المقام الأوّل : فی أنّ التعارض أوّلاً وبالذات بین المنطوقین
إنّ استفادة المفهوم من الجملة الشرطیة ، حیث لم تکن ممحّضة بالدلالة الوضعیة ـ مطابقة أو التزاماً ـ أو الدلالة العقلیة ، ولذا تری أنّ القائلین بالمفهوم ربما
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 233 یستدلّون لذلک بالتبادر والانصراف ، کما ربما یستدلّون لذلک بالإطلاق ومقدّمات الحکمة ، فینبغی البحث علی جمیع المبانی .
فنقول : لو استفید المفهوم من التبادر ووضع الجملة الشرطیة للعلّة المنحصرة ، فیکون معنی الجملتین أنّ العلّة المنحصرة لقصر الصلاة خفاء الأذان ، والعلّة المنحصرة لقصر الصلاة خفاء الجدران ، ومن الواضح أنّه لو عرضناهما علی العرف والعقلاء ، لرأوا التنافی بین منطوقیهما من دون توجّه والتفات إلی مفهومیهما ؛ ضرورة أنّ حصر العلّیة فی شیء ینافی إثباتها لشیء آخر ، فضلاً عن حصرها به .
وکذا لو قلنا بأنّ استفادة العلّیة المنحصرة والمفهوم من الانصراف ، یکون التعارض بین الجملتین ـ أوّلاً وبالذات ـ بین المنطوقین أیضاً ؛ لأنّ کلاًّ من الجملتین بمنزلة التصریح بالعلّیة المنحصرة .
وکذا لو استفید الانحصار والمفهوم من الإطلاق ومقدّمات الحکمة ، فإنّه یقع التعارض بین أصالتی الإطلاق فی الجملتین .
إن قلت : لولا المفهوم لم یکد یکون بین الجملتین تعارض ، فلم یکن التعارض أوّلاً وبالذات بین المنطوقین .
قلت : إنّ العرف والعقلاء قبل التفاتهم إلی مفهوم الجملتین ـ فضلاً عن التنافی بینهما ـ ینقدح فی ذهنهم التنافی بین منطوقی الجملتین بمجرّد انحصار العلّیة فی شیء فی إحدی الجملتین ، وانحصارها فی شیء آخر فی الجملة الاُخری ، ویرون بطلان الجمع بین کون العلّیة المنحصرة لقصر الصلاة خفاء الأذان مثلاً ، مع إثبات العلّیة لخفاء الجدران ، فضلاً عن حصرها فیه ، ویرون أنّ المتکلّم بهما جمع بین المتناقضین .
وإن أبیت عن ذلک ، فمع ذلک لا یمکنک إنکار مخالفة اجتماع انحصار العلّیة فی شیء ، مع انحصارها فی شیء آخر ، فالإخبار بهما إخبار عن المحال .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 234 فظهر : أنّه علی جمیع المبانی فی أخذ المفهوم ، یکون التعارض أوّلاً وبالذات بین المنطوقین ، وبتبع ذلک یقع التعارض بین منطوق إحداهما ومفهوم الاُخری ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 235