المقام الثانی : فی مقام الإثبات والاستظهار
لو ورد عامّ وخاصّ فلا یخلو أمرهماـ بحسب التصوّر ـ إمّا أن یکونا معلومی التأریخ ، أو لا ، فعلی الأوّل إمّا أن یکونا متقارنین ، أو یکون الخاصّ متأخّراً ، أو العامّ متأخّراً ، والتأخّر إمّا عن زمان الحاجة والعمل ، أو عن زمان الحضور :
فإن وردا معاً ، أو تأخّر الخاصّ أو العامّ عن الآخر ، ولکن کان وروده قبل حضور وقت العمل بالآخر ، فعلی ما ذکرنا ـ من أنّه یعتبر فی ماهیة النسخ حضور
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 498 وقت العمل ـ یتعیّن کون الخاصّ مخصّصاً ، ولاسبیل لاحتمال النسخ . فمایظهر من المحقّق الخراسانی ووافقه شیخنا العلاّمة الحائری ـ من أنّه یحتمل النسخ ، ولکن یرجّح التخصیص علی النسخ ؛ لأکثریته من النسخ ـ غیر وجیه .
ولو شکّ فی تقدّم أحدهما علی الآخر ؛ وأنّه ورد بعد العمل بالآخر أو قبله ـ کما هو الشأن فی کثیر منها ـ فلا یوجد أصل عقلائی یثبت ذلک ، فقالوا : «إنّ العمل حینئذٍ بالاُصول العملیة» .
وأمّا إن ورد أحدهما بعد حضور وقت العمل بالآخر ، فإن کان المتأخّر خاصّاً فیحتمل کلّ من التخصیص والنسخ ، بأن یکون لتأخیر بیان العامّ عن وقت الحاجة مصلحة . ولکن احتمال التخصیص بعید ، لا لعدم إمکان تأخیر البیان عن وقت الحاجة ؛ لإمکان أن یکون لتأخیر البیان عن وقت الحاجة مصلحة ، فیکون العامل بعموم العامّ قبل ذلک معذوراً ، بل لکون التخصیص کذلک غیر متعارف .
وکذا احتمال النسخ بعید فی نفسه ، ولذا أنکر بعضهم وجود النسخ فی الشریعة . ولو تنزّلنا عن ذلک فلا یمکن إنکار قلّة النسخ ، فیدور الأمر بین البعیدین ، ولکن مع ذلک یکون الحمل علی التخصیص أولی من النسخ .
وکذا إن کان المتأخّر عامّاً ، فإنّه یدور بین کون الخاصّ مبیّناً ومخصّصاً للعامّ ، وبین کون العامّ ناسخاً ، والحقّ ما اختاره المحقّق الخراسانی قدس سره من أنّ النسخ بعید فی نفسه ، والتخصیص کثیر ، فکان العقلاء یحملون علی ما یکون کثیراً شائعاً .
فتحصّل ممّا ذکر : أنّه یحمل علی التخصیص فی جمیع موارد دوران الأمر بینه وبین النسخ .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 499