقّ ، وهو أیضاً معترف به ـ فتکون الأفراد أجنبیة عن دائرة الموضوع له ، ویکون لحاظها وتسریة الوضع إلیها ، لغواً لا معنی له ؛ لکون لحاظ الأفراد علی هذا ـ کالحجر إلی جنب الإنسان ـ غیر مرتبط بحریم الموضوع له ، ومجرّد انطباق الطبیعة اللابشرط علی الأفراد ، لا یوجب وضع اللفظ لها .
وأمّا إن کان الوضع بإزاء تلک الأفراد ، فیلزم کون الموضوع له خاصّاً ، وهو قدس سره غیر قائل به . مضافاً إلی خروجه عن محطّ البحث ؛ أی کون الموضوع له الطبیعة اللابشرط .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 522 فظهر : أنّه لا معنی للحاظ الأفراد ، ولا معنی لتسریة الوضع إلیها فی اسم الجنس .
وهکذا الکلام فی المطلق ، فإنّه لوکان الحکم فیه معلّقاً علی نفس الطبیعة ، لما کان معنی لسرایة الحکم المعلّق علیها إلی الأفراد ؛ لأنّ انطباق الطبیعة علی أفرادها یکون تکوینیاً قهریاً ، فإذن لا یکاد یجدی لحاظ الأفراد وعدمه ، فلیست الأفراد محکومة بحکم بمجرّد لحاظها .
فتحصّل : أنّ مقاله قدس سره فی المقامین ، لا یرجع إلی محصّل ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 523